السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الانتخابات الليبية.. المشي على طريق الألغام

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المجتمع الدولي مصمم على إجراء «الرئاسية والتشريعية»
استمرار الصراعات الداخلية يجعل الخروج من الكبوة صعبًا
«مفوضية الانتخابات» تحظى بالدعم الدولي.. والإقبال على التسجيل في الداخل يشهد ارتفاعًا ملحوظًا 
الأوضاع تحتاج لتعزيز الحوار ونبذ الخلافات التي تستفيد منها الجماعات الإرهابية

ليس هناك شك في أن وجود تنظيم «الإخوان» الإرهابي في ليبيا، يمثل عقبة كبيرة في طريق الانتخابات الرئاسية، المتوقع إجراؤها قبل نهاية العام الجاري، والتي يبني الليبيون آمالا عريضة عليها لحل المعاناة التي عاشتها بلادهم خلال السنوات الماضية.
ورغم أن المناخ لا يبدو مناسبا لإجراء الانتخابات، فإنه يبدو أن هناك إصرارا من قبل المجتمع الدولي على المضي قدمًا نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، عقب الانتهاء من عملية الاستفتاء على الدستور، باعتبار ذلك حلا مثاليا للأزمة الليبية، وربما لذلك يبدو هذا الاستحقاق أكثر قربا للتحقق من أي وقت مضى، لعل ذلك يكون بداية لانقضاء المحنة التي لا تزال تراوح مكانها فى ليبيا، خاصة في ظل وضع داخلي ممتلئ عن آخره بعقبات وعوائق تنفذها وتمثلها عناصر «الإخوان» وباقي التنظيمات الإرهابية، ومن خلفها النظام القطري. 
كاد المتآمرون على ليبيا أن يوجهوا الأوضاع لما هو أكثر حدة، بجانب التوترات الأمنية التي شهدتها المنطقة الجنوبية، والتي اختلط فيها الصراع القبلي بتدخلات أطراف وأجندات خارجية، وسط تصاعد التحذيرات بوجود محاولات فرض الانفصال، لولا إعلان قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، فرض سيطرته على الجنوب في إطار عملية «فرض القانون» التي أعلن عنها في بدايات مارس الماضي.
استمرار الصراعات بالداخل الليبي، يسهم في تعميق الانقسام بين الفرقاء، ويجعل إخراج البلاد من كبوتها صعبًا، وبالتالي يجب مواصلة المساعي لإيجاد تسوية شاملة للأزمة؛ حيث تستعد الدولة الليبية لإجراء انتخابات رئاسية بموعدها، في خطوة طال أمدها، وقد ترسم مستقبل البلاد بعد أن عجزت المبادرات الإقليمية والدولية عن فك طلاسم الأزمة، نتيجة تعنت أطراف الصراع، واستمرار حالة الانقسام.
وفي ظل تلك المخاوف، واستمرار حالة الفراغ السياسي في البلاد، وما لها من تأثيرات خطيرة تتجاوز الداخل الليبي لتشمل المنطقة والعالم، بات التأكيد على ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، كحل ضروري في المشهد الليبي، يفرض حضوره في الأوساط الداخلية والخارجية، مع تصاعد حالة الدعم والتأييد الخارجى؛ حيث حظيت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بدعم أممي ودولي واسع، من أجل الإسراع في إجراء الانتخابات في ليبيا. كما شهدت عملية الإقبال على التسجيل في الداخل ارتفاعًا ملحوظًا، فكان عدد المسجلين لحظة إقفال السجل «بلغ مليونين و٤٣٢ ألفًا و٥٠٢ ناخبا، بينهم مليون و٣٩٩ ألفًا و٥٤٠ من الرجال، ومليونا و٣٢ ألفًا و٩٦٢ من النساء.
ودفع هذا الإقبال الكبير بالعديد من المتابعين للشأن الليبي إلى التفاؤل بجدية ونجاح هذا الاستحقاق؛ حيث عدّوه مؤشرًا على حرص الشعب الليبي على المضي قدمًا نحو العملية الانتخابية لاختيار من يمثله، خاصة أن الأوضاع الليبية تحتاج، أكثر من أي وقت مضى، إلى تعزيز الحوار والوحدة السياسية بين الأطراف المعنية، وكذلك نبذ الخلافات والابتعاد عن أسباب النزاع والتناحر التي تستفيد منها الجماعات الإرهابية بالدرجة الأولى، غير أن واقع الخلافات والانقسامات ما زال يلقي بظلاله على الساحة الليبية مهددًا بعودة فصول الفوضى والعنف التي ترسخت طوال السنوات الماضية.

مستقبل خطة المبعوث الأممي 
قبل البحث عن إمكانية تحقيق الانتخابات الرئاسية الليبية، لا بدَّ من الإجابة عن السؤال الذي يطرح نفسه في الوقت الراهن، وهو: هل ستنجح عملية التسوية التي يقوم عليها المبعوث الأممي غسان سلامة تحت عنوان «خطة العمل من أجل ليبيا؟»، وهي التسوية الساعية نحو تحقيق مصالحة وطنية واستفتاء على الدستور وانتخابات تشريعية ورئاسية خلال العام الجاري، خاصة أن «خطة العمل من أجل ليبيا» تعد امتدادًا لاتفاق (الصخيرات) وتقوم على الأساس ذاته، وهو التوافق بين المؤسسات القائمة حاليًا، وأن سياسة التوافق بين المؤسسات بحاجة إلى مؤسسات فاعلة، تمارس عملها بمهنية وحسن نية بما يغلّب الصالح العام، ومن الصعب أن تقوم مؤسستان يشوبهما نوع من العجز، بعملية معقدة لاستئناف المسار الديمقراطى الليبي، ما لم تخضع كلٌّ منهما لإصلاحات حقيقية تنبئ عن حسن النوايا والالتزام بقواعد العمل المهنى للمؤسسات الحاكمة.
وكي تتحقق خطة «سلامة»، من الضروري أن يكون هناك مرحلة إصلاح مؤسستي مجلس النواب ومجلس الدولة، بضم المقاطعين إلى مجلس النواب، والتداول بشأن تغيير المقر المؤقت له، وإجراء انتخابات عاجلة لرئاسته، وتعديل لائحته الداخلية بما يتماشى مع خطة المبعوث الأممي. أمَّا مجلس الدولة، فعليه القيام بمراجعة كاملة لتشكيله، والإعلان عن أسماء أعضائه وطريقة اكتسابهم للعضوية، وإعادة انتخاب مجلسه الرئاسي، وإعادة النظر في لائحته الداخلية بما يتفق مع خطة غسان سلامة.
ويضاف إعادة الالتزام الرئيسى للمؤسستين بالعودة إلى دوائرهما الانتخابية والتواصل مع المنتخبين، خاصة فيما يتعلق بخطة سلامة، وهو التزام لم يعد ضمن أولويات أعضاء هاتين المؤسستين، وأن مؤشر نجاح هذه الخطة وإنجاز هدفها النهائي هو الوصول إلى إصدار دستور للبلاد، وهي الخطوة التي ستقوم عليها انتخابات تشريعية ورئاسية، لكن هذه الخطة لم تعطِ أية فرصة لإمكانية الدعوة لانتخابات مبكرة وإجرائها في حال عدم التمكن من الوصول إلى إصدار هذا الدستور، إن من اللازم توقع عدم تحقق الهدف بالوصول إلى انتخابات مقبلة قائمة على الدستور، وإن هذه الخطة تسلم مسار ليبيا الديمقراطى ومخرجها من أزمتها لمؤسستين لم تنجحا حتى اليوم فى التوافق على تعديلات على اتفاق الصخيرات للمضي قدمًا للمرحلة الثانية.
إذا كانت خطة «سلامة» حزمة واحدة؛ فإن هذا يعني أن هذه المراحل متتابعة ومرتبطة، وفي حال فشل مرحلة، فمن الصعب المضي قدمًا إلى المرحلة التي تليها، أمَّا إذا كانت هذه المراحل غير مترابطة؛ فإن تجاوز إحداها سيضعف الخطة، ويتطلب إعادة توازن لها، وأهمها العمل على توضيح مهام المؤتمر الجامع وآلاته وعلاقته بالاتفاق السياسي ومخرجاته ومؤسساته، وتشكيل لجنة خبراء ليبيين مستقلين تواكب عمل المؤتمر الجامع وتعمل بالتوازى معه تحت إشراف البعثة الأممية لوضع مخرجاته في وثيقة مكتوبة تلتزم جميع الأطراف بها، ووضع آلية لجعلها ملزمة، ومن شأن ذلك دعم العملية الدستورية دون التدخل فيها.
على ضوء الخطة وتعدد المؤسسات المعنية، والحديث عن ضرورة إقحام المؤسسة العسكرية وتوحيدها، نرى من الصعب أن تتحقق هذه الخطة خلال عام، خاصة أنها لا ترتبط بمدة زمنية، بل بإنجاز الدستور. ومن المعيب إقحام كل من مجلسي النواب والدولة في العملية الدستورية، فبالإضافة إلى ما تفتقران إليه من قدرات فنية وما يعتريهما من عيوب لا تؤهلهما لذلك، فإن المنطق والأساس الدستوري لتشكيل الهيئة التأسيسية المنتخبة لصياغة الدستور يمنع ذلك منعًا باتًا، وهو ما يجب أخذه فى الحسبان بجدية، لذا، فإن ما تحتاج إليه العملية الدستورية، هو استكمال الهيئة التأسيسة لمسارها الدستوري، وفقًا للإعلان الدستوري بما فيه عرضه على الاستفتاء وإمكانية عودته للهيئة للمراجعة في حال رفضه، ومع الأخذ في الاعتبار الأحكام القضائية وإلزامية نتائجها في هذا الشأن.
قطعًا، حالة الانقسام التى تشهدها الأراضى الليبية، تنعكس بالسوء على المواطن الليبي، إذ يُعتقد أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة ستسهم في توحيد ليبيا «إن تمَّ على نحو سليم»، وتستقر الأمور بصورة أكثر اتزانًا، والفيصل هنا، خلق أفكار واضحة حول كيفية تأمين التصويت في مختلف أنحاء ليبيا، للتصدى لسيطرة مجموعة من المجموعات المسلحة ستظل تعانى منها الدولة الليبية فى فترة ليست بالقصيرة، وفي ظل تلك الحالة تفقد البلاد الكثير من مواطنيها الذين يحاولون بشكل فعّال خوض رحلة خطرة إلى أوروبا للهروب من المعاناة والأزمات التي تشهدها البلاد، وبجانب ذلك؛ فإن إجراء انتخابات سلمية، إضافة إلى مؤسسات حكومية فعالة وعاملة، وهياكل أمنية تخدم الأمة وشعبها، يلزمه نضج سياسي إلى حد ما يسمح بهذا الاستحقاق.
ومن ثَمَّ يمكن القول، إنه رغم كون المواطن الليبي اليوم بين خيارين، الأول خطة «سلامة» بالمضي قدمًا في مرحلة انتقالية مقبلة بمؤسسات وطنية غير كفؤة وبحاجة للإصلاح أو الاستبدال، ولمدة مرتبطة باستحقاق وليس بمدة زمنية، وبين الاستفتاء على مشروع الدستور الصادر عن الهيئة التأسيسية على ضوء حكم القضاء فيه، مع فتح الطريق لإمكانية مراجعته من خلال خيار رفضه وإعادته إلى الهيئة التأسيسية- وإنهاء هذه المرحلة بمؤسساتها، بيْدَ أنه في كل الحالات، يبدو أن الانتخابات الرئاسية الليبية، باتت أمرًا محسومًا وتسير إليه القوى الفاعلة في الداخل الليبي بشكل جاد وبوتيرة أسرع مما سبق، ليصل الحال إلى حد طرح أسماء لمرشحين محتملين للتقدم إلى الانتخابات الرئاسية العام الجاري.

الطامحون للرئاسة
من أبرز المرشحين لتولي منصب رئيس ليبيا بعد الرئيس السابق معمر القذافي، المشير خليفة حفتر، الذي احتل صدارة المرشحين للانتخابات الرئاسية؛ حيث لم يُبدِ رفضًا قاطعًا عندما وجِّه له هذا التساؤل في أكثر من مناسبة. وفي التاسع من فبراير الماضي، قال الناطق باسم الجيش الوطني، العميد أحمد المسماوي، إن قرار إعلان حفتر ترشحه للانتخابات الرئاسية يرتبط بصدور قانون الانتخابات.
ويأتى ثانيًا، سيف الإسلام القذافي، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، رغم أن مصيره ما زال مجهولًا، لا يزال يرى أنصار النظام السابق، وهم نسبة لا يستهان بها من التعداد الليبي، أنفسهم أمام فرصة جديدة للعودة إلى أيامهم السابقة، لا سيَّما بعد إعلان المبعوث الأممي رسميًا، السماح لهم بالمشاركة في المصالحة الوطنية والاستحقاقات المنتظرة، واستعدادًا لذلك، بدأت مختلف القبائل الليبية الموالية للنظام السابق داخل البلاد وخارجها، هذه الأيام، اجتماعات مكثفة من أجل التخطيط للانتخابات التشريعية والرئاسية. وهناك اجتماعات يومية تعقد بين أعيان القبائل من أجل الاتفاق على قائمة نهائية لترشيحها فى الانتخابات التشريعية بعد التوافق على الدفع بسيف الإسلام القذافي كمرشح للانتخابات الرئاسية، باعتبار أنه أهم شخصية قادرة على النجاح في الانتخابات وإدارة البلاد.
ويعتبر فايز السراج من بين المرشحين أيضًا، وأشارت تقارير إلى أنه من الطامحين للرئاسة، لا سيَّما بعد إعلانه في الثامن عشر من ديسمبر الماضي، استمرار الاتفاق السياسي (الصخيرات) الذى يرأس بموجبه حكومة الوفاق ومجلس الرئاسة، إلى حين التسليم لجسم منتخب من الشعب. وتتباين آراء الليبيين حول شخصية السراج، فمنهم من يراه مناسبًا، ومنهم من يستبعده تمامًا في ظل تحالفه مع القوى الإسلامية بالبلاد.
بينما يعتبر عبدالرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة الحالي، من بين المتوقع ترشحهم، ووُصِف من قبل البعض بأنه من «أشد الطامحين» إلى السلطة والحالمين بكرسي الرئاسة؛ حيث تعكس تحركاته الأخيرة داخليًا وخارجيًا، أنه سيكون من ضمن قيادات الصف الأول التي ستتربع على عرش المشهد السياسى في ليبيا خلال الفترة المقبلة.
وكذلك برز اسم السياسى محمود جبريل، العضو السابق في المجلس الوطني الانتقالي لإسقاط نظام معمر القذافى، منذ ٥ مارس ٢٠١١، وتقلد منصب أمين مجلس التخطيط الوطني ومدير مجلس التطوير الاقتصادي في عهد القذافي، وبعد أحداث ٢٠١١ أنشأ حزب تحالف القوى الوطنية السياسي، وفي العاشر من ديسمبر الماضي، طالب بتعهدات مسبقة من كل القوى السياسية وأيضًا المسلحة، سواء كانت تابعة للمؤسسة العسكرية أم للميليشيات، باحترام نتائج الانتخابات، قبل إجرائها.. وهو يتهم صراحة «قوى الإسلام السياسي» بأنها أبطلت بقوة السلاح، فوز تحالف القوى الوطنية فى الانتخابات الماضية، ويتردد أنه يستعد لخوض غمار المنافسات الانتخابية من جديد إذا انعقدت العام الجاري.
وجاء ضمن القائمة عارف النايض، الذي أبدى استعداده للترشح لرئاسة ليبيا، من مواليد ١٩٦٢، بنغازي، وهو أستاذ فلسفة مسلم متخصص في العقائد ومقارنة الأديان، ومن المساهمين في الحوارات واللقاءات التي تعقد مع ممثلي الديانات الأخرى، وعمل أستاذًا أكاديميًا في عدد من الجامعات والمراكز الدولية، وهو بذلك يعد من علماء ليبيا، إلى جانب أنه يترأس شركة لتكنولوجيا المعلومات، وعمل منسقًا لمجموعة الاستقرار الليبية، كما تمَّ تعيينه من قبل المجلس الوطني الانتقالي سفيرًا لليبيا في دولة الإمارات. 

الانقسام والانتخابات الرئاسية
من المعلوم، أن المبعوث الأممي إلى ليبيا ورث عملية صعبة، لكنه يسعى إلى التواصل مع قطاعات من المجتمع الليبي، تمَّ تجاهلها في السابق، مثل: الطلبة، ومجموعات فى شرق ليبيا، لكن المحادثات الهادفة إلى التوصل نحو تسوية سياسية لاقت طريقًا مسدودًا، وعَلِق اللاعبون السياسيون والعسكريون في ليبيا في دائرة الانقسام والتشرذم، لكن وسطاء الأمم المتحدة يمنّون النفس في أن تكون القوانين الانتخابية نافذة، عبر كتابة دستور جديد، يسمح بإجراء انتخابات ذات مصداقية.
مع أن أغلب الأطراف الحاكمة في ليبيا، موافقة على إجراء الانتخابات الرئاسية في ٢٠١٨، للخروج من أزمة تعدد الشرعيات في البلاد، إلا أنه لم يحدث اتفاق حول آليات إجراء هذه الانتخابات، وهذا يعود إلى عدد من الأسباب.
أولها، وجود عدد من العراقيل أمام الانتخابات الرئاسية، والسبب هو عدم موافقة مجلس النواب على مجموعة من الإجراءات، فالوصول إلى المرحلة النهائية لإجراء الانتخابات الرئاسية، يحتاج إلى التوصل إلى اتفاق جديد، يتضمن تعديل الاتفاق السياسي الموقع فى ١٧ ديسمبر ٢٠١٥، ليصادق عليه مجلس الدولة ومجلس النواب في طبرق.. الأمر الثاني، هو عدم الاتفاق على جدول للانتخابات، وكذلك عدم عرض مسودة الدستور التي أشرفت على إعدادها «مجموعة الستين» على الاستفتاء الشعبى لإقرار الدستور الجديد للبلاد، باعتبار أن الانتخابات الرئاسية يجب أن يسبقها أولًا استفتاء لدستور جديد، بينما السيناريو الأسوأ، يعود إلى سوء الأوضاع الداخلية، وتهديدها لاستحقاق الانتخابات كخلاص وحيد للأزمة الليبية، بصورة ربَّما لن توحد ليبيا، بل تزيد من تمزقها، إذا ما نتج عنها دكتاتورية جديدة، أو ما يساعد على ظهور انقلابات عسكرية.
وهنا يمكن القول إن المجتمع الدولى مستعد للتصدى لأى من الأطراف الليبية المتناحرة، إذا حاولت عرقلة إجراء الانتخابات لإنهاء الأزمة التي دخلت عامها الثامن؛ إذ إن عدم وجود وجه واحد للسلطة الحاكمة في ليبيا، يجعل المجتمع الإقليمى والدولي في حالة ضبابية، لينتهي الحال إلى الانتهاء من الدستور، ومن ثَمَّ تُجرى الانتخابات الرئاسية، بحسب قرار المحكمة الإدارية العليا الليبية برفض الطعن على إحالة مشروع الدستور من الهيئة التأسيسية إلى مجلس النواب، وهو ما يعتبر بداية لإنهاء الانقسامات الليبية وتنفيذ خريطة الطريق المدعومة من الأمم المتحدة، وإزالة كافة العقبات التي كانت تؤجل إجراءات إصدار الدستور الليبي، وتمهيد الطريق لتنفيذ خريطة الطريق التي طرحها المبعوث الأممي، فالدستور لا بدَّ أن يقدم على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وكانت هيئة صياغة الدستور، قد صوتت في يوليو الماضي، على مشروع الدستور الليبي، بواقع ٤٣ صوتًا، بيْدَ أن عددًا من أعضاء الهيئة تقدّموا بطعن بشأن عدم مشروعية جلسة تصويتها أمام محكمة البيضاء، وقد رفض الطعن، قبل أن يقدم عدد من الشخصيات العامة من مدينة بنغازي، طعنًا آخر في نوفمبر الماضي أمام محكمة القضاء الإداري، التي قضت بعدم اختصاصها بنظره، على سند أن أعضاء الهيئة التأسيسية منتخبون من الشعب بشكل مباشر، وقراراتهم تخرج عن ولاية القضاء.
وأخيرًا، رغم أن المجتمع الدولى يؤمن بمدى خطورة إجراء الانتخابات في ليبيا قريبًا، فإن مواصلة العمل من أجل التوصل إلى حل، بات أمرًا ضروريًا، وفي ذلك تدفع القوى الدولية كل الأطراف إلى الانتخابات، وكذلك المجتمع الدولي لا يملك خيارًا آخر، وليس بمقدوره فعل أي شيء لإنهاء حالة الجمود التي تعيشها البلاد؛ لذا أرادوا أن يظهروا أنهم يقومون بفعل شيء ما، حيال التوصل إلى جدول زمني مكثف لدفع الليبيين إلى إحداث التغيير بأقصى سرعة.