الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عرب موريتانيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كنا «المغاربة» الذين قطعنا الشارع المقابل للفندق المقام به لقاؤنا المغاربى التدريبى (10 الى 14 أبريل 2018) حول «دور المرأة والمجتمع المدنى فى تحقيق أجندة التنمية 2030»، وهو شارع مركزى بنواكشوط- موريتانيا، وبه أشهر المطاعم، والبنوك، ومقر السفارات، وسكن القناصل، والفيلات الجميلة لأثرياء الحي، حين صادف أن تقابلنا فى ساعات تجوالنا مع جنسيات عربية مختلفة كان أولها اللبنانى الذى يقيم من سنوات مطعما لتقديم البيتزا، ثم الجزائرى بمقهاه الذى يأخذ من الرصيف مساحة من كثرة رواده من المغرب العربي، وكان التونسى المستثمر الذى دلنا على محل الاكسسوارات: فضة وذهبا ونيكلا، وما يصنع من قرون الحيوانات كما أصداف ومحار البحر، وكان المغربى صاحب «محلبة مراكش»، وهى تسمية مغربية- موريتانية لمحل عصر الفواكه الطازجة، وقد أكرمنا صاحبها بتقديم صحن فواكه مشكلة مجانى رفقة ما طلبنا من عصائر مختلفة، وكان العامل المصرى «رجب» من تقابلنا معه بائعًا فى محل الملابس التقليدية الموريتانية، وقد انتبه إلينا فور دخولنا للمحل ونحن نتبادل الحديث حول كثرة محلات «الحلاقين» وبشكل لافت، فكان من أجاب عن دهشتنا قائلًا: إن الرجل فى موريتانيا يضع ضمن برنامجه اليومى الذهاب إلى «الحلاق» كتقليد يخصه ولما لا يفعله أبدا فى بيته! وعود إلى مُضيفنا «رجب» الذى فسر وجود مستثمرين وتجار «أفراد» من عرب الجنسيات المختلفة دون أن نلحظ كثرة فى جنسية ما كالعمالة المصرية المعتاد رؤيتها فى مواطن العمل والاستثمار محيلا ذلك إلى ضعف ما يمكن تحصيله مع غلاء المعيشة فى نواكشوط وموريتانيا عموما، مستثنيًا الأفارقة من الماليين والسنغاليين كونهم أسسوا تاريخًا فى علاقتهم بتجارة السمك صيدا وبيعا، وكنا فى زيارتنا الاستطلاعية لسوق السمك قد لاحظنا ذلك حتى مع وجود قلة من الموريتانيين (شريحة الزنوج) فى قطاع الصيد؛ حيث يستثمر الاتحاد الأوروبى فى تلك الشواطئ التى تسجل رقما عالميا فى ازدحامها بأنواع وكميات سمكية لا تنافسها فى ذلك إلا اليابان.
أما ما تأكد لى فيما طالعت وسمعت عن المرأة الموريتانية، وبروزها المجتمعى بتمكنها فى أغلب مجالات العمل، وذلك ما تحققتهُ وشهدت به عيناى أيضا أو كما يقال (رأى العين)، فساعة وطئت أرض مطار نواكشوط وسيارة الفندق تقطع بى والزملاء المنضمين للدورة التدريبية شوارع العاصمة، وقد كان وصولنا ليلا ومتأخرا (قاربنا الثانية من صباح يوم جديد) بانت لنا المرأة الموريتانية راجلة آمنة كما معتلية سيارتها لوحدها مثلما مع رفقة، ومع كل جولاتنا مساءات أيام التدريب شاهدنا المرأة الموريتانية فى سوق السمك تبيعهُ، ثم فى «السوق الكبيرة» كانت مالكات للمحلات المختلفة فى بيع الاحتياجات من ملبس وأقمشة وخردوات و...، أما الدكاكين الخاصة التى عمرت بها الشوارع فالمرأة تظهر فيها تاجرة برأسمال «جيد»، حتى أننا دخلنا عليهن بأحد المحلات الخاص ببيع الملابس التقليدية للرجال والنساء والتى بدت بخامة وصنعة فاخرة، وعند سؤالنا عن أسعارها اكتشفنا أنها كزى شعبى مُكلفة إذ تتجاوز القطعة الواحدة للثوب 300 دولار! 
وكانت المرأة الموريتانية من المشاركات معنا فى الدورة التدريبية التى نظمها مركز المرأة «الكوثر» للتدريب والبحوث، ما جعلنا نقارب أحوالهن وأوضاعهن، وجمعتنا الأحاديث معهن حول العادات والتقاليد المتبعة إزاءها، ورغم أن نقيب الصحفيين الموريتانيين «محمد السالم ولد داه» علق فى كلمته يوم افتتاح التدريب أن المرأة الموريتانية فاقت حضور الرجل ولها الغلبة أيضا فى بيتها، كما وقد مُنحت تمكينًا سياسيًا أوصل تسع وزيرات فى حكومة سابقة، كما وقدم لنا الأمينة العامة لنقابة الصحفيين مريم عباس، وخديجة المجتبى رئيسة شبكة الصحفيات الموريتانيات، ومديرة محطة التليفزيون الحكومية خيرة الشيخانى، إلا أنهن طالبن بمزيد من التمكين ومعالجة الواقع الاقتصادى والتعليم المتدنى فى أوساط النساء المهمشات بفعل التمايز الطبقى والعنصري. ولنا عودة للموريتانيات.