الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

أبو الغيط يؤكد ضرورة تأهيل الشباب العربي للتعامل مع ثورة التكنولوجيا

أبو الغيط
أبو الغيط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، ضرورة إعداد الشباب العربي للتعامل مع معطيات ومتطلبات ثورة التكنولوجيا أو ما يسمى الثورة الصناعية الرابعة، محذرا في الوقت ذاته من محاولة تقويض الثقة في المؤسسات القائمة.. سواء سياسية أو دينية واجتماعية أو ثقافية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 
وقال أبو الغيط في كلمة له اليوم في المؤتمر السنوي لمؤسسة الفكر العربي "تحديات الفوضى وصناعة الاستقرار" الذي يعقد بدبي"- إن البديل لعدم إعدادهم لهذه الثورة هو أن نترك شبابنا فريسة لتقسيم جديد للعمل على المستوى العالمي لا يحصلون بمقتضاه سوى على الوظائف الدنيا والأعمال ذات القيمة المضافة المنخفضة.
وتابع: "نقف على أعتاب ثورة تكنولوجية ضخمة سيكون من شأنها أن تُغير الكثير من القواعد الراسخة في السياسة والاقتصاد والمجتمع".
وأضاف: "لقد اصطلح البعض على نعت مجمل التطورات الجارية في المجال التكنولوجي، وعلى رأسها ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي والبيانات العملاقة وتكنولوجيا المعلومات، بالثورة الصناعية الرابعة".
وأشار إلى أن هذه الثورة، شأنها شأن الثورة الصناعية الأولى، ستفرز رابحين وخاسرين.. سيكون لها ضحاياها، وأولهم العمالة غير الماهرة وشبه الماهرة التي ستقوم الآلات بوظائفها بصورة أفضل، فتنتفي الحاجة إليها.
وتساءل أين العرب من هذه الثورة الهائلة التي تطرق أبوابنا؟.. هل تفوتنا مثلما فاتتنا الثورة الأولى زمنًا طويلًا حتى صرنا أسرى للتخلف والاستعمار؟ هل تسهم في اتساع الفجوة بيننا وبين العالم بصورة تتجاوز قدرتنا على تجسيرها؟.
وعلى صعيد العلاقات الدولية، قال إن النظام العالمي يمر بحالة غير مسبوقة من السيولة والتنافس –الذي يقترب من الصراع- بين اللاعبين الرئيسيين، وهو تطور يلقي بظلال من انعدام اليقين على كافة التفاعلات والعلاقات الدولية.
وأضاف: "اليوم تواجهنا تحديات إضافية، مضاعفة ومركبة: كيف نحافظ على الاستقرار في زمن الفوضى؟ كيف نُصون الوحدة في عصر التفتت؟ كيف نبني المؤسسات في زمن تآكل المؤسسات؟ كيف نعصم مجمعاتنا من تهديدات مفاجئة وتصدعات خطيرة صارت جزءًا لا يتجزأ من طبيعة العالم المُعاصر؟".
وأشار إلى أن هناك ردة فعل عنيفة إزاء ظاهرة العولمة والانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي، ووصول الرئيس دونالد ترامب إلى مقعد الرئاسة في الولايات المتحدة، ليست سوى أمثلة لتجليات رد فعل غاضب من جانب قطاعات واسعة من مواطني الغرب تشعر أن العولمة خذلتها وفاقمت من معاناتها.
وأوضح أنه ليس هؤلاء الرافضون كلهم من الفقراء، ولكنهم يضمون شرائح من الطبقة الوسطى التي لم تتزايد دخولها الحقيقية لعقود، هؤلاء يشعرون بأن حرية التجارة وتعزيز الترابط العالمي لم يصب في مصلحتهم، ومحصلة ذلك هي صعود لتيارات الانكفاء على الداخل، وبناء الجدران العالية أمام التجارة والمهاجرين وكل ما هو قادم من الخارج.
وقال: "يرتبط بهذا ما نشهده من تصاعد ملحوظ في السياسات القومية المتطرفة والنزعات الشعبوية الجارفة.. والشعبوية بطبيعتها تعتمد على نهج مُغازلة غرائز الجمهور، وتحريك مخاوفه الأولية، عبر طرح شعارات مُبسطة وأهداف براقة.. تعتمد الشعبوية كذلك على اختراع الأعداء وتضخيم المخاطر الداخلية والخارجية".
وحذر أبو الغيط من أن عالمًا يقوم على الانكفاء والقومية المتطرفة هو عالم أكثر خطورة، وأشد عرضة للتوترات بين الدول وبعضها البعض، بل بين الجماعات المختلفة داخل الدولة الواحدة، وبالتالي الاتجاه إلى تفتيت الوحدات القائمة إلى وحدات أصغر، على أساس القومية أو العرق أو الدين.
وقال إنه في مواجهة هذه الاتجاهات التفتيتية المُدمرة في الغرب، ليس أمام دولنا إلا اتقان فن العيش المشترك، وتعزيز قدرة المجتمعات على قبول التنوع والاختلاف باعتباره مصدر قوة وإثراء. 
وشدد في هذا الإطار على إن التحدي الرئيسي أمام الدولة الوطنية في العالم العربي هو أن تصير بحق "دولة لكل مواطنيها"، لا مكان فيها للطائفية أو المذهبية أو التيارات المُلتحفة بالدين.
وقال: "في المنطقة العربية، الغنية بالملل والنحل والأعراق، لا مجال أمامنا سوى أن نتعلم العيش معًا، إنه اختبار بقاء لمجتمعاتنا ودولنا ومواطنينا، فالبديل –كما شهدنا- هو القضاء على الدولة وتشريد أبنائها وتبديد مُقدراتها".
وقال إن أخطر ما يواجه العالم اليوم من وجهة نظري هو تقويض الثقة في المؤسسات القائمة.. ولا أقصد بالمؤسسات السياسية منها فحسب، وإنما الدينية والاجتماعية والثقافية أيضًا.
وأكمل: "لا شك أن تكنولوجيا المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي تدفع في هذا الاتجاه عبر ترويج الأخبار الكاذبة بما يُسهم في تشكيل مناخ مشحون من الاحباط والتشويش والتحريض والغضب واليأس يكون من نتيجته إضعاف الثقة في المؤسسات القائمة، بحيث تصير فريسة سهلة أمام معاول الهدم والتخريب التي يرفعها أعداء الحضارة والإنسانية".
وأضاف: "تكنولوجيا التواصل الاجتماعي، مثلها مثل أي تكنولوجيا لها ما لها وعليها ما عليها.. إلا أنني أرى، وبواقع تجربة مجتمعاتنا العربية وكذا ما يحدث في العالم الغربي من اختراقات للعملية السياسية والأسس الديمقراطية، أن هذه التكنولوجيا –إذا تُرك لها الحبل على الغارب- ليست سبيلًا لتعزيز الحرية والديمقراطية، بقدر ما هي قادرة على إفراز أكثر الاتجاهات تطرفًا وغوغائية".
واستطرد: "وظني أن هذا الملف يتعين أن يلقى الاهتمام والانتباه من المفكرين العرب، فالعزلة والانغلاق لا يمثلان حلًا.. ولكن البديل لا ينبغي أن يكون الانكشاف الكامل أمام هذه المؤثرات المُدمرة للنسيج الاجتماعي".
ودعا المؤسسات العربية، سياسية كانت أم دينية أم اجتماعية، أن تُعزز رسوخها لا بالانغلاق والانعزال عن المجتمع والعالم.. وإنما بالانفتاح على تجارب الآخرين، والتعلم منها والتفاعل معها.
وقال إن المؤسسات التي تستطيع البقاء في هذا العصر هي تلك التي تُجدد نفسها بنفسها قبل أن يُفرض عليها التغيير فرضًا.. هي مؤسسات مرنة، سريعة الحركة، قادرة على التكيف.. مؤسسات تبذل الجهد من أجل نيل ثقة الجمهور وتستمد الشرعية من هذه الثقة المتجددة. 
وأضاف أن ما يحصن المؤسسات العربية حقًا هو ثقة الناس فيها، وإيمانهم بها، ودفاعهم عنها ففي ذلك ما يعصمها من تيارات الفوضى مهما تصاعدت، ومن عواصف الاضطراب مهما اشتدت.
وأكد أن الحفاظ على الاستقرار لا يعني أبدًا الدفاع عن الجمود أو الركود.. بل إنه مرهون بالجرأة على خوض غمار التغيير والإصلاح.. الإصلاح فرض عين من أجل تحصين مجتمعاتنا من فورات الفوضى وشرورها. وقال إن الفوضى تفرض تغييرًا بلا حساب ولا هدف ولا غاية معلومة.
وأشار إلى أن إصلاح نظمنا التعليمية وتجديد مفاهيمنا الدينية وتطوير رؤيتنا الثقافية هو العلاج الناجع لجرثومة الفوضى التي تتغذى على الركود والتكلس، فالإصلاح والتغيير مطلوبان من أجل صيانة الاستقرار.