الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"الإرهابية" تنتهك قيم الدين والمجتمع.. دعوات للمطالبة بعدم احترام كبار السن المشاركين في انتخابات الرئاسة.. وخبراء علم نفس: عقليات غير ناضجة

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«احترم الكبير واعطف على الصغير».. لطالما ظلت تلك الحكمة تشكل جزءًا من الموروث الاجتماعي، الذى عاصرناه، وما زلنا نعاصره، وهو الأمر الذى تحاول قوى الشر تغييره بأى وسيلةٍ كانت، وهو ما ظهر مؤخرًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
فى هذا التقرير ترصد «البوابة نيوز»، حملةً أطلقتها مواقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، ضد كبار السن، الذين ذهبوا للإدلاء بأصواتهم، فى الانتخابات الرئاسية، حيث طالب أصحاب هذه الصفحات بمعاملة كبار السن، فى وسائل المواصلات، وطوابير المعاشات، بعدم ترك المقاعد المخصصة لكبار السن، للجلوس عليها.
ويتحجج مطلقو هذه الصفحات المسيئة، بأنه كما وقف كبار السن فى طوابير الانتخابات لوقتٍ طويل، للإدلاء بأصواتهم، فليقفوا فى وسائل المواصلات؛ مطالبين بتجاهل كبر سنهم، فى جميع الطوابير؛ سواءً فى طوابير إنهاء الإجراءات فى المصالح الحكومية، أو فى عربات مترو الأنفاق.
وانطلقت أغلب تلك الحملات، من صفحات مشبوهة، تديرها عناصر مسيئة للجيش والشرطة، كما رصدت «البوابة» أعمار أغلب المشاركين فى تلك الحملات، من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين والثلاثين.

وانطلقت هذه الحملة بنشر صور كبار السن وهم يتقدمون الطوابير الانتخابية ليدلون بأصواتهم، فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ورغم دورهم الفعال فى تأدية واجبهم الوطني، لم يسلموا من بعض الأشخاص الذين انهالوا عليهم بالكلمات، التى ليست من عادات الشعب المصري، الذى يوقر الكبير ويحترمه، وهاجموهم ببعض المنشورات لتشويه صورتهم.
ونشرت العديد من تلك الصفحات، مثل «رسام الثورة»، منشورًا يقول: «إن وجدتموهم يتلوون ألمًا فى طابور، فذكروهم بطوابير الانتخابات، وقولوا لهم لا حق لكم فى الكرامة، فقد رقصتم يومًا شوقًا إلى العبودية، وتحقق ما أردتموه».
ونشرت الصفحةُ ذاتها صورتين؛ الأولى لبعض كبار السن وهم يحملون أعلام مصر، وصورة أخرى لشباب، وكُتب على الصورة الأولى «جيل بيغلط»، بينما كُتِبَ على الثانية «جيل بيدفع الثمن».
وفى هذا السياق؛ استطلعت «البوابة» آراء عدد من خبراء النفس والاجتماع عن تلك الدعوات التى انطلقت، وعن التفسير الاجتماعى لهذه التوجهات الشاذة.

ومن جانبها؛ قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع، إن القوى الناعمة تؤثر تأثيرًا مباشرًا على أخلاقيات الشباب فى المجتمع، وهو الأمر الذى لا بد أن يستغل بصورة إيجابية لدعم الأخلاق الحميدة، وتكريس المفاهيم والثوابت والأعراف الاجتماعية، التى تعبر عن هوية الشعب المصري.
وأبدت «خضر» أسفها من كون الكثير من الأعمال الفنية، لا تدعم النواحى الأخلاقية، والأعراف الاجتماعية لدى الشباب، بل على النقيض من هذا، فهى تعمل على زيادة البعد اللا أخلاقي، وتنمى دوافع السلبية، وتحث على عدم المشاركة الاجتماعية؛ واصفةً تلك الحملة بأنها حملة سلبية للغاية، لا سيما أنها تحاول أن تقضى على الأخلاق لدى المواطن المصري، إلا أنه لحسن الحظ هناك زيادة فى الوعى من المواطنين، تجاه التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال عرض الأنماط السلوكية السلبية، القائمة على الشتائم والبلطجة واستخدام العنف، وهو الأمر الذى لا بد أن تتجه إليه الرقابة الفنية، بل والدولة كلها، لكون القوى الناعمة من أهم الوسائل التى يحبها الكثير من الشباب، والتى يمكن الاستفادة منها فى دعم النواحى الإيجابية عند هؤلاء الشباب.

فيما يعتبر الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسى بالأكاديمية الطبية، أن حملة الشباب التى انتشرت على موقع التواصل الاجتماعي، بعدم القيام لكبار السن، تكشف عن سوء أخلاق وحماقة هؤلاء الشباب الذين يطلقون تلك الحملات، من خلال عدم احترامهم لكبار السن والسيدات.
وأضاف «فرويز»، فى حديثه لـ«البوابة»، أن تلك الأفعال المشينة ليست مرضًا، وإنما تكشف عن أن تلك العقول غير ناضجة، لأنه لو كان لديهم وعى ما أطلقوا مثل هذه الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وطالب الاستشارى النفسي، هؤلاء المتشدقين بهذه الدعاوى المسيئة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بالكف عنها، لكونها دعاوى لا أساس لها من الصحة، إلا فى عقولهم التى تنتج أفكارًا غاية فى الحمق والغضب، مثل تلك الدعوات بعدم احترام كبار السن، معتبرًا أنها دعاوى غير إنسانية.
وقال، إنه لا يوجد دين على وجه الأرض يدعو إلى ما يدعون إليه هؤلاء الشباب، معتبرًا أنها وسيلة إخراجية لرسائلهم وأفكارهم المسمومة، وليس هدفهم إخراج القيمة الأخلاقية للدين، كما يبين ذلك مدى التفاهة التى تخيم على عقولهم، رغم دعوتهم للمشاركة والتعبير عن صوتهم فى الانتخابات الرئاسية.
واختتم «فرويز»، قائلًا: إذا كان لدى هؤلاء الشباب مرشح فليتقدم، وسوف يدعمه الناس إذا كان يصلح لهذا المنصب المهم، لكن لا يصح أن يحجر هؤلاء على أصوات الجماهير، فهذا نوع من النقص والاعتلال النفسي، فيجب وجود ثقافة تقبل الرأى والرأي الآخر.