الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

صراع الحرب والسلام بليبيا.. الجيش يبدأ معركة درنة.. وقتال هادئ بين القوى السياسية بحثًا عن "كرسي الرئاسة".. "حفتر" و"الناظوري" و"الحاسي" و"السحبان" ركائز مهمة في بناء الوطن

الجيش الليبي- صورة
الجيش الليبي- صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يقترب الجيش الليبي من تحرير مدينة "درنة"، وذلك بعد حصار دام لمدة عام للمدينة ذات الأهمية الاستراتيجية، وعزز الجيش من وجوده حولها.
تحرير درنة من الإرهاب يجري في ظل توقيت بالغ الحساسية في مسار الأزمة الليبية، وأبدت قوى دولية رغبتها في التعاون مع الجيش الليبي، ودعمه في معركة التحرير منها القيادة الأمريكية في إفريقيا "أفريكوم"، لكن القيادة العسكرية في ليبيا اختارت أن تكون معركة التحرير وطنية خالصة.
وفي خضم معركة الجيش ضد الإرهاب تحاول القوى الإرهابية، استغلال المناخ العام في ليبيا، بهدف إرهاق "المؤسسة العسكرية"، التي تحارب من أجل فرض سلطة القانون في مدينة سبها أقصى جنوب ليبيا، فضلًا على المحافظة على المواقع التي تمكنت من تحريرها من قوى الإرهاب المدعومة من قطر وتركيا مثل منطقة الجفرة جنوب سرت ومنطقة الهلال النفطي على البحر المتوسط.
المفتي العام للجماعات الإرهابية في ليبيا والمصنف على لائحة الإرهاب العربية، الصادق الغرياني، طالب الخلايا النائمة داخل العاصمة الليبية طرابلس بالتحرك جنوبًا باتجاه مدينة سبها بهدف تشتيت القوات المسلحة ودفعها للحرب على جبهتين بدلًا من واحدة، بحيث تنقسم القوى العسكرية بين درنة في أقصى الشمال الشرقي، وسبها في أقصى الجنوب الغربي


صراع سياسي 
يرى الكثير أن دور المجتمع الدولي في ليبيا، أصبح أكثر إيجابية في عهد المبعوث الأممي الجديد، الدكتور غسان سلامة.
وفي تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، يرى الدكتور أسعد زهيو، الأمين العام للتجمع الوطني الليبي، أن سلامة نجح في تفكيك الألغام، التي تم زرعها من أجل تفتيت الدولة الليبية مع بداية المرحلة الانتقالية عام 2011.
وأضاف زهيو، أن خارطة الأمم المتحدة لتسوية الأزمة الليبية، أخرجت ليبيا من حالة الانسداد السياسي، ونجح غسان سلامة في التفكير، خارج الصندوق للوصول لمعالجة ترضي كل الأطراف، وتخرج ليبيا من عنق الزجاجة، فخارطة الطريق التي قدمها السيد سلامة نتاج لعدة لقاءات مع الأطراف التي تقدم مبادرات لمعالجة هذا الانسداد وكان من بينهم التجمع الوطني الليبي الذي التقى السيد سلامة في مقر البعثة بطرابلس وقدم رؤيته للحل.
تضمنت مبادرته جزءًا من مشروع التجمع، وتتصارع 3 قوى سياسية في ليبيا من أجل السلطة، "حكومة الوفاق" المنبثقة عن المجلس الرئاسي الليبي برئاسة فايز السراج، وتكتسب شرعيتها كونها نتاج لاتفاق الصخيرات الموقع بين الأطراف الليبية بالمغرب ديسمبر 2015، وتتواجد في غرب البلاد ولا توجد لها شرعية في الداخل فالبرلمان الليبي لم يصادق على اتفاق الصخيرات حتى اليوم، وإن كانت تحظى بشرعية دولية، وفقًا لبنود اتفاق الصخيرات التي أشرفت عليه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وتوجد في الغرب أيضًا حكومة الإنقاذ، برئاسة خليفة الغويل، وهي حكومة موازية لحكومة الوفاق وتبحث عن مكان لها في ليبيا من منطلق إيمانها بفكرة تقسيم ليبيا إلى 3 ولايات طرابلس وبرقة وفزان، وتضع الجنوب نصب أعينها وتمثل الجماعات الإرهابية في ليبيا.
وفي الشرق توجد الحكومة الليبية المؤقتة، برئاسة عبدالله الثني، وتكتسب شرعيتها من البرلمان الليبي المنتخب وتمارس مهامها من داخل ولاية برقة.


جماعة الإخوان
توفر الأوضاع السياسية بيئة ملائمة لخدمة أجندة الجماعة التي ترى في ليبيا الفرصة الاخيرة للبقاء في المشهد، فقد خسرت مصر وتوشك أن تخسر تونس، كما أنها تنحسر في سوريا، فضلًا عن أن ليبيا تمثل للجماعة نقطة مهمة لمحاولة الانطلاق مجددا من الدولة الغنية بالنفط نحو دول الجوار، فليبيا دولة جوار مهم لمصر والسودان وتونس والجزائر.
والإخوان لا تتحرك بمفردها داخل الدولة الليبية، فالتوغل "القطري – التركي"، في ليبيا منذ أحداث 17 فبراير 2011، أكسب الجماعة نفوذًا واسعًا ومؤثرا في الساحة الليبية رغم عدد عناصر الجماعة المحدود.
وجماعة الإخوان الإرهابية لديه القدرة على التلون والمناورة السياسية، فهي تتواصل مع الدول الاوربية وأمريكا وترفع راية الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة من أجل القفز على سدة الحكم مجددا.
ونجحت في اقتسام السلطة مع القوى السياسية في ليبيا دون أن تغضب القوى الدولية، وأصبحت تتحكم في المجلس الاعلى للدولة أحد الكيانات السياسية المنبثقة عن الصخيرات، ويعتبر عبدالرحمن السويحلي الواجهة السياسية التي تتخذه الجماعة كستار تتحرك من خلفه، فهو وإن لم يكن من قادة الجماعة لكنه محب لها، فضلًا على علاقته العرقية بتركيا.
مؤخرا تم إسقاط السويحلي من رئاسة المجلس الأعلى للدولة، وتصعيد القيادي بالجماعة خالد المشري ليحل محله في مناورة اخوانية جديدة تهدف لمحاولة كسب ود الشارع الليبي، ولتهيئة السويحلي ليكون رئيس ليبيا القادم.
وفي تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، يقول الدكتور عبدالحكيم معتوق، المحلل السياسي الليبي، إن الجماعة الإرهابية تدرك أن الخيار الوحيد أمام الأمم المتحدة اصبح في التوجه نحو انتخابات رئاسية مباشرة، دون الالتفات لتعديل الاتفاق السياسي، فالمجتمع الدولي يبحث عن رأس للدولة الليبية، ثم تأتي بعد ذلك المسائل الأخرى المتعلقة بالدستور ومؤسسات الدولة
وأشار معتوق الى أن التغيرات الأخيرة في مجلس رئاسة الدولة بانتخاب القيادي بحركة الإخوان الليبية، خالد المشري، بدلًا من عبد الرحمن السويحلي تأتي في إطار استعدادات الجماعة لانتخابات الرئاسة المقبلة
ويؤكد الاعلامي الليبي فايز العريبي، أن تركيا وقطر دفعت أموالا لاعضاء المجلس الاعلى للدولة من أجل اختيار خالد المشري ليكون على رأسه
وكشف العريبي في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أنه مخطط إخواني جديد بهدف الانقضاض على السلطة على غرار ما حدث في عام 2012 وفق ترتيبات، تشرف عليها تركيا التي يرتبط بها رئيس مجلس الدولة الذي تم إسقاطه عبدالرحمن السويحلي، فالسويحلي حليف للإخوان وإن لم يكن إخوانيًا فهو محب، وتربطه علاقة وثيقة بالنظام التركي بحكم أصوله التركية
وأشار إلى أن الجماعة ستبذل قصارى جهدها للفوز بالرئاسة، ولكنها لن تتمكن من ذلك لأن رصيدها الشعبي ضئيل جدًا ووجودها في ليبيا يقتصر على العاصمة طرابلس بحكم وجود الميليشيات التي تقدم لها الحماية.
ويجري حزب العدالة والتنمية الذراع السياسية لجماعة الإخوان في ليبيا، اتصالات مع الدول الأوربية، محاولا عبر قادته البارزين أمثال، محمد صوان، ونزار كعوان، ومنصور الحصادي، إقناع الدول الغربية صاحبة اليد الطولى في الأزمة الليبية، بأن الجماعة حريصة على إنجاح العملية الديمقراطية في ليبيا، وأنها منفتحة على كافة التيارات السياسية ولا تعادي أي طرف وتدعم المسار الدستوري وخارطة الأمم المتحدة من أجل إنهاء المرحلة الانتقالية والانتقال إلى دولة المؤسسات.
وأجلت الهيئة العليا لحزب العدالة والبناء، عقد المؤتمر العام للحزب إلى ما بعد الانتخابات العامة المزمع إقامتها في نهاية 2018، معللة ذلك بصعوبة التئام فروع الحزب في بعض المناطق بسبب الأوضاع التي تمرّ بها البلاد، وتجنبًا لإحداث هزة بتغيير قيادة الحزب في هذه الظروف الحساسة التي تسبق الانتخابات


سيف الإسلام القذافي 
أخلي سبيل سيف الإسلام القذافي، في إطار العفو العام الذي تبناه البرلمان الليبي خلال شهر يونيو من سنة 2017، وتواترت الأنباء عن أن سيف الإسلام ينوي لعب دور في الحياة السياسية في ليبيا، فتطور الأحداث في ليبيا وهيمنة الإرهاب على الدولة شكلت فرصًا كبيرة لأنصار النظام السابق ليعودوا إلى المشهد من جديد، وأصبح من الصعب وفق ما ذكر المبعوث الشخصي للرئيس الليبي الراحل أحمد قذاف الدم، تحديد "من الجاني ومن المجني عليه"، فالواقع يؤكد أن الجميع أجرم في حق ليبيا وأصبح الوطني هو الوحيد المجني عليه بعد أن أصبح فريسة للجماعات الإرهابية.
ويقول الدكتور، محمد أبوراس الشريف، المحلل السياسي الليبي، إن فرص سيف الإسلام القذافي تعاظمت للعب دور في ليبيا لولا مذكرة الاعتقال الصادرة ضده من محكمة الجنايات الدولية عام 2011.
وأضاف الشريف، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز": "كان لدى الجماعات الإرهابية مخطط لتطهير ليبيا تمامًا من كل من له صلة بنظام القذافي، وتم تفريغ كافة مؤسسات وإدارات الدولة من أنصار نظام القذافي وقامت العناصر الإرهابية باستهداف كافة العناصر الأمنية في ليبيا، وتم قتل المئات في بنغازي وطرابلس حتى كانت حركة الكرامة بقيادة المشير خليفة حفتر في مايو 2014، والتي قوضت طموح الجماعات الإرهابية في تحويل ليبيا إلى إمارة إسلامية".
وأشار الشريف إلى أن المعطيات الراهنة وبعد أن ألقت مصر بكل مجهودها الدبلوماسي في الأزمة للحيلولة دون فشل الدولة وتقسيم ليبيا، فضلا عن رؤية المبعوث الأممي الجديد غسان سلامة متمثلة في خارطة الأمم المتحدة للسلام، هيئت الظروف لمصالحة وطنية شاملة قد تنجح في جلب الأمن والاستقرار إلى ليبيا.
وأكد الشريف، أن نجل القذافي له شعبية كبيرة في ليبيا، فقد كان يقف في أقصى يسار النظام السياسي للرئيس الراحل معمر القذافي، ويثق الليبيون في أنه قادر على العبور بليبيا إلى التنمية والاستقرار، لكن بعد المقربين إليه ينصحونه بعدم لعب أي دور سياسي في ليبيا على الأقل في الوقت الحالي


المؤسسة العسكرية 
نجح المشير خليفة حفتر في إعادة بناء وهيكلة المؤسسة العسكرية في ليبيا بعد انفراط عقدها في 2011، وتمكن بجهود متواضعة من تأسيس جيش ليبي في شرق البلاد عقب انطلاق "عملية الكرامة" عام 2014.
نجحت المؤسسة العسكرية الليبية بقيادة حفتر في تطهير مدينة بنغازي من داعش وأنصار الشريعة والقاعدة، وتمكنت من استعادة منطقة الهلال النفطي من قبضة ميليشيات إبراهيم الجضران وميليشيا سرايا الدفاع عن بنغازي أحد أذرع تنظيم القاعدة العسكرية في ليبيا.
وقف المجتمع الدولي عام 2016 ضد تحرك خليفة حفتر باتجاه مدينة سرت لتحريرها من قبضة داعش خاصة وأنها كانت بمثابة مركز دعم لوجيستي مهم للجماعات الإرهابية في شرق ليبيا، لكن أمريكا فضلت أن تسند المهمة لقوات البنيان المرصوص المدعومة من المجلس الرئاسي الليبي وهو الأمر الذي أدى إلى انشطار المؤسسة العسكرية في ليبيا إلى نصفين واحدة في الغرب تابعة لحكومة الوفاق وأخرى في الشرق بقيادة المشير حفتر.
وبذلت مصر جهود كبيرة من أجل توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا تحت قيادة واحدة واستضافت عدة لقاءات واجتماعات من أجل فتح الحوار بين القيادات العسكرية والاتفاق على توحيد الجيش الليبي، ولاتزال الجهود مستمرة حتى اليوم.
وبحسب وزير الخارجية الليبي بحكومة الوفاق أمام اجتماعات وزراء الخارجية العرب بقمة الدمام، فإن جهود اللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية تحظى بتقدير شديد من قبل مختلف الأطراف الليبية، وإن حكومة الوفاق الوطني تتجاوب تمامًا مع هذه الجهود ونأمل بأن تكلل بالنجاح.


عبد الرازق الناظوري
يعد عبد الرازق الناظوري من القيادات التي اعتمد عليها المشير حفتر من أجل  إعادة بناء الجيش الليبي، والناظوري من مواليد مدينة المرج شرق ليبيا والتحق بالعمل العسكري عام 2014.
برز نجمه خلال أحداث 17 فبراير حيث أسس كتيبة الأوفياء، وقام بتجميع سلاح الدبابات في المنطقة الشرقية ووضعها تحت خدمة عملية الكرامة بقيادة المشير خليفة حفتر.
حاول أن يخترق العاصمة الليبية "طرابلس" وعرض على قبيلة الزنتان وجيش القبائل تقديم الدعم لهم في مقابل تحرير العاصمة لتكون خاضعة للجيش الشرعي ولكن إرادة الدول الكبرى الداعمة للميليشيات بالعاصمة وقفت ضد هذا الأمر.

مبروك السحبان 
اللواء مبروك السحبان من منطقة الشويرف بمدينة سبها جنوب ليبيا، عسكري محترف ينتمي لقوات الساحقة الليبية، تم إلقاء القبض عليه في أحداث 17 فبراير 2011 وافرج عنه عام 2015 لينضم إلى الجيش الليبي مجددا تحت قيادة المشير خليفة حفتر الذي عينه أمرا لغرفة عمليات سرت الكبرى.


عبدالسلام الحاسي
اللواء عبدالسلام الحاسي، مدير غرفة عمليات مدينة بنغازي شرق ليبيا، من مواليد 1943، وهو عسكري محترف تخرج في الكلية العسكرية برتبة ملازم ثان والتحق بالقوات الخاصة مطلع سبعينيات القرن الماضي، وعين منسقا للعلاقات الدولية بإقليم دارفور في السودان في عهد الرئيس القذافي وأمرا للقوة الليبية المشاركة في عمليات حفظ السلام بأفريقيا.

ليبيا والأمن المصري
تعد مصر من أكثر الدول العربية تضررا من انهيار الأوضاع الأمنية في ليبيا، وهي تعمل باستمرار من أجل استعادة المؤسسات الأمنية في ليبيا كامل لياقتها لتمارس اختصاصاتها كاملة في تأمين حدود الدولة بعد أن أصبحت مشرعة الأبواب من كل الاتجاهات ما ينعكس سلبا على الأمن القومي لمصر التي يربطها شريط حدودي يمتد لأكثر من 1250 كلم مع ليبيا.
ولمصر نقاط تماس مع كافة إقليم الدولة الليبية "برقة، فزان، طرابلس"، فهي ترتبط بحدود مشتركة مع الجنوب الليبي عبر "واحة الكفرة"، جنوب شرق ليبيا، والتي تربط مصر بريًا بكافة أنحاء الدولة الليبية.
واي خلل في عمل المؤسسة العسكرية الليبية سينعكس حتما على الأوضاع الأمنية في مصر فدول مثل قطر وتركيا تتطلع إلى أي ثغرة يمكن من خلالها الإضرار بالأمن المصري وستكون الفرصة مناسبة إذا ما حدث أي خلل في أداء الجيش الليبي، خاصة في هذا التوقيت بالغ الأهمية في مسار الأزمة الليبية.
وبحسب مصادر ليبية لـ"البوابة نيوز"، فأنه يجب الحفاظ على المؤسسة العسكرية الليبية متماسكة وقوية خاصة مع بداية الحرب على الإرهاب في درنة شمال شرق ليبيا القريبة من الحدود المصرية، وأي تسرب لهذه العناصر إلى داخل الأراضي المصرية هو عامل خطر.
وأكدت المصادر وجود قوى سياسية نافذة في ليبيا تجتهد من أجل خلق مشاكل بين مصر والشرق الليبي، ويمثل الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر رادع لهذه القوى وهي تتمنى إبعاد حفتر عن المشهد من أجل الإضرار بالوضع الأمني وخلق موجة جديدة من تصدير الإرهاب والسلاح الى مصر عبر الدولة على ليبيا مثل ما حدث عام 2011.