الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حتى لا تتحول المنحة إلى محنة!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى كل مرة تتعرض محافظاتنا المختلفة لأمطار غزيرة نشعر بأننا «نغرق فى شبر ميه».. فتتوقف الشوارع وتتكدس السيارات وتتعطل المصالح.. فلا يخف على أحد أن أغلب شوارعنا تعانى مشاكل معقدة فى شبكات الصرف الصحي.
ولكن اللافت للنظر هو ما حدث فى منطقة التجمع الخامس!.. فقد كانت أكثر المناطق التى أضيرت بسبب الأمطار، وشهدت غرقا للسيارات والمنازل التى اجتاحتها مياه الأمطار.. رغم أنها تعد من أرقى المناطق فى مصر!!.. ورغم سخرية الكثيرين وإدانتهم لمن أنشأوا منطقة التجمع، فإن السؤال الذى يفرض نفسه: لماذا حدث هذا الآن فى التجمع الخامس؟!..رغم أن المنطقة موجودة منذ عشرين عاما أو يزيد!!.. وبالطبع خلال تلك السنوات لم تكن أول مرة تتعرض لأمطار غزيرة كتلك.. فلماذا تضاعفت الأزمة فى التجمع وظهرت بهذا الشكل المروع؟!.. ولماذا حدث منذ شهور قليلة انهيار أرضى لمسافة 15 مترًا أدى لابتلاع سيارة تصادف وجودها هناك؟!.. وأعلن أنه بسبب انفجار خطى مياه!!.. هل هذا بسبب سوء التخطيط منذ البداية؟!.. أم إهمال الصيانة؟!.. أم ربما استُجدت بعض الأسباب التى أدت إلى ذلك؟!!.. فمنذ شهور طويلة والكثير من شوارع التجمع الخامس تخضع لإصلاحات وعمليات حفر أدت إلى تحويل بعض الطرق، بالإضافة إلى المشاريع التى ما زالت تنشأ والأراضى التى تباع هناك.. فهل مخرات السيول لا تزال بعيدة عن أيدى العابثين؟!.. أم ربما يكون قد تم بيع أراض على مخرات السيول مما أدى إلى تلك الأزمة المفجعة؟!.. والتى تضيع علينا مزيدا من الموارد المالية والمائية فى حالة الشح الذى نعانيه.. والسبب سوء التخطيط وغياب الضمير والرؤية لبعض المسئولين؟!
ربما ستجيب الأيام المقبلة عن ذلك، وبخاصة بعد تكليف الرئيس بالتحقيق من قبل رئيس هيئة الرقابة الإدارية، والذى انتهى بتحويل العديد من المسئولين إلى النيابة العامة.. ولكن ما نتمناه أن تجعلنا تلك الأزمة نضع قضية المياه وتخطيط شبكات صرف الأمطار أولوية أولى، فالأمطار وحدها توفر 51 مليار متر مكعب، نستفيد بواحد ونصف مليار فقط طبقا لتقدير الخبراء!!.. وليس من المنطقى أن تكون مواردنا من مياه الأمطار تقترب من موارد نهر النيل وما زلنا نبددها ونحولها إلى نقمة بدلا من نعمة!!.. خاصة فى ظل ما نتوقعه من أزمات مائية بسبب سد النهضة، وإستهداف أمننا المائى بمحاولة العبث فى شريان الحياة الذى يحاولون قطعه لتعطيشنا.. وبدلا من الاستفادة من المنحة الإلهية نحولها إلى محنة، تتسبب فى عرقلة حياة المواطنين بسبب الجهل وسوء التخطيط والفشل.
وقد ساءنى الهجوم والتطاول من بعض ممن ينصبون أنفسهم أوصياء على الوطن، ويظنون أن صكوك الوطنية بيدهم يمنحوها أو يمنعوها عمن شاءوا!!.. وذلك على بعض المواطنين المضارين، والذين عبروا عن غضبهم من التلفيات التى حدثت لمنازلهم أو سياراتهم، وكذلك السيدة التى نشرت مقطعا مصورا لها وهى فى حالة انفعالية وغضب شديد، بسبب توقف سيارتها على الطريق الدائرى لحوالى ثمانى ساعات، ومعها والدتها وطفلها الذى كان يعانى البرد والجوع، فتم سبها وقذفها واتهامها بالخيانة والإنتماء للجماعة الإرهابية!!.. دون مراعاة لحالتها الانفعالية التى قد تفقد أى شخص أعصابه والسيطرة على ألفاظه، وبخاصة وهى تسمع صراخ ابنها ولا تملك أن تفعل له شيئا.. بالتأكيد نرفض جميعا أى إساءة أو تجاوز فى التعبير، ولكن ليس من المفترض أن نتصيد أخطاء من يتعرضون لظروف خارجة عن إرادة الجميع، وليس من المنطقى أن تكون قذائف الإتهام بالخيانة هى أول ما يلاحق كل من يبدى اعتراضا أو شكوى!!.. فحتى القرآن الكريم يراعى الظرف النفسى للإنسان حينما يتعرض لظلم أو قهر.. فيستثنيه من غضبه سبحانه وتعالى فى حالة تعبيره عن استيائه وشكواه، فيقول تعالى: «لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا».. بالطبع قد يستغل -من يصطادون فى الماء العكر- السلبيات التى تحدث وتعبير المواطنين عن شكاويهم ومظالمهم، ولكن ليس الحل قمع التعبير وقذف الناس بالباطل، ظنا بأن ذلك يحفظ صورتنا أمام العالم.. فعلى العكس من يحب بلده عليه أن يقاوم السلبيات ويقول كلمة الحق، من أجل المصلحة الحقيقية وصورتنا أمام أنفسنا أولا إذا كنا نبغ الارتقاء.. أما الصور التى تم تداولها على مواقع التواصل الإجتماعى، والتى تبسط ما حدث من خلال عرض صور مماثلة فى كل بلاد العالم، رغم أن التشبيه غير حقيقى ويعد محاولة لتزييف الواقع؛ لأن أغلب البلاد التى تمت الإشارة إليها مستعدة تماما لاستقبال الأمطار الغزيرة، والتى تمتد لساعات طويلة وأيام متتالية، دون أن تحدث أى خسائر، فليس من المنصف أن نعرض صورا لكوارث طبيعية كالأعاصير ونشبهها بأمطار غزيرة لساعات قليلة!!.. فكل من سافر إلى تلك الدول يلمس الفرق بين شبكات الصرف لديهم ولدينا!!.. فهناك الأمطار تغسل الشجر والسيارات والشوارع التى تبدو بعدها غاية فى البهاء!! عكس ما يحدث لدينا من إنسداد فى شبكات الصرف التى تتوحد مع الشوارع، فنشعر أننا نسبح فى شبكات الصرف الصحى!! فعلينا أن نواجه سلبياتنا بشجاعة دون أن ندفن رءوسنا فى الرمال.. حتى نصلح ما أفسده أصحاب المصالح والفاشلون والمفسدون!!