السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

الولايات المتحدة تواجه خيارات صعبة في جنوب السودان

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا شك أن جنوب السودان صنيعة أمريكية اقتطعت من السودان الذي مزقته الحرب سنوات عديدة، وقامت أمريكا بدعم مؤسساته الهشة بمليارات الدولارات.
لكن هذا الصراع الغامض الدائر في جنوب السودان جعل الإدارة الأمريكية تسعى جاهدة من أجل منع تفكيك الإنجازات الأمريكية في إفريقيا.
ومع وجود ما يزيد عن 1000 قتيل، وتقارير تصف أعمال الإبادة العرقية يواجه الرئيس أوباما احتمال أن تكون جنوب السودان دولة أفريقية فاشلة.
ويبدو أن أوباما ليس لديه خيارات كثيرة جيدة، مثلما حدث مع سوريا. فمع عدم وجود أي خطط لتدخل أمريكا عسكريا في الصراع، يسعى أوباما جاهدًا من أجل دفع محادثات السلام بين أطراف النزاع، إضافة إلى أنه يقوم بتعزيز قوات الأمم المتحدة في المنطقة، كما يقوم بالتشاور مع كل من أثيوبيا وأوغندا من أجل إمكانية تدخلهما عسكريًا لمنع المتمردين من السيطرة على العاصمة جوبا.
وصرح جايل سميث مدير التنمية العالمية والشؤون الإنسانية بمجلس الأمن القومي، بأن أزمة جنوب السودان هي أزمة حقيقية وأصيلة، لكن نحن لنا تاريخ طويل مع مثل هذه الأزمات، ولنا بعض النفوذ.
وبعد أيام من الضغط من قبل المبعوث الأمريكي الخاص إلى جنوب السودان، جلس طرفي النزاع على مائدة المفاوضات بوجود وسيط، بعد أن هدد البيت الأبيض من يستولي على السلطة بقطع المساعدات الأمريكية، ووقف دعم تدريب الجيش الوطني لتحرير السودان.
ومع ذلك ظل القتال محتدمًا في جنوب السودان، ما دفع الخارجية الأمريكية إلى سحب المزيد من موظفي السفارة في جوبا، وأجلت بالفعل المئات من الأمريكيين، كما طوقت السفارة بـ 45 جنديًّا أمريكيًّا من أجل حمايتها من أي هجوم مثلما حدث في بنغازي في ليبيا.
جدير بالذكر أن جنوب السودان يمتلك دائرة نفوذ قوية في أمريكا، على عكس البلدان الإفريقية الأخرى، ليس في البيت الأبيض فقط ولكن في الكونجرس أيضًا، حيث دافع نواب البرلمان الأمريكي عن الأقلية المسيحية ضد اضطهادهم من قبل الشمال المسلم.
كما لعبت إدارة جورج بوش الأبن دورًا محوريًا في المفاوضات التي أدت إلى إنهاء الحرب الأهلية الطويلة في السودان، والتي مهدت الطريق لاستفتاء 2011 الذي أدى إلى انفصال الجنوب عن الشمال.
يحمل جنوب السودان مغزى خاص للإدارة الأمريكية الحالية أيضًا، فقد قامت السيدة سوزان رايس مستشار الرئيس أوباما للأمن القومي، وهي أيضًا خبيرة في إفريقيا، بإطلاعه على تطورات الأحداث في جنوب السودان يومًا بيومًا في أثناء عطلته في هاواي، وقالت له إن "أولئك الذين ارتكبوا أعمال العنف ضد المدنيين يجب أن يحاسبوا".
يذكر أن رايس كانت قد دعت الولايات المتحدة في 2006 للتدخل عسكريًّا في السودان من أجل وقف المذابح في دارفور.
أيضًا سمانثا باور السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، والتي صنعت اسمها من مطالبتها الدائمة بالتدخل العسكري في البلدان التي تعاني من الإبادة الجماعية، قامت أيضًا بصياغة قرار لزيادة عدد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان.
وحثّ جون كيري وزير الخارجية الأمريكي الرئيس سلفا كير في مكالمات هاتفية متكررة على عمل مصالحة مع نائبه السابق ريك ماشار، الذي أدى نزاعهما السياسي إلى أحياء النزاع العرقي في جنوب السودان.
جدير بالذكر أن كيري قد شهد المفاوضات التي أدت إلى انفصال الجنوب عن الشمال حينما كان نائبًا في مجلس الشيوخ.
وصرح مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية بأنهم قد حصلوا على الكثير من التقارير المثيرة للقلق بشأن أعمال القتل التي تستهدف النوير، وأيضًا التي تستهدف الدنكا، القبيلتان المتنازعتان في جنوب السودان.
وقد تعهدت الإدارة الأمريكية بإرسال مساعدات إنسانية إضافية قيمتها 49.8 مليون دولار إلى النازحين في جنوب السودان والذي بلغ عددهم 180 ألف نازح.
وقال توم ماكدونالد الذي عمل على قضايا السودان حينما كان سفيرًا للولايات المتحدة في زمبابوي "لن نسمح باستمرار المذبحة، ولن نسمح باحتلال العاصمة، فقد وضعنا الكثير في هذا البلد ولن نسمح بالخسارة".
وأضاف أيضًا أن على الإدارة الأمريكية أن تتبع مسارًا مزدوج من أجل حل هذه الأزمة، وهو تشجيع المصالحة إضافة إلى تطوير خطط تدخل إثيوبيا وأوغندا عسكريًا في حالة فشل محادثات السلام.
وأضاف أن أمريكا يمكنها أن توفر الطائرات العسكرية لنقل الجنود الأوغنديين أو المشاركة بمعلومات استخباراتية عن مواقع المتمردين.
وفي هذه الأثناء أيضًا صرح جرانت هاريس مدير الشئون الأفريقية في مجلس الأمن القومي، أن الإدارة الأمريكية تضغط من أجل زيادة عدد قوات حفظ السلام الدولية وتوسيع مهمتها، وتكافح من أجل حماية 45 ألف نازح.
ويقول محللون إن مشكلة أمريكا الحقيقية أنها ما عادت تملك النفوذ الذي كانت تملكه في 2011، فحينها كان جنوب السودان يحتاج إلى المعونة الأمريكية وإلى الاستفتاء من أجل الاستقلال، أما الآن فهم لديهم الاستقلال ومليار دولار سنويًا هي عائدات البترول التي كانت تذهب سابقًا إلى شمال السودان.