السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

عيد القيامة على خطى المريمات.. قصص حب وعطاء

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عيد القيامة على خطى المريمات.. قصص حب وعطاء

سيدات شاهدات على القيامة.. و«فيبى الشماسة» و«أستير»..نماذج مضيئة تنير الطريق للنساء

مرميات العصر أنكرن أنفسهن.. ليقضين العيد بين السجون والمشردين

 «مريمات باكيات.. بكينا على الحبيب المات بالصليب» هكذا تنشد الكنائس فى عيد القيامة، متغنية بما فعلنه المريمات من خدمة المسيح، ولآخر لحظة وبعد انتهاء الصلب، ذهبن لتطييب جسد السيد المسيح. فالمريمات.. شاهدات على قيامة السيد المسيح من الأموات، بحسب العقيدة المسيحية.

ففى فجر الأحد، ذهبن إلى القبر ليطيبن جسد السيد المسيح، ولكن القبر الفارغ أثار ذعرهن وقلقهن، وظهر لهن ملاك وقال: «لماذا تطلبن الحى من بين الأموات ليس هو ههنا.. ولكنه قد قام كما قال»، وبذلك أصبحن هن أول من احتفلوا بعيد القيامة، وهن ثلاثة نساء جمع بينهن اسم «مريم» تغيرت حياتهن بعد أن التقين بالسيد المسيح.

أولهن: «مريم المجدلية»، وذكر الأنجيل أنه كان بها سبعة شياطين، وخدمت المسيح وتلاميذه مع بقية النساء التقيات من أموالهن، وكانت أول من ظهر لها المسيح بعد قيامته وأمرها أن تبشر التلاميذ بقيامته.

و«مريم أخت لعازر»، بكت فى حزن عند قدمى المسيح، عندما مات لعازر، وحينئذ بكى يسوع، ومريم زوجة كلوبا أخت العذراء القديسة مريم، وهى لم تفارق أختها العذراء فى أحزانها ووقفت بجوارها عند الصليب، ومريم أم مرقس الذى كان أحد تلاميذ المسيح الاثنى عشر.

وأخيرًا «العذراء القديسة مريم»، وقال الكتاب المقدس عنها: «هو ذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى».

قصص حب وعطاء «المريمات» لم تنتهى بانتهاء قصة المسيح، وإنما امتلات الكنيسة والمجتمع على مدار القرون، بقصص لنساء كن نماذج للبشارة بالفرح والسلام والتقدم.

فالكتاب المقدس يتحدث عن «فيبى الشماسة»، وعن «أستير» اللتين خدمتا الكنيسة والمجتمع كنماذج مضيئة تنير الطريق لغيرهن من النساء اللواتى اخترن أن يكن متميزات ومختلفات بما لديهن من طاقة حب وعطاء. كما يوجد بالكتاب المقدس نماذج لنساء لم يستثمرن عطايا الله بهن، مثل «دليلة» التى كانت واحدة من أشرّ نساء الكتاب المقدس، لقد استخدمت جمالها وحذقها فى الشهوة، لتدمر حياة رجل، يقابلها نساء أصبحن لاهوتياتٍ، راهبات، صوفيات، وطبيبات، ونساء أسسن جماعات دينية أو قادة عسكريين وملكات وشهيدات.

واليوم.. مازالت المريمات شاهدات على عيد القيامة، «سيدات» أنكرن نفوسهن لمساعدة آخرين، أولهن الراهبة «مريم راغب» تقضى العيد خلف القطبان مع السجينات، تروى قصتها خلف القضبان لمدة خمس سنوات، وتؤكد أن العيد مائدة تجمع المسلمين والمسيحين دون تمييز، أسست خدمة لرعاية المساجين وأسرهم، والثانية «الأخت ليندا» والتى تركت كل شىء لتكرس أيامها لتعليم النشء، جمع بينها وبين تلاميذها علاقة متينة بنيت على العطاء والحب، تستمد قوتها من كلمات تلاميذها فتقول: «كل يوم بيسألوا عليا بيطول فى عمرى» كرمها الرئيس عبدالفتاح السيسى.

ومريم الأخيرة هى «ماما ماجى» تلك السيدة التى تخلت عن ترف العالم، وأزياء باريس والوظيفة المرموقة بالجامعة الأمريكية، لتخطفها زيارة عابرة لحى الزبالين قبل 3 عقود لتغير مجرى حياتها، فكرست أيامها لحلم الأطفال وإعلاء مبادئ الإنسانية، أسست 92 مركزًا للرعاية والتعليم لـ18 ألف طفل وعلاج 40 ألف حالة سنويًا، كرمها الرئيس السيسى فى يوم المرأة المصرية.. فازت من بين 65 ألف مشترك بجائزة صناع الأمل فى الإمارات.

وحرصت «البوابة» على لقاء «مريمات العصر» لنقل مظاهر الاحتفال بعيد القيامة المجيد.

 

«الراهبة مريم».. دخلت السجن مذنبة وعادت له خادمة

سجن القناطر أحسن معاملتى.. وغير مسار خدمتى

مأمور سجن القناطر قال لى: إنت متظلمتيش لما اتسجنتى.. وربنا بعتك للناس للسجينات

العيد لا يكتمل إلا بزياتى للسجينات.. وكلمات رفيقات الزنزانة ما زالت تتردد فى أذنى

نخدم السجينات وأسرهن خلف القضبان.. ونعيد تأهيلهن بعد الخروج من السجن

 

على خطى المريمات، صارت الراهبة مريم راغب، السجن غير مسار خدمتها بعد أن قضت خلف القضبان 5 سنوات، تقول: «تعرفت على حياة جديدة لم أكن أعرفها من قبل، فى البداية كنت أتذمر وأعاتب الله لماذا سلمنى إلى تلك التجربة؟ والتى قيدت حريتى، وبعد فترة وجيزة أدركت أننى فى مكان للخدمة ومد يد العون للسجينات».

وتضيف فى حوار قصير لـ«البوابة» تجتر فيه ذكريات الأيام، وكيف كانت تقضى العيد: «كان العيد ليس عيدا للمسيحيين فقط، ولكن كنا نقضى ليلة العيد فى تجهيز أشهى المأكولات، بعد موافقة إدارة السجن التى كانت توفر لنا كل الإمكانيات حتى نقضى عيدا سعيدا، وبعد الانتهاء من تجهيز الطعام كان من المعتاد أن يقوم أحد الكهنة بزيارة السجن ويترأس الصلاة، وبعدها التناول، الذى يعد من الأسرار المقدسة، وهو طريقة تعبد كنسية يتم فيها تناول قطعة من القربان ورشفة من النبيذ مما فعله المسيح فى العشاء الأخير مع التلاميذ، وبعد الساعة الثانية عشر تجتمع كل السجينات بمختلف أديانهن حول مائدة واحدة احتفالًا بالعيد، وفى تلك الليلة تسمح لنا إدارة السجن أن نستكمل سهرتنا دون التقيد بمواعيد النوم، والتى من المفترض أن تكون فى تمام الثانية عشر».

وتزيد: «خلف القطبان لا يوجد تمييز، وأتعجب من كلمات البعض، والتى تأجج من الفتنة الطائفية بدعوة أن هناك تمييزا ضد المسيحيين، أنا ولمدة خمس سنوات لم أتعرض إلى أى إهانة أو تعد، ولكن على العكس تمامًا كنت أتلقى معاملة خاصة يسودها الاحترام والتقدير من كل المسئولين بسجن القناطر، وحتى غطاء رأسى الرمادى «ملابس المكرسات» لم يُطلب منى التخلى عنه، وطوال الخمس سنوات لم أشعر بأنى سجينة، ولكنى فى مكان للخدمة ومعاونة السجينات».

وقالت مريم راغب، بعد أن خرجت من السجن شعرت أن هناك جزءا هاما من حياتى تُرك بالسجن، والعلاقات التى كانت تربطنى بالسجينات كانت قوية، كنا بمثابة أخوة وشركاء، وبعد خروجى اهتممت بأسر السجينات، وفى النهاية اتضح لى أن هناك تغيرا فى مسار خدمتى، فبعد أن كانت خدمتى للأطفال شعرت أن هناك واجبا ودعوة إلاهية، لاستكمال مسيرة السجن والتى مازالت مستمرة.

فبعد خروجى من السجن توجهت مباشرة إلى الأنبا رافائيل، سكرتير المجمع المقدس وأسقف وسط المدينة، وفتحت قلبى له، وما أريد أن أفعله فى تلك الخدمة، وبدأنا الخدمة بمعاونة المجمع المقدس، وكبرت الخدمة والتى شملت السجينات وأسرهن، ولم تتوقف الخدمة خلف القطبان، ولكن حتى بعد خروجهن وإعادة تأهيلهن، وإيجاد فرص عمل لهن حتى يتمكن من استكمال مسيرة حياتهن.

وعن السجينات اللاتى تركن أثرا فى نفسها قالت: «إن السجينات اللاتى قابلتهن ونفذ فيهن حكم الإعدام كان من أكثر المواقف والشخصيات تأثيرا فى نفسى، ومن خبرتى فإن القاتلات قلوبهن طيبة، ولكن فى لحظة سيطر الشيطان عليهن ودفعهن لارتكاب الجرائم».

وأضافت الراهبة: «تقابلت مع سيدة كان محكوما عليها بالإعدام بعد أن تورطت فى قتل زوجها، والذى كان سكيرا وله الكثير من العلاقات النسائية، وقد وصل الأمر إلى أنه يستخدمها لتسلية أصدقائه، الأمر الذى رفضته، وفى نهاية المطاف قتلت زوجها، وحتى اليوم ترن كلماتها الأخيرة فى أذنى «لو كنت قابلتك فالخارج مكنتش قتلت زوجى» وتلك الكلمات وضعت مسئولية أكبر على أكتافى، فالعالم من حولى يحتاج إلى المعونة والحب والرحمة، فكانت تدعونى «أمى» وكانت مشاعر البنوة من أكثر المشاعر التى أثرت فيها.

والأكثر صعوبة أن لديها طفلان، وكانت لا تتمنى شيئا أكثر من أن ينام طفليها فى حضنها ليلة كاملة، وهو ما لم تتمكن من تحقيقه، وحتى اليوم وبعد أن تابت واعترفت بخطيئتها وقابلت الله، إلا إننى مازلت أتذكرها وفى بعض الأوقات أتخيل أنها ما زالت على قيد الحياة.

وفى العيد لا يمكن أن يكون عيدا قبل أن أهتم بصغارها وتوفير احتياجاتهم، فهذه وصيتها الأخيرة لى، والرب يقدرنى أن أتمم تلك الرسالة.

وتقول عن أحلى الكلمات التى سمعتها من مأمور سجن القناطر، تامر بك من سوهاج، قبل خروجى من السجن بأيام قليلة، قال لى إنى لم أظلم ولكن الله أرسلنى للسجن حتى أخدم من فيه، فقال لى نصًا: «إنتى متظلمتيش لما اتسجنتى.. إنتى ربنا بعتك للناس إللى هنا».

واليوم تعود الراهبة مريم راغب، وعدد من القساوسة لزيارة السجينات، لقضاء عيد القيامة معهن، فالعيد لا يعتد به إلا إذا قضيته خلف القطبان مع أخواتى السجينات.

 

التهمة.. اتجار فى الأطفال

الراهبة «مريم راغب» فى أواخر عام 2008، وجهت إليها تهمة الاتجار فى الأطفال نتيجة خدمتها فى جمعية «طوبيا للخدمات الاجتماعية»، وتم القبض عليها بتاريخ 4/12/2008، وأصبحت متهمة فى القضية رقم 414 لسنة 2009 جنايات قصر النيل، والمقيدة برقم 4 لسنة 2009 كلى وسط القاهرة، وبعد التحقيق معها ومحاكمتها فيما يقرب من 9 جلسات صدر الحكم عليها بجلسة 17/9/2009 بالسجن خمس سنوات، وتم عمل نقض فى الحكم برقم 11268 لسنة 79 ق، وقضى فيه بجلسة 1/7/2009 أمام دائرة الخميس «ب» بقبول الطعن شكلًا وفى الموضوع برفضه، الأمر الذى يتضح منه تأييد الحكم الصادر ضدها وهو السجن لمدة خمس سنوات.

حرجت من السجن بتاريخ 6 ديسمبر 2013 وكان عمرها 51 عاما، بعد انقضاء مدة حبسها 5 سنوات، ودفع غرامة مالية 100 ألف جنيه، بعد أن وجهت لها اتهامًا بالمساعدة فى تبنى أسرة لأحد أطفال دار الإيواء.

ولدت فى 5/1/1962 محافظة أسوان، وعملت فى الخدمة بمطرانية الأقباط الأرثوذكس بمركز إدفو محافظة أسوان لعدة سنوات، وأيضا خدمت بدير الأنبا باخوميوس بحاجر إدفو، انتقلت المكرسة مريم من محافظة أسوان مع الأسرة واستقرت فى شبرا مصر، وأكملت خدمتها فى جمعية «بيت طوبيا للخدمات الاجتماعية» التابعة لكنيسة السيدة العذراء بمسرة، تلك الجمعية التى تعمل فى خدمة الأطفال الأيتام، وأثناء الخدمة أصيبت بمرض السرطان الذى أصابها، وعلى إثره أجرت أربعة عمليات جراحية فى الثدى مع استئصال جزء من المعدة.

 

 

ماما ماجي.. صانعة الأمل

زيارة عابرة لحى الزبالين قبل 3 عقود غيّرت مجرى حياتها

أسست 92 مركزًا للرعاية والتعليم لـ18 ألف طفل .. وعلاج 40 ألف حالة سنويًا

كرمها السيسى فى يوم المرأة المصرية.. وفازت بين 65 ألف مشترك بجائزة صناع الأمل

غسل أرجل الأطفال.. والأحذية الجديدة طقوس العيد

 

الفى حفل تكريم الأم المصرية على مستوى الجمهورية من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مارس الماضي، بمناسبة أعياد المرأة، وبجانب أمهات الشهداء من أبناء القوات المسلحة أو الشرطة، ظهرت عدة أسماء لسيدات وأمهات لكل منهن مميزات فى مجال عملهن التعليمى أو الخيري، ومع بدء توزيع جوائز التكريم فى هذا اليوم ظهر اسم السيدة «ماجدة جبران جورجي» والشهيرة بـ«ماما ماجي»، والتى فازت خلال عام المرأة المصرية بجائزة «صناع الأمل». وهى أيضًا المصرية الوحيدة الفائزة بنفس المبادرة فى دولة الإمارات فى العام الماضي، والتى أعلن عنها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، حيث فازت «ماما ماجي» من بين 65 ألف مشارك من 22 دولة، بالجائزة فى المبادرة الكبرى من نوعها عربيًا لتكريم أصحاب العطاء فى العالم العربي.

«الأم ماجي»

«ماجدة جبران»، قبطية فى الثامنة والستين من عمرها، تعمل على المناطق الفقيرة منذ أكثر من ثلاثة عقود وعادة ما تقارن بـ«الأم تيريزا». تنتمى «جبران» إلى عائلة من طبقة راقية. سبق أن عملت مديرة تسويق وأستاذة فى علم الحاسوب فى الجامعة الأمريكية فى القاهرة. درّست فى الجامعة الأمريكية لمدة 12 سنة، وأحبّت عملها وطلابها الذين اعتبرتهم بمثابة أولادها، كما أنها تضيف: «أحببت جدًا الذوق الرفيع وكنت أسافر كل عام لأبحث عن أحدث موضة للأزياء وأحب شراء أجمل الأشياء. وكنت سعيدة بما أفعله وأستمتع أيضًا بالسفر إلى فرنسا وإيطاليا لمشاهدة الأعمال الفنية الجميلة للفنانين العظماء مثل مايكل أنجلو الذى كان يمسك الحجر ويرى الجمال الذى بداخله، كل حجر جماله مخف بداخله وليس فقط ما نراه بأعيننا». إلا أن حياتها انقلبت رأسًا على عقب سنة 1985 عندما زارت العائلات فى المناطق الفقيرة. وهنا تقول: «لم أصدق ما رأيت من فقر وبؤس وشعرت بألم عميق فى داخلي. فى هذه الفترة أيضًا، فقدت عمتى التى كانت بمثابة أمى الروحية وكانت تساعد الفقراء. وتساءلت: من سيرعى هؤلاء بعد انتقال عمتى من هذا العالم؟ بدأت أنشغل أكثر بالفقراء وأزورهم بصفة دورية. وشعرت بأننى قضيت عمرى أستقبل الحب والاهتمام والتعليم والرعاية ممن حولي، وجاء الآن دَورى لكى أعطى الحب والاهتماما لمن يحتاج لهم».

غسل أرجل الأطفال

احتقالًا بعيد القيامة المجيد قامت «ماما ماجي» بغسل أرجل الأطفال فى المنطقة، وألبستهم أحذية فى أرجلهم. وقامت بأعمال النظافة أمام الجميع، لتعليم الأطفال المحافظة على بيئتهم ومدرستهم وأى مكان وُجدوا به.

وافتتحت منظمة «أطفال ستيفين» أول مدرسة لها للأطفال الأكبر سنا فى عام 2012 فى منطقة الخصوص، شمال القاهرة. وأطلقت عليها اسم «مدرسة فرح» لخدمة الأطفال الفقراء فى أحد أكثر المناطق المكتظة بالسكان وأحد أقدم الأحياء الفقيرة.

مؤخرًا زارت «ماما ماجي» المدرسة والتقت بالأطفال واحتفلت معهم ومع أطفال المنطقة إحدى المناطق التى تقدم فيها مؤسسة «ستيفن» الخدمات لكثير من الأسر والأطفال بالمنطقة. كما زارت المشغل وفيه يتم تعليم الفتيات المتسربات من التعليم. بعض الحرف مثل الخياطة والتريكو وغيرها من الأشغال اليدوية، وتفقدت الورش التى تقوم بتعليم الفتيان صناعة الأحذية وبعض المهن البدوية.

خدمة الفقراء

ترشحت لجائزة نوبل عدة مرات، ودائمًا ما تؤكد أن «قيمة الإنسان لا تضاهيها أى قيمة أخرى».. هذا هو المبدأ الذى تؤمن به ماجدة جبران، المبدأ الذى ترجمته إلى فعل يومي، حينما قررت تكريس حياتها قبل نحو ثلاثة عقود لخدمة فقراء بلدها وشبابها.. يبدأ مشوار «ماما ماجي» بزيارة كان من المفترض لها أنها عابرة، قامت بها إلى حى الزبالين بمنشأة ناصر بمحافظة القاهرة، فما رأت من بؤس يعيشه الناس هناك، يمسّ الأطفال تحديدًا، الذين يفتقدون إلى أبسط مقومات العيش الكريم. عندها قررت أن تفعل شيئًا لمساعدة هؤلاء المهمَّشين. فتخلت عن حياتها، التى لم تعرف فيها معنى الفقر أو الحاجة، وتركت وظيفتها كأستاذة فى الجامعة الأمريكية، ووجهت أنظارها صوب مآسى أبنائها وأشقائها فى الإنسانية. تكررت زياراتها إلى حى الزبالين، وفى كل مرة كانت تلتقى عددًا كبيرًا من سكان الحي، تستمع لهم ولاحتياجاتهم، تجلب لهم بعض المؤن الأساسية، وتوزع على الصغار الهدايا، حتى باتت «ماما ماجي» وجهًا مألوفًا ينتظره الكبير قبل الصغير بشوق، واجدين فى حنانها وعطفها وابتسامتها الدائمة ملاذًا ونجدة، والأكثر من هذا وذاك أن ماما ماجى تُعزز لديهم إحساسهم بإنسانيتهم وكرامتهم وأحقيتهم فى الحياة كما تليق بأى فرد.

مؤسسة خيرية

فى العام 1985، أسست ماجدة جبران مؤسسة «ستيفن تشيلدرن» الخيرية، التى تقوم رسالتها على المساهمة فى إنقاذ الحياة وصنع الأمل وحفظ الكرامة البشرية للأطفال والشباب الفقراء والأقل حظًا، وتوفير التعليم والتدريب لهم بالإضافة إلى مساعدة أسرهم لتحسين وضعهم المعيشي. وخلال السنوات الماضية، أصبحت الجمعية جزءًا من المشهد الإنسانى اللافت فى مصر، وسرعان ما امتد نشاطها ليشمل عشرات الأحياء الفقيرة، من خلال العديد من الحملات والمبادرات الإنسانية والمجتمعية والتعليمية والتدريبية، التى استفاد منها الآلاف من الأسر والأطفال.

حتى اليوم أسست «ماما ماجي» من خلال جمعيتها 92 مركزًا توفر الرعاية والتعليم لأكثر من 19 ألف طفل، كما تسهم جمعيتها فى توفير العلاج لأكثر من 40 ألف حالة مرضية سنويًا، إلى جانب القيام بزيارات تفقدية لأكثر من 13 ألف طفل يقوم فيها المتطوعون فى الجمعية بتقديم الإرشاد النفسى والتدريب لهم. كذلك، أسست الجمعية ثلاثة مراكز للتدريب المهنى للأطفال والفتيان، كما توفر دورات تدريبية للأمهات لمساعدتهن فى تحسين وضع أسرهن. وبالمجمل، يستفيد من خدمات جمعية «ستيفن تشيلدرن» اليوم نحو 33 ألف طفل، ضمن نشاط الجمعية المتزايد، الذى يسهم فيه نحو ألفى متطوع يعملون فيها.

أجيال ستكمل المسيرة

تقول ماما ماجي: «إن الأجيال التى ربتها سيكملون هم المسيرة عندما يكبرون وسينشرون ثقافة ومبادئ أن الإنسان أغلى شيء فى الوجود، وكل إنسان لديه حلم وعندما نلتزم لا بد من النجاح، والالتزام من أعمدة النجاح الأساسية وإذا كان الطفل لا يعرف الحلم فكيف سيعرف هدفه فى الحياة؟ نفسى أن كل طفل يحلم ويكون له هدف فى الحياة والناس حوله تعطى له الفرصة للنجاح».

زواج الفتيات

وتأكيدًا على مبدئها بأن «الإنسان هو أهم شيء بالوجود» تقول «ماما ماجي» إن ما تقدمه هدفه الأساسى هو تقديره والعمل على عودته إنسانا منصفا للحق والخير والجمال عائدا بالنفع على المجتمع كافة.

خدمت «ماما ماجي» العديد من الفتيات منذ طفولتهن وحتى الزواج والإنجاب، والأمهات التى ساعدتهن «ماما ماجي» ما زلن حريصات على إلحاق أبنائهن بمدارسها كى يتعلموا القيم ذاتها التى تعلموها.

خدمة «ماما ماجي» موجهة أيضا للمتسربين من التعليم سواء لأسباب صحية أو مادية أو اجتماعية، حيث يتم تخصيص ورشة للأولاد لإتقان حرفة تصنيع الأحذية أما البنات فلهن ورشة خاصة لإتقان حرفة الخياطة والتريكو، بهدف تعليمهن حرفة يحصلن خلالها على عائد مادى ويفدن مجتمعهن، ويتم توزيع المنتجات على المحتاجين.

تكريم الرئيس

وعن تكريم الرئيس عبدالفتاح السيسي، قالت ماما ماجي: جاءتنى واحدة ممن يعملن برئاسة الجمهورية وقالت لي: «يا ماما أنا عاوزة أشكرك علشان ولادى اتعلموا عندكم فى مدرسة فرح، والأولاد عندكم متميزون جدًا ولديهم أخلاقيات حلوة جدًا ونفسى العالم كله يعرف تأثير المدرسة على الأطفال الذين يحبون مدرستهم عكس مدارس أخرى يهرب منها تلاميذها» قلت لها «فينكم تفرحوا كلكم». وتكريم الرئيس السيسى لي: «هو شكر لكل اللى تعبوا فى هذه المدرسة وشعور حلو جدًا ومليء بالعرفان والامتنان لأنه تكريم لكل إنسان يعطى فرصة للخير اللى داخله أن يكبر ويقدمه للآخرين، وهو تكريم حقيقى للبشرية كلها، أننا نحترم البشر وإنسانيتهم وكل شخص يعانى سواء أكان طفلا جوعانا أو شابا ضاع حلمه أو مُسنا لا يسأل عنه أحد، كل شخص من هؤلاء له تكريم. نفسنا نقول لكل واحد منهم هناك من يشعر بك ويحترمك ويقدرك بس ارفع عينيك لفوق وقول يارب».

تبرعت بجزء من جائزة «دبي»

وعندما فازت ماما ماجى بجائزة «صناع الأمل» بالإمارات فى مايو 2017، أعلنت تخصيص جزء من مبلغ الجائزة، لتوزيعه على أكثر من جهة، ستساعد بعضًا من المترشحين للجائزة آنذاك والذين وصلوا ضمن الـ15 مرشحًا للتصفيات النهائية بالمبادرة، والذين يقومون بأعمال إنسانية رائعة، وأن إحدى هؤلاء المرشحات تقوم برعاية ومساعدة الأطفال حديثى الولادة الذين يولدون لأمهات سجناء، ولا يوجد من يرعاهم، بالإضافة إلى مرشحة أخرى تقوم بعمل أطراف صناعية للأشخاص ذوى الإعاقة.

وقامت «ماما ماجي» بإهداء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبى إسورة أثناء تتويجها بالجائزة، وكشفت عن أن سر هذه الإسورة الزرقاء، مصنوعة من الجلد، وكانت أهدتها إليها إحدى الفتيات الصغيرات التى ترعاهن فى مشاريعها الخيرية، وهذه الإسورة تمثل لها الكثير من المعانى الجميلة، كونها تجسد معانى الطفولة البريئة، فضلًا عن إحساس صاحبتها بمدى ما تكنه فى نفسها من عرفان وشكر لما قُدم إليها من خدمات، أثّر إيجابًا على حياتها ومستقبلها، وبدوره أهداها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، «دبوس» كتذكار منه إليها، وعبرت عن سعادتها بهذه الهدية، كونها تأتى من شخصية عظيمة ذات قامة وقيمة على المستوى العربى والعالمى.

 

«الأخت ليندا».. رائدة التعليم

تقول: «كل يوم بتسألوا على فيه بتطوّلوا عمرى»

 

«أولادكم كلهم موجودين».. بهذه الكلمات مازح الرئيس عبدالفتاح السيسى السيدة ليندا سليمان، مديرة مدرسة «English Mission» خلال تكريمها فى احتفالية المرأة المصرية 2018 والأم المثالية، وهو يشير بيده إلى عدد من الوزراء الذين شاركوا «معلمتهم ليندا» تكريمها.

«كل يوم بيسألوا عليا بيطول فى عمرى» بهذه الكلمات أبدت السيدة ليندا سليمان سعادتها بالحفاوة التى تلاقها من «الطلبة»، رغم تركها العمل التربوى منذ سنوات طويلة، مضيفة: خلال فترة الانتخابات الرئاسية جاءنى تليفون من الدكتورة هالة السعيد تعرض على اصطحابى للإدلاء بصوتى، رغم مشاغلها، وبسبب عدة مشاكل صحية لم أستطع الخروج من المنزل والإدلاء بصوتى للرئيس السيسي.

ووصفت ليندا الرئيس قائلة: إنسان راق ومتواضع ويكن احتراما للجميع، وما زلت أتذكر خلال تكريمى، حيث قام باصطحابى إلى المنصة وتبادل الحديث معى، وبعد انتهاء التكريم قام باصطحابى حتى النزول من المنصة والجلوس معى وتبادل الحوار معى.

وأضافت، مازحنى الرئيس قائلًا: «الخرجيين قاعدين اتفضلى قولى ما تريدين لهم»، وكان يجلس وزراء من «تلاميذى» وهم الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة، والدكتور خالد عبدالغفّار، وزير التعليم العالى والبحث العلمي، والدكتور هشام عرفات وزير النقل والمواصلات.

وأضافت: احتفلت بعيد ميلادى فى شهر ديسمبر الماضى، بحضور الوزراء الثلاثة الذين فاجأونى بحضورهم إلى منزلى لمشاركتى هذا اليوم، ولسان حال الوزراء: لماذا نكرم المميزين والجديرين بالتكريم بعد وفاتهم. يجب أن نكرم أمنا مسيز ليندا سليمان فى حياتها.

وعن تكريمها قالت: أرسلت رسالة للرئيس عبدالفتاح السيسى، قلت له: «بصلى لك لأنك بتشتغل بجد، أنا بحبك، وكمان لأن الخاتم اللى مامتك أهدته لك لابسه دايما، وده يدل أنك راجل أصيل»، مستطردة: «طلبت من الرئيس السيسى حق الأداء العلنى فى جملة تحيا مصر؛ لأنها هى قالتها قبل ما يستخدمها الرئيس بزمان».

«لم أكن أسعى يوما وراء مكسب مادى، استثمرت دمى وشبابى فى تربية النشء»، هذا ما قالته «ليندا» خلال تكريمها، مما دعا الوزراء الثلاثة الذين تعلموا على يدها للنهوض والوقوف بجوارها خلال التكريم، فقالت لهم: «كل يوم بتسألوا عليا فيه بتطوّلوا عمرى»، بينما تحرك لها الرئيس عبدالفتاح السيسى وقبّل رأسها.

تاريخ فى التعليم

«ليندا» كانت مديرة القسم الابتدائى لمدرسة «الإرسالية الإنجليزية English Mission School»، أو كلية السلام بعد التمصير، وإشراف المعاهد القومية عليها خلال الفترة من مطلع الستينيات إلى مطلع الثمانينيات من القرن الماضى، وقد عملت بها منذ 1947 إبان حكم الملك فاروق حتى تأميمها بعد ثورة يوليو.

«أشكر الله عملت بأمانة، كما أنه لا يوجد شخص لم تصادفه أحجار فى طريقه، ولكن بمجرد مرور الأمر تتحول هذه الأحجار إلى قطع ثلج وتذوب».. هكذا عبرت السيدة ليندا عن فترة عملها بالتربية والتعليم، وإدارتها للمدرسة التى تأسست عام 1936 وفق النظام التعليمى الإنجليزى الصارم، وحتى تأميمها فى عام 1956.

«الأخت ليندا» كما يناديها محبوها كانت مديرة منضبطة، فلا مجال للتراخى أو التكاسل من قبل أى من عناصر العملية التعليمية، فكانت أول شخص يصل المدرسة وآخر شخص يغادرها، كما كانت على صلة بأسر التلاميذ من خلال لقاءات دورية جادة.

اهتمت بكل تلميذ على حدة، وكان لطابور الصباح طابع مختلف فـ«مسيز ليندا» كانت تشكر الطلبة المشاركين فى الإذاعة المدرسية، وتهتم بالتفاصيل الصغيرة مثل نظافة الزى المدرسى، والنظافة الشخصية للطلبة، ومدى التزامهم بها، وكيفية تناول الطعام، وأين، وباختيار المدرسين وتقييم قدراتهم بصورة مستمرة، وبسلوكهم وزيهم شأنهم شأن التلاميذ.

كما اهتمت بحصص الأنشطة مثل: الموسيقى، والألعاب، والزراعة، والتدبير، والمكتبة، والهوايات، فلم تكن تقبل بإلغاء حصة نشاط لصالح الرياضيات أو العربى مثلا، وتصر أن تتم فى أماكنها، أى بانتقال التلاميذ إلى قاعة الموسيقى، وإلى الجيم، والمكتبة.

ليندا قالت: الأطفال مثل الجواهر لا بد أن نسعى لتكوين شخصيتهم، وكنت أشعر تجاههم شعور الأم التى تربى أولادها حتى يصبحوا جواهر غالية، وعملوا فى أماكن مرموقة ومناصب كبيرة داخل مصر وخارجها، وكانت دائما تتفاخر بهم، وعندما تسمع عن أحد منهم، كنت تقول: «الدينامو هم أولادى فى المدرسة».

وأضافت: لازم أطمن على أولادى ونظافتهم ومظهرهم، كل يوم قبل بدء اليوم الدراسي، مستطردة: أولادى أصبحوا قامات عالية فى كل المجالات التى يعملون بها.

كان عندنا 19 أتوبيسا كنت أطمئن عليها، وأتذكر فى إحدى المرات عندما كان عدد من الأطفال يشاركون فى مراسم استقبال بالرئاسة، وتأخر المسئول عن عودة الأطفال وقمت بتعنيفه لتأخر الأولاد عن موعد عودتهم، وقالت «سليمان» إنها فخورة بالوزراء الثلاثة وكانت فى غاية السعادة عندما علمت باختيارهم لتولى هذه الحقائب الوزارية، مشيرة إلى أن سلوكهم وأعمالهم يشهد بها الجميع. وأضافت أنها كانت حريصة على إلقاء تحية الصباح يوميًا على تلاميذها، وتعمل على بناء شخصيتهم، معربة عن سعادتها البالغة عندما قرر وزير التعليم العالى إلقاء تحية العلم فى الجامعات.