"تاريخ البشرية هو تاريخ البحث عن الطعام"...تلك هي نظرة الفيلسوف الألماني كارل ماركس، الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم، للفلك الذي تدور حوله حركة التاريخ، والشرارة التي تشعل كافة الحروب والصراعات البشرية، فالبشر لا يتصارعون من أجل الجمال، أو إعلاء قيم أخلاقية على حسب أُخرى، وإنما من أجل الطعام، ومن أجل السيطرة والاستئثار بأدوات الإنتاج ووسائله.
ولد ماركس في 5 مايو عام 1818م، في مدينة ترير بألمانيا، وكانت أسرته غنية على نحو ما، وتزوج "جيني فون ويستفالين" في عام 1843، قبل أن يعمل كاتبًا في صحيفة راديكالية، وتوالت بعد ذلك كتاباته، ونظرا لأفكاره الثورية التي بدت ملفتة للنظر، قاموا بنفيه إلى بروكسل، غير أنه سرعان ما أصبح قياديًا هامًا للحزب الشيوعي.
نشر ماركس العديد من الكتب في الاقتصاد، وعلوم الاجتماع، والتاريخ، وهو صاحب أفكار ثورية كان لها أثرًا كبيرًا على تطوير الفكر الاشتراكي في العالم، كما رأى الكثير من المفكّرين، وقد صُنِّف بالطبع كواحد من أهم وأعظم الاقتصاديين في التاريخ.
عاش ماركس حياة فكرية وفلسفية، ومارس تلك الحياة على نحو عملي في الصحافة بمدينة كلونيا، وعندما انتقل إلى فرنسا حاول أن تكون حياته أكثر تحررًا، ولكن في ظل ظروف مادية صعبة، وظهرت تلك التطلعات في بعض كتبه، وكان من الطبيعي أن يؤثر مفكرو فرنسا الاشتراكيين في الفكرة الراسخة لدى ماركس، وأن يستزيد من أحلامهم وأفكارهم وتجاربهم السياسية حول العالم، وهذا بالطبع جعله ينفعل وينتقل إلى الثورة البروليتارية ليكون له أدوار هامة بكتاباته في الفكر الاشتراكي الشيوعي التحرري.
رغم كتابات ماركس المتنوِّعة، إلّا أنه كان ينوي وضع كتاب فلسفي لتوضيح المادية الجدلية، والمادية التاريخية، على نحو أدق، ولكنه انشغل بكتاب "رأس المال"، وكتب أخرى كانت بمثابة مصباح منير للفكر الاشتراكي المعاصر لهذا الوقت.
تتالت كتابات ماركس وأعماله في الحزب لنشر أفكاره بين أكبر قدر من متابعيه، حتى توفى في 14 مارس عام 1883، وهذا عقب وفاة زوجته بعامين حزنًا عليها، بعدما أصيب بمشكلات في الجهاز التنفسي.
