رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

درويش: أريد مشاهدة أم الدنيا بعيون الأبنودي

درويش والأبنودي
درويش والأبنودي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعد الملف: محمد لطفي وياسر الغبيرى وأحمد صوان وأميرة عبدالحكيم ومحمود عبدالله تهامى
تصوير: هشام محيى ومحمود أمين.
«درويش عاش للشعر فقط، فاستحق كل التقدير والاحترام ممن يتذوقون شعره حتى اليوم»، هكذا وصف «الخال» شاعر فلسطين الكبير محمود درويش، الذى سخّر أغلب شعره وحياته للقضية الفلسطينية، فى المُقابل وصف درويش صديقه الأبنودي، فى توقيع له على نسخة من دواوينه، بأنه «شاعر مصر الأكبر» واصفًا زوجته الإعلامية نهال كمال بأنها مُلهمته.
«درويش» الذى كان يوصف دومًا بأنه شخصية متحفظة كان متباسطا جدًا، فكان يحمل آية ابنة الأبنودي، مرحبًا بها، وكان الأبنودى يحرص على التقاط الصور معه وأسرته فى المنزل، من ضمن هذه الصور صورة لا تزال على جدار الكتب خانة فى بيت الخال، كان موضع الصورة البارز هو ما دفعنا للسؤال عن علاقة الصداقة الممتدة بينهما.
تقول نهال كمال زوجة الخال لـ«البوابة»: كان درويش يستمع إلى صوت عبدالرحمن الأبنودى فى إذاعة صوت العرب قبل أن يأتى إلى مصر، ومن خلال صديق مشترك بينهما كان يعمل مراسلًا لجريدة الأهرام فى روسيا، طلب منه درويش التواصل مع الأبنودي، وقال له أنا عايز أشوف مصر من خلال الأبنودي، وكان وقتها الخال يقدم برنامج «وجوه على الشط»، وشعر درويش أن صوته هو الأقرب له، ونشأت ألفة بينهما قبل أن يراه».
أما «الخال» نفسه فقد حكى فى واحد من لقاءاته التليفزيونية عن علاقته بالشاعر الفلسطينى محمود درويش فقال: «إن من مصدر سعادتى أن أوضع أنا ودرويش فى جملة واحدة، فالناظر لجدران بيتى يجد عليها صور محمود درويش برفقتى أنا وزوجتى وآية ونور، فدرويش يمثل جزءًا من علاقتنا، وجزءًا من صميم حياتنا».
كان «درويش» فى نهاية حقبة الستينيات قد غادر فلسطين هاربًا من حكم الاحتلال الإسرائيلى هو والشاعر سميح القاسم، وقتها تعرف الأبنودى وجيله على أشعارهما من خلال الناقد الكبير رجاء النقاش الذى نشر أشعارهما فى مصر بقوله: «عرفنا أن فى فلسطين شعراء يستطيعون التعبير عن قضيتها، فهى ليست بحاجة لنا كى نغنى لها»؛ فى تلك الفترة قضى الشاعر الفلسطينى الأشهر وقتًا فى العاصمة الروسية موسكو، ومنها قرر من داخله أن يتجه إلى العالم العربي، فى هذا الوقت كان العالم العربى هو مصر، كان ذلك فى زمن «عبدالناصر» وكانت مصر جنة الأدباء والفنانين وكانت حلما فى زمن الستينيات»- حسب ما قال الخال.
وبحسب نهال كمال، أشار الأبنودى فى حديثه إلى طلب درويش من مراسل جريدة الأهرام فى موسكو عبدالملك خليل أن يتعرف إلى الأبنودى وأن ينزل على ضيافته لا على ضيافة الدولة ولم نكن فى ذلك الوقت نعرف بعض، ساعتها كنت أقدم برامج شعرية يومية فى إذاعة البرنامج العام بعنوان «بعد التحية والسلام» عبارة عن رسائل والرد عليها كانت معظمها للجنود المقاتلين بعد عام النكسة، ولقد صادقنى من خلال القصيدة التى ألقيها بالإذاعة، وعندما وصل إلى مصر كانت الدولة قد استقبلته ونقلته لفندق يسكن به.
ثم وجدت اتصالًا هاتفيًا من شخص يقول أنا محمود درويش، فقلت: له محمود درويش مين، فلم أكن أصدق وصوله إلى مصر، فقال: أنا درويش الشاعر ووصلت إلى مصر وأنتظرك الآن؛ ثم صرنا أصدقاء بعدها ورغب أن يرى القاهرة من خلال رؤيتى وعيوني.
كان لقاء درويش والأبنودى فى مصر الفاطمية، فى ذلك اليوم نشأت صداقة طويلة بينهما «وكان درويش فى كل زيارة له فى مصر يجعل لمنزلنا نصيبًا منها»، تروى نهال كمال وتُضيف: «كان درويش يحب بعض الأكلات المصرية مثل الملوخية والحمام الذى كان يعده له الأبنودى بنفسه؛ وكانت تدور بينهما جلسة مناقشات عامة حول أمور السياسة والفن، حيث كانت أفكارهما متطابقة وآراؤهما متماثلة، وكل ديوان كان يصدر عن محمود درويش كان يُهدينا نسخة يوقع عليها إهداء لى وللأبنودي، وما زلت محتفظة بكل هذه الإهداءات».
تواصل «كانت بينهما حالة دائمة من التقدير والاحترام التى نفتقدها فى الوقت الحالي، وكان كل منهما يرى الآخر شاعرًا عظيمًا، وعندما ذهب محمود درويش إلى تونس ناداه أحد الصحفيين بأكبر الشعراء العرب، وهو ما رفضه درويش وقال إنه يوجد شاعر عظيم فى مصر اسمه الأبنودي؛ وهذا ما كان يفعله الأبنودى أيضًا».