الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

شكسبير.. أكون أو لا أكون

 شكسبير
شكسبير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تعد جملة "أكون أو لا أكون" مجرد مونولوج عابر أجراه الكاتب والشاعر البريطاني ويليام شكسبير، على لسان شخصيته المسرحية الخالدة "هاملت"، وإنما كانت بمثابة انعطافة جديدة في تاريخ المسرح، بل كانت دافعة لذيوع المسرح نفسه.
فلم تجسَّد شخصية على خشبة المسرح بقدر ما جُسِّدت شخصية هاملت، كما أن مونولوج ذلك الأمير الدنماركي لم يعبِّر عن حالة إنسانية عابرة، أو شعور آني لحظي، وإنما بدا وكأنه يصوَّر أزمة الإنسان في كل زمان، وكل عصر.
لم يعبِّر شكسبير بمونولوج هاملت عن حيرته بين خيار الانتقام لوالده من عمه الذي أقدم على قتله، وخيار الانتحار والانسحاب، وإنما ذهب إلى أبعد من ذلك، فقد ربط بين الاختيار والكينونة، وكأنه يقول على لسان بطله: أن تختار يعني أن تكون. أن تختار يعني أن توجد.
صوَّرت أعمال شكسبير الأُخرى الأحوال الثقافية والاجتماعية والسياسية في العصر الإليزابيثي، والوعي بهذه الظروف يساعد القارئ على فهمٍ أفضل لتلك المسرحيات والأشعار. فعلى سبيل المثال، اعتقد معظم الناس في العصر الإليزابيثي بالأشباح والساحرات والسحرة، وليس ثمة دليل على أن شكسبير قد آمن بمثل هذه المعتقدات بالرغم من أنه استخدمها بصورة فعّالة في أعماله. فتقوم الأشباح بدور مهم في مسرحيات هاملت، يوليوس قيصر، ريتشارد الثالث، ماكبث. وينفرد الساحر بروسبيرو بدور البطل في مسرحية العاصفة.
كما سعى شكسبير لدى كتابة مسرحياته إلى أن تتناسب وقدرات نوع خاص من الممثلين، وذوق جمهور محدد، كما أخذ بعين الاعتبار أيضًا بناء دور العرض التي كانت تقدم عليها مسرحياته. 
ولجأ إلى العديد من الخدع المسرحية التي شاعت في عصره، لكنها قلما تستخدم اليوم. ويمكن لرواد المسرح والقراء المحدثين الاستمتاع بمسرحيات شكسبير بشكل أكبر، إذا ما توافر لهم الإلمام بالمؤثرات المسرحية التي أسهمت في صياغة هذه الأعمال.
وعكست أعمال شكسبير أيضًا التحول من التفاؤل إلى التشاؤم الذي انتاب المجتمع الإنجليزي في العصر الإليزابيثي، إذ تزخر بواكير أعماله المسرحية بحيوية ومرح غامرين مقارنةً بكتاباته اللاحقة.
فمنذ مطلع القرن السابع عشر الميلادي اتسمت أعمال شكسببير بالارتباك والاكتئاب والقسوة، وما شابه ذلك من المشاعر الاجتماعية التي سادت إبّان تلك المرحلة.
من أبرز أعماله: "الملك لير"، و"عطيل"، و"ماكبث"، و"ترويض النمرة". وتوفي شكسبير في مثل هذا اليوم 23 أبريل من عام 1616، وما زال قبره إلى اليوم مزارًا للكثير من القرّاء والمعجبين بفنّه.