السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

حبة القمح.. الطريق إلى الانتحار.. خبير سموم: "قرص سام" يستخدم بطريق التدخين غير مسموح بصرفه للعامة "منصور": مبيد حشري محظور الاستخدام.. يباع في محلات المبيدات الزراعية.. و12 ألف صيدلية وعيادة بيطرية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حاد الملامح، تتوسط وجهه المحتقن عينان صفراوان، تتسع وتضيق حدقتاهما وسط دائرة من أقاربه، جاءوا ملتفين حوله، وهو ملقى أمامهم على سريره داخل غرفته ينازع الموت، فى منزله الكائن بقرية الحوثة، التابعة لمركز إيتاى البارود محافظة البحيرة. بالطبع، كانت الأوقات حزينة، والوقائع قاسية مضت دون مقدمات، بدت أنها الأخيرة، يترقب من حوله ويفحص نظرتهم إليه، هل هى شفقة أم لوم؟.



"محمد أحمد عبد الحكيم"، الذى يعانى من بعض الاضطرابات وانفصام فى الشخصية كان قد تعاطى «قرص القمح»، ذلك القرص الفسفورى، أو كما يسمونه «حبة القمح»، لتغرب حياة الشاب قبل غروب ذلك اليوم على قريته الحزينة على «إمامها الصغير»، الذى عصفت به لحظة ضعف فتعاطى قرص الموت، لتلتهم غازات القرص السامة أحشاءه وهو ينازع الموت غير راضٍ عن فعلته، وبصوت مبحوح غلب عليه الوهن يكاد يخرج من صدره، يخاطب شيخه الذى يجلس بجواره، هل ربنا غضبان علىَّ يا عم الشيخ؟ هل أنا كده زعلت ربنا؟ وتجرع نفس فى ضيق صدر، ولم يستطع أن يكمل أنفاسه المتقطعة، وقضى الله أمرًا كان مفعولا، هذه كانت اللحظات الأخيرة فى حياة الشاب الثلاثينى، وفقًا لرواية، إبراهيم سعيد خال الشاب المتوفى الذى سردها لنا.


٣٥٠ حالة

واقع الأمر، أن حبة القمح التى كانت سببًا مباشر فى إزهاق روح الشاب الذى يعانى من بعض الاضطرابات النفسية وفقًا لتقرير الطبيب الشرعي، هو فى الأصل مبيد حشري، يستخدم لحفظ المحاصيل والغلال وفقًا لما ذكره المتخصصون، إلا أنه بسبب التسيب والإهمال وغياب الرقابة، التى جعلت هذا «القرص المسموم» فى قبضة الجميع، وفى الوقت نفسه تحول لـ«بوابة» للهروب والانتحار بفعل خطورته وقدرته على الفتك السريع بالأرواح لأكثر من ٣٥٠ شابا وفتاة.

الأكثر خطورة، ما كشفه تقرير صادر من المركز المصرى للحق فى الدواء، ذكر أنه فى الآونة الأخيرة ظهر بين الشباب والفتيات حالات انتحار بأكل الحبة، لأن مفعولها سريع وقوى ومن يتعاطى تلك الحبة يموت خلال وقت قصير، خاصة أنه حتى هذة اللحظة لا يوجد مصل مضاد لها، ووفقًا لما سرده التقرير، فقد ذكر أن المحضر يحمل رقم ٦٣٦٣ لسنة ٢٠١٧ بقسم شرطة محافظة «الفيوم» الخاص بانتحار فتاة تدعى «سعاد. ع»، تبين فى تحقيقات النيابة، أنه بسبب مشادة كلامية مع والدتها، أقبلت الفتاة على تناول حبوب «سوس القمح»، الأمر الذى يثبت أن هناك كارثة من جراء بيع هذه الحبوب بدون ضوابط.

الأخطر، أن هذه الوقائع تكررت لحالات عدة فى شبين الكوم قرية شبرا باص والمحلة والزقازيق، وقد رصد المركز أن هذه الحبوب يتم بيعها من خلال محلات «بيع أعلاف الحيوانات التابعة للطب البيطري»، وقد أصدر مركز الطب الشرعى والسموم بجامعة المنوفية إحصائية فى عام ٢٠١٧ يؤكد فيها وفاة حوالى ٤٧ حالة، وأن عدد البلاغات وصل إلى ٩٧ بلاغا بتناول الحبوب التى تحدث هبوطا شديدا فى عمل عضلة القلب نظرًا لوجود مادة غاز الفوسفين التى تذوب عند التصاقها بالرطوبة أو الماء.

الكارثة فى استمرار، وحصاد الأرواح لم يتوقف، الأمر الذى ألقى بكرة اللهب تحت قبة البرلمان، وقد تقدم عدد من أعضاء مجلس النواب فى شهر إبريل من العام الماضى بسؤال لوزير الصحة بكيفية بيع هذه الحبوب بدون روشته طبية أو بدون كتابة تحذيرات على العبوات القاتلة، ولكن الأمر على الأرض لا مجيب والموت فى استمرار.

الجدير بالذكر، أن النائب أشرف رحيم، عضو مجلس النواب عن دائرة «إيتاى البارود وشبراخيت» كان قد تقدم بطلب إحاطة ضد وزيرى الزراعة والصحة، ووفقًا لطلب الإحاطة الذى حصلنا على نسخة ضوئية منه، جاء نصه: «أتقدم بطلب إحاطة حول ظاهرة الانتحار بسبب استخدام حبة القمح، أو كما يسمونها «الحبة الفسفورية»، وذلك بعد تنامى حالات الانتحار بشكل يثير القلق والفزع، خاصة أن هذه الحبوب متوفرة ومتاح تواجدها داخل الصيدليات البيطرية ومحلات بيع المبيدات دون أدنى رقابة تذكر، كما تضمن طلب الإحاطة، عدم وجود مصل يواجه الموت السريع جراء تعاطيه أو استنشاق غازاته السامة التى تملأ جنبات المكان فور تعرض قرص القمح للرطوبة، ورغم أن آلاف الفلاحين تستخدمه لحفظ غلالها.

وبحسب الطلب المقدم لمجلس النواب، فإن عدد من ماتوا بفعل هذا القرص الفسفورى بلغ ٣٢٠ حالة، بمحافظة البحيرة فى العام الجارى، ٤ حالات منها فقدوا حياتهم خلال ٣ أيام فقط أغلبهم شباب وفتيات، كما تجرى مطالبات حول قصر استعمال هذه الحبة وبيعها من خلال وزارة الزراعة فقط ولا يسمح ببيعها بمحلات المبيدات ولا يسمح بإعطائها لأشخاص فوق سن ٣٥ عاما.


الصحة تحظره والزراعة تقره.

في ذات السياق طالب النائب البرلماني اشرف رحيم عضو مجلس النواب عن دائرة ايتاي البارود وشبراخيت بالبحيرة وزارتي الصحة والسكان والزراعة ضرورة وضع ضوابط علي بيع هذة الحبة ومعاقبة كل من يخالف الضوابط، كما طالب بضرورة العمل علي وجود مصل لهذة الحبة الفسفورية حفاظًا علي ارواح المواطنين.

وفى ٢٩ يونيو ٢٠١٥ كان قد صدر من وزارة الصحة قرار بحظر مبيد «السلفيوس» بسبب سميته وخطورته الشديدة على صحة الإنسان، وثبوت أنه ضمن مسببات الإصابة بالأورام السرطانية، ومع ذلك وزارة الزراعة تتجاهل كل القرارات وتوصيات «الصحة» وتسمح بتداول المبيد، ومسجل فى كشوف المبيدات تحت رقم تشغيل ٦٧٣، أما الأخطر، فيتم بيعه تحت ١٨ منتجا تجاريا بأسماء مختلفة رغم أن التركيبة واحدة، من ضمن الأسماء المتداولة فى السوق هى «جاستوكسين ٥٧٪ أقراص، والاسم الشائع له هو ألومنيوم فوسفيد «Aluminium Phosphide» ومبيد كويكفوس ٥٧٪ أقراص مسجل تحت رقم ٥٦٥، والاسم العلمى له Aluminium Phosphide ومبيد سيلفوس ٥٧٪ أقراص، والاسم العلمى له هو «Aluminium Phosphide»، ومبيد شينفوس ٥٦٪ أقراص، والاسم العلمى له « Aluminium Phosphi»...إلخ.

فضلًا عن ذلك وجود ٣ أسماء تجارية أخرى، تدخل فيها مادة «زينك فوسفيد»، وهى تخرج الغاز القاتل نفسه، وهى مسجلة بـ٣ أسماء تجارية لها التركيب نفسه، وهى «يكوفيومGA ٪١٠٠ غاز تبخير ومسجل تحت رقم ١٤٦٣، ومبيد فوسفيد زنك- النصرHigh Ib GP ومسجل تحت رقم ١٠٢، ومبيد راتول High Ib ومسجل تحت رقم ١٤٥٦، وجميعها اسمها العلمى «Zinc phosphie».

محظور فى الدول العربية

وبحسب تصنيف لجنة المبيدات والآفات الزراعية، فإن القرص الفسفوري، «شديد السمية» منعت تداول استخدامه بعض الدول العربية لشدة خطورته بسبب القتل السريع، ولكن هنا فى مصر مُباح استخدامه، حيث يتم وضع حبوب القمح للحفاظ عليها من التسوس، والاسم العلمى لها (فوسفيد الألومنيوم)، كما أن غاز الألومنيوم غاز فسفورى يتبخر فى الأماكن المغلقة ويعمل على تصفية الرئتين من المياه تمامًا، ويعمل على فشل أجهزة الجسم تبعًا، إنه من الصعب بل من المستحيل إيجاد مصل خاص بهذه الحبة القاتلة، لأنها ينتج عنها غاز سام ينتشر فى جميع أنحاء الجسم ويدمر جميع أجهزته.


خبير سموم

يقول الدكتور سميح عبدالقادر منصور، أستاذ علم المبيدات والسموم البيئية بالمركز القومى للبحوث، رئيس اللجنة القومية للسميات بأكاديمية البحث العلمي، الاسم العلمى للمادة هو «فوسفيد الألومنيوم»، وهى مبيد حشري، وهى عبارة عن أقراص معبأة فى أنابيب محكمة الإغلاق، وعند الفتح سيستخدم القرص كله لحفظ المحاصيل الزراعية مثل الأقماح والذرة الشامية والفول، لأنها لها القدرة على الفتك بكل الحشرات والقوارض.

كما أن طريقة استخدامها هى «التدخين»، وهى طريقة ضمن الأربع طرق المستخدمة للمبيدات، مثل طرق أخرى وهى «الرش، التعفير للبورة والرش للسوائل والتبخير للغاز».

وتابع «سميح»: أنه عند تعرض القرص لرطوبة الجو تنفرد منه مادة تسمى «فوسجين»، هذه المادة شديدة السمية جدا على جميع الكائنات، موصى باستخدامها فى صوامع الغلال عن طريق وضعها فى المحاصيل، كما يسمونها حبة القمح، كما يتحول لون القرص من البنى الداكن إلى اللون الرصاصى وتبقى مادة أشبه بالبودرة تسمى «كربيد الألومنيوم». وتابع «سميح»: أن هذه المادة شديدة السمية قادرة على قتل أى كائنات حية داخل المخزن سيقتل على الفور، كما أنه وفقًا لتوصيات لجنة مبيدات الآفات فى وزارة الزراعة فإنه غير مسموح باستخدام هذه المبيدات للعامة أو لأى شخص لا يصرح باستخدامه إلا تحت إشراف فنيين مدربين كما هو معمول به فى دار المحفوظات والوثائق القومية والمخطوطات فى المخازن، أيضًا يستخدم فى شركات الدخان لحفظ ألواح التبغ الخام من أى حشرات.

الأخطر، أن الفلاحين يستخدمونها بكثرة دون أى إجراءات احتياطية، كما تستخدم فى الأماكن محكمة الغلق، على أن يتم غلق الأماكن لمدة يومين أو ٥ أيام بحسب رطوبة الجو، وبدأ استخدامه لحفظ المحاصيل فى المنازل. وتابع «سميح»: من يتعاطى هذه الأقراص فهو مقبل على الانتحار، لا محالة، خاصة أنه يؤثر على المخ والأعصاب علاوة على تدمير الأمعاء عقب تصاعد غازاته، وهذا الحديث تم مناقشته فى قسم السموم بجامعة المنوفية، منذ عام مضى، وتكمن خطورته فى توفيره وصرفه دون اشتراطات أو قيود على صرفه داخل محلات بيع المبيدات ومحظور بيعه فى الصيدليات، ولابد من إحكام الرقابة على صرفه، كما هو معمول به فى الدول المتقدمة، حيث لا يجوز صرف أى مبيدات إلا من خلال مطبق مبيدات، لأن هناك أخطاء كثيرة جدًا.

وأغلب هذه الحبوب مستوردة من الصين فى أنابيب مغلقة أو حبوب مغلفة محكمة الإغلاق، وأردف «سميح»: أن نسبة تسمم الإناث به أكثر للتخلص من نفسها عقب حدوث مشاكل لها.

مطبق مبيدات

الجدير بالذكر، أنه وفقاُ للاستراتيجية التى تشرع وزارة الزراعة الآن فى تنفيذها فإن مصر تحتاج ٥٠٠ ألف مطبق مبيدات وهم من يحق لهم مزاولة مهنة استخدام المبيدات وهى مهنة جديدة نسبيًا، على أن تنتشر هذه العمالة المدربة فى كل مراكز السموم والقرى والنجوع والمراكز فى جمهورية مصر العربية، على أن يمنحوا شهادات عقب التدريبات التى يتلقاها على أيدى متخصصين، على أن يجدد الترخيص لهم كل فترة معينة بعد اجتياز الاختبارات المقررة.

وتدرس وزارة الزراعة الآن هذا المشروع من مطبقى المبيدات، خاصة أن من تم الانتهاء من تدريبهم حتى الآن لم يتجاوز ٨٠٠ مطبق مبيدات، فى الوقت الذى ترخص أمريكا لما يزيد عن ٢ مليون مطبق مبيدات.


القانون غير رادع

فى السياق ذاته، يقول الدكتور يوسف العبد، عضو لجنة الأدوية والصيدليات بنقابة البيطريين، هذه الأصناف لا تباع فى الصيدليات البيطرية المرخصة التى يبلغ عددها ١٥ ألف صيدلية وعيادة بيطرية، ولكن تضعف الرقابة فى الأماكن غير المرخصة التى تترواح أعدادها من ١٠ إلى ١٢ ألف صيدلية وعيادة بيطرية.

وتابع «العبد»: أن هذه الأصناف السامة من المبيدات الحضرية تباع بكثرة داخل محلات المبيدات الزراعية، وألقى بكرة الرقابة لدى نقابة الزراعيين التى تتبع لها محلات المبيدات الزراعية، فضلًا عن أن القانون لم يُعدل منذ الستينيات، حيث ذكر القانون أنه حالة ثبوت أى مخالفة لا تتعدى العقوبات عن غلق إدارى فقط لحين توفيق الأوضاع وفى حالة التكرار الحبس لا يزيد عن ٦ أشهر وغرامة لا تزيد عن ٥٠ جنيها، وفقاُ للقانون رقم ٤١٥ لسنة ١٩٥٤ الذى لم يعدل منذ ذلك التوقيت، كما أن النقابات لا تملك التفتيش أو لديها ضبطيات قضائية.

وأردف «العبد»، أنه تم تقديم مشروع قانون يدرس تغليظ العقوبة للأشخاص الذى تنتحل وظيفة الطب البيطري، أو صيدليات ووحدات بيطرية غير مرخصة لتصل العقوبة للحبس لمدة سنتين وغرامة تصل لـ١٠٠ ألف جنيه.

الدكتور محمد المالكى أمين لجنة المبيدات بوزارة الزراعة: فوسفسن الأمونيوم تصنيفه «غاز» غاز يتسامى يتخلل حبيبات القمح للقضاء على الحشرات التى تهاجم الصوامع والمخازن لحفظ كل الحبوب مثل القمح والفول لحمايتها من التلف والفقد، موصى به من الفاو وwho، ويصرف للفلاحين بحسب زراعتهم على حسب البطاقة الزراعية الخاصة به على أن يتبع كل الاشتراطات الموصى بها.

وتابع «المالكي»: أن مشروع مطبقى المبيدات يعتبر خطوة جديدة على طريق التصدى لظاهرة سوء استخدام المبيدات الذى توصم بها الدول النامية، مثل: «عدم استخدام المبيد بالطرق الموصى بها، وعدم قراءة التعليمات المدونة على العبوات، أو استخدام مبيدات مهربة أو غير موصى بها، أو عدم ارتداء الملابس الواقية أثناء رش المبيدات، أو عدم اتباع الطرق الوقائية من خلال القفازات...إلخ» عموما، خاصة أن المبيدات لها قيمة ولها دور فى قتل الآفات والحشرات التى تقضى على الثروة الزراعية.


اختفاء الإرشاد الزراعى

ومن جهة أخرى، يقول الدكتور «حسن أبو بكر» دكتور بكلية الزراعة جامعة القاهرة بقسم المكافحة البيولوجية للآفات: كثير من دول العالم أوقف استخدام المبيدات شديدة السمية، وعلينا فى مصر تحديد ومعرفة المقادير والكميات المناسبة وتحديد طرق توفيرها وصرفها لكل الفلاحين لتقليل نسب المخاطر. وطالب «أبوبكر»، باستخدام وسائل بديلة لها، مثل: «ثانى أكسيد الكربون والنيتروجين والأوزون وتلك البدائل آمنة عن المواد الأخرى، كما: «أنا لا ألوم الفلاح فى استخدام تلك الأقراص، لأن الفلاح يستخدمها لحفظ الغلال الخاصة به دون العلم بخطورتها، فى وقت اختفى فيه الإرشاد الزراعى من مصر، وهذا ما حرم الفلاح فى حقه فى المعرفة والحصول على المعلومات، وكل هذا مسئولية مراكز البحوث وإدارة الإرشاد الزراعى التى اختفت أدوارها فى الآونة الأخيرة». وتابع «أبو بكر»، بفعل الإهمال بات الفلاح محروما من المعلومة التى كان يحصل عليها من قبل، فالفلاح حينما تتاح لنا الفرصة فى الذهاب إليه والعمل المباشر معه ومده بالمعلومات يبدع فى الإنتاج ويعطى المحصول الاهتمام كما يكون وينتج محاصيل ذات كفاءة عالية.

ويتساءل «أبو بكر» عن سبب اختفاء المرشد الزراعى، الذى يعتبر الوسيط والمعلم الوحيد للفلاح، وعن رقابة محلات بيع المبيدات فى الريف والقري، والرقابة عن تلك المواد المغشوشة التى يتم استيرادها من الصين أو تصنيعها تحت بير السلم ويتم بيعها فى تلك المحلات دون الرقابة عليها، فمن المفترض وجود شروط صارمة جدًا تم وضعها من قبل الدولة تطبق على محلات المبيدات والأشخاص المسئولين عنها، ولابد من أخذ دورة تابعة لوزارة الزراعة لصاحب المحل عن المبيدات وكيفية استخدامها قبل فتح محل بيع مبيدات.

كما يناشد «أبو بكر» الفلاح بنظافة الأماكن التى يتم حفظ الغلال بها، واستخدام مواد آمنة لحفظ غلالهم، مثل النيتروجين الصلب والأوزون وثانى أكسيد الكربون، فتلك المواد فعالة وآمنة على صحته وصحة أولاده، والأبسط من كل ذلك بالنسبة للفلاح هو حفظ الغلال داخل عبوات بلاستيكية «كالبراميل» وتغلق بإحكام بالغطاء الخاص بها، وبهذه الطريقة لن تصاب الغلال بأى تسوس.

هذه المادة شديدة السمية قادرة على قتل أى كائنات حية داخل المخزن سيقتل على الفور، كما أنه وفقًا لتوصيات لجنة مبيدات الآفات فى وزارة الزراعة فإنه غير مسموح باستخدام هذه المبيدات للعامة

 

٢٩ يونيو ٢٠١٥ كان قد صدر من وزارة الصحة قرار بحظر مبيد «السلفيوس» بسبب سميته وخطورته الشديدة على صحة الإنسان، وثبوت أنه ضمن مسببات الإصابة بالأورام السرطانية

وكيل زراعة النواب: ندرس فرض قيود على «المبيدات السامة»

 

البرلمانى سعد تمراز وعضو لجنة الزراعة، يقول: سواء أكان ما يجرى من حالات الوفاة حالات انتحار متعمد أو غير ذلك فلابد من توفير هذه المبيدات واقتصار صرفها على مراكز معينة وباشتراطات صارمة تحدد ضوابط الصرف للفلاحين، ووصلت حالات الوفاة فى كفر الدوار قرابة ١٠٠ حالة وفاة، أغلبها انتحار هروبا من المشكلات الاجتماعية التى تواجه الجميع.

وتابع «تمراز»، أنه تدرس وزارة الزراعة كيفية اتخاذ إجراءات حول تشديد الرقابة فى صرف هذه المبيدات القاتلة.

وفى السياق ذاته، قال النائب، إن الوزارة ليس لها دور فيما حدث لأن الحادثة جراء مخزون منزلى من الحبوب التى يقوم الفلاحون بتخزينها فى منازلهم لتوفير مخزونهم للعام كله من القمح، ويتم وضع تلك الأقراص للحفاظ على القمح من التسوس أطول فترة ممكنة من العام، وأن تلك المواد مصرح بها لاستخدامها على هيئة مبيد حشرى فى الأراضى الزراعية وللآفات المختلفة، ولكن بعض الأفراد قاموا باستخدامها لحفظ مخزونهم من الغلال وليس للتخلص من الحشرات الموجودة فى الأرض، وهذه الأقراص متوفرة فى محلات بيع المبيدات الحشرية مثلها مثل أى مبيد آخر.

وأن تلك الأقراص تستخدم منذ مئات السنين ويتم وضعها للقمح وباقى الحبوب البقولية مثل الارز والفول والفاصولياء ويتم غسل تلك الحبوب جيدًا بالماء قبل الاستخدام وتجفيفها تحت اشعة الشمس لضمان التخلص من مفعول تلك الأقراص فى الحبوب، وأن تلك العملية يقوم بها الفلاحون منذ زمن بعيد دون حدوث أى حادثة تسمم جراء استخدام تلك الأقراص فى حفظ الحبوب النباتية.

ويؤكد النائب «سعد تمراز» أنه سيقوم بطرح القضية بالبرلمان للبحث عن آليات حديثة تجميعية أو منفردة للفلاحين لحفظ الحبوب بها، ولابد من مناقشة الأمر مع الحكومة والباحثين وهيئة البحوث الزراعية لكيفية استخدام تلك الأقراص بطريقة آمنة.


.