الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

مناقشة "عتبات النص في الرواية العربية" بالمجلس الأعلى للثقافة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعقد المجلس الأعلى للثقافة في العاشر من شهر مايو الحالي ندوة موسعة حول كتاب «عتبات النص في الرواية العربية» للدكتور عزوز علي إسماعيل.
يشارك في الندوة مجموعة من النقاد الكبار في الأدب والنقد في مصر وخارج مصر، على رأسهم الدكتور يحيى الزكراوي الأستاذ بجامعة شارل ديجول بفرنسا والعاكف حاليًا على ترجمته إلى اللغة الفرنسية.
ويقدم أيضًا ورقات بحثية حول الكتاب كل من الأستاذ الدكتور يسري عبدالغني الناقد والخبير في التراث العربي، الدكتور حسام عقل الناقد الأدبي والأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس، الدكتور أسامة البحيري أستاذ الأدب والنقد بكلية الآداب جامعة طنطا، الدكتور جودة عبد النبي الناقد الأدبي، الدكتور عايدي علي جمعة الأستاذ بجامعة 6 أكتوبر، الدكتورة سامية سلام الأستاذة بجامعة الفيوم، شوقي عبدالحميد الكاتب والناقد الأدبي، صلاح ياسين الكاتب والناقد الأدبي.
يجمع الدكتور عزوز في هذا الكتاب بين الأصالة والمعاصرة، ومن أجواء الكتاب نقرأ: لقد نبَّـه النقدُ العربي القَدِيمُ إلى عتبات النصوص وأهميتها من خلال الإشارة إليها في طيات الكتب التراثية القديمة فقد ذكر المقريزي في خططه شروطًا لمن أراد أن يؤلف كتابًا وهي الرؤوس الثمانية التي يجب على مَنْ يقوم بتأليف كتاب أن يأتي بها، وهي من صميم عتبات النصوص، وجاء بعده التهانوي في الكشاف ليشرح تلك الرؤوس الثمانية وغيرهما من البلاغيين والصوفيين القدامى نحو أبي بكر الصولي في كتابه «أدب الكُتَّاب» وابن الأثير في كتابه «المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر» وأبي القاسم الكلاعي في كتابه «أحكام صنعة الكلام» وعبدالله بن أبي الإصبع في كتابيه «تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر» و«الخواطر السوانح في أسرار الفواتح» والجاحظ في كتابه «الحيوان» حين قال: «إن لابتداء الكلام فتنةً وعُجْبًا» إشارة منه إلى المقدِّمات والبدايات. ومن ثم فإن الأدب العربي أول من وضع الشذرات الأولى لدراسة عتبات النصوص. 
«اعلَمْ أنَّ عَادةَ القُـدَمَاءِ مِـنْ المُعَـلِّمِين قَـدْ جَرَتْ أنْ يأتُوا بالرِّؤوسِ الثَّـمَانِيةِ قَبْل افْتِتَاحِ كُـلِّ كِتَابٍ وهي: «الغَرَضُ العنوانُ المَنْفَعَةُ والمَرْتَبَةُ وصِحةُ الكِتَـابِ ومِنْ أي صِنَاعَةٍ هو وكَمْ فيه مِـنْ أجزَاء وأي أنحَاء التَّعاليمِ المُسْتَعْمَلةِ فيه » المقريزي.
أما العصر الحاضر فقد شهد الربع الأخير من القرن الماضي حركة نقدية رائدة تجلت في مقاربة عتبات النصوص وفق المناهج الحداثية ولفت الانتباه إلى النص الموازي؛ سواء أكان الداخلي منه أم الخارجي؛ في الغرب كان أم في الشرق يأتي في مقدمتها دراسة الناقد الفرنسي جيرار جينت في كتابه «العتبات» seuils والذي لم يترجم إلى العربية حتى الآن وقد عدت هذه الدراسة الأولى من نوعها؛ نظرًا لمنهجيتها الجديدة، وكان شارل كريفل وليو هوك قد حفلا بالعتبات فأنتج الأول كتابه «إنتاج الفائدة الروائية production de l›intérêt Romanesque» أما الثاني فقد أنتج كتابًا كان بمثابة التمهيد لعلم العنونة وهو «علامة العنوان la marque du titre»، ولم تقف دراسة عتبات النصوص عند العالم الغربي فحسب بل اضطلع النقد العربي الحديث بدوره فظهرت أصوات جديدة في الوطن العربي بمشرقه ومغربه ففي مصر رأينا محمد فكري الجزار في دراسته التي حملت عنوان «العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي» ودراسة محمد عويس « العنوان في الأدب العربي».. وفي المغرب ظهرت أصوات جادة أمثال جميل حمداوي وعبد الفتاح الحجمري وشعيب حليفي وغيرهم من النقاد الذين اهتموا بالعتبات وما يؤخذ على تلك الدراسات أن جلَّ اهتمامها كان منصبًا على العنوان فقط.
من هذا المنطلق فقد لاح في الأفق علمٌ جديدٌ هو» علم العتبات « بعد أن ظلت تلك العتبات مهمشة لفترة طويلة من الزمان لذلك يجب أن نحتاط إليها؛ ذلك أن دراسة العتبات في هذا الوقت ستعيد صياغة أخرى للشعرية؛ لأن الشعرية تتغير وتتطور وفق تغير وتطور الزمان والمكان وكلما تقدمت الدراسات النقدية تقدمت معها الشعرية وهي موضوع العتبات. فبعد أن عجزت البلاغة القديمة عن مسايرة النصوص وتفسيرها أصبحت الشعرية هي الملاذ الآمن لمعرفة السبل التي تساعد على فك طلاسم النصوص وعتباتها وكل ما يحيط بها.
لذلك ولكلِّ ما سبق؛ سواء أكان في القديم أم الحديث في الغرب كان أم في الشرق يتحتم علينا دراسة تلك العتبات وأن تكون هناك آلية عربية لدراسة النصوص من خلال المناهج المختلفة وأن تتبنى المحافل اللغوية الترجمات ليصطلحوا على معنى واحد للفظة بعينها بدلًا من الاختلافات حول ترجمتها كما حدث في لفظة «النص الموازي» فنجد ترجمة في مصر تختلف عن ترجمة أخرى في المغرب. ونتمنى أن تكون هناك دراسات تأخذ على عاتقها رفع شأن ذلك العلم « علم العتبات « ليكون هو العلم الوليد الذي يتفرع منه علوم أخرى نحو علم العنونة وعلم الإهداءات وعلم المقدمات وعلم النهايات وعلم الخواتيم وعلم الأغلفة ورؤية الفنان للعالم.. وأن تسعى المناهج النقدية الحديثة إلى استكشاف هذا العلم الجديد من خلال مقاربة النصوص وعتباتها. وأن تكون هناك دورية خاصة بالعتبات وهو ما نسعى من أجل تحقيقه الآن إلكترونيا. على أمل أن تتبناها إحدى وزارات الثقافة في البلاد العربية.