عرف يعقوب صنّوع بكونه أحد رواد المسرح المصري والصحافة الساخرة، كان مؤمنا بدور المسرح في تثقيف الشعوب، والارتقاء بالذوق الجمالي للناس، نال ألقابا عديدة منها "مولير مصر، صديق السلام، شاعر الملوك"، وقد عالج في مسرحه المشكلات الاجتماعية التي كان يشاهدها في بيئته فانتقد تلك العادات السيئة مثل الانسياق وراء موضات الغرب، والنفاق والزيف الذي خالط الناس.
صنوع، والذي تحل ذكرى ميلاده اليوم الأحد، ولد بالقاهرة عام 1839 لأبوين يهوديين، حيث كان والده يعمل في خدمة الأمير يكن، حفيد حاكم مصر محمد علي باشا، ويعتبر صنوع كاتب يهودي ذو ثقافة عربية مصرية إسلامية.
وقد صاحبت نشأته قصة طريفة تشبه الأساطير فقد مات لأبيه أربعة أطفال ولم يعش له مولود، لذلك عندما حملت به أمه ذهبت إلى شيخ مسجد الشعراني ليدعو لها أن يحفظ جنينها فبشرها بأن الله سيحفظه وأنه سيكون ولدا وأنها إن أرادت أن يعيش أن تهبه لخدمة الإسلام والمسلمين، وساعتها دفع به أبوه ليتعلم القرآن بالإضافة إلى التوراة والإنجيل، كما كان يجيد ثلاث عشرة لغة.
سافر إلى إيطاليا بعدما حصل على قدر كبير من العلوم الدينية الخاصة بالإسلام والمسيحية واليهودية ودرس اللغة العربية وكتب الشعر، واتجه لدراسة الفنون الجميلة والموسيقى والرسم في أوروبا بالإضافة إلى تعلم المزيد من اللغات الأجنبية وشاهد المسرحيات وافتتن بها.
عمل بالصحافة بتشجيع من الشيخ جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده فأصدر جريدة الكاريكاتير الساخرة باسم "أبو نظارة" وكانت الصحيفة ذات تَوجُّه اجتماعي ناقد؛ رفضت ونددت بزيادة الضرائب والتدخل الأجنبي وهاجمت الوزراء بأسلوب ساخر ملتو ونكات وفكاهات، وشجعت المصريين على الشكوى وبصَّرتهم بحقوقهم.
كانت أولى محاولاته المسرحية عام 1869 إذ أدى مسرحية قصيرة حوت أغاني شعبية، وقد كان يحب تقديم الشخصية الشعبية المقربة من المجتمع والتي تعرض قضاياه، قدمها في البلاط الخديوي الذين ضحكوا للتمثيلية من أعماق قلوبهم، وشجعوه على عرض مسرحياته في حديقة الأزبكية، فكون فرقة مسرحية من تلاميذه وكان هو مدير المسرح ومؤلف النصوص، كما كان يؤدي أحيانا دور الملقن.
ظل يحب المسرح ويؤمن به حتى روى أنه شاهد شرطيين في جمهور عرض مسرحي يتناول جريمة فتأثر الشرطيان بالأداء فقاما يهرولان ناحية خشبة المسرح في محاولة لمنع وقوع الجريمة، فكان ذلك مشجعا له على الاستمرار لأن التأثير كان واضحا وقويًا وغير متوقع.
ترك صنوع، تاريخا كبيرا من العمل الجاد، وخلف تراثا عظيما من النصوص المسرحية التي تؤرخ لبدايات الحركة المسرحية المصرية، حتى توفي في باريس في الثالث من مارس لعام 1912.
