الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

القمص ميخائيل إدوارد يكتب: الصبر والضجر

القمص ميخائيل إدوارد
القمص ميخائيل إدوارد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فضيلة الصبر من الفضائل المهمة جدًا فى حياة الإنسان، فنحن نحتاج الصبر فى كل شيء، فى حياتنا الروحية وحياتنا العملية، فى علاقتنا مع الله، وعلاقتنا مع الناس فى علاقتنا مع الله، يجب أن نصبر ونتأني، لكى نعرف إرادة الله فى حياتنا وما هى مشيئته الكاملة، ولعل من أهم الأمثلة المعروفة للجميع، والتى يعترف بها الكل. قصة أيوب الصديق وفضيلة الصبر فى علاقته مع الله. كان أيوب البار والصديق رجلًا بارًا ومستقيمًا، يتقى الله ويحيد عن الشر، وقد سمح الله للشيطان أن يجربه، لكن إلى نفسه لا يمد يده فجربه فى أمور كثيرة، ففى ساعات فقد كل ثروته وأبنائه السبعة وبناته الثلاث، ثم فقد صحته وقوته وأصدقاءه، حتى زوجته تحول عطفها وحبها إلى كره له وقسوة عليه، ولكنه احتمل كل هذا بالصبر والتسليم المطلق لله، فعوضه الله بأضعاف عن كل ما فقده كل هذا نتيجة تحليه بفضيلة الصبر، وكثير من الناس من مختلف الأديان حينما يقعون فى تجارب متنوعة يقولون «يا صبر أيوب»، أما عن فضيلة الصبر وضروراتها فى علاقاتنا مع الآخرين كلنا نحتاج فضيلة الصبر فى علاقتنا مع بَعضُنَا البعض، فى داخل المنزل بين الزوج وزوجته. وبينهما وبين أولادهما وبين الإخوه والأخوات نحتاج إلى فضيلة الصبر فى المجتمع، سواء كان فى الدراسة أو فى مكان العمل ونحتاج إلى فضيلة الصبر فى علاقتنا مع الدول الأخرى فى العالم أجمع، ومن خلال هذه الفضيلة العظيمة نتجنب كثيرًا من المشاكل، والصراعات، والخلافات، التى قد تسبب طلاقًا فى الأسرة، وفشلًا فى الدراسة والعمل وحروبًا بين الشعوب. 
وهناك العديد من الأمثلة المصرية الشعبية عن الصبر منها «الصبر طيب» بفرض الرضا، ولكن لمن يرضى به، فلكى يتمتع الإنسان بفائدة الصبر يجب أن يصبر، مثل آخر «صبرى على نفسى ولا صبر الناس علي»، أى أن أصبر مثلًا على شظف العيش وأدبر أمورى بنفسى بقدر ما أستطيع، خير من أن أستدين وأجعل الناس يصبرون على مماطلتى فى السداد». 
ومثل ثالث «طول البال تبلغ الأمل»، أى إذا لم يبلغ الإنسان أمله اليوم فإنه سيبلغه فى وقت آخر بالصبر، وأخيرًا كلنا نعرف هذا المثل «شدة وتزول» يضرب فى الشدائد، فإن صبرنا انتصرنا وزالت الشدة. 
وأختم بقول العالم ألبرت أينشتاين «أفكر وأفكر لشهور وسنين، وبعد تسعة وتسعين محاولة أصل إلى نتيجة خاطئة، وفى المرة المائة أصل إلى النتيجة الصحيحة».
ثانيًا: رذيلة الضجر، وهى رذيلة وخطية أيضًا، تجعلنا معرضين للهزيمة، وتفقدنا القدرة على مواجهة المصاعب، والإنسان الذى يفقد قدرته على مواجهة المصاعب يسقط فى متاعب كثيرة، منها الحزن والتعاسة، ويفقد الهدوء والشعور بالطمأنينة والأمان، إن شر خطية الضجر يكمن فى عدم الوثوق بالله، ومحبته والإيقان بأنه معنا فى كل حين، وهذا يدفعنا حتمًا إلى الضجر، وعدم الصبر والاحتمال، وكل ذلك هو من حروب الشياطين للإنسان لإبعاده عن الله وعن الحياة معه، فيفقد سلامه الداخلى، ويعيش فى حالة من الضجر والتذمر، والإنسان الذى يعانى من رذيلة الضجر يقع أيضًا فى خطية القلق قد يصاب بالاندفاع والتسرع ويأخذ قرارات خاطئة، يترتب عليها آثار سيئة. 
فالإنسان الذى يحيا فى الضجر يريد أن يحصل على كل شيء فى أسرع وقت، وعندما يحصل على الشيء الذى يريده، فإنه يضيعه بسرعة ويبدأ فى الضجر من جديد لعدم وجوده، وهكذا أنه يطبق المثل القائل: «عصفور فى اليد أفضل من عشرة على الشجرة». 
أيضًا الإنسان الذى يحيا فى رذيلة الضجر هو إنسان يشعر أنه أفضل من غيره، لذلك نقول إن الإنسان الذى يحيا فى الضجر، هو إنسان متذمر وطماع وحسود، وهو كثير الكلام وكثير الشكوي، لا يعجبه أحد ولا يعجبه شيء، هو إنسان يسيء إلى الآخرين دون أن يدرى وإذا راجعه أحد، يسيء إليه أكثر، ويشعر أن هذا الشخص لا يقدره، ولا يعرف قيمته، ولا يدرك إمكانياته أو جنسه أو نسبه. 
إنه إنسان مغرور يعيش فى كبرياء وخيلاء، ومتناسيًا أنه مخلوق ضعيف وأنه: «تراب وإلى التراب يعود». وأختم بهذا الاقتباس «الصبر هو الزاد والقوة والعتاد، يحتاجه المريض فى شكواه، والمبتلى فى بلواه، والداعية إلى الله فى دعوته، والمرأة فى بيتها، والأب فى أسرته، والمعلم فى مدرسته، والطالب فى دراسته، والموظف فى إدارته، والتاجر فى تجارته، والعامل فى خدمته. الصبر سيد الأخلاق وأساسها.