السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"حسن تركي".. كلمة السر في تمدد تنظيم القاعدة بالصومال

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتوفر في الصومال، كافة العوامل، التي تساعد على ظهور الإرهاب، وانتشاره، وهي ثالوث "الفقر والجهل والمرض"، بالإضافة إلى الصراعات والحروب الداخلية، وانعدام الاستقرار، ونموذج الدولة الفاشلة.
ويبدو أن موقع الصومالي الجغرافي يغري أيضا التنظيمات الإرهابية، إذ يقع فى منطقة استراتيجية تربطه بشكل كبير بالبحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهو ممر محورى فى حركة التجارة العالمية، بالإضافة إلى قربه من اليمن، الحاضنة الأولى لتنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية.

وكشفت دراسة صومالية بعنوان "دخول القاعدة فى الصومال النشأة والتطور"، والتى نشرها مركز مقديشو للبحوث والدراسات، للباحث الصومالى فى شئون الحركات الإسلامية، نور عبدالرحمن، عن جذور وبداية وجود تنظيم القاعدة فى الصومال، وأهمية القرن الإفريقى للتنظيم الإرهابي.
وقال الباحث في دراسته، إن أسامة بن لادن زعيم القاعدة الراحل سعى إلى تأسيس مراكز تدريب لعناصر تنظيم القاعدة في الصومال، فتم التواصل بين "بن لادن" والزعيم الدينى الشيخ حسن تركي، والذى يعد أهم شخصية صومالية تواصلت مع بن لادن، وقت إقامة الأخير فى السودان.
وتابعت الدراسة أن تنظيم القاعدة، وجد فى الصومال أرضا خصبة للتمدد، نظرا لحالة الفقر، والوضع المعيشى الصعب، والغياب الأمنى فى البلاد.
وبدوره، قال خالد الزعفراني، الخبير في شئون الحركات الإسلامية والإخواني المنشق، إن تنظيم القاعدة الإرهابي، تواجد في الصومال عقب سقوط الحكومة المركزية الصومالية عام 1991.
وأضاف الزعفراني في تصريحات لـ"البوابة نيوز"، أن فترة التسعينيات شهدت أزمات سياسية واقتصادية كبرى كان لها تأثير سلبي علي الصومال، وأعطت الفرصة كاملة أمام القاعدة ليتواجد هناك.
وأشار إلى أن العوامل الاقتصادية المتدهورة جعلت عددا كبيرا من أبناء الصومال ينخرطون في العمل الإرهابي، وكانوا طعما سهل لأسامة بن لادن، وبعد ذلك، أيمن الظواهري الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة.
وتابع " الحركات الصومالية التي قاتلت القوات الأمريكية التي كانت متواجدة في الصومال في التسعينيات، حدث تعاون كبير بينهم وبين عناصر تنظيم القاعدة ".
وأوضح الزعفراني، أن "من أهم أسباب التواجد المكثف لتنظيم القاعدة في الصومال في التسعينات، أنه كانت تتواجد به قوات أمريكية، وعناصر القاعدة هدفهم الأساسي هو محاربة أمريكا، وبالفعل استطاع التنظيم القيام بالعديد من العمليات الإرهابية خلال فترة منتصف التسعينيات، منها معركة مقديشيو، التي شن من خلالها مجموعة هجمات إرهابية علي القوات الأمريكية المتواجدة هناك حينها، والولايات المتحدة لم تستطي أن تفعل شيء مع عناصر القاعدة، فتركت الصومال".
ولفت الزعفراني إلى أن من أسباب اختيار أسامة بن لادن وأيمن الظواهري الصومال لتكون معقلا أساسيا لتنظيمهم الإرهابي، هو أن الصومال قريب للغاية من اليمن، التي تعتبر من أكبر المعاقل للتنظيمات المتشددة، إضافة إلى وجود طرق تجارية كبيرة بين الصومال واليمن، وهذا ساعد تنظيم القاعدة ليمارس مهامه الإرهابية، من حيث الاتجار بالأسلحة.
ومن ضمن الأمور التي أشار إليها الزعفران" أيضا، أن الصومال لديه فكر إسلامي خاطئ، لأن أغلب المفاهيم التي تعتمد عليها الحركات الإسلامية الصومالية مفاهيم سيد قطب وجماعة الإخوان الإرهابية، وجميعها أفكار سيئة أتاحت الفرصة لتنظيم القاعدة الإرهابي أن يتغلغل في الصومال.

وبدوره، قال سامح عيد، الإخوانى المنشق والباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن تواجد تنظيم القاعدة بشكل مكثف فى الصومال سيساهم فى وصول الإرهاب إلى السودان واليمن، لأن البلدين بهما توترات سياسية كبيرة، وهذه الأمور تساعد على نمو الإرهاب وتوحشه.
وأضاف عيد في تصريحات لـ"البوابة نيوز"، أن تنظيم القاعدة نجح فى استقطاب عدد كبير من العناصر الإرهابية الصومالية، بسبب الدعم السیاسى والمالي، الذى استطاع أن يوفره لهم، مستغلا انتشار الفقر والبطالة، بالإضافة إلى ضعف الحكومة المركزية.
وتابع أن تنظيم القاعدة، قبل أن يذهب إلى الصومال، ويستقر هناك فى بداية التسعينيات، أرسل مجموعة من عناصره وتفقدوا المكان، واستطاعوا أن يكتشفوا مناطق حيوية وهامة بالنسبة لهم، واختاروا الصومال ليكون ملاذا ثانيا بعد أفغانستان.
ورغم أن الصومال يكاد يمثل حالة فريدة لمجتمع موحد عرقيا ولغويا ودينيا، فإن ذلك، لم يحل دون قيام حرب أهلية فيه منذ 1991، وكان أخطر نتائج هذه الحرب تفكك الدولة، وانهيارها بشكل شبه كامل.
وفي 1992، أعلن شمال الصومال انفصاله باسم دولة أرض الصومال، وانفصل إقليم آخر تحت اسم دولة إقليم البونت، في حين وقع الجنوب في براثن عدد من أمراء الحرب ومجموعة من القوى القبلية والإسلامية، التي يصنف بعضها تحت خانة الإرهاب، كحركة "الشباب المجاهدين"، التي تأسست في 2004، وأعلنت عن نفسها في ديسمبر 2007، وانضمت لتنظيم القاعدة في فبراير 2012، فيما وضعتها الولايات المتحدة في قائمة الحركات الإرهابية في فبراير 2008.

حسن تركي 
ويعتبر الصومالي حسن تركي من أوائل الذين حملوا السلاح بعد سقوط نظام سياد بري عام 1991، وأسس حينها ما سماه "الحراك الجهادي" في الصومال.
وذهب تركي مرتين إلى أفغانستان، والتقى مع أسامة بن لادن في المرتين، ثم التقي به مرة ثالثة في السودان.
وكان من أوائل من قاد المسلحين الذين قاتلوا الأمريكان عام 1993 وآواهم، وأسس معسكرا لتدريب آلاف الشباب في منطقة كامبوني في جنوب الصومال. 
وبعد اندلاع المعركة بين "تحالف مكافحة الإرهاب المدعوم من أمريكا"، وقوات المحاكم الإسلامية منتصف 2006، خرج تركي مع قواته إلى مقديشيو لمقاتلة تحالف مكافحة الإرهاب.
وحسب مركز مقديشيو للبحوث والدراسات، فإن "حسن عبد الله حرسي"، المعروف بـ حسن تركي، من مواليد عام 1942 في غرب الصومال، وشارك في شبابه في القتال ضد إثيوبيا بالستينات، قبل أن ينتقل إلى مقديشو لطلب العلم في المعاهد الشرعية. 
وكان تركي أيضا من ضمن القادة الذين قادوا قوات المحاكم الشرعية الذين سيطروا على مدينة كسمايو في جنوب الصومال من أمراء الحرب، وبعد ذلك، شارك بقواته مع المحاكم في المعارك مع القوات الإثيوبية.
وكان اتحاد المحاكم الإسلامية، سيطر على مناطق واسعة في جنوب الصومال في النصف الثاني من عام 2006، وكان يهدف إلى فرض الشريعة في عموم البلاد، ما دفع بعض جيران الصومال للتدخل، واضطرت إثيوبيا إلى الانسحاب في نهاية 2008، تاركة الساحة لقوات الاتحاد الإفريقي.
وحرص حسن تركي حينها على تخريج دفعات جديدة من المقاتلين من معسكرات التدريب في كامبوني، وشاركت هذه الدفعات بفعالية حرب العصابات ضد القوات الإثيوبية في مقديشو خصوصا، ومدن جنوب الصومال عموما.
وفي 2010، انضم تركي بقواته إلى حركة الشباب المجاهدين، ومنذ انضمامه للحركة، عانى من المرض، وتوفي في 31 مايو 2015.
ويسعى تنظيم القاعدة من خلال حركة "الشباب المجاهدين"، وغيرها، لفرض سيطرته في الصومال، واحتكار ما يسميه "الجهاد العالمي"، وعدم ترك المجال لتنظيم "داعش" للتمدد فى القارة السمراء، وهو ما يرجح أن الأسوأ ما زال ينتظر الصومال، لأن "داعش" ظهر هناك أيضا، خاصة فى جبال "غالغالا" في شمال شرقى البلاد.
وبصفة عامة، فإن التنظيمات الإرهابية تنمو وتزدهر فى أجواء عدم الاستقرار والفوضى، وهذا ما يحدث فى الصومال، لأنها أقرب لنموذج الدولة الفاشلة، منها للحديثة.