الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

أربعاء أيوب.. الكنيسة تمنع "القبلات" والأقباط يتناولون "الفريك"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عددا من الطقوس الكنسية إلى جانب فلكلور شعبى ربطه المصريون بـ«أسبوع الآلام»، الذى تم تقسيمه بحسب الأحداث التى ذكرها الكتاب المقدس، ولكل يوم صلوات واسم يحمل فى طياته «درب الصليب» الذى سار عليه المسيح فى طريقه لـ«الآلام».
وأطلقت الكنيسة على يوم الأربعاء من أسبوع الآلام «أربعاء أيوب» وفيه تتذكر الكنيسة خيانة يهوذا، أحد تلاميذ المسيح، والذى قام بتسليمه إلى اليهود مقابل ٣٠ من الفضة، وقد منعت الكنيسة «القبلة» بداية من عشية الأربعاء احتجاجًا على قبلة يهوذا الخائنة.
ويستمر هذا الأمر حتى يوم السبت، حتى لا تكون القبلة غاشة، بل إن الإنجيل نفسه لا يقبل فى قداس خميس العهد من أجل قبلة يهوذا هذه، فقد ذهب يهوذا الإسخريوطى إلى اليهود للاتفاق معهم على الثمن الذى يدفعونه لكى يخون المسيح فى مساء يوم الأربعاء، لذلك حسب تقليد الكنيسة منعت القبلة فى ذلك اليوم.
وأطلقت الكنيسة اسم «أربعاء أيوب» نسبة إلى أيوب النبي، حيث تقرأ فى الصلوات الكنسية التى تقام مساء هذا اليوم «قصة أيوب البار» كما ذكرها «العهد القديم»، والتى ترمز إلى «السيد المسيح» فى آلامه وتجاربه، وأيضًا فى نهايته السعيدة، كما يعتقد البعض أن سبب التسمية يرجع إلى الاعتقاد الشعبى السائد، بأن أيوب اغتسل مدلكا جسده بنبات أخضر يسمى «الرعرع» فشفى من أمراضه، وكان ذلك يوم الأربعاء، فنسب إليه، كما يحرص الأقباط على تناول الفريك فى «أربعاء اليوم» ويتم طبخه بعدة طرق مختلفة.
احتفالات شعبية
ارتبط الطقس الكنسى بالفلكلور المصرى، حيث اعتاد المصريون الاغتسال بالعشب الأخضر، وارتبط أربعاء أيوب بالنبات الأخضر «الرعرع» وأطلق عليه «رعرع أيوب»، إضافة إلى تناول القمح الأخضر «الفريك».
وتتنوع الطقوس المرتبطة بهذه العادة، فالماء أحد العناصر الشعبية الشهيرة، فهو رمز الطهارة والنظافة، والبداية والميلاد الجديد، وأيضًا رمز للحياة، والنبات بما فيه من خضرة إنما يرمز إلى الخير والنماء والخصوبة المتجددة.
ويذهب البعض للاغتسال بالغطس في النيل، وبعضهم يكتفي بغسل وجهه ويديه وقدميه، مستخدمًا الأعشاب الخضراء التي تنمو على الشاطئ، فيما يقوم آخرون بالاغتسال في منازلهم بوضع نبات النعناع أو البقدونس في ماء الاغتسال، وهناك من يقوم برش ماء الاغتسال داخل المنزل، خاصة أمام الأبواب مستخدمين فى ذلك فروع النبات الأخضر.
والاغتسال بالنبات الأخضر يوم أربعاء أيوب شائعة، وتحظى بانتشار واسع، وإن اختلفت أسماء هذا النبات وأنواعه، فهو «الرعرع أو الرعريع أو العرعر أو الرعراع»، ويحرص بعض المصريين على هذة العادة.
«رعرع أيوب»
هو نبات طيب الرائحة، شديد الخضرة، ولعل اسم هذا النبات محرفًا من كلمة «عرعر» المستخدمة فى قراطيس الطب العربية القديمة، أو هو نبات مصرى قديم عثر العلماء على حبوبه بين الهدايا الجنائزية فى مقابر طيبة، أو أن فى اسم «رع رع أيوب» دعاء متكرر للإله «رع» يعنى يا إله أيوب، ويسميه البعض «خبيزة».
عروسة القمح
يتزامن الاحتفال بأربعاء أيوب بظهور بشائر زراعات القمح فى شكل سنابل رقيقة خضراء، فيحتفلون بها أو يشركونها فى احتفالاتهم لتصنع منها «عروسة القمح».
وتعرف عروسة القمح، وتنتشر فى كثير من المجتمعات وإن اختلفت مسمياتها، فيسميها البعض «عروسة الفريك» أو «حبة البركة»، وفى أماكن أخرى «مشط الغلة».
وترمز للإخصاب مثل عروسة القمح التى تشير إلى نجاح المحصول ووفرته، وكانت العادة فى المجتمعات القديمة أن تصنع العروسة من باكورة محصول القمح، لتقدم كقربان للقوى الخفية التى تمد الزروع بالثمار شكرًا على عطاياها أو إتقاء لشرها.
وترجع هذه العادة إلى قدماء المصريين، حيث كانت من العادات المألوفة التى تقام للإلهة «رنوتت»، المعروف بـ «إلهة الحصاد»، وهى عادة تقديم وعاء به ماء لتشرب منه، تعلوه حزمة من سنابل القمح وسوقه تمثل البشائر الأولى للمحصول وتعلق أمام الآلهة قربانا لها، كما كان المصريون القدماء يقيمون فى موسم الحصاد عيدًا من أهم أعيادهم يفتتحه فرعون بنفسه، بأن يقدم للإله أولى ثمرات الحصاد رمزًا للخير والبركة.
تصميم عروسة القمح
تُشكل عروسة القمح من باكورة المحصول، فتُقطف سنابل القمح الخضراء الغضة من نهايات أطرافها، ثم تصف متجاورة، وتثنى نهايات السيقان لتجدل مع بعضها مكونة شكلًا مستطيلًا يشبه المشط، تتدلى منه السنابل.
وبهذا التشكيل فهى توحى بالهيئة الآدمية، فالسيقان فى الوضع الأفقى تمثل اليدين، والسنابل تكون هيئة الجسم، ومكان التعليق يرمز إلى الرأس، وهى بهذا تشبه علامة «حتب» الهيروغليفية، ليس فقط فى الشكل، إنما المعنى فـ«حتب» تعنى الخير والرحمة، وأيضًا قربان الرضا والشكر للآلهة.
وتعلق عروسة القمح فى المنازل، وعلى الأعتاب العلوية للأبواب، وعادة ما تترك هكذا طوال العام إلى أن يحل العام التالي، فتصنع بديلتها الجديدة فى أربعاء أيوب لتعلق مكانها.
مظاهر الاحتفال حول العالم
الاحتفال بـ«أربعاء ايوب» هو احتفال يمتد لعدد من الدول العربية، ويرتبط بالفلكلور الشعبى فى كل بلد ليكون طقسًا سنويًا فى مصر ولبنان وسوريا، بالنزول إلى ماء البحر للاغتسال اعتقادا بأن نبى الله أيوب، شفى بعد ٤٠ عاما من المعاناة مع المرض بمعجزة وقعت على شاطئهم دون غيره.
لبنان
فى لبنان يحتفلون بـ«أربعاء أيوب» كواحدة من المناسبات الشعبية، فيخرجون إلى شاطئ «الرملة البيضاء» ويقضون نهارهم فى لهو ومرح، فيغتسلون بماء البحر ويأكلون حلوى «المفتقة» الخاصة بالمناسبة، وهى حلوى من الأرز والسكر وطحينة السمسم والعقدة الصفراء وتحتاج إلى صبر فى طهيها.
أما من لم يشارك فى طقوس «أربعاء أيوب» كواحدة شاطئ الرملة البيضاء، فيغسل وجهه بماء تنقع فيه «حشيشة أيوب»، أى عشبة العرعر المعروفة بفوائدها الطبية منذ أيام الفراعنة، والتى يعتقد أنها تشفى من السعال المزمن وأوجاع الصدر وضعف المعدة وتقاوم السموم وتشد البدن.
وكانت التحضيرات لاحتفالات «أربعاء أيوب» تبدأ قبل أسبوع من موعدها، فيقوم الشباب بتنظيف رمال الشاطئ ونصب الخيام وتوزيعها وفق المناطق والعائلات، ويعدون أيضًا طائرات الورق الملونة.
سوريا
على شاطئ اللاذقية الواقع على البحر المتوسط شمال غرب سوريا، كان الأهالى يحرصون على التوافد إلى شاطئ البحر منذ ساعات الفجر الأولى، وتحرص النساء على الاغتسال ٧ مرات، ويقرأ المسيحيون سفر أيوب، بينما يقرأ المسلمون القرآن، طلبا للشفاء أو الإنجاب.
كما يحرص بعض الأهالى على إلقاء قطع النقود فى الماء، بينما يذهب البعض للاغتسال بمياه نبع «حوران» العذبة التى يعتقدون أنها السبب فى شفاء النبى أيوب.
مصر
يحيى أهالى سيناء هذا الطقس السنوى بالتوجه لشواطئ مدينة العريش، حيث يعتقدون أن النبى أيوب شفى هناك، وتبدأ الطقوس قبيل غروب الشمس من يوم الثلاثاء، وتستمر أيضا يوم الأربعاء، اعتقادا منهم بأن من تغرب عليه الشمس وجسده مغمور بمياه البحر يشفى من الأمراض العضال.
ويحرص عدد من المصريين بتدليك الجسم بنبات أخضر يسمى «الرعرع»، حيث يعتقدون أن النبى أيوب قام بذلك فشفى من أمراضه، وأن ذلك كان يوم الأربعاء فنسب إليه، كما يحرص البعض على بعض الطقوس والممارسات الأخرى، مثل استخدام بكور القمح فى عمل «عروسة»، وتناول القمح الأخضر «الفريك».
بينما يقوم عدد من الأهالى بالاغتسال فى المنزل بوضع نبات النعناع أو البقدونس فى ماء الاغتسال، وهناك من يرى ضرورة إلقاء الماء داخل المنزل وخاصة أمام الأبواب مستخدمين فى ذلك فروع النبات الأخضر، اعتقادا بأن ذلك يمنع الشرور من دخول المنزل طوال العام.
الطقس الكنسى
«أربعاء البصخة» أو «أربعاء أيوب» وفيه تقرأ الكنيسة «سفر إيوب» لما يحمل من تشابه مع المسيح فى تجاربه وآلامه الشديدة والنهاية السعيدة التى ختم بها حياته.
وترجع تسميته بيوم التآمر، لأن يهوذا تلميذه تآمر مع رؤساء الكهنة وقواد جند الهيكل على يسوع فى ذلك اليوم لكى يسلمه إليهم، واتفقوا أن يسلمه إليهم مقابل ثلاثين شاقلًا من الفضة، وبسبب هذه المؤامرة
تصوم الكنيسة كل يوم أربعاء لكى تشارك المسيح آلامه.
وتمارس الكنيسة صوم يومى الأربعاء والجمعة من كل أسبوع على مدار السنة منذ العصر الرسولي، لأن فى الأربعاء تذكار التشاور على تسليم الرب، وفى يوم الجمعة تذكار صلبه وعمل الفداء العجيب، ولكن لا يُصاما فى أيام الخماسين المقدسة.