السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل تم هذا داخل الجلسات المغلقة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
القمم العربية السابقة لم تخل من تحديات طالما دقت ناقوس الخطر حرصا على بقاء «ما تبقى» من تماسك كيان دول المنطقة. الصيغ النمطية التى لم ترتق إلى مستوى الأحداث فى الاجتماعات السابقة تتحمل جزءا كبيرا من مسئولية تصاعد الأزمات والصراعات وازدياد تشابك مساراتها.. الآن من المؤكد أن قراءة تسلسل المواقف الدولية والإقليمية تفرض خطط تحرك عربى أكثر حزما وجدية من مجرد قرارات أو توصيات لم تعد تجد صدى لدى دول العالم.
قبل أشهر قليلة من انعقاد القمة فى الدمام.. اتخذ الرئيس ترامب قراره المشئوم بنقل السفارة إلى القدس واعتراف أمريكا بها عاصمة لإسرائيل.. على مدى أسابيع تستخدم إسرائيل كل يوم جمعة وسائل القمع الوحشى والقتل فى مواجهة تظاهرات سلمية للشعب الفلسطينى فى ذكرى حق العودة.. قبل أيام تجاوزت حدة التشاحن الدبلوماسى بين القوتين، روسيا - أمريكا، إلى بوادر عمليات عسكرية مشتركة سبقت القمة بساعات نفذتها أمريكا والمملكة المتحدة وفرنسا على سوريا، بينما روسيا ما زالت تتحفظ على الرد، ما يؤدى إلى زيادة مساحة الفوضى والخراب فى المنطقة العربية. القمم السابقة لم تواجه هذا الحجم من التهديدات الخطيرة منذ قمتى عام 1990 الطارئة التى تلت الغزو العراقى للكويت، وعام 2003 بعد الغزو الأمريكى للعراق.
أمام واقع مشهد عربى يقر بوجود دول تكاد تفقد ملامحها نتيجة صراعات دموية وأخرى تهدد السيادة المنقوصة نجاحها العسكرى فى محاربة التنظيمات التكفيرية.. يفرض السؤال الرئيسى نفسه هل طُرِحت هذه الحقائق الخطيرة أثناء الجلسات المغلقة بين رؤساء وقادة المنطقة؟ حالة التجمع العربى لم تعد ترفا أو إشعارا نتغنى به.. هى البديل الوحيد لإنقاذ كيان المنطقة من التحول إلى مناطق تتنازع التنظيمات الإرهابية والدول الإقليمية، إيران - تركيا، من أجل السيطرة عليها.. فالمؤكد أن تطور آليات الحروب والمتغيرات السياسية الشائكة وصراع الإرادات الدولية والإقليمية لم تعد تحتمل رفاهية عقود التراخى والمجاملات التى سادت العمل العربى المشترك. قضية الأمن القومى العربى أصبحت هى الإشكالية حاليا، خصوصا أن صراع النفوذ لم يعد يعتمد على «الانتقائية».. شبه الجزيرة العربية أو الأردن - مثلا - وغيرها من الدول لن تكون بعيدا عن نيران أى تدخل عسكرى غربى فى المنطقة.
حجم التصعيد الذى تحركه الطموحات الدولية والإقليمية اعتمادا على تاريخ الشجب والإدانة والذى أسفرت عنه نتائج القمم العربية السابقة لن يُنقِذ منظومة العمل العربى من المأزق البالغ الذى تواجهه وهى تحاول اجتياز الأجواء الملبدة بسحب التدخلات العسكرية فى سلام. الدرس التاريخى الذى لم يعد هناك مفر من استيعابه أن العالم لم ولن ينتبه إلى أصوات منفردة من كل دولة عربية، لذا تكمن بارقة الأمل الوحيدة للوصول إلى درجة من وحدة القرار العربى، إلى دعم وتعزيز الجبهة التى تشكل أقطابها مجموعة دول تملك مفاتيح التواصل مع المجتمع الدولى وأبرزها مصر، والسعودية، ودول الخليج العربى، والأردن. منذ أربعة أعوام نجح هذا التحالف فى إجبار العالم على الاعتراف بسيادة قرار الشعب المصرى.. هو بالتأكيد يستطيع انتزاع دوره الطبيعى فى العمل على إطفاء نيران الحروب وإعادة السيادة إلى دول منطقته، وتحجيم التدخلات الخارجية بكل الفشل الذريع والمآسى التى جلبتها على الدول.
سقف التطلعات المرتفعة لم يكن مطلوبا - بحكم المنطق - من هذه القمة.. الشارع العربى الذى أعادته الأحداث منذ عام 2011 إلى دائرة الاهتمام السياسى يتطلع إلى رؤية واقعية من قادته، حتى وإن لم ترتق إلى طموحاته التى لم يتحقق منها شىء سوى بنود الشجب والإدانة. المواطن يعى جيدا أبعاد وقدرات دول منطقته فى التأثير على القرار الدولى.. لذا هو لا يطالب بأكثر من خطوات واقعية من أجل فتح ثغرة فى جدار أزماته طالما تتسم بالجدية فى هذا الإطار.
القضية الأساسية التى شغلت كل مواطن عربى تابع المعلن من وقائع هذه القمة.. داخل الجلسات المغلقة، هل ارتقى قادة بلاده إلى تنحية خلافاتهم الفرعية حول مناطق الحروب والصراعات الطائفية «ليبيا، سوريا، اليمن، العراق»، واجتمعوا على أولوية وضع خطة عمل ومسار يحقق حلولا واقعية للتهدئة فى هذه الملفات خصوصا وهى تشكل القاسم المشترك الذى يخدم مصالح المنطقة؟