الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"الزراعة العضوية".. مستقبل مصر لزيادة الحاصلات الزراعية وإنهاء أزمة "الحظر".. الحكومة تعّد قانونًا لتنظيمها.. وخبراء: الإرشاد الزراعي و"سلاسل القيمة" يُساهمان في إنتاج خضراوات وفاكهة خالية من التلوث

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدأت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، مُنذ أيام قليلة، في إعداد قانون لتنظيم الزراعة العضوية "الأورجانيك" بهدف زيادة صادراتها للخارج، حيث يتضمن أهم الاشتراطات والمواصفات التي تميز هذه النوعية من الزراعة والخطوات والإجراءات الواجب توافرها للحصول على صفة "المزرعة الأورجانيك".

وبحسب الدكتور صفوت الحداد، نائب وزير الزراعة واستصلاح الأراضى لشئون الخدمات والمتابعة، فإن أبرز تلك الاشتراطات؛ استخدام المزرعة طرقًا حديثة وآمنة فى التسميد والمكافحة عبر وسائل صديقة للبيئة تشمل السماد العضوي وطرق المكافحة الحيوية.
كما أشار "الحداد"، في تصريحات صحفية، إلى أنه فور الانتهاء من صياغة القانون ستتم مراجعته من قطاع الشئون القانونية بالوزارة واعتماده، ومن ثم رفعه لمجلس الوزراء والبرلمان، متوقعًا مناقشته وصدوره خلال الدورة البرلمانية المقبلة.
وتنمو الزراعة العضوية فى العالم بصورة متسارعة، حيث زادت المساحة المزروعة بالطرق العضوية من 1،15 مليون هكتار فى أوائل السبعينات إلى 11 مليون هكتار فى عام 1999 ووصلت إلى 43،7 مليون هكتار فى عام 2014؛ أى تضاعفت نحو 4 مرات فى 15 عاما.
ما هي الزراعة العضوية؟
تُعد الزراعة العضوية نظامًا يعتمد على إدارة النظام الإيكولوجي بدلًا من المدخلات الزراعية الخارجية، بمعنى وقف استخدام المدخلات التخليقية مثل؛ الأسمدة الاصطناعية والمبيدات التخليقية والعقاقير البيطرية والبذور والسلالات المحورة وراثيًا والمواد الحافظة والمواد المضافة والتشعيع، وأن تحل مكانها أساليب إدارة تتفق وخصائص كل موقع بما حافظ على خصوبة التربة طويلة الأجل وتزيدها وتمنع الآفات والأمراض.
وفي بعض البلدان مثل؛ الاتحاد الأوروبي، تتوافر الإعانات التي تقدم للزراعة العضوية لإنتاج سلع وخدمات بيئية مثل الحد من تلوث المياه الجوفية أو توفير أماكن طبيعية أكثر تنوعا من الناحية البيولوجية. 
كما أنه في كثير من البلدان النامية، تطبق الزراعة العضوية باعتبارها طريقة لتحسين الأمن الغذائي الأسري أو تحقيق خفض في تكاليف المدخلات، ولا يُباع الإنتاج في الأسواق بالضرورة أو يباع دون فرق في الأسعار حيث أنه غير معتمد.
أما في البلدان المتقدمة، يستحدث صغار المزارعين بإطراد قنوات مباشرة لتوصيل المنتجات العضوية غير المعتمدة إلى المستهلكين، بالإضافة إلى أنه في الولايات المتحدة الأمريكية يعفى المزارعون الذين يسوقون كميات صغيرة من المنتجات العضوية رسميًا من شهادات الاعتماد.
وعلى الرغم من أن الزراعة العضوية مازالت صناعة صغيرة، حوالى 1 إلى 2% من المبيعات الغذائية في العالم، فإن أهميتها تتزايد في مختلف أنحاء العالم، كما أنه من الصعب جمع معلومات عنها نتيجة لنقص الإحصاءات الرسمية ومستوى السرية لدى المنظمات التي تتعامل مع المنتجات العضوية، غير أن الاهتمام بالحصول على المعلومات عن طبيعة دينامية السوق العضوية يتزايد.

الفوائد البيئية من الزراعة العضوية
تهدُف الزراعة العضوية إلى إنتاج الأغذية مع إيجاد توازن أيكولوجي لتلافي مشكلات خصوبة التربة والآفات، كما أنها تتخذ منهجًا استباقيًا في مواجهة معالجة المشكلات بعد ظهورها، تعويض ما تفقده التربة من مغذيات من موارد متجددة مستمرة من المزرعة إلا أنها ضرورية في بعض الأحيان لتكملة التربة العضوية بالبوتاس والفوسفات والكالسيوم والمغنسيوم والعناصر النزرة من المصادر الخارجية.
ويُعتبر تلوث مجاري المياه الجوية بالأسمدة التخليقية والمبيدات مشكلة كبيرة في كثير من المناطق الزراعية، ونظرًا لأن استخدام هذه المواد محظور في الزراعة العضوية، فإنها تستبدل بالأسمدة العضوية مثل؛ الكومست وروث الحيوان والسماد الأخضر، ومن خلال استخدام قدر أكبر من التنوع.
كما تُقلل الزراعة العضوية من استخدام الطاقة غير المتجددة من خلال خفض الاحتياجات من الكيماويات الزراعية، حيث تتطلب هذه إنتاج كميات كبيرة من الوقود الأحفوري، وتسهم أيضًا في التخفيف من تأثيرات الدفيئة والاحتباس الحراري من خلال قدرتها على استيعاب الكربون في التربة.
وتتخذ الزراعة العضوية منهجًا وقائيًا، ما يُساهم في ترويج المستهلك باختياره للمنتجات العضوية، عن طريق قوته الشرائية، لنظم الزراعة الأقل تلويثًا، كما تنخفض التكاليف الحقيقية للزراعة على البيئة من حيث تدهور الموارد الطبيعية.
الزراعة العضوية في مصر
ومع انتشار استخدام طرق الزراعة العضوية في الآونة الأخيرة، والتى تسهم فى زيادة الإنتاجية فى الفدان بنسبة تتراوح بين 30:50%، تشهد منتجات الزراعة العضوية نموًا فى الطلب على الاستيراد مقارنة بالأصناف الأخرى غير العضوية.
وبحسب خبراء الزراعة، فإن المستقبل للزراعات العضوية والصديقة للبيئة، لاسيما مع ارتفاع العائد منها بسبب الطلب الملحوظ عليها فى الأسواق العالمية، الذين طالبوا بسرعة ضبط منظومة الزراعة العضوية وتحديد أطر واضحة لتقنينها عبر سرعة إصدار وتفعيل القانون الجاري إعداده، خاصة أن هناك العديد من الشركات أو المزارع التى تصف منتجاتها بـ"الأورجانيك" لمجرد زيادة سعرها دون تطبيقها الاشتراطات الفعلية لتلك الزراعة.
وتحتل مصر؛ المركز الثالث بعد تونس وأوغندا بين الدول الإفريقية في الزراعة العضوية الخالية من جميع الكيماويات وأيضا من التلوث ويمنع فيها استخدام الاسمدة الكيميائية أو المبيدات الكيمائية أو استخدام مياه ملوثة بالصرف الصحى أو الصناعى أو الزراعى وأيضا أن تكون الترب الزراعية خالية من التلوث، حيث تصل المساحات المنزرعة عضويًا فى مصر طبقا للإحصائيات العالمية إلى 85،8 ألف هكتار فى عام 2014.
ووفقا للإحصاءات والتقارير الحديثة الصادرة عن وزارة الزراعة فإن المساحة المزروعة بالمحاصيل العضوية فى مصر بين تتراوح بين 350 إلى 400 ألف فدان، كما أن وزارة الزراعة بدأت مؤخرا تنفيذ خطة جديدة لنشر المكافحة الحيوية لبعض المحاصيل، عبر توفير منصات للمكافحة الطبيعية للآفات الزراعية التى تهاجم منتجات مثل الطماطم والفلفل والبقوليات مثل الفاصوليا والبسلة.

إنهاء أزمة حظر الصادرات
الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة ومستشار مركز الدراسات الاقتصادية الزراعية، قال إن إعداد قانون لتنظيم الزراعة العضوية "الأورجانيك" في مصر بهدف زيادة الصادرات للخارج يُعتبر خطوة جيدة تأخرت كثيرًا، لأن الزراعة العضوية لها سوقًا كبيرًا في دول الاتحاد الأوروبي التي تُفضل مثل منتجات تلك الزراعة عن غيرها.
وأضاف صيام لـ"البوابة نيوز" أنه لابد من وجود رؤية ومخطط لدي وزارة الزراعة للتوسع بجدية في الزراعة العضوية في مصر عن طريق تخصيص جزءًا من مشروع الـ100 ألف صوبة لإنتاج خضروات وفاكهة من زراعة عضوية، مع ضرورة وضع خطة لتشيع هذا النوع من الزراعات من خلال الاستثمار فيه.
وأكد الخبير الزراعي، أن الزراعة العضوية تُنهى أزمة حظر الصادرات من المحاصيل الزراعية المصرية، التي عانت منها مصر بسبب متبقيات المبيدات، كونها لا تعتمد على الأسمدة أو المبيدات من الأساس في الزراعة، منوهًا بأنه من الضروري تطبيق القانون بعد إقراره من خلال توضيح وتحديد اللوائح الخاصة به كالتشجيع الزراعات التعاقدية.
وأشار "صيام" إلى أهمية الإرشاد الزراعي في التوسع في الزراعة العضوية وإنشاء شبكة؛ سلاسل القيمة، التي تربط المزارعين بالمُصدرين بالأسواق الخارجية، لافتًا إلى أن نصيب مصر من الزراعة العضوية حاليًا لا يتناسب مع فائض الخُضر والفاكهة في السوق المحلي، بالإضافة لضرورة تحديد ماهية الزراعات العضوية التي يتوجب التوسع فيها.