الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

ترامب في "ورطة" بعد "عملية كابول"

ترامب
ترامب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم أن التفجيرات، أصبحت السمة السائدة في أفغانستان، إلا أن الهجوم الانتحاري الأخير، الذي استهدف مركزا لتسجيل الناخبين في العاصمة كابول، يعد الأخطر من نوعه، لأنه كشف أن تنظيم "داعش"، يخطط لعرقلة الانتخابات البرلمانية، المقررة بعد ثلاثة أشهر، بالتزامن مع تسريع الخطى لتفجير صراع مذهبي وطائفي أيضا.
فالهجوم، استهدف مركزًا حكوميًا لتسجيل الناخبين، وفي حي ذي أغلبية شيعية، أي أنه بعث برسالة تحذير مزدوجة لكل من حكومة الرئيس أشرف غني، والأقلية الشيعية، من أن الأسوأ ما زال في الطريق.
ويبدو أن الأوضاع الأمنية المتدهورة في كابول، تخدم "داعش" أيضًا في تنفيذ مخططه الجديد، إذ أنها لم تكن المرة الأولى، التي يستهدف فيها التنظيم، أماكن شيعية في العاصمة الأفغانية.
وجاءت الغارة الجوية، التي شنتها القوات الحكومية الأفغانية في 2 أبريل بولاية قندوز في شمال شرقي البلاد، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، معظمهم من الأطفال، لتزيد أيضا من التعاطف مع المتشددين، وتدعم فرص داعش في تجنيد المزيد من الأفغان الناقمين على أداء حكومة غني.
وكان الجيش الأفغاني أعلن أن الغارة استهدفت "مركز تدريب" لما يعرف باسم "الوحدة الحمراء"، أو "القوات الخاصة"، لدى حركة طالبان في ولاية قندوز، إلا أن مصادر محلية أكدت أنها أخطأت الهدف، وأصابت مدرسة لتحفيظ القرآن في بلدة داشتي أرتشي، التي تسيطر عليها طالبان، أثناء مراسم تخرج لطلاب صغار، ما أسفر عن مصرع نحو 100 شخص، بينهم عدد كبير من الأطفال، تتراوح أعمارهم بين 8 و17 عامًا، بالإضافة إلى إصابة حوالي 50 آخرين. 
وبالنظر إلى أن طالبان توعدت برد مزلزل على الغارة، فإن داعش سارع فيما يبدو، لخطف الأضواء منها، عبر ضرب مواقع حساسة مجددا في العاصمة كابول، للترويج، أنه من انتقم سريعا لأطفال قندوز، بالإضافة إلى محاولته تصدر المشهد، والفوز بزعامة الإرهابيين في أفغانستان، التي تتوفر فيها كافة المقومات، من وجهة نظره، لإقامة خلافته المزعومة بأراضيها، بعد سقوطها في العراق وسوريا.
ولعل الهجوم الانتحاري الأخير، يكشف أن داعش أصبحت له الغلبة في العاصمة الأفغانية على حساب طالبان، إذ تمكن من تنفيذ عدة تفجيرات دامية في أوقات متقاربة.
وكان الهجوم الانتحاري، الذي استهدف أمس الأحد مركزا لتسجيل الناخبين في حي "دشت برتشي" ذي الغالبية الشيعية في غرب كابول، أسفر عن 48 قتيلا، و112 جريحا، وبين القتلى، 21 امرأة، وخمسة أطفال، حسب المتحدث باسم وزارة الصحة الأفغانية وحيد مجروح.
ونقلت وكالة "فرانس برس" عن قائد شرطة كابول داوود أمين، قوله إن "الناس كانوا متجمعين عند مركز لتسجيل الناخبين على اللوائح الانتخابية، عندما وقع هجوم انتحاري عند مدخل المركز"، فيما أعلنت وكالة "أعماق" التابعة لداعش، مسئولية التنظيم عن الانفجار، وقالت:"عملية استشهادية بسترة ناسفة استهدفت مركزا انتخابيا بمنطقة دشت برتشي في كابول"، ولم تقدم المزيد من التفاصيل.
ومن جانبها، قالت حركة طالبان عن طريق الناطق باسمها ذبيح الله مجاهد، إنها لا علاقة لها بهذا الهجوم.
وحسب "فرانس برس"، فإن الأضرار جراء الهجوم كانت فادحة وتسببت بسقوط قطع حطام في دائرة واسعة، وانتشار الدماء والجثث على الأرض، وكذلك شوهدت آليتان متفحمتان، ومبنى من طابقين دمر جزئيا، فيما نقلت عن أحد الجرحى قوله في المستشفى، وهو يبكي:"لعن الله المهاجم. أين بناتي. لقد فقدت بناتي".
ويعتبر الهجوم أول اعتداء في كابول ضد مركز اللوائح الانتخابية للانتخابات التشريعية، التي ستجرى في 20 أكتوبر المقبل، منذ بداية عمليات التسجيل في 14 إبريل.
وهذه الانتخابات التشرعية، الأولى منذ 2010، والأولى منذ الانتخابات الرئاسية في 2014.
وقبل هجوم 22 إبريل، تبنى داعش أيضا التفجير الانتحاري، الذي وقع في 21 مارس الماضي قرب مزار "كارتي سخي" الشيعي، الواقع في منطقة يقطنها كثير من الشيعة في غرب كابول، أثناء احتفالات هذه المنطقة، بعيد النوروز، أو السنة الفارسية الجديدة، ما أسفر عن مقتل 32 شخصا، وإصابة عشرات آخرين.
والنوروز عيد فارسي قديم يؤذن بحلول فصل الربيع، ويحتفل به في مناطق كثيرة في أفغانستان، لكن بعض المسلمين يعارضونه، قائلين:"إنه ليس عيدا إسلاميا".
وفي 28 ديسمبر 2017، تبنى داعش هجوما انتحاريا بمركز ثقافي شيعي غربي كابول، ما أسفر عن سقوط حوالي 40 قتيلا، وجرح 30 آخرين.
وأظهرت، صور، نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي حينها، عشرات الجثث فى ساحة المركز، الذى يضم أيضًا مكتب وكالة صوت الأفغان للأنباء، المقربة من الشيعة. 
وفي 25 أغسطس 2017، أعلن داعش مسئوليته عن تفجير انتحاري، استهدف مسجدا للشيعة في منطقة خير خانة بالعاصمة كابول، ما أدى إلى مقتل 20 شخصا على الأقل، وجرح 40 آخرين.
ويبدو أن تصاعد وتيرة هجمات "داعش" يحرج بشدة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصة بعد إعلان السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي فى بداية يناير الماضي، أن الاستراتيجية الجديدة حول أفغانستان، تحقق المرجو منها.
وكان ترامب أعلن فى ٢١ أغسطس ٢٠١٧، عن استراتيجية جديدة بشأن أفغانستان، تراجع فيها عن تلميحاته خلال حملته الانتخابية، بسحب القوات الأمريكية المتبقية هناك.
وقال ترامب فى خطاب ألقاه حينها من قاعدة "فورت ماير" قرب واشنطن، إن موقفه الجديد يهدف إلى الحيلولة دون تحول أفغانستان إلى ملاذ آمن للمتشددين الإسلاميين المصممين على مهاجمة الولايات المتحدة، حسب تعبيره. 
ويبدو أن استراتيجية ترامب الجديدة حول أفغانستان، لم تأخذ فى الاعتبار، الدروس المستفادة من إخفاقات الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ولذا لم تسفر عن أي نتائج ملموسة على الأرض، بل إن الأوضاع هناك زادت سوءا.
ويبلغ عدد القوات الأمريكية فى أفغانستان حاليًا نحو ٨٤٠٠ جندى، وكان قبل ٢٠١١ يبلغ حوالى ١٠٠ ألف جندى، وانتهت العمليات العسكرية القتالية، التي قادتها واشنطن وحلف الناتو ضد طالبان رسميًا فى ٢٠١٤، بعد إنشاء الجيش الأفغاني.
وتنحصر مهمة الجنود الأمريكيين المتبقين- حسبما هو معلن- فى تدريب القوات الأفغانية، وتقديم المشورة لها، وبقى كذلك خمسة آلاف جندى من حلف الناتو للمهمة ذاتها.
ورغم وجود أمريكا والناتو فى أفغانستان منذ ٢٠٠١، لكن بعد ١٧ عامًا من تدخلهما العسكري للقضاء على حركة طالبان وتنظيم القاعدة، لم يطرأ أي تحسن على الوضع الأمني هناك، بل ازداد المشهد قتامة، خاصة بعد ظهور تنظيم داعش هناك أيضًا.
ويبدو أن الأخطاء التي ارتكبتها أمريكا، زادت من الإرهاب فى أفغانستان، ولم تحد منه، إذ شاب القصور استراتيجيات واشنطن المتتالية، التي ركزت على النواحي العسكرية، وأهملت التنمية، ما زاد الفقر والبطالة فى أفغانستان، وهو ما شكل فرصة كبيرة للجماعات المتشددة لاستقطاب شريحة كبيرة من الشباب الغاضب.