رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

«شم النسيم» عادة فرعونية تحولت إلى إجازة رسمية.. البيض والفسيخ والرنجة والبصل أكلات مقدسة.. المؤرخون: أصل التسمية «شمو» وتعني بداية الحياة

شم النسيم
شم النسيم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قد لا يعرف الكثيرون عن شم النسيم سوى أنه إجازة رسمية يتم خلالها الخروج إلى المتنزهات وتناول الفسيخ والرنجة، ويتزامن مع أعياد احتفالات الأقباط، لكن الحقيقة أن الاحتفال بشم النسيم يرتبط بالعديد من الحكايات التاريخية التي جعلت منه مناسبة سنوية بمصر.
تعود بداية الاحتفال بشم النسيم إلى مصر الفرعونية، وبالتحديد قبل نحو خمسة آلاف عام قبل الميلاد إبان عهد الأسرة الثالثة، حيث كان يتم الاحتفال بذلك اليوم بالتزامن مع موسم الربيع، ثم انتقل الاحتفال من الفراعنة إلى العالم حتى أصبح مناسبة سنوية يحتفل بها عدد كبير من الدول العربية والأجنبية.
ويرجع المؤرخون أصل تسمية شم النسيم إلى الانقلاب الربيعي الذي كانوا يطلقون عليه "شمو" أي بداية الحياة، وكان قدماء المصريين يحتفلون بذلك اليوم في احتفال رسمي كبير فيما يُعرف بـ"الانقلاب الربيعي".
وسمى بذلك لأنه خلال ذلك اليوم يتساوى فيه الليل والنهار، فكانوا يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم قبل الغروب؛ ليشهدوا غروب الشمس، فيظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب مقتربًا تدريجيًّا من قمة الهرم، حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم، وكانت تخترق أشعة الشمس قمة الهرم، فتبدو واجهة الهرم أمام أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين.
وما زالت هذه الظاهرة العجيبة تحدث مع قدوم الربيع في الحادي والعشرين من مارس كل عام، في الدقائق الأخيرة من الساعة السادسة مساءً، نتيجة سقوط أشعة الشمس بزاوية معينة على الواجهة الجنوبية للهرم، فتكشف أشعتها الخافتة الخط الفاصل بين مثلثي الواجهة اللذين يتبادلان الضوء والظلال فتبدو وكأنها شطران.
مظاهر الاحتفالات:
ومن المثير أنه ما تزال درجة من التشابه في مظاهر الاحتفال بشم النسيم والتي تتجلى في الأطعمة الخاصة التي كان يأكلها المصريون القدماء مثل البيض، حيث يرمز إلى خلق الحياة من الجماد، وقد صورت بعض برديات منف؛ الإله "بتاح" – إله الخلق عند الفراعنة - وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التي شكلها من الجماد ولذلك كان يرتبط تناول البيض بشعائر مقدسة عند المصريين القدماء، فكانوا ينقشون فيه دعواتهم وأمانيهم خلال العام الجديد.
ويضاف إلى مظاهر الاحتفالات تناول السمك المملح "الفسيخ أو الرنجة" والذي بدأ المصريون القدماء تصنيعه وتمليحه وأظهروا براعتهم في ذلك خلال عصر الأسرة الخامسة كما تناولوا الخَسّ، والبصل، الحُمُّص الأخضر، وقد ارتبطت تلك الأطعمة بشعائر مقدسة لديهم صورتها البرديات التي خلفها الفراعنة، وفيما بعد توارثت تلك الأطعمة وأصبح اقتناؤها والحصول عليها من المحتفلين بشم النسيم عادة مع مرور الوقت.
اليهود وشم النسيم:
وفي عهد النبي موسى عليه السلام، كان خروج اليهود من مصر في يوم مواكب لاحتفالات المصريين بالعيد، واختاروا ذلك اليوم بالتحديد حتى لا يشعر بهم المصريون أثناء هروبهم من البلاد عقب سرقتهم لبعض الذهب والكنوز المصرية، وفقا لما جاء في كتاب "سِفْر الخروج" من "العهد القديم"، حيث "طلب اليهود من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابًا، وأعطى الرَّب نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم فسلبوا المصريين".
ومن ذلك الموقف اتخذ اليهود ذلك اليوم عيدًا لهم، وجعلوه رأسًا للسنة العبرية، وأطلقوا عليه اسم "عيد الفِصْح" وهو كلمة عبرية تعني: الخروج أو العبور– تيمُّنًا بنجاتهم من المصريين، واحتفالًا ببداية حياتهم الجديدة.
وعندما دخلت المسيحية مصر جاء "عيد القيامة" موافقًا لاحتفال المصريين بعيدهم، فكان احتفال المسيحيين بـ"عيد القيامة" في يوم الأحد، ويليه مباشرة "شم النسيم" يوم الاثنين، وذلك في شهر "برمودة" من كل عام.
وبعد قدوم الإسلام وإلى وقتنا الحاضر ما زال المصريون يحتفلون بشم النسيم كل عام، التي يخصص يومها كإجازة رسمية بالقطاع العام والخاص ويتم عمل العروضات والخصومات داخل المتاجر المختلفة إضافة إلى الحفلات الغنائية والفنية.