الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شباب اليوم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بين القاهرة وتونس ذهابا وإيابا وبمقاعد طائرة «مصر للطيران» تسنى لى الأسبوع الماضى، أن أتكشف بعضا من ملامح العلاقات المصرية - التونسية مُصاهرة وسياحة، فقد كان جليسى ذهابا بالمقعد المجاور «مصرى» ينزل إلى تونس لأجل العودة بأسرته «زوجته التونسية وطفليه» وقد قضيا عطلة ربيعية عند جديهما، أما جليستى مغادرتى لتونس فكانتا «موظفتين تونسيتين» تنزلان برحلة سياحية بترتيب من شركة مصرية نظمت لهما برنامجا بين معالم القاهرة من زيارة للأهرام، وخان الخليلى، ومتاحف فرعونية وإسلامية وغير ذلك، ثم قضاء أسبوع بشرم الشيخ، وكنا تجاذبنا أطراف الحديث حول أرقام لا ننتبه لرصدها من سياحة عربية متبادلة نشطت مؤخرا، وقد جرى اعتيادا إعلان أرقام السواح الأجانب الذين ساهمت الأزمة المالية العالمية قبل المؤشر اللاحق، وهو متغير الثورات العربية، فى تراجع سياحتهم السابقة لدولنا، فهناك دول لم تحصل بها انتفاضة ولكن معدل السياح سجل تناقصا عن أرقام كان يسجلها قبل 2008، ولعل أزمتى اليونان وإسبانيا خير شاهد لأثر الأزمة العالمية.
رحلة العمل بتونس التى شاركتُ بها تقصدت منتدى دُعيت إليه بعنوان «رؤية الشباب لمستقبل ليبيا» إذ اجتمع خبراء وأكاديميون مع خمسين شابا وشابة من مختلف المدن والمكونات الليبية، منهم نشطاء مستقلين ومنهم منضوون بمنظمات مدنية، وكانت المحاور مرتكز المنتدى حول، «المصالحة الوطنية، وتقاسم الموارد والثروات، والشباب ودورهم فى نزع السلاح، والهوية الوطنية والدستور»، وقد ساد فى القاعة لأيام ثلاث مناقشات كسرت جليدًا وفتقت حوارات مُكاشفة وباحثة فى مسببات ما لها مرجعية تاريخية فرضها نظام سابق وأوجد لها مسوغات، منها تثبيت أركان سلطته أو نفوذه بزرع الفتنة أو تغليب طرف على آخر، ومنحه الحظوة والامتيازات، وجيلنا من شباب اليوم الذى يشكل ما يتجاوز 60% من سكان ليبيا، يحاول مقاربة قضايا وطنه ويشارك فى إيجاد حلول لها، بل يشعر أنه جزء من الأزمة كما وأنه طرف فى الحل، فالشباب شاركوا فى الثورة (17 فبراير 2011) وساعة فتح القذافى مخازن الأسلحة فى مواجهتهم امتشقوا السلاح دفاعا عن خياراتهم، لكن بعضهم استمسك به مبقيا نفسه فى حالة استنفار وثورة، فيما جنح بعضهم إلى العودة لمؤسسته التعليمية أو الوظيفية انحيازا للبدء بمشروع الدولة المدنية ما بعد الثورة.
وكنت فى مداخلتى التى انشغلت بالمصالحة الوطنية، وقد انخرط بعضهم ضمن لجان مصالحة ورأب صدع وصارحوا الحضور ببعض من العوائق التى واجهتهم، ومنها التحديات السياسية والأمنية كما وعدم احترام أحد الأطراف للتسويات والعهود المبرمة، وكنت دعوت إلى توثيق ذلك قانونا حتى تتحمل الأطراف الموقعة مسؤليتها وتكون تحت طائلة القضاء حين مخالفتها، كما أن مسار العدالة الانتقالية ينبغي الشروع فى تطبيقها من كشف للحقيقة ومحاسبة وإصلاح مؤسسى، وعفوا وجبرا للضرر، عدا الجرائم الجسيمة كجرائم الإرهاب فلا تصالح مع مرتكبيها، علما بأن مصالحات عدة عقدت ونجحت، ورأت أطراف أن فى مصلحتها إيقاف التقاتل حيث الكل خاسر بشرا وحجرا.
وما وجهتهُ ختاما فى ورقتى التى تناقشتها مع شباب اليوم أينما كانوا وما نحتاجه منهم ليكونوا مؤثرين فاعلين سلوكيا وتوعويا ومهنيا، هو صناعة الذات بالمثابرة والعمل، وإنماء قيم المنافسة الفعالة والإيجابية، والحد من الاتكال والتحجج بالظروف دون المواجهة وشحذ الهمة، فما يتاح لهم اليوم للمشاركة فى بناء أوطانهم لم يتح لجيلنا الذى عانى انغلاقا وهيمنة سلطوية أحادية الخطاب طوال أربعة عقود، وعلى المنظمات المدنية بمن فيها من جيل الخبرة والتجربة اجتذاب الشباب والعناية بتوعيتهم لأداء أدوارهم فى إطار إبراز شخصيتهم الفردية، بما تعمر به من شغف وروح مبادرة لنؤسس للقياديين منهم فى مناخ يشجع الحوار وتحمل المسئولية، فلا أهم من رأس المال البشرى لنضعه على رأس أجندة مستقبل يُسابقنا فيه العالم.
-----------------
اقتباس: ما يتاح لشباب اليوم للمشاركة فى بناء أوطانهم لم يتح لجيلنا الذى عانى انغلاقا وهيمنة سلطوية أحادية الخطاب طوال أربعة عقود، وعلى المنظمات المدنية بمن فيها من جيل الخبرة والتجربة اجتذاب الشباب والعناية بتوعيتهم لأداء أدوارهم.