الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

عبدالرحيم علي يكتب: الانتهازيون.. رحلة صعود الإخوان إلى الهاوية

الدكتور عبد الرحيم
الدكتور عبد الرحيم علي عضو مجلس النواب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رحلة الإخوان بدأت من المجهول، ولا بد أن تنتهى إليه، الصعود كان مفاجئًا بشكل لا يشبه «السقوط».. الهاوية.. الحفرة التى وقعت فيها الجماعة بعدما طردت من رحمة المصريين، وستظلّ طريدة إلى ما شاء الله.
لن تجد الجماعة الرحمة فى عين أحد، ليس لها حبيب ولا غالٍ، ولا وطن، الذاكرة الشعبية لن تتذكر لها إلا ما ارتكبته من مذابح فى الشارع.. الاتحادية، ومكتب الإرشاد، ورابعة، والنهضة.. محمد مبروك، والحسينى أبو ضيف، وجابر صلاح «جيكا». لن يكون لـ«الإخوان» شهيد تذكره الجرائد بالخير، رفعوا شعار «شهداؤنا فى الجنة، وقتلاهم فى النار».. فلم يدخلوا النار فقط، بل أصبحوا هم حطب جهنم.. التى لم تحرقهم فقط، ولكن حرقت أصدقاءهم، وأعوانهم، وحلفاءهم، فى مصر، وخارجها.. «6 إبريل» و«الاشتراكيين الثوريين» والأمريكان، وغلمان قطر، والخروف التركى، أردوغان. الانتهازيون.. ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين، كما قال مرشدهم الأول والأعلى، حسن البنا، رحلة صعودهم انتهت.. فئران فارّة إلى جحورها أو هاربة إلى قطر، أو محبوسة فى السجون، قصتهم مع «الحزب الوطنى» ليست أقصى ما فعلوه، ليست أفدح ما عندهم، منذ أن كان الحزب الوطنى وطنيًا حتى تحوّل إلى حزب يقود مصر إلى «الخراب».. أو ما وصلت إليه فى «25 يناير».. مرورًا بالحرب العالمية الأولى وسقوط الخلافة، كانت لهم قصص وأسرار تأتى فيما بعد لن تقرأها إلا فى سياق الانتهازية الدينية قبل السياسية.. ستعرف إجابة صريحة لسؤال: 
كيف دخل «الإخوان» التاريخ من باب «الخدّامين»؟ 
الخطاب الإسلامى فى التجربة الحزبية الأولى
عرفت مصر تجربتها الحزبية الأولى، بالمعنى العصرى الحديث للكلمة، فى سنة ١٩٠٧، حيث ظهرت مجموعة من الأحزاب التى تعبر عن توجهات وآراء مختلفة، على الأصعدة السياسية والفكرية والاجتماعية، وكانت القوى الحزبية الأكثر بروزا وتأثيرا تتمثل فى ثلاثة أحزاب: الحزب الوطنى بزعامة مصطفى كامل، وحزب الأمة بقيادة فكرية لأحمد لطفى السيد وزعامة سياسية لمحمود باشا سليمان، وحزب الإصلاح على المبادئ الدستورية، وثيق الصلة بمؤسسه الشيخ على يوسف، صاحب ورئيس تحرير جريدة «المؤيد». (للمزيد من التفاصيل عن نشأة وتطور الأحزاب السياسية فى مصر، راجع: د. يونان لبيب رزق: الأحزاب السياسية فى مصر، دار الهلال، كتاب الهلال، القاهرة، ١٩٨٤ - د. على الدين هلال: تطور نظم الحكم فى مصر، القاهرة ١٩٧٧).
ولما كان حزب الإصلاح هامشيًا يدين بالولاء المطلق للخديو عباس حلمى الثانى، ولما كانت الأحزاب الأخرى قليلة الأهمية وعديمة النفوذ، فإن الاستقطاب الحقيقى كان بين الوطنى والأمة. والسؤال الذى نطرحه هنا: أى موقع احتله الخطاب الإسلامى فى برامج وممارسات الحزبين؟
لقد كان طبيعيًا أن يؤيد مصطفى كامل حركة «الجامعة الإسلامية» تحت لواء السلطان العثمانى. وذلك لأنه كان يعتمد فى مطالبته بالجلاء وتمتع مصر باستقلالها الذاتى على ما لتركيا من حقوق دولية فى مصر تكفلها معاهدات واجبة الاحترام، ولهذا كان يدعو الشعوب الإسلامية إلى الالتفاف حول الدولة العثمانية وشد أزرها، كما دعا فى برنامج حزبه إلى «بذل الجهد لتقوية علائق المحبة والارتباط والتعلق التام بين مصر والدولة العلية»، وكان يؤمن بأن انقطاع هذه العلائق يؤدى إلى سقوط مصر فى يد الإنجليز، «ماذا يكون مصير البلاد المصرية لو تنازلت تركيا عن حقوقها لإنجلترا، أو تعاهدت معها على ذلك بمعاهدة شبيهة بالمعاهدة الفرنسية الإنجليزية؟ ألا تصير ولاية إنجليزية؟». (د. عبدالعظيم رمضان: تطور الحركة الوطنية، ص ٣٤). وفى المقابل، يطرح حزب الأمة تصورًا مغايرًا، ففى سنة ١٩١٢ ذهب أحمد لطفى السيد إلى رشدى باشا، وزير الحقانية، يطلب إليه أن تعلن مصر استقلالها عن الدولة العثمانية، وأن تنصب الخديو ملكا عليها، ويعترف لها الإنجليز بهذا الاستقلال، ورجاه أن يعرض هذا باسم «حزب الأمة» على الخديو عباس واللورد كتشنر.
كان الحزب الوطنى، على نحو ما، امتدادا لسياسة جريدة «العروة الوثقى»، التى أسسها السيد جمال الدين الأفغانى والشيخ محمد عبده فى باريس عام ١٨٨٤، وقد قامت سياسة الجريدة على تأكيد الوجه الإسلامى لمصر، وكان جمال الدين ومحمد عبده يأملان أن يتمكنا من الذهاب خفية إلى السودان، لتنظيم قوة المهدى توسلا إلى إنقاذ مصر بها، وتأسيس دولة قوية يعتز بها الإسلام والشرق. (محمد رشيد رضا: تاريخ الأستاذ الإمام محمد عبده، ج١، ص ٢٧٤). أما حزب الأمة، المعبر عن أصحاب «المصلحة الحقيقية» فى حكم مصر، فقد اعتمد فى حركته الفكرية على أمرين: أولهما المطالبة بالدستور، وثانيهما الدعوة إلى الاستقلال عن كل من تركيا وإنجلترا. وبذلك، يمكن القول إنه حزب «القومية المصرية»، فى مفارقة صريحة للتوجه الإسلامى الذى ينتمى إليه الحزب الوطنى.
كان الخطاب الإسلامى فى حركة الحزب الوطنى، دون برنامجه، سلاحا سياسيا لمحاربة الاحتلال الإنجليزى والتشكيك فى شرعيته، وكان غياب الخطاب نفسه فى برنامج وسلوك حزب الأمة معبرًا عن التوجه القومى المختلف. وسرعان ما تهاوت أركان الخريطة الحزبية، فقد كان اشتعال الحرب العالمية الأولى، التى مهدت لسقوط الخلافة العثمانية والشرعية التركية، محطة جديدة ذات تأثير مختلف على الحياة السياسية فى مصر من ناحية، والموقع الذى يحتله الخطاب الإسلامى فى هذه الحياة من ناحية أخرى. 
الحرب العالمية الأولى وسقوط الخلافة
يرجع بعض الكتاب والباحثين سبب ظهور الحركات الأصولية الإسلامية المعاصرة، فى العالم العربى، إلى سقوط الخلافة العثمانية، الذى أدى إلى فقدان المرجعية الكبرى للمسلمين، على المستويين الفكرى والسياسى، مما فتح الباب على مصراعيه أمام الاجتهادات الشخصية والجماعية، وأفرز ظهور كثير من الحركات الإسلامية، التى تستهدف استعادة المكانة المندثرة. (د. رضوان أحمد الشيبانى: الحركات الأصولية الإسلامية فى العالم العربى، ص٢٩).
لقد كان إجهاز تركيا الكمالية على مؤسسة الخلافة فى ١٣ مارس ١٩٢٤ وشروعها بعلمنة راديكالية حاسمة للدولة، مفتاح تفسير نشأة الحركة الإسلامية المعاصرة، ورهانها على بناء عالمية إسلامية ثانية جديدة، تستعيد، ولكن فى شروط مختلفة، النسق الشرعى للخلافة الإسلامية. وترتبط نشأة تلك الحركة بنشأة جماعة الإخوان، الجماعة الأم لمعظم التيارات والاتجاهات الإسلامية الحركية الراهنة. وقد تشكلت هذه الجماعة أول ما تشكلت فى مارس ١٩٢٨ كرد مباشر على «إسقاط الخلافة وتقدم العلمانية». وهو ما يفسر أن صياغتها لما يمكن تسميته بالنموذج الإخوانى لتطبيق الشريعة قد ارتبطت إلى حد بعيد بمواجهة النموذج القومى العلمانى الكمالى، وتطويق امتداداته إلى العالم الإسلامى ومحاصرته. من هنا لا يمكن فهم نشأة هذه الجماعة بمعزل عن فهم السياق الذى تم فيه الفصل ما بين الخلافة والسلطنة، وتحويل الخلافة إلى خلافة روحية ثم إلغاء هذه الخلافة الروحية. (د. فيصل دراج، جمال بارود: موسوعة الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية، ج١، ص ١٤).
لقد استعرض الدكتور عبدالرازق السنهورى تاريخ دولة الخلافة، واستخلص منه أن الفقهاء المسلمين قد اعتبروا مبدأ وحدة الأمة يعنى وحدة الدولة الإسلامية، وأنهم لم يفرقوا بين المبدأين، لأن الواقع نفسه فرض عليهم هذه الفكرة، وزاد اقتناعهم بذلك أن عهد الخلفاء الراشدين، الذى يعتبر المصدر التاريخى لأحكام الخلافة، قام على أساس وحدة الدولة الإسلامية، ولم تفعل دول الخلافة الناقصة بعد ذلك إلا التمسك بهذا المبدأ. (د. عبدالرزاق أحمد السنهورى: فقه الخلافة وتطورها، ص ١٠).
وفى هذا السياق، يمثل سقوط دولة الخلافة، بحكم التداعيات التى لحقت بتركيا عقب هزيمتها فى الحرب العالمية الأولى، هزيمة مزدوجة: لفكرة الدولة الإسلامية الواحدة من ناحية، ولحركات التحرر الوطنى التى تدور فى فلك التشبث فى الدولة الأم من ناحية أخرى.
لقد شجع قرار إلغاء الخلافة على تزايد الاتجاهات العقلانية فى مصر، وظهرت أفكار ومؤلفات تنهج نهجا علميا مثل كتاب «الإسلام وأصول الحكم» للشيخ على عبدالرازق سنة ١٩٢٥، وكتاب «الشعر الجاهلى» للدكتور طه حسين ١٩٢٦. 
ونشأ عن ذلك اشتعال معارك فكرية وصراعات محمومة بين أنصار المعسكرين، السلفى والتجديدى. (السيد يوسف: الإخوان المسلمون، ج١، ص ٣٨). 
كان منطقيا أن يظهر فى مرحلة الانتقال هذه، وكنتيجة مباشرة لانفعال النموذج الليبرالى المصرى بالكمالية دعوات حادة لاستنساخ النموذج الكمالى التركى مصريا، فانتشرت الدعوة لكتابة العربية بالحروف اللاتينية، والمطالبة بإلغاء الوقف ومنصب المفتى، واتخذ البرلمان قرارا بإلحاق مدرسة القضاء الشرعى ومدرسة المعلمين الأولية وكلية دار العلوم بوزارة المعارف العمومية بدلا من الأزهر، ووصل الأمر إلى حد طرح إعادة النظر بقانون الأحوال الشخصية، الأمر الذى تولد عنه مظاهرات صاخبة لطلاب الأزهر طالبوا خلالها بسقوط البرلمان.
وبرزت القاهرة فى تلك الفترة فى عين الشاب حسن البنا كمدينة منقسمة إلى معسكرين، على حد تعبيره، «معسكر الإباحية» و«معسكر الإسلامية». ويعبر استخدام البنا هنا لكلمة «المعسكرين» عن حدة الصراع وقطبيته، وهو ما سيستمر كمحدد أساسى يحكم رؤية البنا للعالم وللأشياء بشكل عام حتى وفاته. (عبدالرحيم على: الإخوان المسلمون - أزمة تيار التجديد، ص ٢٣).
كان المناخ مهيأ لظهور تيارات إسلامية بديلة، وإذا كانت الحرب العالمية قد مثلت حائلا، بما تفرضه من قيود على الحركة الفكرية والسياسية، فقد مثلت ثورة ١٩١٩ قيدًا آخر، ذلك أنها، وقبل الإعلان الرسمى عن سقوط الخلافة، قد انحازت موضوعيًا لشعارات ومبادئ التوجه الوطنى المستقل، وطرحت أفكارًا تبدو مغايرة للسائد والمألوف فى الخطاب الإسلامى. ومن هنا، مثلت الثورة الشعبية، التى قادها وحدد شعاراتها الزعيم سعد زغلول، أحد المحسوبين على أفكار حزب الأمة، عامل تكبيل نسبى لازدهار الأفكار الإسلامية، لكنه تقييد لم يطل ولم يستمر.
ثورة ١٩١٩.. التوجه الوطنى وإحباطات الانكسار
أفضت الحرب العالمية الأولى إلى انقلابين خطيرين هز كلاهما العصر الاستعمارى التقليدى: الانقلاب الأول هو قيام الثورة البلشفية فى روسيا القيصرية، والانقلاب الثانى هو إطلاق الرئيس الأمريكى، الدكتور ولسن، مبادئ نظريته المشهورة عن «سلم بلا نصر» و«حق تقرير المصير» و«تأليف عصبة الأمم». فإن هذه المبادئ كانت تمثل أقوى تحد لمعتقدات العالم الاستعمارى، التى كانت تقوم حتى ذلك الحين على سيادة القوة، وتحكيمها بشكل مطلق فى كل نزاع. فكان من حق هذه المبادئ الجديدة أن تثير آمالا جديدة فى صدور الناس فى عصر جديد ينزع إلى السلام والعدل، ويخلو من دواعى الحرب.
وقد كان من الطبيعى أن تتقبل الأمة المصرية، ككل أمة مشرئبة إلى الحرية، هذه المبادئ السامية فى فرحة بالغة، وتصدقها وتؤمن بها، وتثق فى أنها سوف تحصل عن طريقها، وبفضل ما تمنحه لها من الحرية والحق فى تقرير مصيرها بنفسها، على الاستقلال السياسى كاملا. لقد أثرت المبادئ التى جاهر بها الرئيس ولسن تأثيرا قاطعا سريعا فى الرأى العام المصرى. فإن الذين كانوا ينتظرون فى مصر نصرا ألمانيا عثمانيا، ويرحبون به فيما مضى، وجدوا فى المبادئ الجديدة طوق النجاة، سواء أكانت نهاية الحرب لصالح الحلفاء أم لصالح أعدائهم. (د. عبدالعظيم رمضان: تطور الحركة الوطنية، ص ٦٤).
ولم تكد تنتهى الحرب، حتى نظمت فى مصر حركة قومية للمطالبة بحقوق البلاد على أساس المبادئ الجديدة. وكان بطل هذه الحركة الجديدة هو «الوفد المصرى» الذى قام على أساس فريد فى التاريخ المصرى الحديث، هو التوكيل الشعبى. (المرجع السابق: ص ٦٥). لا يتسع المجال هنا لحديث مفصل عن ثورة ١٩١٩، مقدماتها وأحداثها وأفكارها ونتائجها، ولكن ما يعنينا هو التأكيد على أن الوفد، حزب الثورة، يعتبر امتدادًا أيديولوجيا لحزب الأمة، وقد تشكل فى بداية أمره من أعضاء معظمهم كانوا قادة فى حزب الأمة. وهذا الحزب، كما أشرنا من قبل، يمثل الدعوة الصريحة الخالصة للفكرة الوطنية القومية، منقطعة الصلة بالجامعة الإسلامية ودولة الخلافة.
لم تكد تنشب ثورة ١٩١٩ حتى تغيرت معالم وجه المسألة المصرية تغييرا كليا عميقا، فبعد أن كان استقلال مصر أمرا أوروبيا محضا، أصبح أمرا مصريا بحتا، وبعد أن كانت قصارى مطمع الحزب الوطنى استقلال مصر تحت الولاية العثمانية، أصبح استقلال مصر التام عن تركيا وبريطانيا عقيدة يعتنقها أصغر الفلاحين البسطاء فى أنأى بقعة من مصر، وبعد أن كان العمل فى السياسة مقصورا على الطبقة المثقفة فى المدن، أصبح كل لسان فى مصر يدور حول مستقبل القضية المصرية، وعن الحماية والسيادة والاستقلال. (المصدر نفسه، ص ٤٦).
لم تكن ثورة ١٩١٩ ذات توجه إسلامى، وقد شاركت فيها جميع طوائف الأمة بغية التحرر والاستقلال، تحت شعارات «الوحدة الوطنية» و«الاستقلال التام» و«الديمقراطية». وكان الشاب حسن البنا واحدًا ممن شاركوا فى أحداث الثورة، ففى العام الأخير للبنا فى المدرسة الابتدائية اندلعت ثورة ١٩١٩. واشترك البنا كطالب فى المظاهرات التى انفجرت داخل وخارج المدرسة، وفى تأليف وإلقاء الأشعار الوطنية. (ريتشارد ميتشل: الإخوان المسلمون، ج١، ص ١٨). ولكن ثورة ١٩١٩، بشعاراتها الليبرالية العصرية، لم تحقق كل أهدافها المأمولة، وبعد دستور ٢٣ اشتعل الصراع الحزبى، وانقسمت الأمة بين أغلبية تؤيد الوفد، وأقلية تنتمى إلى أحزاب أخرى، وازداد توتر وقلق أصحاب الأفكار والتوجهات الإسلامية بعد سقوط دولة الخلافة فى تركيا، وانتشار الأفكار الليبرالية والعلمانية.
وقد توافق وصول البنا إلى القاهرة مع فترة الغليان الفكرى والسياسى التى ميزت العشرينيات. 
وباستعراضه للموقف «بعينيّ ريفى متدين» استطاع البنا أن يميز المشكلات الأكثر خطورة من وجهة نظره: الصراع المحتدم بين الوفد وحزب الأحرار الدستوريين على حكم مصر، والمجادلات السياسية الصاخبة التى أسفرت عن الانقسام فى أعقاب ثورة ١٩١٩. كان المناخ الجديد يهيئ موضوعيا لبعث الأفكار الإسلامية فى أشكال شتى، ولم تكن جماعة الإخوان إلا أحد هذه الأشكال. وإلى لقاء.