رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

خدعة الخلاف الإسرائيلي الأمريكي مع إيران

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن نظام الحكم في إيران؛ بل وفي بلدان العالم حددته ورسمته قوات التحالف المنتصرة على دول المحور، وتقسيم ألمانيا أكبر دليل على أن العالم بعد الحرب العالمية الثانية لم يكن سوى قطعة جبن قسمت بين "فتوات" العالم الجديد.
ولأن درس الحربين العالميين كان قاسيا على أوروبا والغرب كله، من حيث حجم الخسائر المادية والإنسانية، فقد اتفقوا ألا ينجروا لمثل هذه الكارثة ثانية مهما كان حجم الخلاف، ومع الوقت صار العالم مسرحًا للصراعات والاستعراضات العسكرية والسياسية والثقافية والاقتصادية، على أن يكون ضحايا هذا الصراع دائمًا من خارج قوات التحالف القديم.
وبالعود إلى إيران، أردت وضع إضاءات حول ما جرى فيها تحت حكم الشاه رضا بهلوي، وكيف أزاحت قوات التحالف وتحديدًا روسيا وبريطانيا الرجل خوفًا من دعمه لهتلر ونفيه إلى الحليفة جنوب إفريقيا، وحرصًا منهما على النظام الملكي في طهران، جاءوا بنجله المتزوج في 16 مارس 1939 من الأميرة فوزية شقيقة الملك المصري الشاب أيضًا فاروق، وجدير بالذكر أن مصر كانت تحت الاحتلال الانجليزي أيضًا، فتولى ابن العشرين ملك إيران بأمر التحالف عام 1941.
يوم الحادي عشر من يناير 1951 اقترحت الأقلية في البرلمان برئاسة محمد مصدق، أحد السياسين والمفكرين والبرلمانيين المخضرمين، تأميم صناعة النفط، وأيد علماء الدين بقيادة آية الله أبوالقاسم الكاشاني، والشعب المقترح؛ غير أن رئيس الوزراء حينذاك (رزم آرا) رفض العمل بالقرار، فقامت جماعة أطلقت على نفسها (فدائيو الإسلام) بقيادة نواب صفوي بالتخطيط لاغتيال رئيس الوزراء، وأطلق خليل طهماسبي عضو الجماعة يوم 7 مارس 1951 النار عليه وأرداه قتيلا، وبذلك حال دون قيام الحكومة بمنع تأميم النفط الإيراني، وبالفعل صادق البرلمان الإيراني يوم 15 مارس 1951 على تأميم صناعة النفط.
ولكن ما كان لبريطانيا التي تسيطر على نفط إيران منذ 1913 من خلال شركة النفط الأنجلو-إيرانية (APOC / AIOC) والتي سميت لاحقا باسم (شركة النفط البريطانية أو بي بي) أن تقف مكتوفة الأيدي، فوضعت استراتيجية الإطاحة بمصدق معتمدة على إفشاله، حيث قامت بمضاعفة إنتاج النفط في الدول المسيطرة على بترولها وهي العراق والسعودية والكويت، وزاد إنتاج النفط بالشرق الأوسط بحوالي 10% سنويًا، في نفس الوقت الذي فرضت فيه مقاطعة اقتصادية على إيران، فانخفض حجم إنتاج إيران النفطي للنصف، بسبب عدم القدرة على تصريفه خارج البلاد.
تأثر الاقتصاد الإيراني كثيرًا بهذا الحظر الاقتصادي من بريطانيا وشركائها، وتم استغلال الاضطرابات الداخلية للإطاحة بحكم مصدق، وفي أغسطس 1953، قامت وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) وجهاز الاستخبارات البريطاني (إم آي 6) بتدبير انقلاب أطاح بحكومة محمد مصدق، الذي سجن لثلاث سنوات ثم أطلق سراحه، إلا أنه أستمر رهن الإقامة الجبرية حتى وفاته سنة 1967 في قرية أحمد آباد.
بعد الانقلاب انتهت أزمة النفط الإيرانية وأنشئت الشركة الوطنية الإيرانية للنفط كائتلاف دولي، وأعيد محمد رضا بهلوي لإيران، ومن حينها وإيران تحت سيطرة بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
دون الخوض في تفاصيل ما للشاه وما عليه، فقد جيء به لينفذ التعليمات، ويكون صاحب قرار فيما لا يضر بصالح القوتين المسيطرتين على البلاد؛ لكن سعيه لتقوية الجيش وتنمية اقتصاد بلاده ومساعدته سلطنة عمان في التخلص من تنظيم الجبهة الوطنية الديمقراطية لتحرير عمان والخليج العربي، والحركات القومية واليسارية بين عامي 1973-1975، ثم دعم مصر في حربها ضد إسرائيل، لفت انتباه الولايات المتحدة الراغبة في إضعاف كل جيوش دول الشرق الأوسط لحساب إسرائيل، فبدأت في استغلال خلافاته مع المرجعيات الشيعية للإطاحة به، وكان "الخميني" البديل الأنسب حتى لا يستغل حزب "توده" الشيوعي الفرصة وينقض على كرسي السلطة.
نقلب سريعًا في التاريخ نجد أن محمد رضا بهلوي الذي أجبر على ترك البلاد في يناير 1979، ورفضت كل الدول الغربية والأوروبية استقباله حتى استقبله السادات ثم الملك المغربي الحسن الثاني، ثم طاف دولًا كالباهاما والمكسيك وأمريكا ثم بنما قبل أن يعود ثانية إلى مصر، وذلك ليكون عبرة لكل من يحاول الخروج عن الخط المرسوم له.
ثم جاءت أمريكا بالبديل، روح الله بن مصطفى بن أحمد الموسوي الخميني، والذي رفع كذبا راية الثورة الإسلامية ليحظى بدعم الجماعات المتشددة في الشرق الأوسط بهدف زعزعة واستقرار الخليج والشام ومصر تماما مثلما يحدث الآن، وكل ما هو ظاهر من خلاف بين أمريكا وإسرائيل من ناحية والملالي الإيراني من ناحية خدعة كخدعة دعم أمريكا للعراق والخليج في حربه ضد إيران ثم استيقظنا على فضيحة "إيران-كونترا".
إن خيار دعم الملالي كخيار صناعة القاعدة وداعش وتمكين الإخوان، كان ولا زال الهدف منه إحداث الفوضى الخلاقة لحساب دولة إسرائيل الكبرى، فيتم تمزيق جيوشنا ودولنا وتضييع فرص نهضة أمتنا وسرقة كنوزنا وإرادتنا حتى تذهب ريحنا ونخرب بيوتنا بأيدينا، فاعتبروا يا أولي الأفهام.