الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لا تبكوا سوريا.. ابكوا العرب!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثناء نومكم خضنا حربًا مع ثلاث دول عظمى.. كان هذا العنوان الموجع هو ما تفتحت عليه عيناى يوم العدوان الثلاثى على سوريا الشقيق، من خلال رسائل الخدمة الإخبارية لموقع روسيا اليوم على الموبايل.. لم أتمالك دموعى وخوفى قبل أن أتابع تداعيات الموقف البطولى للشعب السورى، والذين خرجوا فى الشوارع للاحتفال بصد العدوان، رافعين أعلام سوريا وصور الرئيس بشار، لإعلان موقفهم المساند لوطنهم ورئيسهم وجيشهم، وتحديًا لصواريخ تجار الدم الذين يدعون احترامهم لحقوق الإنسان، وهم فى الواقع يتاجرون بدماء الشعوب العربية ويرقصون فوق جثثهم!
ونحن بكل أسف نجلس مكتوفى الأيدى لنتابع مصير دولة شقيقة، كانت يومًا من الأيام موحدة مع مصر تحت راية واحدة تحمل اسم «الجمهورية العربية المتحدة».. بعد أن أصبحت سوريا ملعبًا سياسيًا يعج بالصراعات الدولية والإقليمية «بلا خشى»!!.. ومصيرها باتت ترسمه المصالح الدولية، من دول تفرض بلطجتها على العالم العربى، مرة بأكذوبة أسلحة الدمار الشامل، ومرة بدعوى الديمقراطية والقضاء على الأنظمة الاستبدادية، وأخيرًا بحجة الأسلحة الكيميائية المزعومة!!.. نجحوا فى استغلال سباتنا العميق، فخططوا وقسموا وفتتوا، وما زالوا يعبثون بمصائرنا!!.. وبكل أسف لم يكتف العرب بالمشاهدة ومصمصة الشفاه، ولكن دفع بعضهم المليارات من قوت شعوبهم لإسقاط سوريا!!.. لنشهد هذا الزمن الردىء الذى تباع فيه العروبة والشرف والنخوة، وتستباح فيه الدماء العربية بالأموال العربية!!.. ونحن مكبلو الألسن ننتظر أن تتحرك روسيا والصين للدفاع عن أشقائنا.. ولا أعلم كيف سيذكرنا التاريخ؟!.. وماذا ستقول عنا الأجيال القادمة؟!
لقد كنت أتعجب وأنا أقرأ قصة «وا إسلاماه» فى صغرى، على ما كان يحدث للممالك الشقيقة على مرأى ومسمع من باقى المناطق العربية التى لم يكن قد حان دورها وقتها، كنت أتساءل كيف سكت الحكام والشعوب وهم يرون انهيار المناطق المجاورة لهم، وأبناء الملوك يباعون فى سوق النخاسة.. وكيف لم يعوا أن الدور سيأتى عليهم لا محالة!!.. ولكن دارت الأيام لنرى بأعيننا منذ سقوط الشهيد صدام حسين وإعدامه يوم عيد الأضحى، أن الدائرة تدور على الجميع.. وكل دولة تسقط تكون بداية السقوط للدولة التى تليها.. فكما قالها الرئيس السيسى فى القمة العربية الأخيرة «الأمن القومى العربى كل لا يتجزأ»، ولكن هل تعى الدول العربية الرسالة قبل فوات الأوان؟!.. وهل سنظل كشعوب فى سبات عميق لا ندرك مصائرنا المحتومة إذا لم نفق.. فالمؤسف أن الكثيرين فى مجتمعاتنا منشغلون بتوافه الأمور لا يحركهم تمزق الدول، فنراهم منشغلين بمباريات كرة القدم وأخبار الفنانين، وأشقائنا فى الدول العربية يواجهون الموت بصدورهم العارية.. والدماء أصبحت رخيصة لا تحركهم، حتى دماء أبطالنا من الجيش والشرطة، والتى تسال على أرض سيناء الحبيبة كل يوم، فى مواجهة العصابات الإرهابية التى تدعمها مخابرات الدول الكبرى!!.. وما زلنا نرى الكثير من المسئولين الذين لا يعنيهم البناء بحق، فهم يكتفون بتحقيق منافعهم ومصالحهم على حساب الوطن، ولم نعد نعى قيمة العمل والعلم حتى نستطيع الصمود فى وجه ما يحاك بنا.. لقد تذكرت كلمات العالم الجليل الدكتور مصطفى محمود فى إحدى حلقات برنامجه «العلم والإيمان»، حيث وجه كلامه للشباب آنذاك قائلًا: «العالم بيجرى والدنيا بتتقدم وإحنا قاعدين على القهاوى بنأزأز لب، فبكلم الشباب إللى قاعدين بيتسكعوا على نواصى الشوارع صايعين وضايعين بين الحب والتليفزيون والكورة والكاسيت، بقولهم يا جماعة الدنيا بتتقدم وإحنا محلك سر، فلو بمعدل التقدم الحاصل دلوقتى بعد عشرة عشرين سنة الفرق بينكم وبين الناس دول هيبقى زى الفرق بين النسانيس والبنى آدم، فالكسل ده جريمة والصياعة جريمة، أفتكر أما الشاب يشوف العلم ده ممكن يشعر بالغيرة، لأنه فى يوم من الأيام هيبقى نسناس بالنسبة للناس دول، لو استمر فى حالة محلك سر، والناس دى بتجرى مش بس ماشية.. فلازم يلحق لنفسه مكان أو يحجز مكان فى الأجيال الجاية.. يلاقى له موضع قدم، يفتح كتاب ويتعلم قبل ما الوقت يفوت، وإذا خرجنا من الحلقة بالدرس ده لوحده يبقى عملنا حاجة».
هذا التحذير الذى وجهه هذا العالم الراحل منذ عشرات السنين للشباب آنذاك، لم يجد صداه بكل أسف.. فقد استمر العالم من حولنا فى التقدم، ونحن لم يزدنا هذا التقدم سوى تأخر!!.. فلم نعد نكتفى بالتسكع فى الشوارع والتليفزيون والكرة والكاسيت، بل أصبحنا مغيبين بالفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعى التى ينكب عليها المجتمع، فى كل وقت وكل مكان، ليس لدينا وقت للعمل الحقيقى والإنجاز وتحريك الواقع المؤسف الذى نعيشه، أصبحنا مفعولًا بنا، يحركنا العالم القوى كيفما شاء، ونحن لا نملك سوى الكلام!!.. فهل سيأتى يومًا ونفيق، أم سنبكى كالنساء ملكًا لم نحافظ عليه مثل الرجال!!