الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ"

القس مرقس صموئيل
القس مرقس صموئيل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هكذا يقول السيد المسيح، «وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ» وهذه الآية تدفعنا لأن نتعرف أكثر على بنود تلك الآية، أولًا نتساءل: ما الحق؟ فنجد أن «الحق» باللغة العامية هو (الحاجة الصح)، فالصدق حق والحب حق والاجتهاد حق والتسامح والغفران للآخرين حق.
ثانيا: نتساءل: كيف يحررنا الحق؟ وهنا لا بد أن نتعرف على أن هناك قيود يعانيها الإنسان، لو تعامل معها بالحق لتحرر منها وما أجمل الحرية، فالقيد الأول هو «أقوال الناس»، فكثيرًا ما يشغلنا رأى الناس من حولنا وتقييمهم لتصرفاتنا وممتلكاتنا وشكلنا، وكلامهم علينا لدرجة أن البعض يعبد الله فى السماء ويصنع له من الناس إلها آخر على الأرض، وأحيانا يطيع الناس ويعصى الله خوفا من كلامهم وآرائهم، والكتاب يقول: «يَنْبَغِى أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ» (أع ٥: ٢٩).
ودعنى أقول لك عزيزى القارئ وأصدمك، إنه مهما فعلت لن ترضى الناس، لذا يقول الآباء (ارضِ الله واترك مهمة إرضاء الناس إلى الله) وهذا ما قاله الكتاب المقدس، «إِذَا أَرْضَتِ الرَّبَّ طُرُقُ إِنْسَانٍ، جَعَلَ أَعْدَاءَهُ أَيْضًا يُسَالِمُونَهُ» (أم ١٦: ٧)، لذلك تحرر من قيود أقوال الناس ونظرتهم لك، وتخلى عن فكرة إرضائهم ولا تبحث سوى عن رضا الله.
والقيد الثانى هو «أفعال الناس»، وهنا تضع نفسك فى مقارنة بينك وبينهم، وعلى سبيل المثال، تجد فتاة تقارن شبكتها بشبكة بنت خالتها، وتقارن شقتها بشقة بنت عمتها، وتكون نفسيتها مقيدة ومعقدة بالتذمر وعدم الشكر وتنسى أن الظروف تختلف من شخص لآخر، وهذه النواحى المادية ليست كل شىء، ودعنى أوضح بهذا المثال: يحكى أن جملا كان يعبر نهرا صغيرا، فسأله الكلب إلى أين تصل المياه، فأجابه الجمل إلى الركبتين، فاندفع الكلب ليعبر النهر هو أيضا، ولكنه غرق فركب الجمل شيئا وركب الكلب شيئا آخر، وهكذا قال السيد المسيح لبطرس عندما تساءل عن الحديث الخاص الذى دار بينه وبين القديس يوحنا الحبيب: مَاذَا لَكَ؟ اتْبَعْنِى أَنْتَ!» (يو ٢١: ٢٢)
القيد الثالث «العادة» فالذى اعتاد شيئا يصبح عبدًا له ويتحول الأمر من (عادى) إلى (عادة) فكن حريصًا فالأمور السيئة تبدأ تحت شعار الحرية (أنا حر أن أدخن) وتتحول إلى قيد (فلا تستطيع الإقلاع عن التدخين)، بينما الأمور الجيدة (الحق) تبدأ قيود وتغصب مثلا لاقتناء عادة الصلاة اليومية، وتتحول بشكل تلقائى إلى عادة، ولكن تلك العادة ليست تحت بند الحرية، بل رغبة واشتياق لوقفة الصلاة والتقرب إلى الله.
أخيرًا.. القيد الرابع وهو «تذوق الخطية»، فالذى لم يذق الخمر لن يكون لديه صراع داخلى أن يشرب الخمر عكس من تذوقها ولو لمرة سيكون لديه رغبة لتذوقها مرة ثانية وثالثة، وتتحول إلى قيد يكبل حياته هكذا يقول: «خُذُوا لَنَا الثَّعَالِبَ، الثَّعَالِبَ الصِّغَارَ الْمُفْسِدَةَ الْكُرُومِ؛ لأَنَّ كُرُومَنَا قَدْ أَقْعَلَتْ» «نش ٢: ١٥». والثعلب الصغير هو الخطأ فى بدايته وإذا لم أحترس يتحول إلى ثعلب كبير مملوء دهاء وخبثًا يقيد حياتى، فلنتحرر يا أحبائى من الداخل فليست الحرية أن أفعل ما أشاء، بل أن لا يكون هناك ما يجعلنى أفعل ما لا أشاء.