الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

يوسف النجار.. شفيع العمال

يوسف النجار
يوسف النجار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ولد القديس يوسف النجار فى بيت لحم، وهو ينتمي إلى سلالة ملكية حيث ينتمي إلى الملك داود، وكان من عائلة "متان"، ابن داود من سبط يهوذا.
كان لـ"متان" ولدان هما يعقوب ويواقيم – ويواقيم هذا هو أبو العذراء مريم– حيث يرجع نسب المسيح، ثم مات "متان" بعدها، فتزوجت أمرأته بأخر وأنجبت منه "هالي"، ثم تزوج ومات دون أن ينجب نسلًا، فتزوج يعقوب بأمرأة "هالي" أخيه حسب الشريعة اليهودية (تثنية 25: 2) وأنجب يوسف النجار، وإذ كان يوسف النجار أبن ليعقوب حسب الطبيعة، وابن لـ"هالى" حسب الشريعة (لو 3:23) وهذا يوضح اختلاف النسب الوارد فى إنجيل معلمنا متى النسب الوارد فى إنجيل معلمنا لوقا.
وبالعودة إلى يواقيم وهو شقيق كل من يعقوب وهالى، حيث ظل هو وزوجته عاقرين لمدة 31 عام، ثم أعطاهم الرب الدرة الثمينة مريم العذراء، فوهبها لخدمة الهيكل بعد فطامها ولها من العمر 3 سنوات– ولما بلغت مريم 6 سنوات– توفى أبوها يواقيم، ولما بلغت 8 سنوات توفت أمها فصارت يتيمه الأب والأم.
كانت مريم قد نذرت نفسها أن تعيش عذراء طوال حياتها، فلما بلغت 12 سنة، كان لابد أن تغادر الهيكل بحسب الشريعة ففكر الكهنة في اختيار شخص بار تُخطب له مريم ويأخذها ليرعاها في بيته بدون زواج فعلي، فجمعوا عصى بعض الشيوخ المعروفين بالتقوى، ووضعوها في الهيكل وظلوا يُصلَّون، وفى يوم من الأيام جاءت حمامة ووقفت على العصاه المكتوب عليها اسم يوسف النجار، ثم طارت الحمامة ووقفت فوق رأس القديس يوسف النجار، فعلم الكهنة أن هذا الرجل قد أختاره الله للقيام بهذه المهمة، فأخذ يوسف النجار العذراء إلى بيته وهو شيخ على أنها خطيبته أمام المجتمع ونفسه لخدمة الفتاة الصغيرة دون أن يعرف سرّ هذه القديسة وأنها سوف تصير أم المسيح.
لم يعرف يوسف النجار مريم العذراء حتى ولدت أبنها البكر ودعا اسمه يسوع، خطب يوسف الفتاة الطيبة مريم، وهي من أهل الجليل ومن عائلة متواضعة، تعيش كفاف يومها بسعادة وقناعة، تخدم في الهيكل وتتعبد لربها.
أتفق يوسف معها ومع أهلها على أن تكون زوجتة– وذهب فى فرح عظيم يجهز بيته المتواضع الكائن في بلده الناصره ليكون مسكنًا لمريم.
يوسف الصدَّيق البار … لم يخطر بباله يومًا أن مريم ستكون أم المخلص المنتظر، وأن الملاك جبرائيل قد حمل إليها البشارة رغم كونه متعمقًا بكل ما جاء فى الكتب المقدسة عن المسيح المنتظر وعن كيفية مجيئه، وما قيل عنه فى سفر إشعياء النبي "هوذا العذراء تحبل وتلد أبنًا".
كان يوسف ينتظر الخلاص– شأنه شأن سائر شعب الله المنكوب لأنه بعد أن مدَّ الفقر والإستياء أذياله على عموم الناس، كان الجميع ينتظر بفارغ الصبر رسولًا من السماء يُنعش ويُعيد روح الله فى قلوب البشر.
وهكذا حدث ليوسف ما لم يحدث لأحد سواه، عندما أراد أن يأتي بخطيبته إلى بيته فوجدها حُبلى، تنتظر مولودًا، فأضطرب وخاف كما جاء فى الإنجيل– وتساءل ما عسى أن يكون هذا؟!.
فأحتار في أمرها، وهكذا تعرض يوسف لمحنة قاسية أوشكت أن تؤدي بعلاقته مع مريم إلى حد القطيعة والإنفصال، فهو يعتبرها شريكة، عذراء طاهرة، وإذا بها حُبلى، ذلك يفوق إدراك عقله، لكن رغم ذلك لم يفقد صوابه، ولا تفوه بكلمة لا مع مريم ولا مع غيرها حول أى نوع من القلق والظنون لأنه كان مقتنعًا ببراءة مريم خطيبته، ولم يسئ الظن بها مطلقًا، ولكن عدم تمكنه من إيجاد تفسير لما يراه عليها من تغييرات، دفعه إلى أن يتخذ قرارًا بتخليتها سرًا دون إثارة أيه ضجة تلحق بها الضرر، لأنه مجرد أن يخبر عن سرَّها تنال مريم عقوبة الرجم حتى الموت بحسب الشريعة اليهودية، لكنه لم يفعل، قد يكون ذلك الأمر بالذات بدعوة الإنجيل "البار، الصدّيق".
لم يتركه الله كثيرًا في حالة الشك والإضطراب، فأرسل له الملاك وأخبره حقيقة (مريم) وشجّعه وأفهمه بأن الرب اختاره هو أيضًا لتحمل أعظم مسئولية ألقيت على عاتق بشر ليكون مربيًا ليسوع المسيح، دون تأثير على حريته أو الضغط على قراره.
عندما أدرك يوسف مقاصد الله وتدابيره من الملاك جبرائيل، استجاب لها وأندمج معها، فاّمن بالسر الكبير وقبل المهمة التي كلفه بها الله أن يكون أمام المجتمع الأب الشرعي ليسوع الذي كان الجميع يعرفونه بأبن النجار "يوحنا 6: 42".
هكذا اّمن يوسف وأحتفظ بمريم، وأتى بها إلى بيته فرحًا مسرورًا لهذا الشرف السامي الذي خصه به الله ليكون مربيًا ليسوع المسيح.
فعندما ولد يسوع– تهلل قلبه من أصوات الملائكه وهم ينشدون المجد والسلام بمولده، مع مريم استقبل الرعاة والمجوس الذين أتوا من الشرق ليسجدوا له.
مع مريم هرب بيسوع إلى مصر لما أوُحى اليه أن حياة الطفل مُهددة– مع مريم ويسوع ذاق طعم التشرد والهرب والغربة والانتظار– نذر يوسف النجار حياته كلها مُضحيًا بكل ما لديه للعناية بيسوع وبأمه مريم.
هذا هو يوسف النجار الذى ضرب أروع مثال في التضحية والعطاء ونكران الذات خدمة لخير البشرية الأكبر الذي سيحققه يسوع يومًا ما، ويكفيه شرفًا وفخرًا وهو الرجل المتواضع المختفي أن يكون قد أوصل بالتعاون مع مريم أبنه يسوع إلى كمال الرجولة من خلال تربية متكاملة الجوانب.
لقد فعل يوسف ما أمر به الملاك من طاعة عجيبة ورجاء حي … وأطاع أيضًا أمر الملاك بالهروب إلى أرض مصر– هذا رغم أن الإنجيل لم يسجل ولو كلمة واحدة قالها يوسف لكي تتحقق ثلاث نبوات كتابية كان ليوسف دور فى إتمامها وهي:-
- ها العذراء تحبل وتلد أبنًا وتدعو اسمه عمانوئيل.
- مبارك شعبي مصر.
- من مصر دعوت ابني.
كان يوسف يأخذ عائلته كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح، أشار يسوع إلى يوسف بكلمة (أبي) وكذلك فعلت أمه مريم، وتمتع القديس يوسف بعلاقة قوية بالسماء حيث كانت تصدر له التعليمات بتحركاته وتصرفاته– ولنا في شخصية القديس يوسف النجار قدوة عظيمة من خلال ما تمتع به من صفات نحن في أمس الحاجه بالتحلي بها، لقد كان الرجل المناسب في المكان المناسب.
نياحه القديس يوسف النجار:
فى 26 أبيب– تنيح القديس البار الشيخ يوسف النجار الذي أستحق أن يدعى أبًا للمسيح بالجسد. ولما حضر الوقت الذي ينتقل فيه من هذا العالم إلى عالم الأحياء– حضر السيد المسيح نياحته ووضع يده على عينيه وبسط يديه وأسلم الروح ودفن فى قبر أبيه يعقوب وكانت جملة حياته عن عمر يناهز 111، منها 40سنه غير متزوج و52 سنه متزوجًا و19 سنة مترملًا، وكانت نياحتة في السنة الـ16 لميلاد السيد المسيح.
احتفال الكنائس بيوسف النجار:
تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بعيد القديس النجار قبل بدء صوم السيدة العذراء بأسبوع، وشيدت له كنيسة على اسمه في مصر القديمة بالقاهرة.
تكرّم الكنيسة يوسف القديس العظيم كالرسل أنفسهم، وتعيَّد الكنيسة الرومانية اللاتينية– والكنيسة الغربيه للقديس يوسف في يوم 19 مارس من كل عام– بينما تحتفل الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية بتذكار يوسف الصديق خطيب مريم فى الأحد الذي يلي عيد الميلاد وترى فيه شفيع الكنيسة الجامعة الرسولية.