الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"الفيبروميالجيا".. مرض غامض ينهش أجساد المصريين "ملف"

«الفيبروميالجيا».
«الفيبروميالجيا».
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
6 % من سُكان العالم مُصابون.. منهم 5 ملايين أمريكى.. رحلة تشخيص خاطئة يعيشها المرضى لسنوات بين عيادات المُخ والأعصاب والروماتيزم والعظام.. «أسماء» اكتشفت إصابتها بعد 4 سنوات من اللف على الأطباء: «جوزى قالى هاتجوز عليكى»

أن تُعاني من آلام مُستمرة في العضلات والمفاصل، اضطراب في النوم، إجهاد ذهني، اكتئاب. غير قادر على رفع يديك أو تحريك قدمك. لا تستطيع تحمُل أشعة الشمس. مُصاب بحساسية الضوء والأصوات المرتفعة والروائح النفاذة. دائم البكاء. مُصاحب لأعراض «دور برد» شديد، سخونة. أن تشعُر بالألم عشرة أضعاف الإنسان الطبيعي، أن تراودك، أحيانًا، دوافع للانتحار، في حين يَصف الآخرون ما تعيشه بـ«الدلع».. أن تكون مريضًا بالـ«فيبروميالجيا»

فى ربيع ٢٠١٣، تعرضت أسماء جمال، لصدمة نفسية، إثر اكتشاف إصابة والدتها بالسرطان، بعد أسابيع قليلة من بتر ساقى والدها، لضرورة طبية. وقتها، لازمت «أسماء» الفراشَ لأيام طويلة، بعدما ظهرت عليها أعراض «دور برد»، مصحوب بسخونة، وصعوبة فى تحريك المفاصل. تطورت خلال شهور قليلة إلى آلام، تظهر بين حين وآخر، فى المعدة كأعراض القولون، ومُشكلات أخرى فى المثانة والحالب.. «بس كُنت قادرة أمشى على رجلى».
وفى صيف ٢٠١٦، استيقظت «أسماء» من نومها، بعد شهر واحد على زواجها، تصرخ، شبه عاجزة، نتيجة لآلام شديدة فى إحدى جانبيها، وأخرى مُنتشرة فى الرقبة والأكتاف والظهر ومفاصل الحوض، منعتها من الحركة، وبعد رحلة طويلة من إجراء الفحوصات والتحاليل لاكتشاف الأسباب، جاءت تشخيصات الأطباء لتؤكد سلامتها من أى أمراض تمامًا.. «بس كُنت مش قادرة اتحرك».
وقبل ٩ أشهُر؛ شُخصت «أسماء» من قِبل طبيبة مناعة وروماتيزم كمريضة «فيبروميالجيا»، بعدما وصلت بها الحال إلى شِبه انعدام فى الرؤية، وصعوبة كبيرة فى الحركة، وعدم اتزان، وحساسية شديدة من الأصوات والروائح. أسباب، نتج عنها اكتئاب وقلق وأرق دائمة.. «ماكونتش بقوم من على السرير».
أسماء جمال، هو الاسم الذى سترت من خلاله فتاة، فى مُقتبل الثلاثينيات من عمرها، هويتها الحقيقية. كانت تعمل «رسامة»، ورغم أن مصدر رزقها لا يتطلب جهدًا عضليًا، إلا أنه تحول خلال الشهور الأخيرة إلى مصدر شقاء، حينما فوجئت بعدم قدرتها حتى على الإمساك بـ«الريشة والقلم والكُباية»، لتمارس هوايتها إثر آلام مُنتشرة بأوتار الساعدين، ما عمق من إحساسها بالعجز والانهيار.
تقول أسماء: «مابقتش قادرة أنزل أو أخرج.. مابقتش بكلم أصحابى ولا أرد على التليفونات.. ماباقتش قادرة أراعى أبويا وأمى». زواج «أسماء» أضحى «كابوسها». تتذكر آخر حوار دار بينها وبين زوجها، مُنذ أسابيع قليلة: «قالى إنى هتجوز تانى أو هيطلقنى.. هو شايفنى بتدلع».
«أسماء»، واحدة من عشرات الآلاف من المصريين المصابين بمرض الفيبروميالجيا، حديث التشخيص، لا تزال أسبابه وطُرق علاجه مجهولة، ويُصيب حوالى ٦٪ من سُكان العالم، منهم ٥ ملايين فى أمريكا، حيث يُعانى مرضى الفيبروميالجيا المصريين من رحلة تشخيص خاطئة قد تستمر إلى عدة سنوات لجهل كثير من الأطباء بالمرض، ومرافقته لأعراض وآلام فى العضلات.
رحلة من التشخيص الخاطئ، استمرت قرابة ٤ أعوام، خاضها أحمد البنا، طالب بالفرقة الخامسة، بكلية الطب، بجامعة 6 أكتوبر، ظل يُعانى فيها من آلام مُتفرقة، تظهر وتختفى، فى القدمين وعضلات الجسم، بالإضافة لبدايات إجهاد ذهنى، حيث لا يتخطى ٤٥ دقيقة فى اليوم، أثناء المذاكرة أو حتى مشاهدة التليفزيون.


عَزَز من صعوبة التشخيص خلال السنوات الأربع؛ أنه فى أواخر ٢٠١٢، أجرى الشاب العشرينى عملية جراحية «منظار استكشافى»، فى ركبة قدمه اليُمنى، وبسبب خطأ فى التخدير أُصيب «البنا» بالتهاب فى الأغشية السحائية، ومع كون أعراض «فيبروميالجيا» كانت أكثر وضوحًا خلال تلك الفترة، بسبب الإجهاد العضلى المستمر، إلا أن الأطباء اعتقدوا، وقتها، أنها أعراض جانبية لأدوية كان يستخدمها «البنا» بعد العملية.
ومُنذ فترة تشخيص البنا بالـ«فيبروميالجيا»، فى يناير ٢٠١٤، وحتى الآن؛ تحولت حياة الطالب المجتهد إلى «فشل مُتكرر»، فى إتمام سنوات دراسته بالكلية، نتيجة ما يُعرف بـ«الضبابية» أو الإجهاد الذهنى، حيث لا يستطيع «البنا» فتح كتاب أكثر من ١٠ دقائق.
يقول «البنا»: «بعد الفيبروميالجيا حياتى اتدمرت.. أحلام وأهداف سن العشرين كُلها اتشطبت.. حالتى الصحية بتتدهور أكتر بسبب الاكتئاب.. بقيت منعزل عن الناس، وبخسر علاقات». ربما أكثر ما يُعانى منه «البنا» مؤخرًا بسبب «الفيبروميالجيا» هو؛ متلازمة النوم القهرى، أعنف اضطرابات نوم فى الطب، الناتج عن مهاجمة الجسم لمادة الـ«Hypocretin»، التى يفرزها ١٠٠ مليون عصب فى المخ، لتنظيم النوم والاستيقاظ والأحلام.
من الناحية الاجتماعية، غيرت الفيبروميالجيا من حياة «البنا»، ففى يومٍ وليلة، أضحى من كان فى السابق رئيسًا للجنة الثقافية باتحاد الطلبة بكلية الطب، والعامل فى الجمعية العلمية الطُلابية، والمسئول المتطوع بلجنة القوافل الطبية بجمعية رسالة، إضافة للعديد من الأنشطة الأخرى، غير قادر على إنجاز ٥٪ مما كان يقوم به من أعمال ومهام، قبل تشخيصه بالمرض.
ويستطرد البنا: «انفصلت عن واحدة كنت مُرتبطًا بها منذ ٥ سنوات.. مُش هينفع أقول لأهلها إنى مش مريض ومعنديش مُشكلة.. سبتها فى يوم وليلة.. دخلت فى حالة اكتئاب لفترة طويلة.. وعلاقتى بأهلى اتدمرت تمامًا، لأنهم كانوا بيشفونى قدامهم بنى آدم طبيعى، مش مكسور أو ماشى على كُرسي، أو حتى عندى سرطان، كانوا مُعتقدين إنى بتدلع».
«أسماء» و«البنا» مريضان بالفيبروميالجيا، اتفقا على أنه بالرغم من الآلام المُنتشرة فى عضلات ومفاصل الجسم، والاكتئاب الناتج عن الإحساس بالعجز، يظل أسوأ ما يواجهه مرضى الفيبروميالجيا فى مصر؛ عدم تقدير الأهل والأصدقاء لمدى معاناتهم، والذين يكتفون بين حين وآخر بوصفها بـالـ«دلع» ليس إلا.
تقول أسماء: «الألم اللى بنحسه هو نفسه الألم اللى بيحسه مريض سرطان بيتعالج بالكيماوى.. أنا كُنت جبل، وفجأة المرض جابنى على الأرض.. جوزى مش بيراعى ده.. أرفقوا بزوجاتكم مريضات الفيبروميالجيا، لأن الساعة اللى بتاخدها مراتك فى المطبخ، بتتعب فيها من أول ٣ دقايق».
الأمر قد يكون مُختلفًا بالنسبة لـ«البنا»؛ يقول: «أهلى أجبرونى إنى أتعامل مع دجالين.. ودونى لدجالين لأنهم مش مُقتنعين إنى مريض، وأن فيه مرض اسمه فيبروميالجيا.. والدتى بدأت تقتنع بطبيعة حالتى لما ابتديت آخدها للدكاترة اللى بتعالج عندهم، أما والدى؛ فلسه ماقتنعش بإنى عندى مرض مزمن اسمه فيبروميالجيا، مش هخف منه.. مالوش علاج.. لسه شايف إنى بتدلع».

«الأميرتان» تُقدمان جلسات دعم نفسى لأكثر من 2000 مريض
48.5 % من المرضى تغيرت اجتماعياتهم لحالة سيئة جدًا

57.1 % تأثر زواجهم و97 % من العٌزّاب يرفضون الزواج

صفحة ومجموعتان تحت اسم fibromyalgia بالعربى، أنشأتهما الطبيبتان، أميرة جودت، وأميرة حمدى، فى مايو ٢٠١٧، على موقع التواصل الاجتماعى؛ «فيسبوك»، لخدمة مرضى وذوى مرضى الفيبروميالجيا فى مصر. هن أيضًا مريضات بـ«الفيبروميالجيا»، بدأن فى البحث عن «ناس تشبههن»، يشعرون بنفس آلامهن، وبعيدًا عنمن يُصنفهن بـ«الدلعانين».
يصل عدد المتفاعلين بالصفحة إلى ١١ ألفا و٥٠٠ شخص، بين مريض وذوى مرضى، حيث تستهدف «الأميرتان» من الصفحة، توعية ذوى المرضى بطبيعة وأعراض المرض، حتى يكونوا مُتفهمين لكونه مرضًا عضويًا، وأعراضه غير وهمية، مع تقديم النصائح والمعلومات لمرضى الفيبروميالجيا، ما يُساعدهم على مواصلة حياتهم اليومية، والتغلُب على الأعراض المُصاحبة للمرض، بشكل أو بآخر، من خلال مُشاركة كُل فرد لتجربته الشخصية.
وفى استبيان أجرته «الأميرتان» على مرضى الفيبروميالجيا المصريين، أكدت نتائجه؛ أن نسبة الإناث المصابات بالمرض ٩٣.٩٪ مُقابل ٦.١٪ للذكور، وأن متوسط معرفة التشخيص من سنة إلى ٦ سنوات، كما أن المرض يستهدف الفئة العمرية من ٢٠ إلى ٤٠ عاما، وأن ٢٥.٢٪ من المرضى، كان رد فعل عائلاتهم، الإنكار، عند معرفتهم بالتشخيص، فيما ظن ٢٨.٨٪ من الأهل بأن المريض متوهم.
وكشفت نتائج الاستبيان؛ عن أن ٥٠.٣٪ من المرضى يعتقدون أن إصابتهم نتيجة أسباب نفسية، و٤٨.٥٪ تغيرت اجتماعياتهم إلى حالة سيئة جدًا، و٥٧.١٪ تأثر زواجهم ما بين تأثير سيئ إلى سيئ جدًا، مقابل ٦.١٪ تغير زواجهم للأفضل، و٩٧٪ من العازبين المُشاركين فى الاستبيان يرفضون الزواج، لخوفهم من المرض، وأن يصبحوا عبئًا على الطرف الآخر، وأن ٧٧.٣٪ من المرضى تأثرت حياتهم اليومية بدرجة سيئة جدًا بعد المرض، و٩٢٪ منهم يشعُر بالذنب، عند عدم قدرتهم على القيام بالمهام اليومية بسبب المرض، بينما ٣٠.١٪ من المرضى تركوا عملهم مقابل ٣٧.٤٪.
وبعدما آتت «fibromyalgia بالعربى» ثمارها خلال ٥ شهور من إطلاقها، قررت «الأميرتان» تقديم جلسات دعم نفسي، على أرض الواقع لمرضى الفيبروميالجيا، بمحافظتى القاهرة والجيزة، مرة واحدة كُل أسبوعين. كانت أولى تلك الجلسات فى أكتوبر ٢٠١٧، حيث استطاعتا، التواصل مع ما يزيد على ٢٠٠٠ مريض فيبروميالجيا، بشكل مباشر، لتقديم نصائح أو مشاركة تجارب.

جودت» اكتشفت إصابتها بالـ«فيبروميالجيا» بعد رحلة تشخيص تجاوزت العام، كانت تعانى وقتها من آلام مُتفرقة بالجسم، غير أن أطباء العظام والعلاج الطبيعى أكدوا لها أنها «سليمة»، وبعد شهور من عدم القدرة على إنجاز الأعمال اليومية، والإحساس الدائم بالعجز، وتحولها من شخص اجتماعى إلى آخر انطوائى، بسبب الاكتئاب والأرق، شُخصت فى بداية ٢٠١٥ بأنها مريضة فيبروميالجيا.
ظلت طبيبة العيون ما يربو على العامين، شبه مُلازمة للفراش، بسبب الاكتئاب الناتج عن مرضها، إلى أن قررت مطلع ٢٠١٧ أن تُصاحب مرضها.. «بدل ما يبقى الفيبرو عدوى يبقى صاحبي.. مش هاسيب حاجة زى كده تهزمنى»، تبحث عما يجعلها أفضل بمصاحبة المرض، أنشأت مع صديقتها وزميلتها فى المرض، أميرة حمدى، صفحة «fibromyalgia بالعربى» على منصة التواصل الاجتماعى؛ فيسبوك، ثم تقديم جلسات دعم نفسى مع مرضى آخرين.
تقول جودت: «من تجربتى؛ يُمكن تصنيف أكثر المُشكلات التى تواجه المرضى بحسب الحالة الاجتماعة، إلى شقين؛ بالنسبة للمتزوجات والمتزوجين منهم غالبًا ما تكون أبرز المشاكل؛ عدم تفهم الطرف الآخر للمرض، بالإضافة لشعور المريض الدائم بالتقصير».
وتُضيف: «أما العازبات والعازبون فيتملكهم خوفٌ كبير من الارتباط والزواج، نتيجة قلقهم المُستمر من عدم قدرتهم على القيام بواجباتهم، وتحمل الأعباء، ولأن حوالى ٨٥٪ من مرضى الفيبروميالجيا من السيدات، فلديهن جميعًا مخاوف من الحمل، لأنه يُزيد من الأعراض المُصاحبة للمرض، فى حين تكون السيدة ممنوعة من تناول الأدوية النفسية».
تعكف «الأميرتان» مؤخرًا على تأسيس؛ جمعية مرضى الفيبروميالجيا، لتكون الأولى من نوعها فى مصر، غير أن بعض المواد «التعسفية» فى قانون الجمعيات الجديد، أَجَلَت ظهور الجمعية على أرض الواقع، فبعدما اتفق الأعضاء المؤسسون مع إحدى الجمعيات على مُشاركة مقرهم، جاءت وزارة التضامن الاجتماعى لتشترط استقلالية مقر الجمعية، ما يعنى زيادة فى التكاليف، خاصة أنها قائمة بالمجهودات الذاتية.
وتسعى «الأميرتان» إلى التواصل مع وزارة الصحة، ولجنة الصحة بمجلس النواب، لإضافة قوانين تخدم مرضى الفيبروميالجيا فى مصر، من خلال إنشاء الجمعية. تقول جودت: «حلمنا كمرضى أن يكون لنا جمعية، نُنشئ بها عيادة مُتخصصة فى الفيبروميالجيا، شاملة جميع التخصصات التى يحتاجها المرضى، نُقدم من خلالها الخدمات الصحية مجانًا، أو حتى بأجور رمزية، لأن تكلفة علاج أعراض الفيبروميالجيا تصل شهريًا إلى ٤٠٠٠ جنيه».
يغيب دور الدولة تمامًا، فيما يتعلق بمرضى الفيبروميالجيا بمصر، فرغم خطورته وشدة آلامه، التى تدفع بعض مرضاه للانتحار، إلا أن وزارة الصحة لا تعلم عنهم شيئًا، وتوضح جودت: «الأدوية النفسية غير مُدرجة فى التأمين الصحى، رغم كونها الأدوية الوحيدة التى يستخدمها مرضى الفيبروميالجيا لتخفيف آلامهم، كما أن أقل أدوية يتكلفها مريض الفيبرو تتخطى ١٠٠٠ جنيه شهريًا».
وَجهت «جودت» فى نهاية حديثها لـ»البوابة» رسالتين: «أقول لأهل المريض؛ دوروا يعنى إيه فيبروميالجيا قبل ما تتهموا أى مريض بأنه بيدلع وبيتوهم، وأقول للمرضى؛ متستسلمش لكونك مريض.. ومش معنى أن ربنا ابتلاك بمرض هيكمل معاك العُمر كُله يبقى تستسلم.. أكيد ربنا عارف أنك قوى لأنه قال؛ «لا يُكلف الله نفسًا إلا وسعها».. استغل ده فى إنك تعمل حاجة أحسن من قعدتك فى البيت على السرير مُستسلم للفيبروميالجيا».

الأعراض.. آلام فى 17 نقطة بالجسم
نسبة إصابة النساء من 7 إلى 1 بالنسبة للرجال
كُل ما نقدمه للمريض أدوية للتهدئة ومضادات اكتئاب


« فى محاولة للاقتراب من مرض الفيبروميالجيا، والتعرف على أسبابه وأعراضه واحتمالات الشفاء منه؛ حاورت «البوابة» الدكتورة كلثوم محمد عبدالحميد، أستاذ الروماتيزم والطب الطبيعى، وواحدة من أوائل الأطباء الذين تعاملوا مع مرضى الفيبروميالجيا، فى مصر؛ فكان هذا الحوار..

فى البداية؛ ما هو مرض الفيبروميالجيا؟

- يُسمى الفيبروميالجيا، بالالتهاب العضلى الليفى، وهو عبارة عن؛ آلام تنتشر فى ١٧ نقطة فى الجسم، تبدأ من الفقرات العنقية، ثم الكتفين والكوعين والرسغين، وأسفل الفقرات القطنية، وصولًا بالركبتين، وهناك صعوبة فى تشخيص المرض حتى الآن لدى أغلب الأطباء، حتى المُتخصصين فى أمراض الروماتيزم والمخ والأعصاب والعظام.

ما هى أعراض الفيبروميالجيا؟

- غالبًا ما يكون لدى المرضى حساسية شديدة؛ من الضوء والأصوات المُرتفعة والروائح النفاذة، كما يشعُر المريض بآلام مُنتشرة فى جسده، لا يستطيع بشكل واضح تحديد مصدرها، ناتجة عن إجهاد عضلى، بالإضافة إلى أن شعور المريض بالألم يكون ٥ أضعاف الإنسان الطبيعي، على أقل تقدير، فضلًا عن أن الاكتئاب واضطرابات النوم التى تُصاحب المريض طوال فترة مرضه.


 وماذا عن أسبابه؟

- لا يوجد سبب مُحدد حتى الآن، لكن بعض الأبحاث أشارت إلى أنه ناتج عن خلل فى الجينات، أو «وراثة» من الوالدين، إضافة إلى أن تعرض الشخص لضغوط نفسية صعبة، كفقد عزيز، قد يؤدى للإصابة بالفيبروميالجيا، كما أن بعض المرضى أُصيبوا بالفيبرو بعد الولادة، أو نتيجة التهابات أصابت أجسادهم، وفى النهاية؛ فإن السبب الرئيس لهذا المرض غير معلوم حتى وقتنا هذا.

لماذا النساء أكثر إصابةً بالفيبروميالجيا؟

- تُصاب النساء بهذا المرض أكثر من الرجال، بنسبة تقريبية تبلغ ٧ إلى ١، ويأتى فى السن من ٣٠ إلى ٥٠ سنة فى الغالب، كأكثر إصابة للنساء بعد أمرض هشاشة العظام والزئبة الحمراء والروماتيود، بسبب طبيعة الهرمونات الأنثوية، وكونها الأكثر تعرضًا للضغوط فى الغالب.


هل هُناك أدوية محددة لعلاج هذا المرض؟

- حتى الآن.. لا يوجد علاج قاطع، لهذا المرض، وكُل ما يتناوله المرضى من أدوية فقط للتهدئة والتخفيف من حدة الأعراض، خاصة أنهم يُصابون بالاكتئاب، نتيجة الألم المتواصل والاضطرابات المستمرة فى النوم وعدم التركيز، ما يجعلنا نتعامل مع أعراض المرض وليس المرض نفسه، حيث نعطى للمريض أدوية مضادة للاكتئاب، وأخرى تُقلل من أثر الألم كأدوية؛ البريجابالين وثيوتاسيد، ومؤخرًا أكدت أبحاث ألمانية أن ممارسة الرياضة فى ماء دافئ تُساعد عضلات مرضى الفيبروميالجيا فى الارتخاء وتقليل التوتر، لكن؛ بسبب ارتفاع تكاليف الأدوية النفسية، وبسبب ضغوط الحياة اليومية لا يستطيع بعض المرضى مواصلة العلاج، وتناول جرعاتهم من الأدوية فيصبحون أكثر عرضة للاكتئاب والاستسلام للمرض.
الفيبروميالجيا.. ليس من الأمراض التى نستطيع أن نقول فيها للمريض إنه سيُشفى بعد التزامه بالعلاج لفترة محدودة، كُل ما نقدمه للمريض أدوية للتهدئة ومضادات للاكتئاب.

وماذا عن خطورة التشخيص الخاطئ لمريض الفيبروميالجيا؟

- مريض الفيبرو لا يظهر عليه أنه يُعانى من مرض، فقط آلام يشعر بها فى الجسم، لدرجة أن من يُحيطون به لا يصدقون فى غالب الأحيان أنه مريض، وبالتالى؛ ليس كُل الأطباء على دراية بتشخيص هذا المرض، وغالبًا ما يكون التشخيص؛ غضروف فى الرقبة أو الظهر أو روماتيزم أو ذئبة حمراء، باعتبار أن تلك الأمراض أيضًا يشعر فيها المريض بآلام فى العضلات، لكن تظل خطورة التشخيص الخاطئ للمريض؛ من الناحية الاقتصادية لتحمله تكاليف هذا العلاج لأمراض لا يُعانى منها.

متى كانت أول حالة شخصتها الدكتورة كلثوم كمريضة بالفيبروميالجيا؟

- فى ٢٠٠٦، والفيبروميالجيا بالنسبة لنا كأطباء؛ مرض جديد، لم يكُن موجودًا مُنذ سنوات ليست ببعيدة، لدرجة أنه كان غير مذكور فى الكُتب الكبيرة التى درسناها، وكان غير موجود أيضًا فى الأمراض الروماتيزمية، التى كُنا نذاكرها، ونمتحن فيها فى كلية الطب.

أخيرًا.. نصيحة تُقدمينها لذوى مرضى الفيبرومالجيا؟

- عاملوا مريضكم بحساسية شديدة، بقدر الإمكان؛ ابتعدوا عن كُل ما يُسبب له زعل وضغط نفسى، عاملوه كـ«طفل» إن لزم الأمر، ساعدوه على؛ ممارسة الرياضة والمشى فى الهواء الطلق لتشغيل وفك العضلات وتقليل توترها.. «ماتقولوش عليه إنه بيدلع».