الثلاثاء 07 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"سبحة الفيروز" لـ"إيما خليل"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صورة 1 (القنديل الوحيد)..
خطي ودقات قلب تدنو وتنأي عن الباب.. صمت يقرع.. همس الليل.. وكسل الفجر... وقنديل منزلنا الوحيد..
وحلمي يجلس على ركبتي ككلبي الأليف.. وبيدي سبحة الفيروز.. 
أسرح في رحلة الفكر عبر الحدود.. وأصرخ بالريح أن تمشي كي أعرف من أنا.. فالريح دائمًا بوصلة الغريب..
ولا شيء آخر يشاركني حيرتي لبلوغ الهدي..
لا شيء سوى أن أعزف لحنًا لموتزارت.. وأغني ذكرى الحنين كي أروض خيل الجنون..
ثم أكتب.. 
أكتب عن قمر لا يزال يصلح للحب..
وعن فكرة كسرتها الهشاشة.. وعن بلد خطفته الأساطير..
أكتب.. أكتب كي أدافع عن حاجة المبدع المتوحد للغد والذكريات معًا..
أكتب..
كي أستطيع زيارة أمس بعد أن صار أمامي يجر ورائي..
اكتب كي استطيع الرجوع إلى أي شيء.
فحنيني صراع لي.. وحاضري دومًا يمسك الماضي من نهديه ليتسلل إلي أمس..
كل هذا يحدث ويتوقف عندما تأتي "هي".. ونلتقي..
وكم كنا نلتقي قبل عشرين عامًا عندما كان الزمن أقل جنونًا من الآن..
نلتقي بهوية كهربائية بجوار القنديل الوحيد وحينها يصبح لا وقت لأخط سطور على الرمال.. 
فقط على الأشياء الطيبة أن تحدث..
صورة 2 ("أنا وهي"):
"أنا": أظن أن الحب ما هو إلا مرض في الضباب..
"هي": لم اعرفه يومًا.. ولم أكن يومًا مصابة ٌبه فقد زرعت قلبي منذ زمن علي الطير حين تحط وحين تطير..
فقط اكتب عنه الكثير كي لا أحب وأحمي الذي سيكون بين يدي من اليأس مرات..
"أنا": وماذا عن الحنين ؟ 
"هي": نحن المصابون بالحنين نتعجب من الحرج من المستحيل..
ربما هو سماء غير مرئية او كالكهف الذي احتمي به فأنا يحاصرني دائمًا حاضر لا أجيد قراءته..
"أنا": وكم من المرات أصابكِ الخوف ؟
"هي": أنا دائما أفعل كما يفعل الطفل حين يخاف أبيه وأختبئ كي أتحسس جلد الغياب..
فأنا لا استطيع لقاء الخسارة وجهًا لوجه..فقط اكتفي دائمًا بالوقوف علي باب الحقيقة كمن يتسول..
"أنا": وماذا عن الرواية ؟
"هي": حاولت ان استعيد بها صورتي ولكنني كلما توغلت في ليلي الحصين اكتشف بأن لي عالمٌ مستقلٌ عن النص...
فلن اكتب يومًا عن الرمز والحلم والنجم..
ولا عن حب يشبه حبًا وليلًا يشبه ليلًا..
ولم اكذب عندما قلت لكي خذي بيدي..لنكتب دون إذن ذكرياتنا عن غد يتراجع..
فانا لا أجيد الكتابة.. فقط اكتب لأترك ذاتي تطلب الإذن من غرباء لزيارة نفسي خمس دقائق....
فالفن يواسي من كسرتهم الحياة.. 
وكل شئ بالحياة فن أو هو لا شئ.. 
"أنا": وأنتي؟
"هي": أنا كسبحة الفيروز وحيدة أواسي كل من كان مثلي وحيد..
وأرتل عليهم ترانيم الوحدة للحفظ من الجنون..
مثلها أنا كطوق لتعامل الغريب مع أدوات الغياب.. 
فقد أحببت الرحيل من وإلي أي شئ.. 
صورة 3 (سبحة الفيروز)..
والآن..
أقف على حافة بحر هائج أفكر أنه سيهدأ لو أعطيته ظهري وانصرفت. وعندما أغمض عيني للنوم أظن أن الكون يتوقف عن الوجود حتى أفتحها في الصباح...
العالم يدور حولي وأنا مركز كل شيء...
فلم أكن أعلم أنني سأصل يومًا الي تلك اللحظة التي يتوقف عندها الزمن..
فأنسحب كالمطارد إلى داخلي.. وأبقي دائما في اتزان هش.. فوق رقعة صغيرة تضيق عليً شبرًا كل يوم..
انظر كل صباح من النافذة وأتمني أن أجد كل شئ كالبارحة..
فالآن افكر فقط في كل الاشياء التي كنت أتمني أن أقولها لكي ولكن لم يسعفني الحنين ان أقول منها حرفًا..
فلن يخطر في قلبي قبل اليوم ألاخير للقاءنا مسٌ من الخوف..
لم يكن هناك خوفًا قبل رحيلك.. قبل أن ينتهي العالم..
قبل أن تتعاقب الأحداث وكأنما يواجهها أبله أو مجنون..
ومثلما لا اجد وصفا للعتمة في قلبي بعد رحيلك فلا أجد وصفًا للضيَ في وجهك..
ياغزالة فقدت ظبيها..
يا من كنتي تنسدلي من جاذبية الجمال الكامل المتكامل..
يامن عقمت كل نساء الدنيا إذا لم تنجب شبيه لك..
فليشرب الأحياء نعناع الخلود من أمهاتهم لو كانوا مثلك..
وليتبين الفقهاء في علم القيامة موقعهم في الفردوس..
(أختي)
ليس هناك ما يكفي من الكلمات ليعلو المجاز علي وصفك وواقعك..
وان كان الخلق من عدم فلابد أنكِ كنتي من نور..
فقد علمتيني أنني إذا بقيت علي الذكري عيونًا خيرًا من أبقي نبيًا في مدينة..
(أختي) هي الخائبة التي ألقت بنفسها في الشارع من الطابق الأعلي..وأثناء سقوطها كانت تري عبر النوافذ حيوانات الجيران الخاصة والمآسي وعلاقات الحب السرية ولحظات السعادة الخاطفة التي لم تصلها أخبارها أبدًا..
في اللحظة التي تهشّمت فيها رأسها على رصيف الشارع كان قد غيّرت نظرتها للعالم..وأيقنت حينها بأن تلك الحياة التي هجرتها إلى الأبد هجرتها من الباب الخاطئ..
كانت تستحق أن تُعاش قبل أن ترحل ويكون كل ما تبقي منها هي سبحة الفيروز..