السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مفاجأة حول لغز الضربة الجوية العراقية بسوريا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثار إعلان رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، عن تنفيذ جيش بلاده ضربات جوية ضد تنظيم "داعش" داخل الأراضي السورية، تساؤلات كثيرة، حول سبب هذا الإجراء المفاجئ، وهل هو لحسابات سياسية داخلية، أم لأهداف إقليمية؟.
ويبدو أن الإجابة، تنحصر في أمرين، الأول، رغبة العبادي في إظهار نفسه بصورة رجل الدولة القوي، قبل الانتخابات البرلمانية، المقررة في 12 مايو المقبل، خاصة أن الأوضاع الأمنية لا تزال متدهورة في العراق، وهجمات "داعش"، لم تتوقف، ولذا حاول التغطية على أزمات الداخل، عبر إحراز أي إنجاز خارجي، ولم يجد أفضل من الساحة السورية لتحقيق هذا الهدف.
أما الهدف الآخر، من الضربة الجوية العراقية، فهو، رسالة تحذير من قبل إيران، بعد الغارات، التي وجهتها أمريكا وبريطانيا وفرنسا، للنظام السوري، قبل أيام، والتي تردد أنها كانت تستهدف بالأساس النفوذ الإيراني في سوريا.
فالإجراء العراقي، جاء متزامنا مع زيارة وزير الدفاع الإيراني، أمير حاتمي، إلى بغداد، ما دفع البعض للقول، إن هذا الإجراء، جاء بتوقيع إيراني، لإرسال تحذير مبكر لواشنطن مفاده، أن طهران قادرة على الرد على أي تصعيد ضدها، ليس من خلالها قواتها، وإنما بأيادي حلفائها.
ورغم أن حكومة العبادي حليفة لواشنطن، إلا أن ولاءها الأكبر لإيران، وفوز العبادي بولاية جديدة، بيد طهران، حسب كثيرين داخل العراق، ولذا استبقت طهران تهديدات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإلغاء الاتفاق النووي، بضربة جوية عراقية، يبدو المستهدف الأساسي بها التواجد الأمريكي في شرق سوريا، على الحدود مع العراق، أكثر من ملاحقة "داعش".
فإيران غير معنية بأى تصعيد مباشر مع أمريكا في الوقت الحالى، لأنها تشهد احتجاجات اجتماعية منذ أواخر العام الماضى، وتعانى أوضاعا اقتصادية مزرية، وحتى لو قامت واشنطن بقصف أهداف تابعة لحزب الله وإيران داخل سوريا، فإن طهران لن ترد مباشرة، وستكتفى بتصريحات نارية، أو إعطاء الضوء الأخضر لحلفائها في لبنان والعراق واليمن، بتنفيذ هجمات محدودة وفى توقيتات معينة، ولن يتجاوز الأمر غير ذلك، وهذا تأكد عندما قصفت إسرائيل مطار تيفور العسكرى فى حمص وسط سوريا، الذى توجد فيه قوات إيرانية، إذ أعلن على أكبر ولايتى، مستشار مرشد الجمهورية الإيرانية على خامنئى، أن قصف المطار، الذى أسفر عن مقتل 7 مستشارين عسكريين إيرانيين، لن يمر دون رد، ولم يحدث شيء.
ويزيد من إصرار إيران على تجنب التصعيد المباشر مع أمريكا، أنها تسعى لاستكمال ما تسميه الهلال الشيعى، الذى يمتد من طهران مرورا ببغداد ودمشق وبيروت، وصولا إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، لتوسيع نفوذها فى المنطقة، ولذا، فإنها ترغب في إكمال السيطرة على شرق سوريا، وطرد واشنطن والأكراد منها، بأسرع وقت، للإسراع فى إنشاء الممر البرى، الذى يمتد من طهران إلى دمشق.
ففى 16 مايو 2017، قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية، إن قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى أمر بأن يدخل الممر البرى من العراق إلى سوريا، عبر المنطقة الحدودية الواقعة شمال شرق بلدة "الميادين" فى شرق سوريا، والتوجه منها إلى مدينة دير الزور، وصولا إلى مدينة تدمر الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية وسط سوريا، والانطلاق منها إلى العاصمة دمشق وبعدها إلى مدينة حمص، وصولا إلى الساحل السورى على البحر المتوسط.
وفي 17 إبريل، قال التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، إن تنظيم داعش، كثف تحركاته في محيط مدينة البوكمال بمحافظة دير الزور في شرق سوريا.
ونقلت وكالة "نوفوستي" الروسية عن المتحدث باسم التحالف، العقيد رايان ديلون، قوله خلال مؤتمر صحفي عقده في البنتاجون: "إن معلوماتنا الاستطلاعية كشفت أن داعش بدأ بتكثيف وتيرة هجماته في الجانب الغربي من نهر الفرات في محيط مدينة البوكمال".
وكان الجيش السوري تمكن خلال العام 2017، بالتعاون مع القوات الجوية الروسية، من انتزاع السيطرة على مناطق محافظة دير الزور الواقعة غربي نهر الفرات، بما في ذلك مدينة البوكمال، من قبضة تنظيم داعش، الذي اتخذ منها معقلا له، فيما سيطرت وحدات "قوات سوريا الديمقراطية"، التي يشكل محورها المقاتلون الأكراد ويدعمها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، على مناطق المحافظة، الواقعة شرقي نهر الفرات.
وبالنظر إلى أن تواجد أمريكا والأكراد في شرق نهر الفرات يعرقل خطط إيران للانتهاء من الممر البري، فإنها تتخذ من "داعش" ذريعة، للترويج أن مناطق الحدود بين العراق وسوريا، لا تزال تتعرض للخطر، في محاولة لإقناع روسيا بضرورة الضغط على أمريكا لنشر قوات برية في شرق نهر الفرات، تكون الغلبة فيها لإيران وميليشياتها الشيعية، ويبدو أن الضربة الجوية العراقية كانت تمهيد لهذا السيناريو.
وكانت القوات الجوية العراقية أعلنت الخميس الموافق 19 إبريل، أنها وجهت ضربات جوية ضد مواقع لداعش في سوريا من جهة حدود العراق.
وحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، فإن الضربات تهدف إلى التسريع في القضاء على داعش في المنطقة، بعد أن قضي عليه عسكريا في العراق، وفق تعبيره.
وبدورها، نقلت "رويترز" عن المتحدث باسم الجيش العراقي، العميد يحيى رسول، قوله:"إن هذه الهجمات نُفذت بالتنسيق مع الحكومة السورية".
ويبدو أن التصريحات السابقة لم تجد آذانا صاغية عن البعض في العراق، إذ شكك موقع "بغداد بوست" في مبررات الضربة، وتساءل"أي داعش هذا الذي ظهر فجأة على الحدود العراقية – السورية خلال زيارة وزير الدفاع الإيراني، أمير حاتمي، إلى بغداد؟".
وأضاف الموقع "إذا كانت هناك نية عراقية رسمية لرئيس الوزراء حيدر العبادي، لقصف الحدود العراقية – السورية، وقتل عناصر داعش، فلماذا لا تتم هذه الضربات الجوية إلا في وجود وزير الدفاع الإيراني؟!".
وتابع "الضربات الجوية، التي قام بها سلاح الجو العراقي على الحدود، ليست قصفًا لمواقع داعش، بقدر ما هي رسالة سياسية من جانب حكومة بغداد بأنها في الحضن الإيراني، وأن هناك تنسيقا تاما في المواقف العراقية – الإيرانية، بخصوص القادم، سواء في سوريا، أو العراق".
وبصفة عامة، فإن إيران لن تتوانى عن فعل أي شيء لتحقيق مخططها الإقليمي التوسعي الهادف، لإنشاء ممر بري من طهران إلى دمشق، وإقامة خطوط أنابيب نفط تمتد إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، وكذلك، تأسيس طرق سريعة للتجارة.