الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

أحد "السعف".. بداية أسبوع الآلام

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أحد الشعانين، أحد بالأعياد السيدية، وهو جزء من عقيدة الكنيسة الأرثوذكسية، تدور جميع قراءات هذا اليوم حول عيد الشعانين، وتتعلق بمراحل خدمة هذا اليوم، وهى صلوات عيد الشعانين، ويليها مباشرة بعد قداس العيد صلاة التجنيز والتى تقام بعد توزيع الأسرار مباشرة. 
ويسمى أيضًا عيد دخول السيد المسيح إلى أورشليم كملك، وكلمة شعانين كلمة عبرانية من «هوشعنا» وتعنى «يا رب خلص»، ومنها أخذت لفظة أوصنا اليونانية التى ترتلها الكنيسة فى هذا العيد.
وهو يأتى قبل الفصح بأسبوع، وهو الأحد الأخير من الصوم، واليوم الأول من أسبوع الآلام، وفيه يبارك الكاهن أغصان الشجر من الزيتون وسعف النخيل، ويجرى الطواف بطريقة رمزية تذكارًا لدخول السيد المسيح الاحتفالى إلى أورشليم.
وترجع طقوس اليوم إلى ما جاء فى الكتاب المقدس؛ حيث إن المسيح غادر بيت عنيا قبل الفصح بستة أيام، وسار إلى الهيكل فكان الجمع الغفير من الشعب يفرشون ثيابهم أمامه، وآخرون يقطعون أغصان الشجر ويطرحونها فى طريقة احتفاء به، وهم يصرخون «هوشعنا لابن داود مبارك الآتى باسم الرب هوشعنا فى الأعالى».
وقد كانوا يدعون هذا اليوم قديمًا بأسماء مختلفة منها «أحد المستحقين» وهم طلاب العماد الذين عرفوا الدين المسيحى وأرادوا اعتناقه، كذلك كانوا يدعونه «أحد غسل الرأس»، وهى عادة كانت لهم فى ذلك الزمان إشارة للتطهير واستعدادا للتنصير، إلى جانب «أحد الأغصان، أحد السعف، أحد أوصنا».
تاريخ الاحتفال بـأحد الشعانين
أعطت الكنيسة مكانة عظيمة لعيد دخول السيد المسيح أورشليم، إذ وضعته فى المرتبة الأولى بين سائر الأعياد، وصارتْ تحتفل به منذ القدم أعظم احتفال، وتظهر أهمية هذا العيد فى ختامه للصوم الأربعينيّ المقدس الذى يسبقه، وأيضًا أُسبوع الآلام الذى يلحقه.
وبحسب تقليد الآباء فإن «أحد الشعانين» قد بدأ الاحتفال به مع القرنين الثانى والثالث ليكون عيدًا لنهاية الصوم الأربعينيّ، دون أن يتم ربطه بأُسبوع الآلام، وقد وجدت مخطوطًا قديمًا بأورشليم، يتضمن طقس قراءات أحد الشعانين من القرن الرابع إلى القرن الخامس، ومن خلال هذا المخطوط تم ربط أحد السعف بأُسبوع الآلام ليكون متصلًا به كمقدمة أو مدخل له.
هذا وخلال العقدين الأخيرين من القرن الرابع، ذهبت الراهبة «إيجيريه» لزيارة الأماكن المقدّسة، وبعد أن شهدت طقس أُورشليم، سجلت فى كتاباتها ما رأته بنفسها وهو يعتبر أقدم وصف عن مسيرة الشعانين.
وقالت «إيجيريه»: يجتمع المؤمنون عند الفجر فى كنيسة القيامة، ومن هناك ينتقلون إلى كنيسة الجُلجُثة؛ حيث تُقام صلوات الأحد العادية، ثم يقومون بطواف كبير فى أوائل فترة ما بعد الظهر إلى جبل الزيتون؛ حيث يُقيمون صلوات أُخرى، ومن ثمَّ ينتقلون حوالى الساعة الثالثة، إلى المكان الذى صعد منه المسيح ويُقيمون صلاة أُخرى، ومن هناك يتجهون حوالى الساعة الخامسة بعد الظهر إلى أورشليم حاملين السعف وأغصان الزيتون، ويُقيمون صلاة الغروب فى كنيسة القيامة، ثم يعودون مُجددًا إلى كنيسة الجلجثة وينهون النهار بالصلاة.
وفى «القرن الخامس» تمت الإشارة للاحتفال بأحد الشعانين، فى أديرة مصر وسوريا، فالعديد من الرهبان كانوا يأخذون إذنًا من رؤساء الأديرة لكى يدخلوا الصحراء، ليتعبدوا فترة الصوم المقدس فى عزلة تامة صارمة، فما أن ينتهى الصوم حتى يعودوا إلى أديرتهم فى أحد الشعانين.
ويوضح التقليد الكنسى أنَّ عيد الشعانين قد دخل مدينة «الرها»، أثناء تولّى الأسقف «بطرس» كرسيّ الأسقفية عام ٤٩٨م، أو قبل ذلك على يد الأسقف «قورا» الذى سبقه، وقد انتشر الاحتفال بعيد الشعانين فى كنائس الشرق فى القرن الخامس، حسب شهادة القديس ساويرس الأنطاكي، ودخلت عادة الطواف بالسعف فى القرن الثامن والتاسع، وقد جاء ذِكر الأغصان وتوزيع الزيتون فى كتاب المدائح للقديس ساويرس الأنطاكيّ، كما وضعت عظات كثيرة عن هذا العيد لبرقلوس بطريرك القسطنطينية وأُخرى لمار إفرام السريانيّ ويعقوب السروجيّ.
ويُسمّيه اللاتين أحد الأغصان، ويقصد بها أغصان الزيتون، فقد استقر فى التقليد المسيحيّ منذ البداية، أنَّ الأطفال الذين احتفلوا بدخول المسيح أورشليم، كانوا يحملون سعف النخل وأغصان الزيتون، برغم أنَّ الأناجيل لم تذكر أغصان الزيتون بالتحديد، بل اكتفت بعبارة أغصان الشجر، وهذا ليس بغريب لأنَّ أشجار الزيتون كانت تنمو بكثرة فى الأماكن المقدسة، خاصة فى جبل الزيتون.
وفى لبنان يسود اعتقاد بأنَّ السعف المحفوظ عندهم، يجلب البركة عليهم، ومنهم من يحرق الأغصان وينثر من رمادها على الزروع، لإنمائها وحفظها من آفات كثيرة كالجراد والفأر وأنواع الجراثيم، كما يحتفون ببعض الأغصان فى أماكن حفظ الدقيق والحبوب وآنية الزيت والسمن لاعتقادهم أنَّ هذه المُؤن تزداد ببركة الشعانين.
أعطت الكنيسة مكانة عظيمة لعيد دخول السيد المسيح أورشليم، إذ وضعته فى المرتبة الأولى بين سائر الأعياد، وصارتْ تحتفل به منذ القدم أعظم احتفال، وتظهر أهمية هذا العيد فى ختامه للصوم الأربعينيّ المقدس الذى يسبقه، وأيضًا أُسبوع الآلام الذى يلحقه
تهتم الكنيسة بأحد السعف وجعلته عيدًا عموميًا من أعيادها الكبرى منذ القديم، لعدة أسباب روحية وكتابية، منها لتذكير المسيحيين بذلك الاحتفال العظيم الذى استقبل به يسوع حتى كلما حضروا يوم الشعانين حاملين بأيديهم سعف النخيل وأغصان الزيتون يمثلون فى الحال ذلك الموكب البهيج والاحتفال المهيب، وتلك الجماهير المحتشدة احتفاء بقدوم يسوع فترتقى عقولهم إلى تلك الأيام التى تمت فيها أمور خلاصهم.
وروحيًا لترسم فى أذهانهم وجوب الاستعداد القلبى الدائم لاستقبال يسوع فى هيكل قلوبهم من خلال ممارسة الأسرار الكنسية ببساطة ضمير وطهارة قلب كأطفال أورشليم.