الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

قراءة في الصحف

أبو الغيط: لا بديل عن ائتلاف عربي لمواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة

 الأمين العام لجامعة
الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ضرورة وجود ائتلاف عربي يضم مصر والسعودية والإمارات والأردن والمغرب تحت رعاية الجامعة لمواجهة التحديات والتهديدات التي تواجهها المنطقة، مشيرا إلى أن القمة العربية المقبلة بالرياض ستسهم في تحقيق زخم جديد تجاه بعض الموضوعات وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وقال أبو الغيط - في حوار أجراه معه الأستاذ علاء ثابت رئيس تحرير (الأهرام) وتنشره الصحيفة بعددها الصادر اليوم الجمعة إن هناك مسعى عربيا خلال المرحلة الراهنة في ظل الإدراك والوعي بمدى خطورة التحديات والتهديدات، التي تواجهها الأمة والشعوب العربية، ومنظومتي العمل العربي المشترك والأمن القومي العربي، مشددا على ضرورة استغلال مثل هذه اللقاءات للقادة، في إعطاء قوة دفع جديدة للعمل العربي، للتعامل مع هذه المسائل، والتوصل إلى توافقات وإجراءات مشتركة بشأنها، ولا شك أن انعقاد القمة في دولة عربية محورية كالسعودية، سيخدم تحقيق هذا الهدف، خاصة مع توقع أن تكون المشاركة واسعة من قبل القادة العرب.
وأعرب عن تفاؤله في أن تسهم قمة الرياض في تحقيق زخم جديد تجاه بعض الموضوعات مثل القضية الفلسطينية خاصة مع ما شهدناه على مدار الشهور الأخير من تحركات عربية نشطة لدعم الفلسطينيين مع تصاعد الضغوط التي يواجهونها نتيجة المواقف الأخيرة للإدارة الأمريكية، والتصلب المستمر من قبل الجانب الإسرائيلي. 
وأضاف أن مركز الثقل الحقيقي للقمم العربية، يتمثل في النقاشات وبالدرجة الأولى غير الرسمية التي تشهدها لقاءات القادة خلال كل قمة، والتي تمهد الطريق للتوصل إلى التفاهمات المطلوبة حول كيفية التحرك الموضوعات، وأيضا لإزالة التوترات أو الخلافات التي يمكن أن تكون قائمة.
وبشأن أبرز الملفات التي سيتم التركيز عليها خلال قمة الرياض، أوضح أبو الغيط أن القضية الفلسطينية يجب أن تحظي باهتمام كبير خلال القمة، وهو أمر تفرضه التطورات التي شهدتها القضية على مدى الشهور الخمس الأخيرة، نتيجة مواقف الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، إضافة لتجميدها لجزء من المساهمة الأمريكية في ميزانية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بما يزيد من معاناة اللاجئين ويحرمهم من خدمات أساسية، فضلا عن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق أبناء الشعب الفلسطيني وما ارتكبته مؤخرا أثناء تظاهرات "يوم الأرض" ضد المدنيين العزل.
وتابع قائلا: "ستكون هناك نقاشات حول ملفي الوقوف أمام الترشيح الإسرائيلي لعضوية مجلس الأمن، والتغلغل الإسرائيلي في القارة الأفريقية، إلى جانب مكافحة الإرهاب والوقوف أمام تيارات التطرف التي تنخر في عظام الأمة، ونحن نرى أن العراق نجح بعد معركة استمرت لسنوات في هزيمة (داعش) على أرضه، ولكن هذا التهديد قائم في أماكن أخرى من بينها منطقة شمال سيناء، التي يخوض فيها قوات الجيش والشرطة معركة بطولية، في ظل ظروف أوضحت الحجم الضخم للموارد المتوفرة لدى العناصر الإرهابية، كما نرى هذه المواجهة أيضا في ليبيا وسوريا وتونس واليمن في أشكال مختلفة". 
وتوقع الأمين العام للجامعة العربية، أن تشهد القمة أيضا التركيز بشكل كبير على قضية التدخل الخارجي في الشأن الداخلي العربي، من جانب دولتي الجوار إيران وتركيا، وبصفة خاصة إيران في ظل منهجها التصعيدي الحالي، واستخدام الحوثيين للصواريخ الإيرانية لزعزعة أمن السعودية، فضلا عن استمرار النقاشات حول مستقبل احتواء الأزمات في كل من سوريا وليبيا واليمن.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط - في حواره مع صحيفة الأهرام - "إن هناك تحديات ومخاطر يواجهها العرب في المرحلة الراهنة وأهمها العمل على استيعاب التداعيات السلبية الواسعة لما سمي بـ (الربيع العربي)، وهي التداعيات التي يأتي على رأسها التهديد الذي تتعرض له باستمرار الدولة الوطنية في عدة مناطق بالوطن العربي، في ضوء ما شهدناه في كل من العراق وسوريا وليبيا واليمن على يد (داعش) والجماعات والتنظيمات الإرهابية".
وأكد أهمية وجود عمليات تنسيق أمني وسياسي وتنموي واسعة بين الدول العربية لمواجهة ظاهرة الإرهاب التي وصلت إلى مستوى الحرب النظامية في شكلها التقليدي، فضلا عن التداعيات الإنسانية والاقتصادية والتنموية والاجتماعية الناتجة عن هذا الوضع، مشيرا إلى أن الدراسات توضح أن الدول العربية خسرت اقتصاديا ما يقدر بحوالي نصف تريليون دولار، نتيجة ما حدث من تطورات على مدى السنوات السبع الأخيرة.
وأضاف أن عدد اللاجئين والنازحين العرب قد تخطى 15 مليون شخص، وهو رقم ضخم يوضح حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها قطاع عريض من أبناء الوطن العربي، ويدل على مدى الضغوط التي تعاني منها الدول العربية المستضيفة للاجئين على غرار الأردن ولبنان ومصر، وإذا أضفنا إلى ذلك حجم الأموال المطلوبة لإعادة البناء والإعمار في الدول التي تعرضت لنزاعات مسلحة، على غرار سوريا؛ الأمر الذي يحتاج إلى سنوات لاستيعاب هذه الآثار والتداعيات السلبية، مثلما يحتاج إلى عمل جاد ليس فقط داخل كل دولة من الدول التي عانت من هذه الآثار والتداعيات، وإنما أيضا من خلال الجهود الجماعية بين الدول العربية، خاصة في ظل الترابط القائم في العديد من المستويات والأصعدة بين هذه الدول.
وأوضح أن الجامعة العربية يمكن أن تمثل بوتقة جامعة مهمة للجهد العربي خاصة فيما يتعلق بالملفات المرتبطة بدفع جهود التنمية، والعمل على الاستفادة منها بأقصى قدر ممكن، في ضوء ما تمتلكه من ذخيرة من الدراسات والخبرات، ومنظومة التنسيق التي تتمتع بها، والتي تربط حكومات الدول العربية والمنظمات العربية المتخصصة، ومؤسسات العمل العربي المشترك والشركاء الدوليين.
وردًا على سؤال حول من يتحمل مسئولية الوضع الذي وجد العرب أنفسهم فيه خلال السنوات السبع الماضية خاصة بعد اندلاع ما يسمى بـ (ثورات الربيع العربي)، قال أبو الغيط "إنه من الصعب إلقاء المسئولية الرئيسية على أي طرف غير عربي، فقد كانت هناك أخطاء جسيمة من جانب بعض الحكومات، التي لم تنجح في تطوير الهياكل أو الأطر المناسبة للتعامل مع احتياجات قطاعات واسعة من مجتمعاتها، خاصة الشباب الذي أصبح يمثل أغلبية عدد سكان الدول العربية، وبالتالي كانت هناك مطالب يجب العمل على تلبيتها، من بينها المطالب التي تتعلق بالاحتياجات التنموية إلى جانب أهمية المشاركة السياسية واحترام حقوق الإنسان، وكلها أمور لم يتم إدارة التعامل معها بشكل مناسب".
وأضاف "وعلى الرغم من اقتناعي شخصيا بعدم الأخذ بنظرية المؤامرة على طول الخط، إلا أنني لا يمكن أن أغفل أن تطورات جسيمة ألمت بعالمنا العربي على مدى السنوات الأخيرة، كانت مدفوعة بالتأكيد بمخططات ومصالح خارجية، بعضها مدروس بدقة منذ عقود، وكان الأمر يتوقف فقط على أن تحين الفرصة المناسبة للمضي قدما في تنفيذ هذه المخططات".
وتابع قائلا "ولعل أخطر هذه المخططات ما كان يرمي إلى تعميم تجربة ما يسمى بـ (الإسلام السياسي المعتدل في المنطقة)، بحجة نجاحها في دولة مثل تركيا ومحاولة النظر في كيفية التعايش مع التيارات الدينية المتشددة، الأمر الذي لو سُمح بتحقيقه لأدى إلى سقوط عدة دول عربية، ودخول مجتمعاتها في ثقب أسود لن تخرج منه أبدا، مع رجوعها إلى أفكار العصور الوسطى، وربما انهيار المنظومة العربية بالكامل"، معربا عن سعادته لنجاح الشعب المصري في ظل حماية الجيش له في 30 يونيو 2013 على الوقوف أمام ما كان يحاك لهذا البلد، والذي كان يمكن أن يمتد أثره إلى المنطقة العربية ككل.
وأكد أبوالغيط ضرورة تعبئة الطاقات العربية الفكرية والسياسية من أجل التوصل إلى كيفية لملء الفراغ الاستراتيجي الذي عانت منه المنطقة في السابق، بما يوفر مظلة من الحماية الكاملة لمنظومة الأمن القومي العربي والتي تزداد التحديات التي تواجهها يوما بعد يوم، موضحا أن العرب يمتلكون الطاقات والموارد اللازمة لاحتواء الأزمات الممتدة منذ سنوات ولكي يكون مثل هذه التحرك الاستراتيجي هو الضامن لعمليات تنمية مستقلة ومتكاملة في المنطقة العربية. 
وبشأن رؤيته للفترة الرئاسية الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط - خلال حواره مع صحيفة الأهرام - "من واقع متابعتي لرؤية الرئيس السيسى، ومن واقع ما يفعله ويقوم به من تحولات نوعية في مصر، فإنني أستطيع القول بأنه أحد البناة العظام الذين أضافوا وسيضيفون إلى المجتمع المصري بصمة كبيرة وقوية ستمتد آثارها لعشرات السنين، بل لن أكون مبالغا إذا قلت إنها سوف تمتد لعقود وربما لقرون، وخاصة على صعيد البنية، وهو ما سيمثل إضافة، تماثل كل ما حققه القادة العظام لمصر".
وأضاف أبو الغيط:" أن هناك أمرا آخر أتطلع إلى إنجازه، وهو يتعلق بالعشوائيات، وقد نجحت الدولة في قطع شوط كبير منه، لكنها إذا نجحت خلال السنوات الأربع المقبلة في أن تعيد تنظيم وترتيب المجتمع المصري على نحو يضع هذه العشوائيات في حجمها المضغوط، فإنه سيشكل بالضرورة إضافة كبرى، فضلا عن نتائجه في تجويد أسلوب الحياة للمواطن المصري، والمطلوب هنا وبإلحاح هو التنفيذ الكامل والصارم للقوانين، التي وضعت بالأساس لكى تطبق وتنظم أحوال المجتمع".
وحول استعادة مصر لدورها الإقليمي والعربي خلال السنوات الأربع الماضية، أشار إلى أن عودة الفعالية للدور العربي لمصر، تمت بالفعل خلال السنوات الأربع الماضية، وفي وقت تعرضت فيه الدولة المصرية لمصاعب كبرى، خصوصا خلال الفترة من العام 2011 وحتى 2013، لافتا إلى أن تلك الفترة ألقت بظلال كثيفة على مصر، وعلى نحو وضعها في حالة لا تحسد عليها، في مواجهة ما يمكن وصفه بـ"تسومانى" غير مسبوق في الوضعية العربية.
وتابع قائلا: "هنا أود أن أقول أنه ليس مطلوبا من مصر أن تتصدى للخطر نيابة عن المنطقة، لكى تعيد ضبط إيقاعها، لأن مواردها وإمكاناتها لا تمكنها من مواجهة كل هذه التداعيات المتفاعلة، من الشعوب والقوى الإقليمية والقوى الكبرى، وبالتالي أنا من المؤمنين بأن بناء مصر القوية وهو ما يجرى حاليا بتميز، من شأنه أن يعيد لمصر قدرتها على تفعيل دورها على صعيد الفكر والثقافة والقوى الناعمة".
وأوضح أن مصر لها دورها، فهي دولة كبيرة جدا في المنطقة العربية، غير أن المنطقة تتعرض لهزات شديدة منذ أكثر من سبع سنوات، مضيفا: "وأنا أتساءل، هل هناك وضع يشابه أو يعادل ما يحدث الآن في المنطقة العربية، في مراحل تاريخية سابقة؟.. والإجابة أن الوضع الحالي غير مسبوق، صحيح أن المنطقة سقطت في القرن الخامس عشر الميلادي، في قبضة الاحتلال العثماني الذي استطاع أن يفرض نفسه، لكن دون هذا القدر الهائل من تدمير بنية المجتمعات، بينما ما جرى - وللأسف ما زال يجرى - هو تدمير كامل لمدن ومجتمعات".
وحول التدخلات الإقليمية في المنطقة وسبل التصدي لها، قال الأمين العام للجامعة العربية: "المؤكد أن ثمة تدخلات عميقة للغاية، من قبل إيران في الشأن العربي وهذه حقيقة لا ينبغي الاستهانة بها، فبعض القادة والمسئولين فيها يتحدثون عن الهيمنة والسيطرة على القرار، في 4 عواصم عربية، ويقولون إن إيران تمتد بنفوذها ووجودها المادي في مساحة من الأرض، تمتد ما بين الحدود الإيرانية في الشرق، إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط في الغرب، الأمر الذي ينطوى على خطورة بالغة، وتهديدات واضحة للأمن القومي العربي".
وأضاف: "أن مصر لا ينبغي أن تتحرك في مواجهة هذه التدخلات بمفردها، وإنما يتطلب الأمر ضرورة أن يكون هناك ائتلاف من قوى عربية، داعم للرؤية المصرية لتحقيق التوازن في العلاقة ما بين المنطقة العربية والجوار القريب، وهذا الائتلاف يجب أن يضم إلى جانب مصر كلا من السعودية والإمارات إلى جانب الأردن والمغرب، لا سيما أن هذه المنطقة تتعرض لتحديات من عدد من الجهات الإقليمية أبرزها إيران وإسرائيل، ويمكن أن تنطلق جهود هذا الائتلاف من خلال الجامعة العربية، باعتبارها الحاضنة لهذه الدول".
وبشأن ما تحقق من برنامجه الذي طرحه على قمة نواكشوط فى يوليو 2016، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط - في حواره مع جريدة الأهرام - "إن أحد العناصر الرئيسية التي طرحتها، هي ضرورة العمل على ضمان إعادة انخراط الجامعة العربية في الأزمات والقضايا العربية الرئيسية، وذلك بعد أن تم تنحية وتجنيب هذا الدور، أو على الأقل خفوته منذ عام 2011، الأمر الذي لم تعد معه الجامعة في صدارة المشهد، فيما يتعلق بالتعامل مع الأوضاع في كل من سوريا وليبيا على سبيل المثال، بل وقامت بإحالة هذين الملفين بشكل مباشر وصريح، إلى الأمم المتحدة، ووجدت أنه من الضرورة تنشيط دور الجامعة في هذا الصدد، مع الأخذ في الاعتبار التوازنات الحالية لهذه الملفات، وتعقد وتشابك المصالح المختلف للأطراف الإقليمية والدولية بشأنها".
وأضاف "نجحنا على سبيل المثال في تكوين مجموعة رباعية دولية مهمة تضم كلا من الجامعة العربية والأمم المتحدة، والاتحادين الأفريقي والأوروبي للتعامل مع الأزمة في ليبيا، وتوحيد الجهود والرؤى للمنظمات الأربع، وهي تجتمع بشكل دوري في ظل تنسيق عالي المستوى، كما قمت بتعيين ممثل خاص للتواصل مع الأطراف الليبية والدولية وهو الوزير والسفير التونسي الكفء صلاح الدين الجمالي، ونجحنا أيضا في خلق قناة تواصل مستمرة مع المبعوث الأممي دي ميستورا، المعني بالأزمة السورية، ونحن على تواصل أيضا مع أطراف أخرى رئيسية معنية بالأزمة كالاتحاد الأوروبي وروسيا، وعملت على تنشيط أطر التعاون ما بين الجامعة العربية والشركاء الدوليين، وشهدت الفترة الماضية كثافة ملموسة في عقد منتديات التعاون على غرار القمة العربية/ الأفريقية في مالابو، والتي خرجت عنها نتائج غاية فى الاهمية، والمؤتمر الوزاري العربي/ الأوروبي والذي يمهد لعقد قمة عربية/ أوروبية، ومنتديات التعاون مع كل من اليابان والصين وجمهوريات آسيا الوسطى وغيرها".
وأوضح أنه بشأن ملفات العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي المشترك، نجحت الأمانة العامة في طرح العديد من المبادرات في هذا الإطار، ولديها دور فاعل وقوي في التعامل مع موضوعات متابعة الانتخابات، في الدول الأعضاء والشئون الإنسانية والهجرة واللاجئين وقضايا المرأة والطفل والأسرة، ودعم احترام حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني العربي، وغيرها من الملفات. 
وأشار إلى أن هناك تحديات كبيرة أبرزها، أن الأزمات الكبرى في المنطقة لا تزال مفتوحة على مصراعيها، ولا يقتصر الأمر على تداعياتها السياسية او الأمنية أو العسكرية، وإنما يشمل تداعياتها الإنسانية الواسعة، والتي تعد تحديا واسعا يحتاج إلى جهود مضاعفة تفوق قدرة الجامعة العربية، وتحتاج إلى عمل دولي جماعي مكثف، كما هو الحال بالنسبة للأوضاع في كل من اليمن وسوريا وبالنسبة للاجئين الفلسطينيين، كما يشكل استمرار افتقار بعض الدول الأعضاء إلى هياكل مؤسسية في بعض مجالات العمل الاقتصادي والاجتماعي، تحديا كبيرا يعوق تفاعل هذه الدول مع البرامج أو الاطروحات التي تقدم في إطار عمل الجامعة.
ولفت إلى محاولة الأمانة العامة دعم هذه الدول ومساندتها بشتى الطرق، سواء من خلال خبراتها، أو من خلال الدعم الذي يمكن أن تقدمه بعض الدول الأعضاء، أو حتى أطراف خارجية في بعض الأحيان.
وقال إن هناك التحدي الخاص بتوفير التمويل اللازم لعمل الجامعة، والذي يعيق في كثير من الأحيان تنفيذ البرامج والخطط التي نسعى لتفعيلها، حيث شهدت السنوات الأخيرة تراجعا في النسب المسددة من حصص الدول في ميزانية الجامعة، في ظل تأخر بعضها في السداد أو توقف بعضها عن دفع حصصها ومن بينها دول مهمة، ومع ذلك فنحن نبذل كل الجهد المتاح، وفي ظل اتباع سياسة تقشف وترشيد للإنفاق، لضمان أن تفي الأمانة العامة بالتزاماتها في هذا الإطار وأن تكون على مستوى التوقعات.
وعن رؤيته بشأن مسار إصلاح الجامعة وتطوير أدائها، قال " أنا شخصيا مقتنع تماما بأهمية تفعيل هذا الموضوع، ولكن وفقا لأسس متوازنة ومدروسة بعناية، خاصة وأن الجامعة العربية ليست عبارة عن مجموعة من الموظفين الذين يقتصر الأمر على تلقيهم رواتب والقيام بنشاطات روتينية، وإنما نحن نتحدث عن منظومة واسعة ومتشابكة من النشاطات التي تدخل في كافة مناحي العمل العربي المشترك، والتي يجب العمل الارتقاء بها وفقا لأهداف وخطط واضحة، سعيا لخدمة الأولويات العربية الحقيقية، ووفقا للتوافقات التي تتوصل إليها الدول في هذا الصدد".
وأوضح أنه على الرغم من وجود مطالبات بالإصلاح والتطوير لهيكل الجامعة، فإن المشكلة تكمن فى بروز تباينات وتناقضات واضحة، بين الدول الأعضاء، تجاه هذا الملف، والمعضلة نتيجة مواقف الدول الأعضاء، ورؤيتها وفلسفتها في الإصلاح والتطوير، والتى تفتقر إلى التوافقات المطلوبة، ومن ثم فإن المرحلة الراهنة تبدو بالغة الصعوبة، وتستوجب إدارتها قدرا كبيرا من الصبر والتحكم فى الذات، وتحقيق الحد الأدنى من التوافقات، وبما يكفل أن تمضى مسيرة العمل العربى المشترك.
وحول الآراء القائلة إن الجامعة العربية وصلت إلى طريق مسدود، وأن الحاجة إليها تقلصت، قال أبو الغيط: "الحديث حول الطريق المسدود وعدم وجود دور للجامعة العربية هو حديث مرفوض، ومن يروج له لا يبغي في حقيقة الأمر مصلحة الشعوب العربية.
وأضاف: "يكفي أن أجدد ما أشرت إليه سابقا حول أن مثل هذه التصريحات أو الآراء صدرت مؤخرا عن طرفين إقليميين، الأول هو إيران عندما اجتمع وزراء الخارجية العرب في دورة غير عادية للنظر في التهديدات التي تمثلها الصواريخ الباليستية الإيرانية، لأمن واستقرار المملكة العربية السعودية، فكان الرد الإيراني بأن هذه منظمة "متعفنة"، والثاني هو تركيا عندما أشرت أنا شخصيا خلال مشاركتي في مؤتمر ميونيخ للأمن، إلى تأثير التدخل التركي في شمال سوريا على سيادة سوريا ووحدتها الإقليمية، وإلى ضرورة قيام نظام أمني إقليمي عربي قوي، فكان الرد الاستعلائي من وزير الخارجية التركي بأن الجامعة العربية هي "منظمة غير قادرة على تحقيق أي شئ".
ودعا الأمين العام للجامعة العربية إلى أن يكون الرأي العام العربي والشعوب العربية واعية ومدركة لخطورة الترويج لمثل هذه الأقاويل.
ولفت إلى أنه "إذا كانت هناك بالفعل ملاحظات على أداء الجامعة، وأنا شخصيا لدي ملاحظات، حتى وأنا في موقع الأمين العام، فإن رد الفعل الصحيح يكون من خلال طرح حلول أو بدائل منطقية وعملية، وليس من خلال الشعارات الرنانة أو الأقوال المرسلة، مع حرصي شخصيا منذ توليت مهام منصبي على اتباع نهج يتسم بالشفافية، في تعريف الرأي العام العربي لكل جهد تقوم به الجامعة العربية وما تسعى لتحقيقه".
وجدد أبو الغيط الدعوة لإيران وتركيا لإعادة تعديل مسار منطلقات البلدين في التعامل مع المنطقة العربية بشكل عام، وفيما يخص تدخلهما في الشئون الداخلية في دول عربية بعينها، وذلك لخطورة استمرار هذا النهج. 
وأكد أن الدول العربية لا ترغب في وجود توتر مع هذين البلدين، خاصة وأنهما دولتي جوار جغرافي استراتيجي، وفي ظل وجود إرث تاريخ يربطهما بالمنطقة العربية على المستويات الثقافية والحضارية والمجتمعية والاقتصادية.
و حذر الجانب الإيراني من خطورة التصعيد الأخير بإطلاق المزيد من الصواريخ الباليستية من جانب ميليشيات الحوثيين، على أنحاء متفرقة من المملكة العربية السعودية، مشيرا إلى أن التصعيد يمكن أن يدخل بالمنطقة إلى منعطف خطير.
وبشأن مشكلة تمويل الجامعة العربية، أكد أبو الغيط ضرورة توافر التمويل في مختلف مؤسسات العمل العام، والجامعة العربية ليست استثناء، قائلا "بل على العكس فنحن نعمل في إطار ميزانية محدودة نسبيا لا تزيد عن 60 مليون دولار سنويا، وهي لا تقارن على الإطلاق، ليس فقط بالميزانيات المتوافرة للأمم المتحدة، وإنما أيضا بنظيراتها من المنظمات الإقليمية".
وأشار إلى أن الكثير من أعضاء الجامعة العربية، باتوا غير قادرين على سداد حصتهم الزهيدة الصغيرة جدا في موازنة الجامعة.. وأن ما يصل للجامعة سنويا، يترواح بين 30 و35 مليون دولار، من أصل 60 مليون دولار.
وألمح إلى أن حصة بعض الدول لا تزيد عن 600 ألف دولار في العام، ومع ذلك تجد صعوبة في سدادها، ومن ثم فإن الجامعة تجد صعوبات بالغة من ناحية التمويل، فيما قوى كبرى في الوطن العربي متوقفة عن دفع حصصها.
ولفت أبو الغيط إلى أن الجامعة العربية في فترة قصيرة مضت لم تكن قادرة على دفع مرتبات موظفيها، أنه تحدث في هذا الشأن كثيرا.
وحول النظام الأمني العربي، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية إنه "حلم مؤجل بالفعل، والحديث ممتد منذ عقود حول هذا النظام الأمني العربي وذلك منذ إبرام اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وهو يتجدد كلما ألمت بالأمة مخاطر أو تهديدات جديدة كما هو الحال خلال فترة الحالية". 
ورأى أبو الغيط أن وضع محددات هذا النظام يستلزم التحرك في عدة اتجاهات للعمل أهمها بالتأكيد ما يتعلق بتنسيق الخطط العسكرية والأمنية، ليس فقط لمواجهة خطر أو تهديد بعينه، وإنما لضمان وجود منظومة مستقرة ومتكاملة تكفل التفاعل بشكل حظي مع أي تهديد من أي نوع يمكن أن ينشأ في هذه المنطقة، إضافة إلى وجود محدد فكري أو مفاهيمي لهذا النظام يتجاوز بالتأكيد أي منطلقات ترتبط بنوعية نظام الحكم أو العقيدة السياسية أو الأيديولوجيا الفكرية أو الخلفيات الدينية أو الثقافية غير الجامعة لكل العرب.
وأكد أن الموضوع يحتاج إلى جهد كبير ولكن المهم حاليا وجود قرار أو إرادة سياسية قوية وجماعية للمضي قدما في هذا الطريق.