الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

صلاح جاهين.. صانع البهجة

صلاح جاهين
صلاح جاهين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الشاعر الفيلسوف الذي تكلم في رباعياته عن تأملات عميقة بلغة سهلة وتلقائية، كما تكلم بلسان حال البسطاء وعشق الوطن حتى الثمالة، فكتب أغانيه الخالدة التي يستحضرها التليفزيون كل عام في المناسبات الوطنية، إنه الشاعر ورسام الكاريكاتير والممثل صلاح جاهين.
ولد صلاح جاهين في الخامس والعشرين من ديسمبر عام 1930 بحي شبرا في شارع جميل باشا، وهو الأكبر بين إخوته، كما أنه الطفل الوحيد على بنات ثلاث، هن: بهيجة، سامية، وجدان.
كان جاهين مولعًا بالقراءة، دؤوبًا في المطالعة، وقد أتاحت له مكتبة جده السياسي والكاتب أحمد حلمي –الذي يحمل أحد شوارع حي شبرا اسمه- مجموعة من أمهات الكتب، فراح يعبّ من وردها ليكوّن ثقافته الموسوعية الرفيعة التي نرى أثرها واضحًا في قصائده وأغانيه.
بدأ جاهين كتابة الشعر أثناء مراهقته، وكان رائد العامية، ينظمه بالفصحى أولًا حتى غلبت عليه العامية وبالأخص عند قراءته لإحدى قصائد زميله وتوأمه ورفيق دربه الشاعر فؤاد حداد.
وقد حاول جاهين أن يلتحق بكلية الفنون الجميلة، لكن والده أصر على أن يدخل كلية الحقوق فمنها يخرج الوزراء، وقد أعاد جاهين المحاولة إبان دراسته بالفرقة الثالثة لكنه أحجم عن ذلك وقرر أن يبقى كما هو، وحصل على شهادة الليسانس.
توجه مباشرةً إلى الصحافة، وفي منتصف الخمسينيات ارتبط اسمه بمجلتي "روز اليوسف وصباح الخير"، وفيهما تفوق على نفسه وذاعت شهرته كرسام للكاريكاتير، وكانت له صفحة أسبوعية يملأها بريشته ويتلهف عليها القراء.
يعرف الناس -أو معظمهم- صلاح جاهين شاعرًا أكثر منه رسامًا للكاريكاتير، وذلك رغم تأكيد رواد فن الكاريكاتير على براعة جاهين وتفرده في هذا الفن، وأن تجربته فيه تستحق الرصد وتتطلب اهتمامًا موازيًا لاهتمامنا به كشاعر أو مؤلف أغانٍ.
عرف جاهين فن الكاريكاتير مبكرًا وتحديدًا منذ عمله بمجلة "روز اليوسف"، وقد أيقن محمد حسنين هيكل - بحكم خبرته الصحفية - أن استحضاره لجاهين رسامًا للكاريكاتير في الأهرام هو ممّا يضيف إلى جريدته، وبالفعل كان ذلك، ففي وقت كان الرسامون أو بعضهم يعانون من فقر في الخيال والموضوعات والإفراط في نكات مبتذلة وغير ذات معنى، كان جاهين يتكلم في رسوماته عن هموم اجتماعية وموضوعات سياسية وسلبيات حاربها بريشته وقلمه، ولم يخل رسمه بعد ذلك من خفة ظل مصرية وطرافة يتسم بها الكاريكاتير عمومًا كفن.
جاهين كان يراعي أنه يرسم في جرائد يقرأها أساتذة الجامعات والموظفين والطلبة وأنصاف المتعلمين، فكان يحرص على التواصل مع المتلقي ويبسط الأمور الضخمة بغير تسطيح أو إخلال فكانت رسوماته على عمقها تخرج مفعمة بالسخرية فيضحك لها القارئ ويتفاعل معها ويستمتع بها.
ففي رسومات صلاح جاهين اهتمامًا بالتفاصيل؛ فهو إذا رسم بيتًا -كمثال- وجدنا الملابس والمتعلقات والسجاد والتليفزيون تمامًا كما لو أننا في منزل مصري حقيقةً.. ورحل "جاهين" عن عالمنا بعد أن ترك لنا إرثًا كبيرًا من الفن الإبداع في مثل يوم غد السبت الواحد والعشرين من أبريل عام 1986.