الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

كبير مستشاري مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز: نواجه خطر توظيف الهوية الدينية في صنع القرار السياسي.. وثقافة الحوار تحمل الخير للإنسانية

الدكتور محمد أبو
الدكتور محمد أبو نمر أستاذ بالجامعة الأمريكية بواشنطن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يشهد العالم كله الآن الدور الذي تلعبه المملكة العربية السعودية والعاهل السعودي، في محاولات جاهدة وبناءة نحو تغيير جذري في خريطة العالم، ووضع المملكة على خارطة الطريق، وفي مقدمة الدول التي ترفض التعصب وتواجه الإرهاب، بل تحاول جاهدة مد الجسور وبناء السلام العالمي والتعايش السلمي بين الشعوب والحضارات والثقافات، وقبل كل هذا بين الأديان كلها سواء كانت سماوية أو وضعية.
وشهدنا الدور الكبير الذي يقوم به مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، في العمل على تعزيز التواصل بين القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة والفاعلين في الحوار وتنسيق الجهود؛ تصديًا للتحديات التي تواجه المجتمعات العربية.
«البوابة نيوز» تحاور أحد كبار مستشاري المركز، الدكتور محمد أبو نمر، الأستاذ بالجامعة الأمريكية بواشنطن، وهو أول عربي أجرى رسالة دكتوراه فى حل النزاعات الدولية، وفى اختصاص حوار الأديان وفى دور الدين فى بناء السلام منذ 1992، والذى عمل منذ هذا التاريخ في مناطق صراع مختلفة في العالم؛ فإلى نص الحوار... 
■ ماذا عن مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الأديان؟
- أسـَّس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمى للحوار بين أتباع الأديان والثقافات كمنظمة دولية عام ٢١٠٢، بمبادرة من المملكة العربية السعودية بالتعاون مع جمهورية النمسا، ومملكة إسبانيا، إلى جانب الفاتيكان عضوًا مراقبًا مؤسـّسًا فى العاصمة النمساوية فيينا. ويتألف مجلس إدارة المركز من قيادات دينية، تمثّل (٥) ديانات وثقافات رئيسية فى العالم: الإسلام؛ المسيحية؛ اليهودية؛ البوذية؛ الهندوسية.
ويقوم عمل المركز بشكل أساسي من خلال العديد من البرامج والنشاطات في المنطقة العربية والعالم على تعزيز الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات المتنوعة، وعلى بناء ثقافة الحوار لبناء السلام واحترام التنوع وتعزيز التعايش والحفاظ على التماسك الاجتماعي، من خلال تعزيز المواطنة المشتركة.
ويرى المركز أن القيادات والمؤسسات الدينية يمكن أن تشكل قوة فاعلة لتعزيز ثقافة الحوار والتعاون لتحقيق الخير للإنسانية كافةً؛ ويعمل المركز بالتعاون مع القيادات والمؤسسات الدينية على معالجة التحديات المعاصرة التي تواجه المجتمعات، لمساندة صناع السياسات بما في ذلك التصدي لسوء توظيف الدين لتبرير الاضطهاد وتسويغ العنف والصراع.
■ ما المبادرات التي أطلقها المركز؟ وما الهدف منها؟
- أطلق المركز عددًا من المبادرات والبرامج العالمية التي تهدف إلى بناء السلام وتعزيز التماسك الاجتماعي في مناطق مختلفة من العالم، في نيجيريا، ميانمار، أفريقيا الوسطي، والعالم العربي، في جميع هذه المناطق، ومن خلال تمكين ودعم منصات حوار محلية فعالة أو تأسيس منصات جديدة يعمل المركز على ترسيخ تبادل الآراء والخبرات، وتفعيل العمل المشترك في سبيل بناء السلام؛ وتعزيز التماسك الاجتماعي؛ والتعايش السلمى المبنى على أسس التفاهم والحوار، بمشاركة الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية، وصنَّاع السياسات والعديد من المنظمات الدولية والمحلية الفاعلة في مجال الحوار وبناء السلام.
ويعد المركز العالمي للحوار، أول منظمة دولية، تعمل على تفعيل دور القيادات الدينية لمساعدة صنَّاع السياسات في بناء السلام وتعزيز التعايش، حيث يسعى إلى إزالة الفجوة بين القيادات والمؤسسات الدينية وصنَّاع السياسات، خاصة في المنظمات الدولية؛ عبر حلول مستدامة وتحقيق نتائج إيجابية.
■ هل هناك علاقات تعاون بين المركز ومنظمات أخرى؟
- أقام المركز علاقات تعاون مع العديد من الجهات العامة والمنظمات الدولية؛ وأبرم المركز اتفاقيات تعاون رسمية عدة مع كل من: الاتحاد الأفريقى (AU)؛ المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ISESCO)؛ منظمة التعاون الإسلامي (OIC)؛ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)؛ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (UNESCO)؛ مكتب الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية ومسئولية الحماية (UNOGPRP)؛ منظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات (UNAO)؛ منظمة أديان من أجل السلام (Religions For Peace)؛ المنظمة العالمية للحركة الكشفية (WOSM)؛ المعهد العالي للعلوم الدينية فى برشلونة؛ كلية كوملوتنس في مدريد؛ وجامعة مونتريال.
■ ماذا عن فكرة منصات الحوار بما فيها منصة القيادات الدينية؟
- فكرة العمل في المنصات موجودة بتوجهات بناء السلام والحوار، وهي في الأساس تعتمد على ٣ مبادئ أساسية، المبدأ الأول هو أن القيادات الدينية والمجتمع يطور ملكية خاصة، ويحاول أن يعمل بشكل مشترك في قضايا تهمه، من أفرادها وليس من قوى خارجية أو مؤسسات خارجية أو أجنبية.
أما المبدأ الثاني فهو التركيز على قضية العمل المشترك، والجوهر فيها هو المشترك، لأن هناك الكثير من القيادات الدينية والمؤسسات الدينية التي تقوم بالعمل على الحوار خلال السنة، ولكن تقوم بشكل منفرد أو بشكل مشاركات أحادية أو شراكات جانبية، ولكن الصعوبة في العمل المشترك في إخراج صوت واحد في موضوع واحد أو عدة مواضوعات متفق عليها.
والمبدأ الثالث: ألا تقتصر على قضايا فقط وتصريحات عامة أينما يكون هناك مبدأ العمل على الأرض من خلال التواصل مع المجموعات المختلفة التي تنتمي إلى هذه المنصة.
وإذا وفرت هذه الشروط الثلاثة، في أي منصة يمكن لهذه المنصة تنسيق وتشبيك الجهود المختلفة في منطقة الصراع أو في المنطقة التي يعملون فيها، وهذا هو التوجه التي نحاول أن نعمل به في العالم العربي وفي نيجيريا وأفريقيا الوسطى وفي ميانمار، البعض منها يتقدم بسرعة أكثر والبعض يتأخر، وميزة العمل في العالم العربي أنه معقد أكثر، بأن المنصة في العالم العربي تنتمي لعدة دول، وهي موجودة وممثلة ليست فقط مثل نيجيريا هي في دولة واحدة، وهذا يجعل الصعوبة أكثر، ولكن أيضًا يعطيها قوة، لأنه لأول مرة في تاريخ العلاقات المسيحية الإسلامية في العالم العربي هناك منصة لأعلى قيادات دينية مشتركة، واتفقوا على خطة عمل، يمكن أن تنفذ.
■ وكيف يمكن تنفيذ خطة العمل هذه؟
- هناك 3 مستويات لتنفيذ تلك الخطة، المستوى الأول هو مستوى تطوير أو تعزيز الخطاب الذي هو مبنى على المواطنة المشتركة.. والأمر الثاني المتفق عليه أن يكون هناك عمل على الأرض من خلال قضايا التواصل الاجتماعي، والأمر الثالث من خلال قضية التعليم الديني.
وإذا نجحنا في هذه الثلاثة مستويات، يكون نجاحا كبيرا حتى لو قاموا فقط بأعمال رمزية، هم كقيادات عليا، وهناك تقبل كبير عندما يكون مفتى مصر والبطريرك الراعي من لبنان، وهم أكبر قيادتين دينيتين عند الإسلام والكاثوليك في المنطقة، يتحدثون في مؤتمر صحفي حول قضايا مثل غلق كنيسة القيامة أو الهجوم على كنيسة، أو الهجوم على خطاب كراهية ضد المسلمين في المنطقة العربية، هذا ما نود أن نتقدم به في خلال هذه المنصة، ومركز «كايسيد» ملتزم في العمل والدعم والتنسيق، ولكنه لا يملك هذه المنصة؛ لأن المنصة يجب أن تكون مملوكة ومفعلة من مندوبي هذه القيادات الدينية العليا.
■ وما أهمية القيادات والمؤسسات الدينية في ظل الواقع الذي تعيشه المنطقة الآن؟
- نحن في ظل هذا الواقع والتحدي الحقيقي الذي تعيشه المنطقة، تظهر أهمية دور القيادات والمؤسسات الدينية في تعزيز العيش المشترك وثقافة المواطنة واحترام التنوع والتعددية، وعليه فإن القيادات الدينية في المنطقة، وبخاصة في البلدان التي يضم نسيجها الاجتماعي العديد من الأديان والثقافات والأعراق، مدعوون لإيلاء اهتمام خاص بتعزيز التعايش السلمي وبناء التماسك الاجتماعي.
ومن خلال عملنا في المنطقة وبالتشاور مع العديد من الشركاء، أصبح من الواضح الحاجة الملحة لتأسيس إطار عملي ومنهجي تعمل من خلاله القيادات والمؤسسات الدينية عبر منصة مشتركة تسمح لها بتبادل الخبرات وبناء شراكات علمية وتربوية وحياتية تساعدها في مواجهة التحديات المذكورة أعلاه. 
ومن هنا، تتجلى الحاجة الماسة لإطلاق منصة حوار للأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية في المنطقة العربية، للعمل معًا على تطوير استراتيجيات عمل وبرامج نوعية تعزز ثــقافة الحوار، وتؤسس لخطاب ديني معتدل وتصالحي منفتح على الآخر، يغرس قيم التعدد والاختلاف واحترام الآخر ويشكل فضاءً اجتماعيًا حاضنًا للتـنوع الديني والـثـقافي.
■ ومن يطلق تلك المنصة؟
- يمكن أن يسهم المركز من خلال خبراته في هذا المجال، وبالتعاون مع كبار القيادات الدينية في المنطقة، في أخذ المبادرة للمساعدة في تأسيس هذه المنصة، التي ينتظر أن تكون المظلة التي تعمل من خلالها القيادات الدينية في المنطقة على الإشراف على العديد من البرامج الهادفة لدعم مسيرة الحوار وبناء السلام وتعزيز التعايش السلمي والمواطنة الحاضنة للتنوع الديني والثقافي.
وينتظر من هذه المنصة، كمنصة أساسية ذات خلفية دينية متنوعة، أن تكون المظلة التى يشترك فيها كل من القيادات الدينية ونشطاء الحوار وغيرهم من أصحاب الاختصاص من المنطقة، ليسهموا وبشكل إيجابي في العمل معًا، وتطوير برامج تهدف إلى بناء السلام ودعم التعايش السلمي، من خلال المشاركة الفاعلة والإيجابية في عمليات الحوار وبناء المصالحة.
■ يلعب الإعلام دورا مهما في الصراع.. كيف تتعاملون مع الإعلام العربي والأجنبي؟
- لا شك أن الإعلام كأحد العناصر والجوانب التي يمكن أن تصعد حدة الصراع، ويمكن أن تخفف من حدته أيضًا، ويكون لها جهود بناءة في بناء السلام والتعايش المشترك في العالم العربي، وبشكل عام لهذا نحن بشكل مستمر نشرك الإعلام من خلال العمل في الورش والمؤتمرات، ليس للدعاية، ولكن لإرسال رسالة مهمة، والحمد لله هناك نجاح في الإعلام بالعالم العربي وما زلنا نعمل على الإعلام الأجنبي بشكل أكثر ومكثف.
أما بشان إصدار أفلام وثائقية، بصراحة لا توجد خطة حالية لإصدار أفلام وثائقية طويلة، ولكن اليوم هناك تركيز أكثر على إنتاج أفلام قصيرة من أجل إخراجها إلى اليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي، هذه الأشياء يمكن أن تشاهد بشكل أكثر وتنتشر بشكل أوسع.. وكانت هناك عدة اقتراحات لإقامة محطة تليفزيون لإخراج أفلام وثائقية، ولكن حتى الآن ما زالت قيد البحث، ولكن أنا أعزز الفكرة.
■ ماذا عن زمالة مركز «كايسيد»؟ 
- مشروع الزمالة في «كايسيد»، هو من أبرز المشاريع التي أعتقد أنها نجحت، وأعتقد أن ما يقارب ٢٥٠ زميلا حصلوا على الزمالة، والفكرة أننا نختار بشكل دقيق قيادات شبابية تعمل في مؤسسات دينية أكاديمية أو مؤسسات دينية أخرى، ونحاول أن نعزز قدراتهم من خلال تدريبات مكثفة، ثلاث دورات من التدريب، وكل مرة سبعة أيام، ثم يعطى كل خريج منهم قسما من منحة صغيرة جدا رمزية، حتى يبدأ بتطبيق مشاريعه، هو يعمل مشاريع مشتركة مع مجموعات، ويصنعون مشاريع أيضًا منفردة، والحمد لله من نجاحه للزمالة العالمية، تفرعنا لمشروع زمالة في العالم العربي، في أول مرة وخرجنا ٢٢ خريجًا، وعملنا أيضًا ونحن بصدد إقامة أول زمالة أفريقية في إبريل المقبل، وأيضًا عملنا زمالة في جنوب شرق آسيا، والفكرة أن نذهب إلى المناطق نفسها أو الأقاليم، وأن نقوم بمثل هذا العمل، وأعتقد أنه خلال أربع سنوات من الآن سيكون هناك من ٧٠٠ إلى ١٠٠٠ زميل متخرج من هذا، وتصبح شبكة كبيرة عالمية.
نحن نحاول، ووظيفتنا هي تعزيز وتمكين قدرة المؤسسة الدينية في أخذ دورها الفعال والإيجابي في المجتمع، والزمالة هي قسم منها ووسائل التواصل الاجتماعي مدخل آخر، وأعتقد أنه يجب أن نبدأ بالعمل على الإعلام الديني؛ لأن الإعلام الديني منتشر أيضًا في جميع أنحاء العالم، وهي أيضًا نقطة ما زالت تحت القيد والدراسة، والزمالة أيضًا هي قسم منه.
■ لماذا اهتم المركز الملكي بفلسطين ومصر والسعودية؟
- لم يكن هناك استهداف لهذه المناطق، إذ كانت السعودية أو حتى لبنان أو فلسطين، ولكن كنا بصدد البحث عن تجارب ناجحة حول كيفية تضمين مفاهيم الحوار والتعددية في سلك التعليم العالي، وفي التعليم بشكل عام، ومن النمسا شاركت مدرسة من الابتدائية، ولكن العالم العربي أحضرنا ثلاثة نماذج، وهي نماذج أعتقد أنها طلائعية، مثل الأب متري الراهب من فلسطين، ويعمل في هذا المجال منذ عقدين على الأقل، وله تجارب ونحن شركاء معه في برنامج كليات الشريعة وكليات اللاهوت، وأيضًا الدكتورة سهير القريشي ترأس جامعة مهمة جدا في المملكة العربية السعودية، وأيضًا قامت بعدة مشاريع مهمة من أجل إدخال وتضمين هذه المفاهيم مع طالباتها والطلاب الذين يعملون في هذا، وهي ليست استهدافا للمنطقة إنما هي نماذج من هذه المناطق، وأنا متأكد هناك الكثير من هذه النماذج في مصر فى جامعة القاهرة والإسكندرية وجامعات أخرى التي أعرفها بشكل شخصي، وأيضًا هناك في أماكن أخرى مثل جامعة الزيتونة، وهي جامعة مهمة في العالم الإسلامي والعربي.
■ ماذا عن العلاقة بينك وبين المركز وبين بعض القيادات الشابة أو المستشارين؟
- علاقتي بالمركز بقيادة الأمين العام، وتم اختيار طاقم من الإدارة والمستشارين، ونحن نعمل معا كطاقم موحد، وننسق بيننا، الخبرة الأساسية التي يجب أن تكون في المستشار، أن يكون له خبرة في القدرة على ربط العالم الإسلامي مع ثقافة العالم الغربي، والحمد لله أعمل منذ ٢٥ سنة بالجامعة الأمريكية في واشنطن، ولدى دكتوراه في مجال الحوار بين الأديان وبناء السلام في الصراعات، وكان لدى تجربة كبيرة في الفلبين بين المسلمين والمسيحيين، وفي سيرلانكا بين الهندوس والبوذيين والمسلمين، وأيضًا في مناطق أخرى في أفريقيا، مثل: تشاد والنيجر، واختصاصي كيف نربط الدين مع قضية بناء السلام، ولنا كتابات أكثر من ١٤ كتابًا، والكثير من المنشورات، وهذا الجانب الأكاديمي استطعنا أن نحاول من خلال المركز أن نستثمره في التطبيق العملي.
■ ماذا عن التحديات التي واجهت المركز في مد الجسور أو في نجاح العلاقات بين الأديان السماوية والأديان الوضعية؟
- المركز واجه عدة تحديات في العمل، في البداية تموضع الأسس ولوائح العمل، فنحن نتكلم عن مكون أو هيئة جديدة تحاول أن تمزج بين صانع القرار السياسي، مثل وزراء الخارجية، والدول مثل: الثلاث دول والفاتيكان مع ممثلي ٥ ديانات (الهندوسية- البوذية- اليهودية- المسيحية- والإسلام)، وهذه أول مرة في تاريخ هذا العمل يحدث أن ٩ أعضاء مجلس إدارة يتواصلون مع ٤ وزراء خارجية، ويجب أن يكون هناك تنسيق في هذا العمل، ولوائح العمل والأسس لإقامة المركز كانت معقدة جدًا، ولكن أعتقد أننا اجتزنا هذه المرحلة، ومنذ ثلاث سنوات بدأوا في العمل على أرض الواقع.
وأكبر تحدٍ يواجهنا فى العالم الغربي وأوروبا هو عدم تقبل أساسي لمفهوم ليس الإسلام، إنما مفهوم الدين كشريك أو كمكمل لصانع القرار السياسي، أي التحدي الأساسي عندما تذهب إلى الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة أنه يقول: لماذا علينا استشارة رجال الدين والمؤسسات الدينية، نحن لسنا بحاجة إلى هذا، نحن مؤسسة لنا لوائحنا ولنا قوانينا وأهمية العمل ولنا برنامج عمل، فقط خلال العشر سنوات الأخيرة، بدأ صانع القرار السياسي الغربي يفهم أهمية الاستشارة والتعامل والتعاون مع الدين والمؤسسات الدينية.
بينما في العالم العربي والإسلامي يواجهنا تحد عكسي، أن الهوية الدينية تستخدم وتوظف من صانع القرار السياسي في جميع الأشياء، وهذه فجوة؛ ففي العالم الإسلامي والعربي، نحاول أن نقول الموازنة والمعادلة الصحيحة لأخذ الاستشارة والعمل مع المؤسسات الدينية وليس توظيفها واستخدامها ٢٤ ساعة من أجل مصالح سياسية، بينما في العالم الغربي نعاني التحدي وتهميشها، ولا يوجد لها أي دور، ونحاول أن نجد المعادلة الصحيحة في الوسط، وخير الأمور أوسطها، وحتى الآن أعتقد أنه لا توجد دولة في العالم عربية إسلامية أو غير عربية إسلامية، وجدت هذه المعادلة الصحيحة لكيفية تعامل صانع القرار السياسي مع المؤسسة الدينية في جميع مجالات الحياة، وأعتقد أن المركز يحاول أن يجد بعض هذه النماذج للعمل الصحيح مع صانع القرار.
■ ماذا عن الوثيقة التأسيسية لمنصة الحوار والتعاون بين القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة في العالم العربي؟
- إيمانًا من المركز، قام بإبرام وثيقة تأسيسية للقيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة من مختلف أنحاء العالم العربي المجتمعين، بدعوة ورعاية من مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات: وبدأت الوثيقة بأن الأحداث المؤلمة التي يمر بها العالم العربي منذ عقدين؛ أدت إلى تهديد حقيقي لنسيجه الاجتماعي المتنوع؛ كونها خطرًا حقيقيًا على العيش المشترك والتماسك بين المكونات الدينية والعرقية في المنطقة.وتعظيم دور القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة والفاعلين في الحوار بين أتباع الأديان والثقافات من أجل تعزيز التماسك الاجتماعي والعيش المشترك وترسيخ ثقافة المواطنة الحاضنة للتعددية واحترام التنوع.. والحاجة الماسة لمنظومة إقليمية جامعة؛ بهدف تنسيق الجهود وتطوير استراتيجيات عمل وبرامج تعزِّز ثقافة الحوار وصياغة خطاب ديني معتدل، يحث على العيش المشترك؛ ويغرس قيم التعددية واحترام التنوع.. وأهمية إحياء وتوظيف إرث التآخي والعيش المشترك بين أتباع الأديان والثقافات في المنطقة.. وضمان الحقوق الأساسية للإنسان وكرامته، على اختلاف الانتماءات الدينية والثقافية والعرقية.
■ وكيف تحققون ذلك؟
- في سبيل تحقيق هذه الأهداف المنشودة؛ عزمنا بمشيئة الله تعالى على بذل ما بوسعنا؛ لغرس قيم الحوار، وتعزيز العيش المشترك، وتأكيد أسس المواطنة المشتركة؛ وتجنيب مجتمعاتنا ويلات الحروب والعنف، خاصة المرتكب منه باسم الدين ومخاطر التعصب والتطرف.. وتوحّد جهودنا؛ لتحقيق أهدافنا المشتركة، والمساهمة بصفة فاعلة في تعزيز السلم والتماسك الاجتماعيين في المنطقة؛ لمواجهة التحديات الراهنة.
نعمل معًا على تعزيز الاعتدال والتفاهم والتعاون بين مجتمعاتنا عن طريق حوارٍ عميق وهادفٍ وصادقٍ، مبنى على إرادة العيش المشترك.. ونضم جهودنا؛ لتعزيز بيئة حاضنة للتنوع الديني والعرقي والثقافي.
ونكوِّن لهذا الغرض منظومة عمل مشترك، تكون مظلة جامعة وآلية تنفيذ تعاون فاعلة؛ لصياغة وتنفيذ مشاريع وبرامج، بإشراف مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، تهدف إلى: تعزيز التواصل بين القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة والفاعلين في الحوار وتنسيق الجهود؛ تصديًا للتحديات التي تواجه المجتمعات العربية.. وتوطيد العلاقات بين الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة وصانعى السياسات على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية؛ من أجل تحقيق الأهداف الإنسانية المنشودة، الواردة في هذه الوثيقة.. وتطوير خطط عمل وبرامج نوعية، تساهم في تعزيز العيش المشترك؛ ودعم المواطنة المشتركة على الصعيدين المحلي والإقليمي، وتزويد القيادات الدينية المتنوعة ومؤسساتها والفاعلين في الحوار بما يلزم؛ لدعم الحوار بين المجتمعات؛ بما يضمن تعزيز قدراتها وأداء رسالتها.
وبصفتنا أعضاء مؤسسين، نعلن ما يلي: تأسيس إطار تعاون جامع باسم: منصة الحوار والتعاون بين القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة في العالم العربي.. والتزامنا التام بهذه الوثيقة التأسيسية ورغبتـنا الفاعلة في العمل بالطريقة المثلى لتفعيل دور المنصة وتحقيق أهدافها.. والشروع في العمل على تحقيق هذا المشروع، داعين الله العلي القدير أن يوفقنا في الاضطلاع بمسئولياتنا التاريخيّة في هذه المرحلة الدقيقة؛ بناء على تعاليمنا وقيمنا الدينيّة والإنسانيّة وعلى ما يمليه ضميرنا وواجبنا الوطنيَيْن.