الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الأبنودي وعالمه.. طقوس الكتابة والحياة

عبد الرحمن الأبنودي
عبد الرحمن الأبنودي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعد الملف: محمد لطفي وياسر الغبيرى وأحمد صوان وأميرة عبدالحكيم ومحمود عبدالله تهامى
تصوير: هشام محيى ومحمود أمين




الأبنودي وعالمه.. طقوس الكتابة والحياة

الزائر لـ«الكتب خانة» فى بيت «الخال» عبدالرحمن الأبنودى، سيجد إلى أقصى يمين الباب عند الدخول مكتبًا صغيرًا عتيق الطراز، والكرسى الموضوع أمامه بدوره يبعث راحة غريبة، ما أن تنظر إليه حتى يدفعك لا شعوريًا لمحاولة تجربته والجلوس عليه، لكنك لا تفعل، فهذا المكتب الصغير هو الموضع الذى شهد ميلاد أغلب أشعاره وأغانيه.
كان «الخال» يستخدم ذلك المكتب، الذى كان يقول إنه سرقه من إحدى الكنائس وعمره يتخطى 50 عامًا، وفق ما قالت زوجته لـ«البوابة نيوز». فى الوقت نفسه كان يردد دائمًا مقولة: «أنا بلاقى الشعر تحت المخدة»، وكان يؤكد أن الشعر يأتى له ويكتب نفسه أيضًا «فكان يكتب الشعر فى المطبخ، ويستغرق فى كتابة القصيدة، فلو مر أحد من أمامه لا يراه، لذلك لا يحب أحد يرى أو يقرأ القصيدة وهو مستغرق فى كتابتها».
أضافت عندما يبدأ الخال فى الكتابة كان يمتنع عن الحديث مع أحد «كان يُنكر كل ما حوله فهو وقتها يصبح فى عالمه الخاص، فى البداية كنت أغضب بشدة لجهلى بطبيعته، لكن بعد ذلك بدأت أعتاد الأمر، وأقول فى نفسى: الأبنودى بيكتب شعر وهو أعظم شىء فى الدنيا، وكنت أساعده فى تهيئة المناخ الخاص بالكتابة، ويقول لى: كونى طيفًا.. حتى خطواتى لم يكن يريد أن يشعر بها».



"الخال": أنا لا أتحدث إلى الطبقة الراقية ويشغلني الفقراء والعمال والفلاحين

قبل مرضه كان يحب السهر والعمل طوال الليل وبعد أن اشتد عليه المرض التزم بالاستيقاظ مبكرًا، وكان يحرص على إحضار الفسيخ كطقس ثابت فى شم النسيم، وكان يجهز الموائد لضيوفه حبًّا فيهم
تقول الإعلامية الكبيرة نهال كمال، رفيقة الخال لعقود طويلة «حافظنا جميعًا على هذا العالم الذى صنعه الأبنودى للإبداع؛ وأصبحت أنا أيضًا أشعر بالسعادة، لأننى أيقنت أنه يمر بأسعد أوقات حياته لحظة ميلاد شعر جديد، وبعد ذلك سيكون لنا جميعًا حظ وفير من هذه السعادة".
فى الوقت ذاته، كان أكثر ما يغضب الخال هو إزعاجه وقت الكتابة "فهو مثل البحر جميل وهادئ، لكن غضبه لا يستطيع أحد الوقوف أمامه»، قالت هذا وسارعت بالقول أيضًا «وهذا لا يمنع أنه كان شخصية حنونة جدًا، وكلامه فى قصائده كان يمس القلب»؛ ولفتت إلى أنه دومًا كان قريبًا من الغلابة بأشعاره، كان يقول: «أنا لا أتحدث إلى الطبقة الراقية، وما يهمنى ويشغلنى الطبقة الفقيرة والعمال والفلاحين»؛ كان يخاطبهم مباشره ويؤثر فيهم.
أما عن طقوسه فى الحياة، فيؤكد محمود، رفيق الخال منذ استقر فى الإسماعيلية، أن الأبنودى كان له روتين يومى منتظم يسير عليه «فكان قبل مرضه يحب السهر والعمل طوال الليل؛ لكن بعد أن اشتد عليه المرض التزم بالاستيقاظ مبكرًا».
كان الخال يحرص على قراءة عدد من الصحف المتنوعة، وخصص داخل منزله مجلسين، أحدهما صيفى والآخر شتوى، يجلس فى أيهما حسب طبيعة الطقس، ولآخر لحظة كنت أرى الأبنودى وزوجته يجلسان يتبادلان الحب والأحاديث الجميلة، ولذلك كتب لها قصيدته «طبعًا أحباب»؛ وهى واحدة من أغنيتين لحنهما صديقه العزيز بليغ حمدى، واعتبرتهما السيدة نهال مهرًا ممتدًا لها.


طبعا أحباب والحب عجيب وما لوش أسباب
طبعا أحباب وأنا وأنت سؤال وما لوش جواب
يا بو حس بيعرف يلمسنى
وكلام ولا غيره يونسنى
يا غنوه ما تحتاجش شفايف
قلبى من غير قلبك خايف
واحنا من غير بعضنا أغراب
■ ■ ■
طبعا أحباب أحباب خالص
وبحبك من قلب خالص
لو نزعل ولو أنه ده عمره
ما حصل بينى وبينك خالص
فى دقايق مين قال فى دقايق
فى ثوانى حبيبى بنتخالص
عشاق خالص أحباب خالص
ولا مننا فى الدنيا دى خالص
قلبنا خالص حبنا خالص
ولا فيش زينا أبدا خالص
طبعا أحباب.
يُضيف محمود: «كان الأستاذ يُفضّل الإفطار البسيط، والذى كان عبارة عن الشاى وبجانبه رقائق من الخبز؛ أما آخر وجبة تناولها وسط أسرته كانت فى شم النسيم، فقد كان يحرص على إحضار الفسيخ والسمك كطقس ثابت فى مثل هذه الأعياد؛ وقد كان بطبيعة الحال طعامه بسيط؛ وكان يجهز الموائد لضيوفه حبًا فيهم، وكان يفرح جدًا ويستعد لاستقبال ضيوفه؛ وفى بعض الأحيان كان يُشرف بنفسه على إعداد الطعام، خاصة وجبات العكاوى والحمام، فهو من علّمنى الطهى وكان يوجّهنى دومًا».
يصف محمود زيارات أصدقاء الأبنودى ومعارفه بأنها كانت بمثابة يوم عيد فى حياة الأبنودى «وأتذكر لقاءه مع محافظ الإسماعيلية قبل وفاته بعام تقريبا، كان يومها سعيدًا جدًا، وكانوا قد أهدوا له درع المحافظة، هذه العلاقة القوية بالمسئولين كان الخال يستغلها من أجل خدمة الناس، وفق محمود الذى أشار إلى أن الأبنودى كان يطلب الجيران للجلوس معه والاطمئنان عليهم، وكان يستمع إلى مشاكلهم، وكثيرًا ما كان يتدخل لحل المشاكل بالقرية، وكان ينجح فى تحقيق خدمات عامة للمنطقة كلها مثل رصف الطرق وتوصيل أعمدة الإنارة عبر علاقاته مع المسئولين فى الحى والمحافظة.
لفت مساعد الخال ورفيقه كذلك، إلى أنه بعد الإفطار كان يُفضّل أن يجلس وحيدًا «كان يفكر أو يكتب أو يتابع الأخبار فى التليفزيون؛ وكان ينتظر دائمًا أن يسمع آراء الآخرين عن أعماله؛ ورغم أنه كان يمكث طويلًا حتى يُنهى أى عمل فنى؛ إلا أنه كان يقول فى النهاية: فيه حاجة ناقصة».

مسعود شومان يكتب: الأبنودي.. الشاعر الحديقة

يمكن أن نصف شاعرا بالشاعر الزهرة، وآخر بالشاعر الشجرة، لكننا حين نصف الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى ـ يقينا ـ نقول إنه الشاعر الحديقة، وهذا الوصف لا يمثل قدحا ولا مدحا، لكنه يشير إلى مفهوم الاتساع بما يضم من تنوع على مستويات متعددة، فعلى مستوى التناول سنجد دواوينه قد حرثت أراض سياسية واجتماعية وجمالية وفولكلورية، وعلى مستوى الأشكال سنجد اتساعا كبيرا يضم أشكالا حديثة وأخرى كلاسيكية، وثالثة شعبية، فشعره يراوح بين قصيدة التفعيلة – الموال بأشكاله المتنوعة – المربع – الزجل، فالحديقة تتسع لأنواع من الورود والأشجار كما تتسع للحشائش والنجيل وبعض نباتات الزينة، فضلا عن نباتات تعيش عالة على أقرانها فى الحديقة، الاتساع إذن هو العلامة الكبرى التى تشير إلى طاقة الأبنودى الهائلة وقدرته على التحرك بين الأشكال فى محاولة مستمرة لاقتناص الشعر، فحين نتأمل شعر الأبنودى سنجده على مستوى التصنيف النوعى مجموعة من الوجوه الشعرية / الحياتية؛ كل ديوان يمثل وجهًا من أوجه الأبنودى:
- فالأرض والعيال، ديوان إثنوجرافى، يسجل فيه لأحوال الأرض المصرية وما عليها من بشر عبر معاينة تفاصيل اللوحة الريفية التى اختفت الآن، وظلت تفاصيلها عالقة بشعره، خاصة ما يتعلق بالمعارف والخبرات والتصورات الإنسانية عن الطبيعة بعناصرها: الأرض – الشمس – القمر – الليل – النهار- الاتجاهات – الدروب – الألوان – تركيب الجسد الإنسانى
الليل جدار
إذ يدن الديك من عليه
يطلع نهار
وتنفلت من قبضة الشرق الحمامة أم الجناح
أم الجناح أبيض فى لون قلب الصغار
كما تهيمن على الثنائيات الضدية على الديوان: الليل – النهار، مرعوش – الأمان، الموت – الحلم، كما تنتشر خاصة الكتلية، فلا هموم فردية، الحضور للكتل والجموع، وهى تتحرك أو يشير لها الأبنودى مجليًا عن ملامحها:
«بشىء حزين
بشى فى كل عيون صحابى الطيبين»
قصيدة خيط حرير
«وبيوت الفلاحين من طين
أبدان سودا محنيه بفاس
والناس نايمين
نايمين صاحيين».
وتتجلى عناصر المعارف والثقافة المادية التى ترتبط بالجماعة الشعبية فيما يبثه عبر سطوره الشعرية: القاس – القارب – النخل – المحراث – العليق – القطن – الدرة – البوص – الطواحين – المواجير – الجسور – الحيوانات..... إلخ.
ويتسلح بجموعة من التشاكلات الصوتية تتمثل فى: التفعيلة – التقفية – إيقاع الجملة طولا وقصرا بما يناسب خاصة الإنشاد التى تعد من أهم سمات شعر الأبنودى؛ حيث يتحول شعره إلى جوقة تعزف بالحروف والأصوات:
تتتم.. تتتم.. تتتم.. تم.. تم
والنغمة الأخيرة هى التى تسلم نفسها للقصيدة، فتقوم «فعلن» بإمساك مقود الموسيقى:
«من فين يا نغم يا حزين ولفين
تتتم.. تم تم
من فين ولفين؟
مين قالك فوت فى دروب الهم
طواحين بترد على الطواحين
من كام احنا كسرنا المواجير»
فصوت التفعيلة يحاكى صوت الطواحين المتكرر وأصوات كسر المواجير، فتتماهى الكتابة مع أصوات الحياة بما يشير إلى أجواء فولكلورية تشع من قلب المعيش، فالتناص هنا لا يعتمد على نصوص مصدرية، بل يعكس خبرة ميدانية أو خبرة المعايشة للمكان وناسه وأصوات كائناته.
«يا سريس.. يا سريس
ما كنت ها تطلع لو قالولك إنه زمان
كان تحتك نعنعة الفراديس
يا للى موِّت القطن فطيس».
والأمر لا يقتصر على المعارف والخبرات الشعبية، ولكنه يتسع ليشمل المعتقدات الشعبية:
«آدى بير الديدامونى
اللى غرق فيها قابيل
اللى عفريته بتطلع
زى قلع طويل طويل
وتحت الموج هناك
يشرب فى دم سنينه
يندغ قسمته»
قصيدة الطريق والصحاب
وتتكشف الثنائيات عبر الوصف المتسع للريف وفقره وطيبة ناسه، والمدينة بقلبها القاسى ووحشيتها، هذه الثنائية لن نلمحها فيما بعد، حيث ستصبح المدينة سكنا وحياة للشاعر، ولأن ديوان «الأرض والعيال» يمثل الأبنودى فى مكانه الذى ولد فيه وجاء منه للقاهرة حاملا حلمه، ومحملا بعادات وتقاليد المكان التى حاول تسجيلها فتظهر تفاصيلها قسوة وتوحش المدينة:
«المدينة اللى بتاكل فى طريقها كل حاجه
كل حاجه
بياعين
كل ناسها بياعين
بصة الناس.. الموده.. بسمة الحب بتمن».
نحن إذن أمام عالمين؛ عالم صاف / برىء / جميل / طيب، وهو ذلك العالم الممتلئ بالخضرة وأصوات الأشياء والطيور تملأ المكان فى مواجهة عالم قاس ومدن لا تعرف سوى لغة البيع والشراء، وهو ما جعل ديوانه الأول وصفى، عنائى، استعادى، يحاول فيه اللجوء للمكان ويشره كمكمن للأمان وحكاية لتذكر الدفء الإنسانى فى مواجهة قسوة المدينة:
«بس ناسها مرعبه..
يزرعوا الخوف فى الجفون
يدفنوا العين فى الشعور المتربه».
أما شجرة الحديقة الثانية؛ فتتمثل فى ديوان «الزحمة»، شجرة من نوع خاص لا تشبه شجرة «الأرض والعيال»، فمن الوصف والانشغال بالجموع إلى الاحتفاء بالتفاصيل والعربة والذات فى علاقتها بالجموع، ومحاولة الخروج بالروح من هزيمتها؛
هنا نجد رؤية الأبنودى وقد اتسعت بعيدا عن الوصف المنحاز للسرد الذكرياتى لأيام الريف الجميلة، ليدخلنا إلى أبعاد إنسانية.





سعيد شحاتة يكتب.. الأبنودي موال النهار

«واذا مش نازلين للناس فبلاش.. والزم بيتك بيتك بيتك
وابلع صوتك.. وافتكر اليوم ده لأنه تاريخ موتى وموتك».
منذ أن استمعت إلى هذه الأبيات وعلاقتى بأشعار هذا الرجل لم تنته، الأبنودى هذا البوستر الكبير الذى اقتنيته عام ٢٠٠١ من معرض القاهرة الدولى للكتاب، لأعلقه فى غرفتى فى أقاصى شمال مصر، لدرجة أننى كلما زارنى أحد أصدقائى أصابته نوبة ضحك هستيرى، لأننى أعلق بوسترًا لشاعر فى حين أن بوسترات النجم عمرو دياب كانت سيدة المشهد فى غرف أصدقائى فى ذلك الحين.. أمى نفسها كانت كلما زارت بيتًا ووجدت فيه صورة لعبدالحليم أو أم كلثوم أو نجاة أو حتى محمد منير، جاءت تعاتبنى لأننى لا أعلق إلا صورة عبدالرحمن الأبنودى.
لكنها بعد أن جلست معى ذات مرة لأسمعها إياه فى إحدى الحلقات التلفزيونية، غيرت رأيها تمامًا، خاصة أن هذه الحلقة كان الأبنودى فيها فى غاية انسجامه، فألقى قصيدة (يامنة) التى أرغمت أمّى فور سماعها على طلب سماعها مرة أخرى، قائلة: إن هذه القصيدة تشبه طين الأرض وملحها، هذا الرجل قرأنا جيدًا وترجمنا إلى قصائد.
رأى أمى أسعدنى جدًّا، وازداد تعلقى بالشاعر الكبير لدرجة أننى بحثت عن كل دواوينه لأقتنيها، فوجدت أمامى ديوان «مختارات»، قرأته فغصت فى أركان عالمه المتفرد، أدهشتنى قصيدة «الخواجة لامبو»، حفظت معظم أجزائها فى فترة وجيزة، ظللت أفتّش عن وجه هذا الرجل إلى أن قابلته فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، كانت القاعة مكتظة، فانتظرت إلى أن انتهى من إلقاء قصائده وذهبت إليه، وقفت أمامه فى وجوم، أشار لى فاقتربت وسلمت عليه وجلست إلى جواره ولم أنبس ببنت شفة، كان سعيدًا جدًّا بهذا الأمر، لأنه كان يرى علامات الدهشة على وجهى والإعجاب فى عينى.
بدأت علاقتى بعالم الأبنودى الشعرى بشكل أكثر جديّة بعد قراءتى لديوانه (جوابات حراجى القط لزوجته فاطنة أحمد عبدالغفار)، قرأته مراتٍ كثيرة، وأجبرت زملائى على قراءته، ثم بحثت عن نسخته المسموعة بعد أن تم الإعلان عنها، حصلت عليه وسرقنى سنوات بصوته وهو يلقى هذه الخطابات مرة بصوت حراجى ومرة بصوت فاطنة، المتمعن فى هذه الخطابات يجد بها من التجارب الحياتية ما يتجاوز الوصف، والقارئ لما بين السطور بإمعان أكثر لا يمكن إلا أن يقسم آلاف المرّات أن الأبنودى هو حراجى وأن فاطنة هى زوجته، لكن من يقترب من حياته ويتعرف عليه سيعرف مدى إخلاصه لتجربته الشعرية، وسيكتشف أن هذه الخطابات لأحد أصدقائه الذين كانوا يعملون فى السد العالى، أطلعه عليها نثرًا فعاش حالتها وترجمها بهذه البراعة الفائقة..
كنت أرى أن مصافحة هذا الرجل يدًّا بيد تعنى مصافحة حقبة تاريخية مهمة من تاريخ هذا الوطن، صافحته فصافحت عبدالحليم وصافحت بليغ حمدى وصافحت محمد رشدى وصافحت الصعيد بأكمله، لذا كنت حريصًا على مصافحته كلّما قابلته رغم أنه لا يعرف هذا الفتى الذى يصافحه... لكنه فى كل الأحوال كان يتعامل مع الجميع بمنتهى المحبة والأبوة والكرم والنبل..
عشقت نجاة وحليم ووردة ورشدى قبل أن أعرف الأبنودى، وعندما عرفته وعرفت أنه صاحب الأغانى التى أعشقها لهم اكتشفت أننى كنت أعشق كلماته التى يغنونها، كنت أعشق (الهوى هوايا، عدى النهار، مشيت على الأشواك) لعبدالحليم، وكنت أعشق (عيون القلب) لنجاة، وأعشق (طبعًا أحباب، قبل النهاردة) لوردة، ومعظم أغانى محمد رشدى وإن كانت (عدوية) على رأسها، وراء كل هذه الكلمات الرائعة الباقية فى وجدان الشعب المصرى المليئة بالوجد والمحبة المفعمة بالوطنية كان يوجد رجل اسمه عبدالرحمن الأبنودى.. الذى رثيته فى وفاته قائلا:
عارف يا خال خبرك حنى عودى
ودخل لى زىّ الرمح فى حدودى
كدّبت لكن صدقوا التانيين
صلّيت وقلت تعيش يا أبنودى