لم تكن تعلم "رؤى" ذو الـ3 سنوات حينما خرجت لتلهو بصحبة أشقائها، أنها ستكون المرة الأخيرة، التى ستذوق فيها حضن والديها، حيث قادها القدر إلى كفنها وهى بعمر الزهور، لتكون تلك الطفلة ضحية إهمال جديدة من فساد المحليات، داخل حى مدينة بنها التابعة لمحافظة القليوبية.
وتواصلت "البوابة نيوز" بوالد الطفلة، يدعى "علاء محمد طنطاوي"، مقيم داخل منطقة عزبة المربع، بأحد أحياء المدينة، وبقلبًا مفطور وعيونًا تغمرها الدموع بدأ "الأب" حديثه، قائلا، "رؤى كغيرها من أطفال عمرها وكانت روحها تجمع بين الشقاوة والبراءة، وفى يوم 1 من شهر مايو الجاري طلبت الخروج لتلهو مع اشقائها الذين يكبروها فى العمر، فوافقت نظرًا لبكائها الشديد".
واستكمل "الأب" حديثه بنبرات صوته المرتعشة من الحزن، "بعد عدة دقائق عاد اشقائها مرتعبين واعلمونى انها اختفت عن انظارهم أثناء لهوهم، فهرولت مسرعًا نحو المكان، واخذت ابحث هنا وهناك مناديًا بأسمها لعلها تكون مختبأه بأحد الأركان خوفًا من الظلام، لكننى لم اري طرفها".
واستجمع "الأب"، انفاسه، قائلًا، "حينما فشلت فى ايجادها خيم بعقلى بأن قامت عصابة لتجارة الأعضاء باختطافها، فظل قلبي يرتجف من تلك الفكرة، وبعدها توجهت لقسم الشرطة لتحرير محضرًا باختفائها، وعدت أنا ووالدتها وجميع اقاربنا إلى المكان واستمرينا طيلة 3 أيام فى رحلة بحث بجميع الشوارع، وظللت ادعو الله بأن تكون تائه وظللت احدق النظر هنا وهناك على أمل أن تطل على من احد الأماكن".
وتابع، "ومع دقات عقارب الساعات الأولى من صباح اليوم الرابع، وفى الساعة الـ9 تحديدًا فوجئت بأحد الجيران يطرق باب المنزل ليخبرنا بأن عمال شركة المياة اكتشفوا بمحض الصدفة اثناء عمل الصيانة، جثة طفلة غارقة بمياة الصرف الصحى داخل "بلاعة" على قرابة عدة امتار من المسكن، فأخذت اهرول ودقات قلبي تسبق الزمن نحو المكان، وحينما وصلت وشاهدتها تأكدت انها رؤي فحملتها داخل ملائه سرير واتجهت نحو المستشفي، فى محاولة لتكذيب نفسي وانها ستعود للحياة مرة اخري، لكنها كانت جثة هامدة".
وأوضح أن "البلاعة متروكة دون غطاء منذ فترة وقدمنا عدة بلاغات لكن المسؤولين عملوا من بنها، وفى نهاية الأمر وجدناها مغطاة بقطعة خشبية من "الأبلكاش" حتى ابتلعت طفلتى، مطالبًا بمحاسبة كل من كان السبب فى إزهاق روح نجلته لأنها لم تكن الضحية الأولى ولا الأخيرة لذلك الفساد".
كان المقدم اسماعيل خطاب، رئيس قسم ثان بنها تلقي بلاغًا مفاده عثور عمال شركة المياة على جثة طفلة حال قيامهم اليوم بعمل صيانة "المحابس"؛ وبالفحص تبين أنها جثة طفلة تدعى "رؤى" تبلغ من العمر 3 سنوات، ومبلّغ باختفائها منذ 3 أيام
تم تسليم الجثة لذويها، وحرر محضر بالواقعة، وأمرت النيابة بالدفن.
من جانبه أمر اللواء محمود عشماوي محافظ القليوبية بإحالة المسئولين عن الواقعة إلى النيابة العامة، ومحاسبة المقصرين بكل شدة وحزم، مؤكدًا أنه لا تهاون مع مثل هذه الوقائع التي تعرض حياة المواطنين للخطر.
