الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

90 عامًا من الإرهاب والدم.. 3 قرارات حل في تاريخ الإرهابية

الإخوان
الإخوان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ نشأة الإخوان، صدرت 3 قرارات تاريخية بحظرها، الأول جاء فى يناير 1948، حيث صدر أول قرار (أمر عسكري) بحل الجماعة، تبعه قرار عام 1954 من مجلس قيادة الثورة، وفى عام 2013 صدر القرار الأخير بحل الجماعة، ويتناول هذا التقرير تاريخ وملابسات قرارات حل الجماعة.
القرار الأول
نص الأمر العسكرى رقم ٦٣ لسنة ١٩٤٨ بحل الإخوان المسلمين وجميع شعبها، وجاء فى المادة الأولى، تحل فورا الجمعية المعروفة باسم جماعة الإخوان المسلمين بشعبها فى جميع أنحاء المملكة المصرية وتغلق الأمكنة المخصصة لنشاطها، وتضبط الأوراق والوثائق والسجلات والمطبوعات والمبالغ والأموال، وعلى العموم جميع الأشياء المملوكة للجمعية.
ويحظر على أعضاء مجلس إدارتها وشعبها ومديريها والمنتمين إليها بأى صفة مواصلة نشاط الجمعية، وبوجه خاص عقد اجتماعات لها أو لإحدى شعبها والدعوة إليها أو الإعانات والاشتراكات أو الشروع فى شيء من ذلك، ويعد من الاجتماعات المحظورة فى تطبيق هذا الحكم اجتماع خمسة فأكثر من الأشخاص الذين كانوا أعضاء لهذه الجمعية المذكورة. 
ونصت المادة الثانية من القرار، يحظر إنشاء أى جمعية أو هيئة من أى نوع كانت أو تحويل طبيعة أى جمعية أو هيئة قائمة إذا كان الغرض من الإنشاء أو التحويل القيام بطريق مباشر أو غير مباشر بالنشاط الذى كانت تتبناه الجمعية المنحلة أو إحياء هذه الجمعية على أية صورة من الصور كما يحظر الاشتراك فى كل ذلك. 
القرار الثاني
قرار مجلس قيادة الثورة فى ١٤ يناير ١٩٥٤ حل جماعة الإخوان المسلمين 
وجاء نص القرار قرر مجلس قيادة الثورة حل جماعة الإخوان المسلمين وتعتبر جماعة الإخوان المسلمين حزبًا سياسيًا ويطبق عليها أمر مجلس قيادة الثورة بحل الأحزاب السياسية. 
ونصت المذكرة التفسيرية التى صدرت مرفقة بالبيان: إذا كانت الثورة قد قامت فى ٢٣ يوليو فقد ظل تنظيم الضباط الأحرار ينتظر من يتقدم الصفوف مخلصا ليغير المنكر الذى كنا نعيش فيه ويثبت بعمله جدية صدقه وإخلاصه لدينه ولوطنه وكنا على استعداد أن نتبعه فى صف واحد كالبنيان المرصوص حتى نحقق لوطننا العزيز عزة وكرامة وتحررا من الاستعباد والعبودية. 
ولما طال انتظارنا عقدنا العزم على القيام بالثورة وكنا جادين ولا هدف لنا إلا حرية الأمة وكرامتها وإن الله تعالى لن يكتفى بإيمان الناس إذا لم يتبعوا هذا الإيمان بالعمل وبالعمل الصالح فيقول عز وجل إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون. 
ومن يوم قيام الثورة ونحن فى معركة لم تنته بعد: معركة ضد الاستعمار لا ضد المواطنين وهذه المعركة لا تحتمل المطامع والأهواء التى طالما نفذ الاستعمار من خلالها ليحطم وحدة الأمة وتماسكها فلا تقوى على تحقيق أهدافها.
وقد بدأت الثورة فعلا بتوحيد الصفوف إلى أن حلت الأحزاب ولم تحل الإخوان إبقاء عليهم وأملا فيهم وانتظارا لجهودهم وجهادهم فى معركة التحرير ولأنهم لم يتلوثوا بمطامع الحكم كما تلوثت الأحزاب السياسية الأخرى ولأن لهم رسالة دينية تعين على إصلاح الخلل وتهذيب النفوس. ولكن نفرا من الصفوف الأولى فى هيئة الإخوان أرادوا أن يسخروا هذه الهيئة لمنافع شخصية وأطماع ذاتية مستغلين سلطان الدين على النفوس وبراءة وحماسة الشبان المسلمين ولم يكونوا فى هذا مخلصين لوطن أو لدين.
ولقد أثبت تسلسل الحوادث أن هذا النفر من الطامعين استغلوا هيئة الإخوان والنظم التى تقوم عليها هذه الهيئة لإحداث انقلاب فى نظام الحكم القائم تحت ستار الدين. 
وقد سارت الحوادث بين الثورة وهيئة الإخوان بالتسلسل الآتى: 
حسن العشماوي
فى صباح يوم الثورة استدعى حسن العشماوى لسان حال المرشد العام إلى مقر القيادة العامة بكوبرى القبة وأبلغ إليه أن يطلب من المرشد العام إصدار بيان لتأييد الثورة ولكن المرشد بقى فى مصيفه بالإسكندرية لائذا بالصمت فلم يحضر إلى القاهرة إلا بعد عزل الملك ثم أصدر بيانا مقتضبا طلب بعده أن يقابل أحد رجال الثورة فقابله البكباشى جمال عبدالناصر فى منزل الأستاذ صالح أبورقيق الموظف بالجامعة العربية وقد بدأ المرشد حديثه مطالبا بتطبيق أحكام القرآن فى الحال فرد عليه جمال عبدالناصر أن هذه الثورة قامت حربا على الظلم الاجتماعى والاستبداد السياسى والاستعمار البريطانى وهى بذلك ليست إلا تطبيقا لتعاليم القرآن الكريم. 
فانتقل المرشد بالحديث إلى تحديد الملكية وقال إن رأيه أن يكون الحد الأقصي٥٠٠ فدان. 
فرد عليه جمال قائلا إن الثورة رأت التحديد بمائتى فدان فقط وهى مصممة على ذلك فانتقل المرشد بالحديث قائلا إنه يرى لكى تؤيد هيئة الإخوان الثورة أن يعرض عليه أى تصرف للثورة قبل إقراره فرد عليه البكباشى جمال قائلا إن هذه الثورة قامت بدون وصاية أحد عليها وهى لن تقبل بحال أن توضع تحت وصاية أحد وإن كان هذا لا يمنع القائمين على الثورة من التشاور فى السياسة العامة مع كل المخلصين من أهل الرأى دون التقيد بهيئة من الهيئات ولم يلق هذا الحديث قبولا من نفس المرشد. 
وسارعت الثورة بعد نجاحها فى إعادة الحق إلى نصابه وكان من أول أعمالها أن أعادت التحقيق فى مقتل حسن البنا فقبضت على المتهمين فى الوقت الذى كان المرشد لا يزال فى مصيفه فى الإسكندرية. 
وطالبت الثورة على ماهر بمجرد توليه الوزارة أن يصدر عفوا شاملا عن المعتقلين والمسجونين السياسيين وفى مقدمتهم الإخوان وقد نفذ هذا فعلا بمجرد تولى الرئيس نجيب رئاسة الوزارة. 
وحينما تقرر إسناد الوزارة إلى الرئيس نجيب تقرر أن يشترك فيها الإخوان المسلمون بثلاثة أعضاء على أن يكون أحدهم الأستاذ الشيخ أحمد حسن الباقوري. 
وقد تم اتصال تليفونى بين اللواء عبدالحكيم عامر والمرشد ظهر يوم
٧ سبتمبر سنة ١٩٥٢ فوافق على هذا الرأى قائلا إنه سيبلغ القيادة بالاسمين الآخرين ثم حضر حسن العشماوى إلى القيادة فى كوبرى القبة وأبلغ جمال عبدالناصر أن المرشد يرشح للوزارة الأستاذ منير الدلة الموظف فى مجلس الدولة والأستاذ حسن العشماوى المحامى وقد عرض هذا الترشيح على مجلس الثورة فلم يوافق عليهما، وطلب جمال عبدالناصر من حسن العشماوى أن يبلغ ذلك إلى المرشد ليرشح غيرهما وفى الوقت نفسه اتصل جمال بالمرشد فقال الأخير إنه سيجمع مكتب الإرشاد فى الساعة السادسة ويرد عليه بعد الاجتماع. 
وقد أعاد البكباشى جمال الاتصال مرة أخرى بالمرشد فرد عليه أن مكتب الإرشاد قرر عدم الاشتراك فى الوزارة فلما قال له: لقد أخطرنا الشيخ الباقورى بموافقتك وطلبنا منه أن يتقابل مع الوزراء فى الساعة السابعة لحلف اليمين أجابه بأنه يرشح بعض أصدقاء الإخوان للاشتراك فى الوزارة ولا يوافق على ترشيح أحد من الإخوان. 
وفى اليوم التالى صدر قرار من مكتب الإرشاد بفصل الشيخ الباقورى من هيئة الإخوان فاستدعى البكباشى جمال عبدالناصر حسن العشماوى وعاتبه على هذا التصرف الذى يظهر الإخوان بمظهر الممتنع عن تأييد وزارة الرئيس نجيب وهدد بنشر جميع التفاصيل التى لازمت تشكيل الوزارة فكان رد العشماوى أن هذا النشر يحدث فرقة فى صفوف الإخوان وليس لموقف المرشد العام ورجاه عدم النشر. 
وعندما طلب من الأحزاب أن تقدم إخطارات عن تكوينها قدم الإخوان إخطارا باعتبارهم حزبا سياسيا وقد نصحت الثورة رجال الإخوان بألا يترددوا فى الحزبية ويكفى أن يمارسوا دعوتهم بعيدا عن غبار المعارك السياسية والشهوات الحزبية وقد ترددوا بادئ الأمر ثم استجابوا قبل انتهاء موعد تقديم الإخطارات وطلبوا اعتبارهم هيئة وطلبوا من البكباشى جمال عبدالناصر أن يساعدهم على تصحيح الأخطاء فذهب إلى وزارة الداخلية حيث تقابل مع المرشد فى مكتب الأستاذ سليمان حافظ وزير الداخلية وقتئذ وتم الاتفاق على أن تطلب وزارة الداخلية من الإخوان تفسيرا عما إذا كانت أهدافهم سيعمل على تحقيقها عن طريق أسباب الحكم كالانتخابات وأن يكون رد الإخوان بالنفى حتى ينطبق عليهم القانون وفى صبيحة يوم صدور قرار الأحزاب فى يناير سنة ١٩٥٣ حضر إلى مكتب البكباشى جمال عبدالناصر الصاغ صلاح شادى والأستاذ منير الدلة وقالا له الآن وبعد حل الأحزاب لم يبق من مؤيد للثورة إلا هيئة الإخوان ولهذا فانهم يجب أن يكونوا فى وضع يمكنهم من أن يردوا على كل أسباب التساؤل ـ فلما سألهم ما هو هذا الوضع المطلوب؟ أجابا بأنهم يريدون الاشتراك فى الوزارة فقال لهما إننا لسنا فى محنة وإذا كنتم تعتقدون أن هذا الظرف هو ظرف المطالب وفرض الشروط فأنتم مخطئون فقالوا له إذا لم توافق على هذا فإننا نطالب بتكوين لجنة من هيئة الإخوان تعرض عليها القوانين قبل صدورها للموافقة عليها وهذا هو سبيلنا لتأييدكم إن أردتم التأييد فقال لهم جمال لقد قلت للمرشد سابقا إننا لن نقبل الوصاية وإننى أكررها اليوم مرة أخرى فى عزم وإصرار. وكانت هذه الحادثة هى نقطة التحول فى موقف الإخوان من الثورة وحكومة الثورة. إذ دأب المرشد بعد هذا على إعطاء تصريحات صحافية مهاجما فيها الثورة وحكومتها فى الصحافة الخارجية والداخلية كما كانت تصدر الأوامر شفهيا إلى هيئات الإخوان بأن يظهروا دائما فى المناسبات التى يعقدها رجال الثورة بمظهر الخصم المتحدي. 
لما علم المرشد بتكوين هيئة التحرير تقابل مع جمال عبدالناصر فى مبنى القيادة بكوبرى القبة وقال له إنه لا لزوم لإنشاء هيئة التحرير ما دام الإخوان قائمين فرد عليه البكباشى جمال إن فى البلاد من لا يرغب فى الانضمام للإخوان وإن مجال الإصلاح متسع أمام الهيئتين فقال المرشد إننى لن أؤيد هذه الهيئة وبدأ منذ ذلك اليوم فى محاربة هيئة التحرير وإصدار أوامره بإثارة الشغب واختلاق المناسبات لإيجاد جو من الخصومة بين أبناء الوطن الواحد. 
وفى شهر مايو سنة ١٩٥٣ ثبت لرجال الثورة أن هناك اتصالا بين بعض الإخوان المحيطين بالمرشد وبين الإنجليز عن طريق الدكتور محمد سالم الموظف فى شركة النقل والهندسة وقد عرف جمال من حديثه مع حسن العشماوى فى هذا الخصوص إنه قد حدث اتصال فعلا بين منير الدلة وصالح أبورقيق ممثلين عن الإخوان وبين مستر «إيفانز» المستشار الشرقى للسفارة البريطانية وإن هذا الحديث سيعرض حينما يتقابل جمال والمرشد وعندما التقى جمال مع المرشد أظهر له استياءه من اتصال الإخوان مع الإنجليز والتحدث معهم فى القضية الوطنية الأمر الذى يدعو إلى التضارب فى القول وإظهار البلاد بمظهر الانقسام. 
ولما استجوب اليوم محمد سالم عن موضوع اتصال الإنجليز بالمرشد ومن حوله قال إن القصة تبتدئ وقت أن كان وفد المحادثات المصرى جالسا يتباحث رسميا مع الوفد البريطاني. 
وفى إبريل سنة ١٩٥٣ اتصل به القاضي «جراهام» بالسفارة البريطانية وطلب منه أن يمهد مقابلة بين مستر إيفانز المستشار الشرقى للسفارة البريطانية وبعض قادة الإخوان وأنه أى محمد سالم أمكنه ترتيب هذه المقابلة فى منزله بالمعادى بين منير الدلة وصالح أبورقيق عن الإخوان ومستر إيفانز عن الجانب البريطانى وتناول الحديث موقف الإخوان من الحكومة، وتباحثوا فى تفاصيل القضية المصرية ورأى الإخوان وموقفهم من هذه القضية ثم قال الدكتور محمد سالم إنه جاء فى رأى قادة الإخوان أن عودة الإنجليز إلى القاعدة تكون بناء على رأى لجنة مشكلة من المصريين والإنجليز وأن الذى يقرر خطر الحرب هى هيئة الأمم المتحدة. 
ولعل هذا هو السبب فى تمسك الإنجليز بهذا الرأى الذى لم يوافق عليه الجانب المصرى للمفاوضات حتى اليوم. 
جمال عبدالناصر
قال الدكتور محمد سالم فى اجتماع آخر مماثل فى منزله أيضا حيث طلب مستر إيفانز مقابلة المرشد فوعد منير الدلة بترتيب هذا الاجتماع وفعلا تم فى منزل المرشد ودار فى هذا الاجتماع الحديث عن القضية المصرية وموقف الإخوان منها وذكر الدكتور محمد سالم أن مستر إيفانز دعا منير الدلة وصالح أبورقيق لتناول الشاى فى منزله وقد أجاب دعوته مرتين. 
وفى أوائل شهر يونيو سنة ١٩٥٣ ثبت لإدارة المخابرات أن خطة الإخوان قد تحولت لبث نشاطها داخل قوات الجيش والبوليس وكانت خطتهم فى الجيش تنقسم إلى قسمين. 
القسم الأول: ينحصر فى عمل تنظيم سرى تابع للإخوان بين ضباط الجيش ودعوا فيما دعوا عددا من الضباط وهم لا يعلمون أنهم من الضباط الأحرار فسايروهم وساروا معهم فى خططهم وكانوا يجتمعون بهم اجتماعات أسبوعية وكانوا يتحدثون فى هذه الاجتماعات عن الإعداد لحكم الإخوان والدعوة إلى ضم أكبر عدد من الضباط ليعملوا تحت إمرة الإخوان وكانوا يأخذون عليهم عهدا وقسما أن يطيعوا ما يصدر إليهم من أوامر المرشد. 
أما القسم الثانى فكان ينحصر نشاطه فى عمل تشكيلات بين ضباط البوليس وكان الغرض منها إخضاع نسبة كبيرة من ضباط البوليس لأوامر المرشد أيضا وكانوا يجتمعون فى اجتماعات دورية أسبوعية وينحصر حديثهم فيها فى بث الحقد والكراهية لرجال الثورة ورجال الجيش وبث الدعوة بين ضباط البوليس بأنهم أحق من رجال الجيش بالحكم نظرا لاتصالهم بالشعب وكانوا يمنونهم بالترقيات والمناصب بعد أن يتم لهم هدفهم وكان يتزعمهم الصاغ صلاح شادى الذى طالما ردد فى اجتماعاته بهم أنه وزير الداخلية المقبل. 
وقسم ثالث أطلق عليه قسم الوحدات وكان الغرض منه هو جمع أكبر عدد ممكن من ضباط الصف فى الجيش تحت إمرة المرشد أيضا وكانوا يجتمعون بهم فى اجتماعات سرية أسبوعية وكان الحديث يشتمل على بث الكراهية للضباط فى نفوس ضباط الصف وإشعارهم بأنهم هم القوة الحقيقية فى وحدات الجيش وأنهم إذا ما نجح الإخوان فى الوصول إلى الحكم فسيعاملون معاملة كريمة. 
كما كان هذا القسم يقوم ببث الدعوة لجمع أكبر عدد من صف ضباط وجنود ليكون تحت إمرة المرشد العام للإخوان. 
ولما تجمعت هذه المعلومات لإدارة المخابرات اتصل البكباشى جمال عبدالناصر بالأستاذ حسن العشماوى باعتباره ممثل المرشد وصارحه بموقف الإخوان العام ثم بموقف الإخوان فى داخل الجيش وما يدبرونه فى الخفاء بين قوات الجيش والبوليس وقال له لقد آمنا لكم ولكن هذه الحوادث تظهر أنكم تدبرون أمرا سيجنى على مصير البلاد ولن يستفيد منه إلا المستعمر وأننى أنذر أننا لن نقف مكتوفى الأيدى أمام هذه التصرفات التى يجب أن توقف إيقافا كاملا ويجب أن يعلم الإخوان أن الثورة إنما أبقت عليهم بعد أن حلت جميع الأحزاب لاعتقادها أن فى بقائهم مصلحة وطنية فإذا ما ظهر أن فى بقائهم ما يعرض البلاد للخطر فإننا لن نتردد فى اتخاذ ما تمليه مصلحة البلاد مهما كانت النتائج فوعد أن يتصل بالمرشد فى هذا الأمر وخرج ولم يعد حتى الآن. 
وفى اليوم التالى استدعى البكباشى جمال عبدالناصر الأستاذ خميس حميدة نائب المرشد والأستاذ الشيخ سيد سابق وأبلغهما ما قاله لحسن العشماوى فى اليوم السابق فأظهرا الاستياء الشديد وقالا إنهما لا يعلمان شيئا عن هذا وإنهما سيبحثان الأمر ويعملان على إيقاف هذا النشاط الضار. 
ورغم هذا التحذير وهذا الإنذار استمر العمل حثيثا بين صفوف الجيش والبوليس وأصبح الكلام فى الاجتماعات الدورية يأخذ طابع الصرامة وطابع الحقد فكانوا يقلبون الخطط فى هذه الاجتماعات بحثا عن أسلم الطرق لقلب نظام الحكم وكان الأحرار المنبثون فى هذه التشكيلات يبلغون أولا بأول عما يدور فى كل اجتماع. 
بعد أن تعين الهضيبى مرشدا للإخوان لم يأمن إلى أفراد الجهاز السرى الذى كان موجودا فى وقت الشهيد حسن البنا برياسة السيد عبدالرحمن السندى فعمل على إبعاده معلنا بأنه لا يوافق على التنظيمات السرية لأنه لا سرية فى الدين ولكنه فى الوقت نفسه بدأ فى تكوين تنظيمات سرية جديدة تدين له بالولاء والطاعة بل عمد على التفرقة بين أفراد النظام السرى القديم ليأخذ منه إلى صفه أكبر عدد ليضمهم إلى جهازه السرى الجديد. 
كانت المعلومات ترد إلى المخابرات بأن المقربين من المرشد يسيرون سيرا سريعا فى سبيل تكوين جهاز سرى قوى ويسعون فى نفس الوقت إلى التخلص من المناوئين لهم من أفراد الجهاز السرى القديم. 
النقراشي
وكان نتيجة ذلك أن حدث الانقسام الأخير بين الإخوان واحتل فريق منهم دار المركز العام وقد حضر إلى منزل البكباشى جمال عبدالناصر بعد منتصف ليل ذلك اليوم محمد فرغلى وسعيد رمضان مطالبين بالتدخل ضد الفريق الآخر، ومنع نشر الحادث فقال لهم جمال إنه لن يستطيع منع النشر حتى لا يئول الحادث تأويلا ضارا بمصلحة البلاد ـ أما من جهة التدخل فهو لا يستطيع أن يتدخل بالقوة حتى لا تتضاعف النتائج وحتى لا يشعر الإخوان أن الثورة تنصر فريقا على فريق وأنه يرى أن يتصالح الفريقان وأن يعملا على تصفية ما بينهما فطلب منه الشيخ فرغلى أن يكون واسطة بين الفريقين وأن يجمعه مع صالح عشماوى فطلب منه جمال أن يعود فى اليوم التالى فى الساعة العاشرة صباحا وأنه سيعمل على أن يكون الأستاذ صالح موجودا، وفى الموعد المحدد حضر الشيخ فرغلى ولم يمكن الاتصال بالأستاذ صالح عشماوى وكان الشيخ فرغلى متلهفا على وجود الأستاذ عشماوى مما دعا جمال أن يطلب من البوليس الحربى البحث عن الأستاذ صالح وإحضاره إلى المنزل ـ وتمكن البوليس الحربى فى الساعة الثانية عشرة من العثور على الأستاذ صالح فحضر هو والشيخ سيد سابق إلى منزل جمال وبدأ الطرفان يتعاتبان وأخيرا اتفقا على أن تشكل لجنة توافق على أعضائها صالح عشماوى للبحث فيما نسب إلى الإخوان الأربعة المفصولين على ألا يعتبروا مفصولين وإنما يعتبرون تحت التحقيق والعمل على أن يعود السلام المؤتمر الذى كان مزمعا عقده فى دار المركز العام فى عصر ذلك اليوم ولكن لم ينفذ هذا الاتفاق. 
وفى يوم الأحد١٠ يناير سنة١٩٥٤ ذهب حسن العشماوى العضو العامل بجماعة الإخوان وأخو حرم منير الدلة إلى منزل مستر «كورزويل» الوزير المفوض بالسفارة البريطانية ببولاق الدكرور الساعة السابعة صباحا ثم عاد لزيارته أيضا فى نفس اليوم فى مقابلة دامت من الساعة الرابعة بعد الظهر إلى الساعة الحادية عشرة من مساء نفس اليوم وهذه الحلقة من الاتصالات بالإنجليز تكمل الحلقة الأولى التى روى تفاصيلها الدكتور محمد سالم. وفى صباح ١٢ يناير عقد المؤتمر وتكتل الإخوان فى حرم الجامعة وسيطروا على الميكروفون ووصل إلى الجامعة أفراد منظمات الشباب من طلبة المدارس الثانوية ومعهم ميكروفون مثبت على عربة للاحتفال بذكرى الشهداء فتحرش بهم بعض الطلبة الإخوان وطلبوا إخراج ميكروفون منظمات الشباب وانتظم الحفل وألقيت كلمات من مدير الجامعة الطلبة وفجأة إذا ببعض الطلبة من الإخوان يحضرون إلى الاجتماع ومعهم (نواب صفوي) «زعيم فدائيان إسلام فى إيران» حاملينه على الأكتاف وصعد إلى المنصة وألقى كلمة وإذا بطلبة الإخوان يقابلونه بهتافهم التقليدى الله أكبر ولله الحمد. 
هتاف منظمة الشاب 
فساء طلبة الإخوان أن يظهر صوت فى الجامعة مع صوتهم فهاجموا الشباب بالكرابيج والعصى وقلبوا عربة الميكروفون وأحرقوها وأصيب البعض إصابات مختلفة ثم تفرق الجميع إلى منازلهم. 
حدث كل هذا فى الظلام وظن المرشد وأعوانه أن المسئولين غافلون عن أمرهم لذلك فنحن نعلن باسم هذه الثورة التى تحمل أمانة أهداف هذا الشعب أن مرشد الإخوان ومن حوله قد وجهوا نشاط هذه الهيئة توجيها يضر بكيان الوطن ويعتدى على حرمة الدين. 
وذكر بيان حل الجماعة أن الثورة لن تسمح أن تتكرر فى مصر مأساة باسم الدين ولن تسمح لأحد أن يتلاعب بمصائر هذا البلد بشهوات خاصة مهما كانت دعواها ولا أن يستغل الدين فى خدمة الأغراض والشهوات وستكون إجراءات الثورة حاسمة وفى ضوء النهار وأمام المصريين جميعا، والله ولى التوفيق 
القرار الثالث
فى ٢ سبتمبر ٢٠١٣ أوصت فيه محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة بإصدار حكم قضائى بوقف قيد جمعية الإخوان المسلمين، التى تم إشهارها فى ١٩ مارس، فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، وطلبت من المحكمة حل الجمعية وإغلاق مقرها «مكتب الإرشاد بالمقطم» وتصفيتها، عملا بالمادة ٤٤ والمادة ٤٥ من القانون رقم ٨٤ لسنة ٢٠٠٢ الخاص بالجمعيات والمؤسسات الأهلية. 
وقالت هيئة مفوضى الدولة فى تقريرها، إن حكومة الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء السابق، قد أصدرت قرارا بقيد جمعية الإخوان المسلمين، ليس للقيام بدور الجمعيات المعلن بقانون الجمعيات، وإنما لإرضاء وحماية نظام الإخوان والحفاظ على بقاء رئيس الجمهورية الحاكم، وحكومة حزب الحرية والعدالة. 
وذكر التقرير أن ظروف وملابسات إشهار الجمعية، وما صاحبته من وقائع، تلقى بظلال من الشك والريبة حول الغاية التى ابتغاها إصدار القرار بهذه الطريقة وبهذا التوقيت وهذه السرعة غير المبررة، بما يجعل إشهارها مشوبا بعيب الانحراف، فضلا عن أن جمعية الإخوان المسلمين، وأعضاءها، قد خالفوا الشروط المتطلبة قانونا، ومارسوا عملا ونشاطات محظورة عليها.