الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الدكتور أحمد كامل راوي يكتب: إسرائيل تغذي أطفالها بمفاهيم الاضطهاد من خلال الأدب الموجه

د. أحمد كامل راوي
د. أحمد كامل راوي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هناك حقائق كثيرة لا يعلمها العرب عن تكوين الطفل الإسرائيلي الذى يتم إرضاعه من الصغر بمناهج وفكر الكراهية منذ نعومة أظافره لتترسخ فى عقله ووجدانه ثم يتم بث حقده وكراهيته ضد العرب فيقتلهم بدم بارد ويغتصب ارضهم وحقهم فهو وفقا لما تم زرعه فى وجدانه هو حقوق مكتسبة وليس ظلم او اغتصاب للحقوق.
يعتبر الأدب المكتوب للطفل لدى كافة الشعوب وسيلة مهمة من وسائل تكوين العقيدة والفكر فى نفوس الأطفال والنشئ، كما أنه يعد وسيلة مهمة للوصول إلى بعض الأغراض القومية والأخلاقية والثقافية، حيث يكون الطفل فى تلك المرحلة العمرية بمثابة تربة خصبة يمكن أن يغرس بها القيم والأفكار ويكون على استعداد لتقبل الأفكار واستيعابها ويلعب الأدب دورا مهما فى هذا الاتجاه فيسهم فى بث القيم والأفكار والمبادئ المرغوب زرعها فى الطفل. ويعد الأدب الموجه للنشئ أحد أسلحة الصهيونية المهمة التى من خلالها تبث أفكارها ومعتقداتها ومبادئها، فالأدب المكتوب خصيصا للنشئ الإسرائيلى واليهودى هو وسيلة مهمة لتحقيق أهداف رأى زعماء الصهيونية وإسرائيل أنها ضرورية ومهمة ومن خلالها يمكن تشكيل النشئ وتوجيهه.
بدأت الإرهاصات الأولى لأدب الطفل العبرى حسب قول نقاد الأدب فى مرحلة التنوير (التى تسمى بالهسكالاه). وكان هدف الانتاج العبرى المقدم للطفل هو إكسابه القيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية ويمكن أن نعتبره فى هذه المرحلة أدبا تعليميا تثقيفيا وأخلاقيا. تأثر أدب الأطفال بقصص العهد القديم الذى كان يعتبر حينذاك المصدر الرئيسى الذى استقى منه أدباء الأطفال الأوائل مادتهم
أما فى مرحلة الإحياء الصهيونى فقد هدف الإنتاج الإدبى فى هذه المرحلة إلى إحياء اللغة باعتبارها لغة قومية وجعلها لغة حديث وتثبت مفهوم الشعب الواحد والوطن القومى الواحد. ولعبت جمعية أحباء صهيون والمنظمة السرية التى عرفت باسم أبناء موشيه دورا مهما وبتشجيعهما تم إصدار العديد من قصص الأطفال وبدأ توزيعها على الأطفال والشباب اليهودى فى شتى أنحاء العالم. وقد صدرت الكثير من الكتب للأطفال تلبية لاحتياجات الدعاية الصهيونية فى تلك المرحلة التى تنادى باستيطان اليهود لفلسطين وإقامة دولة لليهود بالإضافة إلى إحياء اللغة العبرية أكثر من كونها قصص للأطفال. 
وتلتها المرحلة الفلسطينية حيث شهدت فلسطين مجموعة من الهجرات اليهودية انتقل معها مركز الأدب العبرى من أوربا إلى فلسطين لتصبح هى المركز الأدبى العبرى حيث حملت الهجرات مجموعة كبيرة من الأدباء وانتقال دور النشر مع هؤلاء الأدباء. وتطور أدب الطفل العبرى فى فلسطين عقب الهجرات اليهودية المتتالية وحدث ازدهار وصل إلى مرحلة متطورة. وتحول أدب الطفل إلى أدب صيوني مفعم بالقيم القومية. وتقول الناقدة ليئة حوفاف إن الهدف الأساسى الذى برز عند معطم الأدباء الذين كتبوا فى فلسطين هو هدف تعليمى قومى فكان أدب الطفل وسيلة لتحقيق أهداف رأوها ضرورية مثل: الإخلاص، وحب الوطن والأرض، وتعضيد الميل نحو الفخر بالقومية والحرص على أن تكون الايديولوجية الصهيونية محور تربية الأطفال.ويقول الناقد مناحم ريجف: إن أدب الأطفال العبرى مجند لخدمة أهداف الايديولوجية الصهيونية ومبادئها بصفة خاصة. وساهمت الصحف والمجلات التى ظهرت فى تطور أدب الطفل وإثراءه
ومع قيام إسرائيل ظهر جيل من الأدباء موضوع كتابتهم هو الدولة الجديدة والحياة بها، والحرب ضد العرب فظهرت سلسلة قصص ومغامرات حسمبا للأديب الإسرائيلى يجأل موسينزون. ولاتزال حتى اليوم تعتبرا نموذجا لأدب الأطفال ومصدرا يستقى منها قصص للأطفال حتى اليوم. والتى أظهرت الطفل الإسرائيلى بصورة البطل السوبرمان الخارق الذى يستطيع أن يقهر كل شىء أمامه. وضمت السلسلة صراع عنصرى ضد الشخصية العربية. ورغم أن أدب الطفل له معايير أخلاقية إلا أن الأدب المكتوب للطفل الإسرائيلى لم يكتب لمعايير فنية أو أدبية أو أخلاقية أو إنسانية، أنما يكتب وفق أيديولوجية معينة يريد واضعوها تغذية الأطفال بها لخلق مواطن صهيونى مشبع بمفاهيم عنصرية معينة.
ومنذ أن أقام الصهاينة دولتهم على أرض فلسطين يعد أدب الطفل احد فروع النتاج الأدبى النشط والمثمر فى إسرائيل. وانعكس هذا فى النتاج الأدبى الغزير حيث إن الاحصائيات تشير إلى صدور كتاب يوميا على الأقل للأطفال وكتاب للصبية الشباب. كما يوجد فى إسرائيل أكثر من 50 دار نشر تنشر كتب للأطفال كما توجد مكتبات خاصة بكتب الطفل. وهى كل يوم فى ازدياد وانتشار. 
واحتوى أدب الأطفال على أنماط مختلفة وركز على بعض الجوانب التى لها صلة بالأيديولوجية الصهيونية ومنها:
ـ الجانب التاريخي والتراثي: اهتم أدب الأطفال العبرى اهتماما بالغا بالقضايا التاريخية التى تربط الأطفال بتاريخهم المزعوم وتراثهم المزيف حتى لاتذوب الشخصية اليهودية وتطمس معالمها، كما تنمى احساس الطفل بالتاريخ وتزيد من وعيه بالماضى. 
ـ الجانب القومي: يعمل أدب الأطفال على تنشئة الأطفال تنشئة سياسية بهدف تنمية روح الانتماء للوطن. ويزخر بالأعمال التى تتحدث عن الشخصيات القومية التى ساهمت فى بناء الدولة مثل دافيد بن جوريون وحاييم فايتسمان، كما يتحدث الأدب عن زعماء إسرائيل فى حرب يونيو 1967 مثل ليفى أشكول ويتسحاق رابين وموشية ديان
ـــ الجانب الديني: سعى أدب الطفل إلى تنمية الوعى الدينى لدى الأطفال ويسعى إلى تحويل القيم الروحية اليهودية فى إطار المفاهيم الصهيونية إلى قيم تعصبية سياسية وعسكرية.
ـ النواحى الثقافي: اهتم أدب الأطفال العبرى بتقديم النمط الثقافى للأطفال لكن بحيث تكون هذه المعلومات فى إطار الجماعة اليهودية وما يتصل بها من علاقات سواء فى إسرائيل أو فى خارجها ولا يتعرض للحديث عن باقى المجتمعات إلا من منظور أنهم أغيار.
ـ الجانب العقلي والعلمي: يولى أدب الأطفال فى إسرائيل اهتماما بالغا بقصص الرأى والحيلة ويتفق هذا اللون من القصص مع التقدم المعاصر فى مجلات العلم والتكنولوجيا. ويزخر أدب الطفل بهذه الأنواع من القصص ويدخل فيها قصص الخيال العلمى التى تعمل على تنمية خيال الطفل وفتح آفاق رحبة تثرى تفكيره. 
ومن أبرز الأهداف التى يؤكد عليها أدب الطفل العبرى
ـ الدعوة للهجرة إلى فلسطين: يهتم أدب الطفل بقضايا حيوية تعد من الوسائل الرئيسية لتحقيق الحلم مثل الدعوة إلى هجرة يهود العالم إلى فلسطين واحتلال الأرض 
ــ ترسيخ الوعى الدينى اليهودى: يسعى أدب الطفل العبرى إلى ترسيخ الوعى الدبنى اليهودى فى وجدان الأطفال اليهود فى إسرائيل.وعلى ضوء هذا فالتوراة بصفة عامة هى منهج الحياة، ورأى الصهاينة أن للتوراة أهمية كبيرة فهى روح القومية واستقى الصهاينة من التوراة روح الحرب والقتال ولقنوا الأطفال كل ما يحض على الحرب والتوسع والاحتلال واستخدام العنف من خلال التوراة. واهتم أدباء الأطفال بالقصص ذات البعد الدينى 
ـ التركيز على الحق الدينى والتاريخى لليهود فى فلسطين: يسعى الأدب العبرى للطفل إلى تثبيت الوعى القومى عند الأطفال بأحقيتهم فى فلسطين على أنها إرث لهم من قديم الزمان وأنها أرضهم التاريخية والدينية ذلك بهدف تنمية مشاعرهم واحساسهم بأهمية تلك الأرض. فهى أرض الميعاد والأرض المختارة. ويحتوى الأدب الموجه للأطفال على العديد من القصص التى تشير إلى حق اليهود فى فلسطين. ويثبت فيهم حب الوطن والشعور بالانتماء والولاء.
ـ تنمية الشعور بالتضامن اليهودى والمصير المشترك: سعى أدب الطفل إلى تنمية الوعى القومى بالتضامن اليهودى والمصير المشترك فى وجدان الأطفال انطلاقا من مقولة الشعب اليهودى الواحد تلك المقولة التى قامت عليها الأيديولوجية الصهيونية بمعنى أن اليهود فى شتى أنحاء العالم يشكلون أمة واحدة تشترك فى مصير واحد وتتطلع لدولة واحدة.وسعى الأدب المقدم للأطفال لترسيخ هذه المقولات وإظهار الود والصداقة بين اليهود من خلال مفهوم شعب واحد.
ــ تمجيد البطولة اليهودية عبر التاريخ: تحتوى الأيدبولوجية الصهيونية على اتجاه يمجد البطولة الى درجة العبادة حيث رأى الصهاينة أن اليهود عاشوا فى جو محاصر بالأعداء على امتداد التاريخ الإنسانى كله وأنهم كانوا جماعة مستهدفة للاضطهاد من قبل النازيين وتجسد أعداء اليهود فى فترة الاستيطان العرب القلسطين ثم الانتداب البريطانى ثم الفلسطينيين
ومن هنا كان لابد وأن يكون اليهودى فى فلسطين وبصفة خاصة الطفل مسلحا بنوازع الاحساس بالتفوق البطولى على كل هؤلاء الأعداء، لذلك يحرص الأدب العبرى الموجه للأطفال على رسم صورة التفوق اليهودى بشكل اسطورى فريد من نوعه ورسم الشخصية اليهودية بأنها أذكى عقليا واقوى بدنيا من أى شخصية أخرى وهو ما تردده العقلية الإسرائيلية ويتفق مع الأيديولوجية التى ترى اليهودى شخصا متميزا.
ـ التركيز على مقولة المعاناة اليهودية عبر العصور: يسعى أدب الأطفال العبرى الموجه إلى ابراز اتجاه هام جدا من الاتجاهات الأيديولوجية الصهيونية وهو أبدية الاضطهاد اليهودى، حيث روجت الصهيونية لفكرة تعرض اليهود للاضطهاد والتنكيل على مر التاريخ وفى شتى بقاع الأرض. وهنا نجد أن الهدف هو شعور اليهودى بالخطر الدائم واشباع نفسيتهم بالحاجة إلى الانتقام حتى من الشعب الفلسطينى الضحية. 
ـ التركيز على أحداث النازية:يعد موضوع أحداث النازية والمسمى لدى اليهود ب"النكبة النازية" من أهم الموضوعات التى اهتم بها أدباء العبرية وخاصة من وجهوا كتابتهم للنشئ. ولا تتوقف محاولات اليهود الدؤوبة لابرازه واستغلاله على كافة الأصعدة رغم مرور وقت طويل عليه. وتحظى الأعمال التى تكتب حول هذا الموضوع بقبول كبير عند القراء والنقاد وتحصد الكثير من الجوائز المهمة. وتحرص إسرائيل على أن تغرس فى عقول وقلوب النشئ الإسرائيلى منذ سن مبكرة أحداث النازية. فى إسرائيل يعتبرون أن أحداث النازية تعد أهم وأكبر حدث تاريخى مؤثر فى حياتهم.
ـ التركيز على تشويه صورة العرب: يحرص أدب الطفل على تشويه صورة العرب وهو محور رئيسى من محاور الأدب الأطفال. كما تشغل القصص التى تتحدث عن البطولة فى مواجهة العرب حيزا كبيرا على خريطة الأدب العبرى للأطفال من أجل تنمية احساس بالتفوق والتمايز.