الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

لا تكسر ضلع البنت.. حتى لا تكسر رأسك

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يستخدم المصريون المثل "اكسر للبنت ضلع يطلع لها أربعة وعشرين"، بنوع من التفاخر بشأن الشدة في تربية البنات، فيما الحقيقة أن هذه الشدة تتصل بجوهر التركيب النفسي للمرأة التي لا يزال ينظر اليها في مجتمعنا على أنها "أقل من الرجل" ويستعين من يعتقد بذلك بالكثير من الأقوال والأحاديث وغيرها من الأمثال للدلالة على ذلك، بل للتأكيد أن المرأة لم تصل بعد إلى مستوى الرجل، حتى لو كان أقل منها تعليما ووعيا، وإنتاجا، حتى النساء المعيلات لأسرهن ينظر إليهن على أنها أقل من الرجل، ولهذا حين يكون 22 في المئة نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة، بعد التاريخ الطويل من تعليم المرأة ومشاركتها في العملية الإنتاجية، فإن ذلك يعني أن ثمة خللا كبيرا لا يزال يعني منه المجتمع المصري.
والمؤسف أن المرأة، الأم والشقيقة والزوجة، التي قال نابيلون بونبارت عنها" التي تهز سرير الطفل بيمنها تهز العالم بيسارها" تعتبر عندنا "حرفا ناقصا" فتكون القوانين ضدها في غالبية الأحيان، ما يؤدي إلى إقصاء ممنهج لها حتى على مستوى التمثيل النيابي، وهو ما يجعلنا نبحث عن أي امرأة ناجحا لنسلط الضوء عليها، بل نجعلها مثالا أعلى، فيما الحقيقة أن المصريات تحديدا لديهن القدرة على اجتراح المعجزات بسبب التاريخ الطويل لنضالهن في شتى المجالات، ومشاركهتن للرجل حتى في اصعب الظروف، غير الردة التي يعاني منها المجتمع منذ نحو نصف قرن غيرت النظرة الى المرأة، ففي حين دفعت بها التيارات الاسلامية السياسية الى العتمة باعتبار" ان مكان المرأة المناسب بيتها"، ظهرت تيارات اخرى لتجعل منها مادة للتسويق والتشييء، عبر استعارضات جسدية، وتركيز دعائي عليها كشكل فقط، فتصبح ايقونة جمالية.
في كل هذا ضاعت المرأة المصرية، وتراجع دروها الحقيقي الذي لا نتذكره الا عند تحميلها مسؤولية الفشل في تربية الاولاد، وتصبح "عانس" عند سن معين حتى لو كانت في اعلى المراتب العلمية، وزيرة او نائب او عميدة كلية او رئيسة جامعة، او مهندسة ناحجة او طبيبة متميزة، غير انها تبقى غير مكتملة الاهلية في نظر المجتمع طالما انها لم تتزوج، وهو ايضا ما يجعلها خاضعة لقيود لا يمكن التخلص منها.
سادت في العقود الماضية قناعة عند النساء ان الاستقلال المالي يؤهلها لتكون عضوا فاعلا في المجتمع، لكن اتضح بعد الاحصاءات التي اجريت في السنوات القليلة الماضية ان ذلك لم يؤد الى تحقيق الهدف المنشود، لان منظومة اجتماعية متكاملة تحاصرها من كل حدب وصوب.
من الممكن ان تتحرر المرأة من هذا القيود اذا استطاعت ان تشكل قوة اجتماعية واعية بمعنى الخروج من المالوف الاجتماعي السائد وهو " ان المرأة مهما فعلت وعلت مرتبتها اخرها بيت الزوجية" فلا تسخر عملها من اجل شراء زوج، بل ان تعمل على اعادة تصويب القوانين التي تكبلها، وتحاول اعادة تصحيح المثل" " اكسرللبنت ضلع يطلع لها اربعة وعشرين" وجعله حرر المرأة من الجهل لتكسب اربعة وعشرين ضلعا ودماغا يربي اجيالا قادرة على نقل مصر من الدوران في حلقة الذكورية المفرغة، وتحمل الرجل المسؤولية الكاملة عن الانتاجية لتصبح المرأة شريكا كاملا ليس بالانتاج، اي بمعنى ان تصبح نسبة مشاركتها في القوى العاملة 50 في المئة، بل ايضا في التوعية الاجتماعية، اما بغير ذلك سيبقى المجتمع المصري يسير اعرجا ويصفق بيد واحدة، اما اذا بقي المجتمع يعمل بالمثل " اكسرللبنت ضلع يطلع لها اربعة وعشرين " سيجد نفسه يكسر رأسه بالتخلف.