الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

البابا تواضروس يكتب: صليب الألم.. صليب الأمل

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحت عنوان "صليب الألم.. صليب الأمل" كتب البابا تواضروس الثاني بابا السكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بمجلة الكرازة الكنيسة وإلي نص المقال: 
يقولون إن المسيح هو أعظم نجار في التاريخ، حيث بنى جسرًا يصل الأرض بالسماء، فقط بعارضتين من الخشب وثلاثة مسامير.. هذا هو الصليب الذي صار مذبحًا، عليه الذبيحة الدائمة، مسيحنا القدوس، الإله المتأنس من أجل خلاص جنس البشر، لأنه «هكذا أحبّ الله العالم حتى بذل (صُلب) ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يو ٣: ١٦)، وصار الصليب فاتحة خلاص انتظرته أجيال وأجيال كما نقرأ في أسفار العهد القديم.
ومن المدهش أن يكون «الصليب» في معناه وتاريخه وأحداثه وآثاره هو صورة الألم الشديد والقاسي، وفي الوقت نفسه هو صورة الأمل الرائع والواسع أمام الإنسان، وهذا هو سر عظمة الصليب الذي يعشقه كل مسيحي يعيش إيمانه القويم، ويُعبّر عنه باللحن والصلاة والفن والموسيقى والعبادة، ومن خلاله ينال البركة والراحة والسلام والفرح والأمل.
صليب الألم
منذ سقوط آدم وحواء وكسر الوصية الإلهية ورفضها وكسر قلب الله الذي خلقهما وأبدعهما وأحبهما جدًا ووضعهما على قمة الخلقة والخليقة.. وكلاهما اختار طريق الخطية التي عمت العالم فيما بعد، وانتشرت انتشار النار في الهشيم، حتى عبر داود النبي المعتبر بين الأنبياء «.. هأنذا بالإثم صُورت، وبالخطية حبلت بي أمي» (مزمور ٥١: ٥). لقد كانت خطة الخلاص على امتداد الزمن والأجيال في حلقات متصلة، ولكن بقيت علامة الصليب رمزًا للعقوبة والألم والعذاب، وصار الألم من أجل الإيمان طريقًا إلى المجد لأنه مشاركة مع المسيح في آلامه.
نقرأ هذه الكلمات: «إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني» (مت ١٦: ٢٤)، «ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا» (لوقا ١٤: ٢٧). وهكذا صار حمل «صليب الألم» إحدى مفردات حياة المسيحي معها تنوع هذا الألم بين المرض أو الضيق أو الفشل أو الاضطهاد وغير ذلك، وهذا يبين كيف تنظر المسيحية إلى قضية «الألم» حيث صار هناك رفيق وصديق يحمل معك صليب الألم أو سبق وحمله عنك، وهذا ما عبّر عنه بولس الرسول حين قال: «مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ» (غلاطية ٢: ٢٠). إن الصلب مع المسيح يعني معاني كثيرة: مثل قبول الألم سواء الجسدي أو النفسي أو المعنوي، ويعني أيضا قبول الموت أو الاستشهاد الفعلي من أجل الإيمان، وقد يعني حياة النُسك والصوم والتوبة والتعفّف وبذل الوقت أو الجهد أو المال حبا في المسيح ومن أجل مجد كنيسته.
إذا أردت عزيزى القارئ أن تقرأ عن صورة الألم الشديد الذي حمله المسيح من أجلك، افتح الأصحاح ٣٥ من سفر إشعياء واعلم أنه «إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير..» (يوحنا ١٢: ٢٤ و٢٥). نقول في ذكصولوجية عيد الصليب: «الصليب هو سلاحنا، الصليب هو رجاؤنا، الصليب هو ثباتنا في ضيقاتنا وشدائدنا».
صليب الأمل
يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: الصليب جعل الأرض سماء، هدم حصونًا وحطم قوة الشرير.. حطم قيودنا.. وفتح الفردوس.. وأوصل جنس البشر إلى ملكوت السموات.. تأملوا الخير الذي عاد علينا.. أنشدوا تسابيح التمجيد للغالب.. صيحوا بالصوت العالي: يا موت أين نصرتك؟ ويا هاوية أين شوكتك؟»، لم يكن قبر المسيح هو نهاية الصليب، بل كان نصرة الصليب ومحطة انطلاق وأملًا ورجاء نحو الملكوت.
إذا كانت العارضة الأفقية في الصليب تمثل الامتداد الذي يكون بين إنسان وآخر.. وعادة تكون آلام الإنسان بسبب إنسان آخر بأي صورة، فإن العارضة الرأسية تمثل الرجاء والأمل المفتوح أمام الإنسان، والذي يصعد عليه نحو الله بواسطة الصلاة المستمرة.
وإذا كنا نحتفل بتذكار الصليب المقدس يوم الجمعة الكبيرة، فإننا نحتفل بتذكار القيامة يوم الأحد.. إنه صليب الألم يوم الجمعة الكبيرة، وصليب الفرح يوم الأحد الذي صار هو العيد الأسبوعي للقيامة المجيدة.. إنه يوم النور، دائما يوجد أمل ورجاء لأن الصليب هو إعلان محبة الله الدائمة للإنسان صنعة يديه، إذ صار قوة خلاص وقوة رجاء، وهذا ما نعلنه في تسبحة البصخة ونكرره ونحن نصلي في أسبوع الآلام إذ نقول: «لك القوة والمجد والبركة والعزة إلى الأبد، يا عمانوئيل إلهنا وملكنا» (رؤ ٥: ١٢، ١٣، ٧: ١٢). إنه صاحب القوة ومصدرها، ورجاؤنا في المجد، وبركة حياتنا وعزة وفخر إيماننا القويم، ومكتوب:
«إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه» (رؤ ٨: ١٧).
«وإن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضًا معه، وإن كنا نصبر فسنملك أيضا معه» (٢ تي ٢: ١١).
«أنا هو القيامة والحياة من آمن بي ولو مات فسيحيا» (يو ١١: ٢٥).
كل أسبوع آلام وأفراح القيامة وجميعكم بخير.