السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

مصر أنتجت أول فيلم عربي عن "المسيح" عام 1938

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«آلام» ميل جيبسون الأكثر إثارة للجدل.. وعشرات الأفلام تناولت حياة أشهر الشخصيات المسيحية
السينمات المصرية تعرض فيلما عن قصة «بولس الرسول» يقدم تصورا حداثيا عن معجزات الرب
يلعب الفن دورا مهما وبارزا فى تشكيل وتكوين وجدان متلقيه، ويعد من أسهل وأمتع السبل لغرس فكرة داخل المتلقى، وقيل عنه سابقا: «إنه عمليّة مُحاكاة أو تقليد لشيء مُحدّد بحيث يكون جميلًا ومُفيدًا»، ومن هذا المنطلق كان للسينما الدينية، والمسيحية على وجهة الخصوص، دور كبير فى محاكاة العصور الأهم لها، والشخصيات الأبرز بها، وعلى رأسهم السيد المسيح، الذى ظهر فيما يقرب من 390 فيلما.
وتعد السينما المصرية أول سينما عربية تقوم بإنتاج فيلم عن «آلام المسيح»، أنتجته شركة مصرية فى عام 1938، وقام فيه بدور السيد المسيح الممثل المصرى أحمد علام، وشاركته الفنانة عزيزة حلمى البطولة، ولعبت دور السيدة العذراء مريم، وقد قام بمراجعة الفيلم الأديب طه حسين، كما وافقت عليه الكنيسة وقتها لالتزامه بالنص حرفيا كما جاء بالكتاب المقدس، ومن بعد ذلك لم تقدم السينما المصرية إنتاجا مماثلا لهذا العمل.
ويعرض الآن فيلم أمريكى داخل دور العرض المصرية، يسرد قصة بولس الرسول، وهو فى السجن وتدوين لوقا الطبيب للحياة والتعاليم التى كان يتلوها بولس لكتابتها وإرسالها إلى الكنيسة الأولى وشعبها، للتمسك بالإيمان المسيحى، وترسيخ القيم التى كان يعلم وينادى بها السيد المسيح. 
الفيلم يعرض الجانب الإيجابى للكنيسة الأولى والجانب السلبى لها، ويتحدث أيضا عن نظرة جديدة لقصة بولس الرسول، وينير بعض النقاط ومنها تمسك بولس ولوقا بالسلام، رغم ما تعرضا له من اضطهاد، كما يعرض الفيلم قراءة لاهوتية جديدة للكنيسة الأولى، أيضا يعرض مدى الآلام والاضطهاد التى كانت تواجه المسيحيين، لدرجة الحرق والقتل وقطع الرقبة وطرق تعذيب مختلفة. 
وأوضح العمل الفنى رفض بولس الرسول لإجراء معجزة لبنت قائد السجن، ونصحه بأن لوقا الطبيب المسجون من أمهر الأطباء وهو أفضل شخص يمكن عرض البنت المريضة عليه، فيجرى لوقا عملية لابنه قائد السجن ويطلب منه أن يحضر الدواء من أكلا وبرسيكلا (فى الكنيسة الأولى) علما بأنه كان بمقدرة الأول إجراء معجزة، ولكن كاتب الفيلم أراد أن يوصل للمشاهد أن العملية تكاد تكون مثلها مثل المعجزة الإلهية، وأظهر رفض بولس ولوقا الطبيب وأكلا وبريسكلا استخدام العنف للرد على الاضطهاد، رغم استخدام عدد من أعضاء الكنيسة الأولى للعنف كنوع من العدل، ولأمور لاهوتية أخرى.
كما خرج لنا مؤخرا أيضا فيلم «أوغسطينوس ابن دموعها» من إخراج الدكتور سمير سيف، وبطولة عائشة بن أحمد، أحمد أمين بن سعد، عماد بن سمى، بهية الراشدى، نجلاء بن عبدالله، على بن نور، وسيناريو وحوار سامح سامى، وموسيقى سليم داده، وديكور توفيق الباهى، وأشرف على الإنتاج المستشار التنفيذى المصرى يوسف منصور، ويسدل الفيلم الستار على هوية أوغسطينوس الشمال أفريقية، ويكشف عن حقائق وأسرار تاريخية لهذه الشخصية، ورغم كل الأموال التى صرفت عليه فإنه لا يلقى رواجا فى دور العرض السينمائية المصرية، بينما يعرض الآن فى عدد كبير من الدول، وهو حائز على جائزة الإنجاز الفنى من مهرجان الإسكندرية السينمائى لدول حوض البحر الأبيض المتوسط فى دورته 33.
وأبدى أعضاء إدارة المهرجان والنقاد إشادتهم بالفيلم أثناء عرضه ضمن فعاليات المهرجان، كما حاز على جائزة الجمهور لأحسن فيلم بمهرجان وهران السينمائى بالجزائر، ولقى استحسان الجمهور والنقاد أثناء عرضه على هامش مهرجان قرطاج بتونس، وأشاد الفنان عادل إمام بالفيلم ومخرجه سمير سيف، وتم عرض الفيلم فى عروض أولية فى اليونسكو بباريس والفاتيكان والفلبين والجزائر.
أما الفيلم الأشهر فى هذا الإطار، «آلام المسيح» لمخرجه ميل جيبسون، فكان الفيلم الأول من نوعه الذى يثير جدلا، رغم نقله الصورة المعتمدة كنسيا عن المسيح وآلامه، وقد واجه عاصفة من الانتقادات والتى تخطت بعد ذلك لتصل إلى عالم السياسة، حيث اتهم الفيلم بمعاداته للسامية.
وإذا كان تاريخ السينما يحفظ لنا أن المنظمات اليهودية ثارت على المخرج الأمريكى ديفيد جريفيث؛ لأن فيلمه الذى تناول أشهر جرائم التعصب فى التاريخ ضم مشهدا يصور المسيح وهو يُدقّ بالمسامير فى الصليب على أيدى اليهود، إلا أن فيلم جريفث كان أقرب للتسجيلية.
وفى الفترة من 1879 حتى 1907 تم إنتاج نحو 17 فيلما إيطاليا وأمريكيا وإنجليزيا وفرنسيا حول حياة السيد المسيح، ولعل من أول هذه الأفلام فيلم «حياة وآلام السيد المسيح» عام 1897، من إخراج الأخوين لوميير والذى حقق نجاحا عظيما فى تلك الفترة. 
ومن أفلام تلك الفترة أيضا فيلم «المسيح على الصلب» من إخراج لوى فيواد، وفيلم «المسيح يمشى على الماء» من إخراج المخرج الفرنسى الشهير جورج ميليه عام 1900، الذى استخدم فيه للمرة الأولى فى السينما أسلوب الخدع السينمائية، الذى اشتهر به ميليه فيما بعد، والمعروف باسم الطباعة المزدوجة، حيث يتم طبع صورتين من الفيلم فوق بعضهما فى المعمل، وفيلم «حياة وموت السيد المسيح» الذى عرض فى عام 1904، من إخراج الفرنسى فرانك زاكا.
كان أول الأفلام ذات الإنتاج الكبير التى تروى حياة المسيح وتم تصوير أحداثها فى كل من مصر وفلسطين فيلم «من المهد حتى الصليب» فى عام 1912، من إخراج الأمريكى سيدنى أولكرت وقد تم تصوير المشاهد التى استلهمت مناظرها من الصور الشعبية السائدة عن قصص الإنجيل ولوحات مايكل أنجلو وعصر النهضة الإيطالى وقام مدير التصوير الفرنسى الشهير «تيسو» بتنفيذ تلك اللوحات السينمائية بالأبيض والأسود، وقام بدور السيد المسيح الممثل روبرت هندرسون بلاند.
ووافق البابا بولس السادس حين وافق على تصوير «يسوع الناصري» للمخرج فرانكو زيفيريللى وأعلن مباركته لهذا الفيلم وعرض فى مصر فى سينما واحدة لمدة أيام‏ قليلة تم رفعه بعدها، كما أن الكنيسة رأت ضرورة ملحة حين ظهرت أفلام أثارت غضب رجال دين مسيحيين كثيرين وأدانتها الكنيسة فى الوقت نفسه مثل فيلم «الرداء» لهنرى كوستر أو فيلم «بين هور» بنسختيه.
وكانت هناك أيضا اعتراضات كثيرة على أعمال رأتها الكنيسة تركز على ضخامة الإنتاج والإيرادات من دون أن تضع فى اعتبارها أى قيم روحية مثل «ملك الملوك الناطق» الذى أخرجه هذه المرة لنيكولاس راى، عام 1961، وكانت أبرز الانتقادات التى تم توجيهها لهذا الفيلم هى أنه قدم المسيح على أنه أشقر أزرق العينين، وتم عرض الفيلم بالقاهرة فى منتصف الستينيات وأحدث جدلا هائلا أدى إلى سحبه من دور العرض بعد أقل من أسبوعين. 
ومن هذه الأفلام «أكبر قصة لم تخبر بعد» لجورج ستين عام 1965 و«يسوع المسيح سوبر ستار» لنورمان جويزون عام 1973، الذى أخرجه عن المسرحية الغنائية التى حملت الاسم نفسه، وظلت تعرض على مسارح لندن وبرودواى لأكثر من 12 عاما متصلة.
وقد أثار فيلم «المسيح» الذى تم إنتاجه عام 1976، للمخرج روبيرتو روسولينى جدلا واسعا ليس لكون الفيلم يتناول شخصية المسيح، ولكن بسبب ديانة المخرج حيث يحمل الديانة اليهودية، فقد كان معروفا أن روسولينى يهودى ملحد، وهو الأمر الذى أثار حفيظة المتدينين المسيحيين واليهود على حد سواء، خاصة أنه أظهر المسيح فى صورة وصفها البعض بالصورة الباهته غير القادر على قيادة تلاميذه.
كما تسبب فيلم «الإغواء الأخير للمسيح» فى حالة من الغضب العارم لدى بعض الجماعات المسيحية حيث صور فيها المسيح فى صورة الإنسان الضعيف أمام شهوات الجسد، ووقت عرض الفيلم قامت الجماعات المسيحية بالاعتداء على عدد من دور العرض، وأقيمت دعاوى قضائية عديدة ضد الفيلم ومخرجه فى كثير من الدول بينها بريطانيا التى لم تجز عن عرض الفيلم بنسخته الكاملة إلا بعد فترة طويلة نسبيا «نظرا للنوايا الطيبة والمخلصة لصاحبه»، والفيلم الذى أخرجه مارتن سكورسيزى عام 1988 عن رواية لكزانتزاكس.
ومن الأفلام التى جسدت الأنبياء، فيلم «نوح والطوفان» الذى بلغت تكلفته 125 مليون دولار، والذى يسلط الضوء على حادثة «الطوفان» وإنقاذ البشرية من الفناء، ويؤدى دور البطولة فى الفيلم النجم العالمى راسل كرو، إلى جانب نجوم آخرين، من بينهم إيما واتسون وجينيفر كونولى ولوجان ليرمان وآنتونى هوبكينز، وهو من إخراج دارين أرونوفسكى.
وبذل المخرج وفريق العمل جهودا كبيرة لتوفير جميع أنواع الحيوانات، التى اضطر النبى نوح إلى حملها على متن سفينته للحفاظ على أنواعها من الفناء، بحسب الرواية الدينية المعروفة.
وتم تصوير «نوح» فى آيسلندا ونيويورك، واستخدم «أرونوفسكى» أحدث برامج المونتاج والجرافيك لإظهار الطوفان كما تخيلته عقول البشرية عبر آلاف السنين.
ويدور الفيلم حول قصة النبى نوح وسفينته من زاوية خطايا الإنسان التى أضرت البشرية، قبل أن يأمر الله نبيه ببناء سفينة لإنقاذ الخلق من الفيضان.
ورغم اعتراضات الجهات الفنية والدينية على الأفلام التى تجسد شخصيات الأنبياء، تم إنتاج العديد من الأفلام التى قدمت شخصية السيد المسيح، والتى قال عنها بعض الفنيين إنها تعد مادة خصبة لأى مبدع وفنان، وهو ما دفع عددًا كبيرًا من الفنانين لتقديم أفلام بوجهات نظر جديدة ومختلفة.