السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

سعد الله ونوس.. أحلام شقية

سعد الله ونوس
سعد الله ونوس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد إصابته بمرض السرطان في أوائل التسعينيات لم يستسلم له، وعاد إلى الكتابة مرة أخرى بعد فترة توقف طويلة شملت معظم الثمانينيات فقدم أعظم أعماله المسرحية وصدرت أعماله الكاملة في عام 1996، في ثلاثة مجلدات عن دار الأهالي بدمشق، جمعت فيها كل المسرحيات الطوية والقصيرة والنصوص النظرية من بيانات وكتابات تتعلق بالمسرح، وترجمت مسرحياته إلى العديد من اللغات الأجنبية، كما نشرت وتم عرضها في كثير من الدول العربية والأوروبية، إنه الكاتب المسرحي السوري "سعد الله ونوس" الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم الثلاثاء.
ولد سعد الله ونوس، في 27 مارس 1941 بقرية حصين البحر القريبة من طرطوس، واشتهر منذ الستينيات وكان واحدا من أبرز وجوه الحركة الثقافية والمسرحية في العالم العربي، طرح فكرة "تسييس المسرح" كبديل عن المسرح السياسي، وكان مؤمنًا بأهمية المسرح في إحداث التغييرات السياسية والاجتماعية في العالم العربي، ومن أجرأ مسرحياته السياسية "الفيل يا ملك الزمان" عام 1969، "الملك هو الملك" في عام 1977، و"رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة" في عام 1978. 
ويقول ونوس: "قد كررت مرارا أنني لم ألجأ إلى الأشكال الفنية التي لجأت إليها، تلبية لهواجس جمالية أو لتأصيل تجربة المسرح العربي من الناحية الحضارية، وإنما لجأت إلى هذه الأشكال وجربتها، محاولا أن أتواصل مع جمهور واسع، وكنت أريد أن يكون مسرحي حدثا اجتماعيا وسياسيا يتم مع الجمهور".
وكتب ونوس مسرحيته وهو على فراش المرض بروح فنان استصفى المرض دماءه، وهى بعنوان "طقوس الإشارات والتحولات"، وأسمى روحه فنفذت فى أعماق النفس البشرية لتبحث فيها، وتنقب عن طبيعتها أو تكشف مكنونها، إنها التحولات التي تجرى على البشر جميعا، فتحيلهم إلى ذواتهم الحقيقية التى أخفاها طويلا قناع الرياء وعباءة الاصطناع، يعيش فيها الإنسان فى صورة يراها كل الناس، وفي باطنه صورة أخرى قد تساوي ظاهره لكنها فى معظم الأحيان تناقض هذا الظاهر فماذا لو تبدلت الأوضاع وأصبح الباطن ظاهرا، ليس بتأثير عقار كرواية ستفنسون "د.جيكل ومستر هايد" بل نتيجة حادثة تهتز لها مدينة دمشق وهى القبض على نقيب الأشراف وهو يفسق مع غانية، ساعتها يتضامن معه المفتي رغم العداوة بينهما ويدبر حيلة مع زوج النقيب، ويبدلها في السجن مع الغانية فكأنه قُبض عليه مع زوجه ما يُوقع بصاحب الشرطة فى الشرك وتتبدل الأوضاع ويصبح هو سجينا وسجينه حرًا، عندها يطلق النقيب زوجه كما اشترطت للاشتراك في حيلة الإنقاذ، وتهجر حياة العفة إلى دنيا الغواني وتسمى نفسها ألماسة ويهيم بها الرجال وتحدث انقلابا في حلب، أما النقيب فقد انقلب متصوفا يمشى في أسمال طامعا في وصل الذات الإلهية، والمفتي ينقلب عاشقا لألماسة يجاهد نفسه حينا حتى ينهار عند قدميها، وفي تلك الأثناء يتحول أحد الأعوان وبتأثير موجة التهتك المتفشية إلى مثلىّ، ثم ينتهي كل شيء بقتل ألماسة على يد أخيها وتصرح قبل وفاتها أن ألماسة ليست مجرد امرأة يفنيها دمها لو أجراه قاتلها، بل هى حالة الإنسان كانت وستظل باقية كتجربة تكشف حقيقة المرء لو خبرها واحتك به.