الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قمة الظهران

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل نجحت قمة الظهران فى صياغة رؤية مشتركة لمفهوم الأمن القومى العربى ومحدداته، ومن ثم وضع استراتيجية موحدة لمنع التدخلات الإقليمية والدولية فى الشأن الداخلى للدول العربية؟!!
البيان الصادر عن القمة لا يشى بإمكانية إيجاد تلك الرؤية والاستراتيجية، فقد عكس الاختلاف حول أبجديات مفهوم الأمن القومى العربي، على الرغم من العبارات الإنشائية التى حرصت على تأكيد تعزيز العمل العربى المشترك.
بعيدا عن الاتفاق حول القضية الفلسطينية، والتوحد حول موقف رافض للتدخلات الإيرانية السافرة فى اليمن وتهديداتها المستمرة لأمن دول الخليج العربى لم يتفق القادة العرب على إدانة الاختراقات التركية للأمن القومى العربى فى العراق واحتلالها لمدن وأراضى سوريا، بل إن البيان استبق تقارير المحققين الدوليين التابعين لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، وأكد فى عبارة لا تحتمل معنيين استخدام النظام السورى الأسلحة الكيماوية للاعتداء على شعبه، وفيما بدا أنه تحريض على تكرار العدوان الثلاثى على الشعب السورى طالب البيان المجتمع الدولى القيام بدوره بالتدخل لمنع النظام من استخدام تلك الأسلحة.
هذه الإدانة الصريحة تأتى بينما الصحف الغربية ذاتها لاتزال تصف الهجوم الكيماوى على مدينة دوما السورية بالمزعوم أو المحتمل، فى ظل عدم تقديم واشنطن ولندن وباريس أى أدلة تثبت تورط الحكومة السورية مكتفية بادعاء امتلاكها معلومات استخباراتية.
بيان العرب الذى يتمسك بالأليات الدولية وقواعد القانون الدولى فى حل قضايا فلسطين واليمن وليبيا وسوريا نفسها، لم ينتظر نتائج تحقيق منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التى هى أحد آليات العمل الدولى، واستند إلى الادعاءات الأمريكية معتبرًا حديث قادة دول العدوان الثلاثى دليلا كافيا.
اللافت أن بيان قمة الظهران قد أغفل أن العدوان جاء خارج إطار القانون الدولى، وأنه تم بمبادرة فردية من الدول المعتدية وفى غياب قرار أممى يسمح لها بتوجيه ضربات عسكرية لتأديب النظام السوري.
وقبل انعقاد القمة، سبقها إعلان عدد كبير من الدول العربية دعمها وتأييدها لهجمات العدوان الثلاثى على الدولة السورية، رغم نتائجه العكسية التى صب أغلبها فى صالح حكومة الرئيس بشار الأسد من الناحية السياسية على الأقل، علاوة على تضاؤل نتائجها على القدرات العسكرية للجيش العربى السوري.
وقد سبق تلك المواقف أزمة أثناء الجلسة الختامية لمؤتمر الاتحاد البرلمانى العربي، حيث نجحت دول السودان وقطر والجزائر فى خروج البيان الختامى للمؤتمر دون أن يحمل إدانة لاحتلال تركيا لمدينة عفرين السورية، بل إن رئيس مجلس النواب السودانى قال بالفم المليان نحن ندعم ونؤيد كل ما تقوم به تركيا.
وكما وقفت مصر وحدها تؤكد على ضرورة إدانة الانتهاكات التركية لسيادة الدول العربية فى مؤتمر الاتحاد البرلمانى العربي، بدت فى قمة الظهران وحدها أيضًا من تقدم برؤية متكاملة وشاملة لمفهوم الأمن القومى العربى تمهد لوضع استراتيجية فاعلة لمنع التدخلات الإيرانية والتركية والغربية فى الشأن العربي.
ومع ذلك حرصت على ألا ينهار النظام العربى كليًا فاكتفت بالإعراب عن إحساسها بالقلق الشديد إذاء التصعيد العسكرى ضد سوريا مطالبة بتحقيق دولى شفاف حول الهجوم الكيماوى المزعوم وهو موقف مناقض تماما لما ورد فى البيان، لذلك فضلت وقبل انعقاد القمة عدم إصدار بيان إدانة مباشر للعدوان الثلاثى حرصًا على الحد الأدنى من التوافق العربي.
فى مستهل ولايته الرئاسية الأولى أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسى مبادرة تشكيل قوة عربية مشتركة ضمن استراتيجية تضمن أن يكون العرب وحدهم أصحاب الكلمة العليا فى قضاياهم الداخلية ومع تعمق التناقضات العربية تراجع الطموح المصرى فى تشكيل جبهة عربية موحدة إلى الدعوة لإيجاد الحد الأدنى من التفاهم بين الدول العربية حول أولويات الأمن القومى كما فى كلمة الرئيس السيسى أمام القمة.
هذه الرؤية الواقعية ترجمتها دعوة أحمد أبوالغيط أمين عام جامعة الدول العربية أثناء كلمته إلى الحوار «العربى- العربي» لوضع تصور يتوافق على محددات أمن منطقتنا، فبدون هذا الحوار ستزداد حدة المخاطر التى تهدد وجود بعض الدول العربية لتشمل عددا أكبر وفقا لرؤية الرئيس السيسى الموضوعية بقوله، إن الأمن القومى العربى يواجه تحديات غير مسبوقة تهدد بقاء الدولة الوطنية.
السؤال الآن هل تنجح الدبلوماسية المصرية فى الوصول إلى ما يمكن تسميته باستراتيجية الحد الأدنى لحماية الأمن القومى العربي؟!.
----------------------
كوتيشن: كما وقفت مصر وحدها تؤكد على ضرورة إدانة الانتهاكات التركية لسيادة الدول العربية فى مؤتمر الاتحاد البرلمانى العربي، بدت فى قمة الظهران وحدها أيضًا من تقدم برؤية متكاملة وشاملة لمفهوم الأمن القومى العربى تمهد لوضع استراتيجية فاعلة لمنع التدخلات الإيرانية والتركية والغربية فى الشأن العربي