الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

أندرية تاركوفيسكي.. النحت في الزمن

أندرية تاركوفيسكي
أندرية تاركوفيسكي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استطاع أندرية تاركوفيسكي أن يجعل له سينما خاصة به، جعل أفلامه تتكلم شعرا، ويعتبر من أهم المنظرين ونقاد السينما وأعظم مخرجي الأفلام في القرن العشرين، لم يحقق إنتاجا كبيرا من حيث العدد ولكنه استطاع أن يجعل نفسه على خارطة الدراسة والبحث التي لا يمكن تجاوزها بسهولة.
وتحل اليوم الأربعاء ذكرى ميلاد الكاتب والمخرج والممثل السينمائي أندريه تاركوفيسكي، حيث ولد في 4 أبريل من العام 1932، في مدينة زفراجيه الروسية الواقعة على ضفاف نهر الفولجا، ابنا للشاعر الروسي "أرسيني تاركوفيسكي"، عاش اندريه واخته عند أمهما التي أخذت تعمل كمصححة في إحدى المطابع بعد انفصالها عن أبيهما.
في العام 1939 بدأ التعليم في المدرسة الابتدائية بموسكو، ولكن عند بداية الحرب قطع دراسته ورجع إلى قريته، وخلال فترة الحرب كانت العائـلة مضطرة لإخلاء المكان، فعاشوا عند أقرباء لهم لفترة من الوقت، أبدى اهتمامًا مبكرا بالرسم والموسيقى، ودرس اللغة العربية، لكن بسبب إصابته بارتجاج في الدماغ قطع دراسته قبل إنهائها، وانتقل إلى دراسة الجيولوجيا.
انتسب لمدرسة السينما الدولية بمسكو، وعمل بالإخراج وقدم للسينما تسعة أفلام: فيلمان قصيران، وسبعة أفلام روائية طويلة من عام 1959 إلى عام 1986، كما أخرج مسرحية "هاملت لشكسبير"على مسرح موسكو، وأوبرا "بوريس جورونوف" في لندن، وصدر له كتاب "النحت في الزمن" ويتناول فيه سيرته الذاتية ورؤيته لقضاي الأدب والفن والسينما، وقد كتبه بحس شعري مرهف وبالغ الرقة والجمال.
ومن أهم أعمال: فيلم "طفولة إيفان" ويتناول فيه قصة الحرب بين الروس والألمان من خلال صبي يعمل بنقل أخبار العدو، الفيلم يتعرض لويلات الحروب، وينحو ناحية الأحلام المشرقة بعيدا عن سوداوية الواقع المؤذي، وأيضا فيلم "أندرية ربليوف" وفيه يتناول حياة وسيرة الشاعر والرسام الروسي أندرية روبليوف صانع اللوحات الفنية الدينية في القرن الرابع عشر، حيث كان يعيش مع الرهبان الأرثوذوكس ضمن تقاليد بيزنطية صارمة فيما يتعلق بالأعمال الفنية وأسلوب الحياة، لكنه كان مختلفا، وحاول تاركوفسكي إظهار ذلك في التركيز على الحس الفرداني لدى شخصيته السينمائية، وفيلم "نوستليجيا" وفيه يحكي قصة شاعر روسي يسافر إلى إيطاليا محاولا استكشاف حياة موسيقار روسي من القرن الثامن عشر. 
وفي سعيه لمحاولة استكشاف حياة غيره يواجه هذا الشاعر أسئلة بخصوص حياته هو، فهو بين عالمين ولا يجد وطنا له في أي منهما.
وتتميز أعمال تاركوفيسكي باستخدامه الدقيق للرموز والدلالات الأسطورية مبتعدًا عن الحبكة الدرامية التقليدية للأعمال الفنية، ويهتم بالفلسفة الوجودية والتأملية دائمًا في أعماله معالجا قضايا العزلة والموت والمغامرة والبحث عن الذات والتأمل في مصائر الأشياء ووجودها.
وقد رحل الكاتب والمخرج أندرية تاركوفيسكي في باريس 29 ديسمبر من العام 1986 بعد معاناة مع مرض سرطان الرئة، تاركًا إرثًا فنيًا عظيمًا مازال مثيرًا للإبداع والتأمل.