الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

عيد العمال| "المعمار".. 24 ساعة أشغال شاقة.. أعدادهم بالملايين.. وأحلامهم: ستر ونظرة رحمة من الحكومة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«الحال صعب قوى ونفسنا يبقلنا معاش كويس.. لو حد تعب أو كبر يقدر يعيش منه» بهذه الكلمات عبر «عمال المعمار» عن حالهم وأحلامهم، مؤكدين أنهم يتركون محافظتهم المختلفة سعيًا خلف لقمة العيش، ومنهم من يعمل فترة واحدة باليوم، ومنهم من يعمل فى مهنتين حتى يتمكن من سد احتياجات بيته البسيطة.

البداية كانت من أبو يوسف، ٢٩ عامًا، قنا، حاصل على ليسانس أصول دين، يعمل فى مهنة المعمار «المحارة» ـ يقول: «منذ أن كان عمرى ١٢ عامًا تركت الصعيد بالشهور سعيًا وراء الرزق، ولا أعود إلا عندما يتوقف العمل، وأعمل خمسة أيام فى الأسبوع بسبب «قلة الشغل»، والأيام التى أجلس فيها بدون عمل، أبدأ رحلة بحث عن عمل فى مكان آخر حتى أجده».
ويضيف أبو يوسف: «ارتفاع سعر الخامات وأدوات تشطيب المعمار تسبب فى امتناع الناس وتوقفهم عن البناء». ويُضيف: «أديت الخدمة الوطنية ومن ثم قدمت بشهادتى فى وظائف عديدة، ولكن لم أقبل فى أى منها لأنى «معايش واسطة».

وإلى جواره يقف «عبدالحميد» مساعد صنايعى «طالوش مونة». لا يعرف عبدالحميد سنه الحقيقية، فهو من ذوى الاحتياجات الخاصة، ولكن حسب شهادة التسنين فهو تخطى الستين من عمره، يعمل فى مهنة المحارة منذ ٥٠ عامًا لديه ابنتان إحداهما متزوجة والأخرى لم تتزوج بعد، يقول: «ساكن بالإيجار بالدور الأرضى والحمام مشترك وأنا ومراتى وبنتي».
ابنة عبدالحميد يتوافد إليها الخطاب، ولكن عسر حاله يمنعه من تزويج ابنته فى الوقت الحالي، كما يعانى عبدالحميد من أملاح زائدة فى إحدى قدميه، وكلما حاول العلاج منها على نفقته الخاصة قصر يده يمنعه من استكمال العلاج. يُضيف: «لفيت على دكاترة كتير وتعبت من كتر اللف وكشوفات الدكاترة الغالية وأنا بيتى محتاج كل مليم، والـ٣٠٠ جنيه اللى باخدها من الشئون وقفت من غير ما حد يقولى السبب».
التقط طرف الحديث الشاب الثلاثينى عادل محمود ليقول: «تخرجت فى كلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة قنا منذ عام ٢٠٠٨، وكنت بشتغل فى مهنة المحارة وبدرس عشان أقدر أصرف على نفسي، وبعد التخرج وقفت فى طوابير التوظيف لكن بدون فائدة، ولسه شغال فى المحارة»، عادل، يعمل فى مهنتين، المحارة نهارًا من الساعة الخامسة صباحًا حتى الساعة الواحدة ظهرًا، ثم فى محل أجهزة كهربائية ليلًا حتى يستطيع أن ينفق على أسرته.

بينما يعمل عاطف جمال، ٥٣ عامًا، فى مهنة المحارة، «عجان»، منذ ٣٠ عامًا. ويعيش فى غرفة وصالة وحمام بالإيجار بمنطقة عين شمس هو وزوجته وأمه وابنه. ويعانى عاطف من مرض عقلى منذ ولادته وتقوس وخشونة فى ركبتيه. ليس لـ«عاطف» دخل آخر يعيش منه غير اليومية. ويشكو من أنه يعمل فى بعض الأحيان مع أشخاص يأكلون عليه أجرته اليومية ويغالطونه فى الحساب، وخاصة أنه لا يتقاضى أجره إلا فى نهاية الأسبوع.
فيما يقول عبداللاه حسين، ٣٠ عامًا، قنا: «أنا شغال فى مهنة المحارة وأنا عندى عشر سنين مع أبويا، عبداللاه حاصل على مؤهل متوسط بعد أن كان يدرس فى الثانوية العامة، ولكن ظروف والده المادية جعلته يحول دراسته من الثانوية العامة إلى التعليم المتوسط».
كما يُعانى «عبداللاه» من انزلاق فى العمود الفقرى، ورغم ذلك لا يستطيع أن يتوقف عن العمل بسبب عدم وجود دخل آخر له ولأسرته. يقول: «عاوز الحكومة تبص لنا شوية ولو الدولة عايزه تحتفل بينا بجد تهتم بينا وبمشاكلنا وتحمينا من الظلم اللى بنشوفه من أصحاب الشغل، بحلم بحياة كريمة من غير قلق، ولا خوف وتعامل باحترام من أصحاب الشغل».

على جانب آخر، يعمل «خميس عرفة»، صياد سمك فى بحيرة ناصر، ولكنه يعمل فى بعض الأوقات خلف بناء، عجان مونة. يبلغ «عرفة» ٢٢ عامًا. لم يكمل تعليمه. كما أنه مرتبط مُنذ عامين، ويعمل بكل جهد للانتهاء من «تشطيب شقته» قبل موعد الزفاف الذى تحدد بعد عام. يقول عرفة: «بسافر أسوان اصطاد وبقعد ٨ شهور لحد وقف الصيد وبعد كده بسافر القاهرة بشتغل عجان مونة مع ابن عمي». 
بينما يقول عمر محمود، أحد العاملين بأحد أفران المخبوزات فى المعمورة، شاكيًا من ضعف حاله وقلة حيلته: «بطلع من بيتى الساعة ٦ الصبح وبرجع الساعة ٨ بالليل، واقف على رجلى علشان أرجع بحق يومية أجيب أكل بيها لأولادي، لا بنوفر منها ولا بنحوش قرش، قد المصاريف وياريتها بتقضى».
لدى «محمود» ولد وبنتان، فى المدارس، وزوجة، مريضة بمرض فى قدمها يجعلها تتحرك بصعوبة بالغة. يضيف: "بتحمل مشاكل كتيرة من الزباين وطلبات وتحكمات أكتر ولكن مضطر علشان ما باليد حيلة".
يناشد «محمود» المسئولين أن يشعروا بأمثاله قائلًا: "كُل حاجة غليت واليومية مبقتش جايبه حاجة، وكُل اللى عايزينه من الحكومة أنها تبصلنا، يعنى الأسعار ترخص، ملناش طلبات غير أن الأسعار ترخص".