الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

أبو الغيط: نواجه تحديات خطيرة.. والدول العربية تخوض معركتين

أبـو الغيـط،
أبـو الغيـط،
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد أحمـد أبـو الغيـط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أهمية التعاطي بجدية مع التحديات الخطيرة التي تواجه جهود الدول العربية التنموية في المستقبل، خاصة فيما يتعلق باستدامة الموارد الطبيعية.
وقال: إن 40% من سُكان المنطقة العربية يعيشون في مناطق شُح مائي، والمتوقع أن تؤدي التغييرات المناخية إلى خفض مواردنا المائية بنسبة 20% إضافية بحلول عام 2030، وليس صعبًا أن نتصور خطورة التحديات التي تفرضها هذه المعطيات، خاصة فيما يتعلق باتساع الفجوة الغذائية في العالم العربي، والتي سجلت ارتفاعًا مُزعجًا من 18 مليار دولار عام 2005 إلى 34 مليار دولار عام 2014.
جاء ذلك في كلمته باجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري لمجلس الجامعة، التي عقدت برئاسة محمد بن عبد الله الجدعان وزير المالية السعودي، رئيس الدورة العادية التاسعة والعشرين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة.
وقال أبو الغيط: إن المُتأمل لأحوال المنطقة العربية اليوم لا يسعه سوى إدراك عمق الصلة بين تحديات الاستقرار والأمن من ناحية، وغايات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد أن الدول العربية مطلوبٌ منها أن تخوض معركتين في آن واحد، وبنفس الدرجة من التصميم والعزم، الأولى القضاء على الإرهاب واستئصال جذوره من التربة العربية، والثاني هي التنمية والتحديث على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، "إنهما معركتان متكاملتان لا انفصال بينهما، ولا يمكن لشعوبنا العبور إلى المستقبل سوى بالانتصار فيهما معًا".
واضاف: "رغم سعادتنا الكبيرة بما تحقق من دحر جماعة الإجرام والتكفير المُسماة بداعش، إلا أن الطريق ما زال أمامنا طويلًا لكي نطمئن إلى أن هذا البلاء لن يعود ليضرب مجتمعاتنا من جديد".
واوضح أن المرحلة الحالية تتطلب تعزيز الانتصارات التي تحققت عبر الإسراع باستعادة الحياة الطبيعية للمناطق والبلدات التي عاث فيها الإرهابيون فسادًا، فخربوا عمرانها وهجروا سُكانها.
وقال: "إن إعادة الإعمار تفرض نفسها على الأجندة العربية كمشروع رئيسي في هذه المرحلة الحاسمة وسيحتاج الأمر لسنواتٍ من العمل والجهد التنموي من أجل استعادةِ ما دُمر وإعمار ما خُرب، الأمر الذي يمثل فُرصة كبيرة لمشروعاتِ تكامل عربي تُركز على هذا الجانب الذي يُسهم ولا شك في تعزيز الوضع الاقتصادي العربي في مجمله". 
وتابع: إننا نرصد جهودًا خلاقة وجسورة من جانب عدد من الدول العربية في إقامة مشروعات اقتصادية كبرى، يكون من شأنها تعبيد الطريق أمام ولوج الدول العربية إلى عصر الثورة الصناعية الرابعة، بما يفرضه من محددات اقتصادية ومتطلبات تكنولوجية، والمأمول أن تصب هذه الجهود في سد الفجوة الخطيرة في مجال التوظيف.
واضاف: "لقد بلغت البطالة في العالم العربي، خاصة بين الشباب، معدلات مرتفعة تصل إلى 30% من قوة العمل، وغني عن البيان ما ينطوي عليه ذلك الوضع الخطير من أزمات اجتماعية وسياسية وأمنية، إن النمو الذي ننشده هو ذلك الذي يأخذ بيد كافة شرائح المجتمع، ويُسهم في تخفيف حِدة الفقر، ويقود إلى زياة الانتاجية والاستثمار، ومن ثم توفير المزيد من فرص العمل".
وقال: إن الحاجة لتعزيز العمل العربي المُشترك في المجالات الاقتصادية والاجتماعية تشتد اليوم أكثر من أي وقت مضى، إذ لا يخفى أن الأزمات الخطيرة المتوالية التي ضربت المنطقة العربية منذ 2011 لا تؤثر على دولة بعينها، وإنما تمتد تأثيراتها السلبية وتبعاتها الخطيرة مُتخطية الحدود، وتُزيد من صعوبةِ الأوضاع الاقتصادية في عددٍ من الدول العربية، سواء فيما يتعلق بارتفاع تكلفة حماية الحدود وصون الأمن الداخلي من مخاطر الإرهاب، أو من حيث تدفق أعداد هائلة من اللاجئين، بما يفوق طاقات الدول المستضيفة ويضغط على كافة منظوماتها الحياتية ويُضاف إلى ذلك كله تأثيرات الصراعات على التجارة البينية بين الدول العربية، وعلى مُعدلات التوظيف والتشغيل، وغيرها من أوجه النشاط الاقتصادي التي نالها أذى كبير في ظل تصاعد التهديدات الإرهابية واستمرار حال انعدام الاستقرار في بعضِ الدول العربية.
وتابع: "لا شك أن هذه الأوضاع الصعبة تدفعنا جميعًا إلى الاستمساك بصورة أكبر بالمشروع الاقتصادي الأهم في المنطقة، ألا وهو مشروع التكامل الاقتصادي الذي آن أوان انتقاله إلى حيز الفعل والتنفيذ".
وأوضح انه جرى عملٌ كثير خلال السنوات الماضية على صعيد استكمال الأركان القانونية والمؤسسية لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والاتحاد الجمركي العربي، وتحرير التجارة العربية في مجال الخدمات (ولا يفوتني هنا توجيه التهنئة لكل من الأردن ومصر لقيامهما بالتوقيع اليوم على اتفاقية تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية، آملًا في انضمام باقي الدول العربية في الأجل القريب).
وقال: إنه على الرغم ما تحقق على صعيد التكامل الاقتصادي العربي، إلا أن الانطلاقة الكبرى نحو تحقيق هذه التطلعات ما زالت تنتظر الإرادة السياسية من أجل تحويل الحلم إلى واقع، مشيرا إلى تطورٍ مهم سيتحقق هذا العام، على صعيد تعزيز التكامل الاقتصادي العربي وهو اعتماد قواعد المنشأ التفصيلية للسلع العربية المُتفق على تداولها في منطقة التجارة الحُرة العربية وهي تتجاوز 90% من إجمالي قواعد المنشأ للسلع العربية.
وأوضح أن معضلة الاتفاق على قواعد المنشأ طالما مثلت عقبة كبيرة في طريق استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ولا شك أن تذليل هذه العقبة سوف يُمهد الطريق لاستكمال خطوات تفعيل التكامل الاقتصادي بإيقاع أسرع وتوافق أوسع.
وقال: "لقد اختارت الدول العربية الالتزام بتنفيذ أجندة التنمية المُستدامة 2030. إن قضايا المياه والطاقة والبيئة وانتاج الغذاء مترابطة ومتكاملة وكلها تستلزم تخطيطًا يخاطب المستقبل ويستشرف مخاطره التي ستنعكس بصورة مباشرة على نوعية حياة المواطن العربي ومستوى معيشته وأمنه الاقتصادي".