الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"البوابة" تحتفل بعيد الأم مع "أهالينا".. ومديرة "الدار": نقدم خدماتنا للجميع بحب.. نخشى الإغلاق لعدم حصولنا على التراخيص والأهالي تكفلوا بالمصاريف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أكرموا كباركم يرحمكم صغاركم

الحاجة رضا: ربنا حرمنى من الخلفة وأكرمنى بأخواتي

الحاجة فاطمة: نقدم للنزيلات الخدمات متكاملة، لأن معظمهن لا يستطعن قضاء حوائجهن الشخصية، ولدينا صاحبات أمراض مختلفة، منهن المصابات بجلطات وشلل نصفي، وأغلب النزيلات من المصابات بألزهايمر، والأطباء يمرون على الدار بصفة مستمرة لمتابعة الحالات

هويدا: نستعد لاحتفالية عيد الأم بتجهيز الدار وتزيينها لاستقبال أسر وأهالى وأبناء النزيلات، إضافة إلى أننا معتادون على تنظيم الاحتفالات للنزيلات حتى من دون أسباب

 

 

تزامنا مع الاحتفال بعيد الأم، وتقديرا للأمهات المسنات، زارت «البوابة» أحد دور المسنين ورعاية الكبار، وتحديدا فى منطقة حدائق الأهرام بالجيزة. وعند مدخل البوابة الثالثة، تقع «دار أهالينا»، والتى أسستها سيدة مصرية، وهى الحاجة فاطمة عبدالمجيد، والتى تعمل مفتش تمريض، وتزوج أبناؤها، فأبت أن تقتصر حياتها على العمل والمنزل، وسعت لخدمة مجتمعها، فأسست الدار لتقضى يومها بداخلها إلى جوار العجائز اللاتى تجاوزت أصغرهن السبعين من عُمرها، فأصبحن بحاجة إلى العلاج والرعاية الطبية الدقيقة، هن سيدات قدمن حياتهن لأبنائهن وللمجتمع.

 

تقول الحاجة «فاطمة»: «نحاول بكل جهدنا تلبية احتياجات نزيلات الدار، هن يستحققن المزيد والمزيد، لأننى أنظر فى أعينهن نظرة الأبناء لآبائهم، لا نعتبر أنفسنا فى دار للمسنين، وإنما نخدم أهالينا، ومن هذا المنطلق كان اختيار اسم الدار».

وتابعت، الدار يؤوى حاليًا ٧ من السيدات اللواتى تجاوزن سن الـ ٧٠، وجميعهن يحتاج إلى الرعاية الطبية الدقيقة، لا توجد لدينا مشكلات ونتعامل مع النزلاء كأفراد أسرتنا، ونعتبرهن أهلنا.

وأضافت مؤسسة «دار أهالينا»: «تحملت كل نفقات التأسيس من حسابى الخاص، والآن أصبحت احتياجات الدار توفر بالكامل عن طريق أهالى النزلاء، الذين يدفعون مصروفات الدار وإيجاره، وتكلفة الأكل والمشروبات والعلاج والزيارات التى يقوم بها الأطباء، وكذلك قيمة العلاج».

وتتابع الحاجة فاطمة: «بالرغم من ذلك لدينا مشكلة واحدة تهدد استمرارنا، وهى أن الدار مهددة بالإغلاق، لأن منطقة حدائق الأهرام بالكامل ليس لها الحق فى إصدار تصاريح بترخيص دور للمسنين، وليس لذلك أسباب واضحة».

وتقول الحاجة فاطمة: «نقدم للنزيلات الخدمات متكاملة، لأن معظمهن لا يستطعن قضاء حوائجهن الشخصية، ولدينا صاحبات أمراض مختلفة، منهن المصابات بجلطات وشلل نصفي، وأغلب النزيلات من المصابات بألزهايمر، والأطباء يمرون على الدار بصفة مستمرة لمتابعة الحالات».

وتتابع: «نزيلات الدار يستيقظن فى تمام السابعة صباحًا، يبدأن يومهن بالاستحمام ثم الإفطار ويجلسن جميعهن فى غرفة الاستقبال يتبادلن الأحاديث، لأنهن اعتدن على الجلوس معًا، النظافة يومية، لا يمكننا تنظيم أنشطة لهن خارج الدار لأنهن مصابات، ويقوم على رعاية الدار ٤ أفراد يمتلكون كافة المهارات التى تؤهلهم للتعامل مع نزيلات الدار بحسب حالاتهن المختلفة».

وأثناء تجولنا فى الدار، نادتنى إحداهن: «يا خالد، أنت جيت يا حبيبي؟» وعرفت بعد أن انتهى الحوار معها سريعًا أنها لا تملك الكثير من المعلومات، فقد أصيبت بمرض ألزهايمر، وكسر فى قدمها، وأصبحت ملازمة للفراش، ولا تتذكر سوى اسم «خالد» ووجوه من يعملون فى الدار.

وعبرنا إلى غرف النزيلات عبر ممر ليس بضيق ولا متسع، فى الغرفة الأولى وجدنا سيدتين فى غرفة بها ثلاثة أسرة، الأولى الحاجة ثريا، وهى أم لـ ٦ أبناء ٣ من الذكور و٣ من الإناث، جميعهم يعمل فى مجالات عدة، بينهم مهندس، والآخرون يعملون فى وظائف ومهن مرموقة فى المجتمع، لم تشتك هجرانهم ولم تشتك مغادرتها لمنزلها لتعيش فى دار للمسنين، يستأجرون لها فراشا وخدما لأداء احتياجاتها الأساسية، على الرغم من أنها التى حملت وأنجبت وراعت وسهرت الليالى من أجلهم، ربتهم ووقفت إلى جوارهم ليصلوا إلى هذه المكانة، لكنهم لم يستطيعوا أداء خدماتها، فمن سهرت من أجلهم لم تجدهم إلى جوارها فى شيخوختها، هى لم تشتك، كأم تكتفى وتحتفى بنجاح أبنائها على حساب أى شيء، حتى لو كان ذلك النجاح على حسابها، وحساب حاجاتها الأساسية والاهتمام بوفاء متطلباتها، هى أم تنظر بشغف وبحب لنجاحات أبنائها فى أعمالهم الخاصة، تصفق لهم وتباركهم وتحرسهم بدعائها المستمر.

وقالت: «ربنا يسترها معانا ويسترها عليكم، ربنا يكفيكم شر المرض، لأن المرض وحش قوي، ربنا يخليلى ولادى ويبارك لى فيهم، مش حارمينى من حاجة، وفى عيد الأم وفى غير عيد الأم بيجيبولى كل اللى بكون محتاجاه»، هى امرأة راضية، لم تكف عن دعائها منذ أن دخلنا غرفتها، رغم إصابتها بجلطة أحدثت لها شللا نصفيًا، إلا أنها لا تزال محافظة على ابتسامتها، تضحك بصوت عال، وتداعب المارين، وتدعو للجميع، ولم تكف أيضًا عن الدعاء لأبنائها وزوارها المترددين بشكل دائم على الدار.

أما الأخرى، فهى الحاجة رضا، التى تجاوزت من العمر ٨٠ عامًا، وكانت أكثرهن وعيًا وإدراكا بمن حولها، وجدناها لا تزال فى غرفة الاستقبال، تصلى وهى جالسة على مقعدها، فور انتهائها من الصلاة، رحبت بنا وابتسمت كما لو كانت تعرفنا، وتحافظ على الصلاة والصوم بين الفروض والسنة، دون مقدمات قالت لنا: «الحمدلله، إحنا أحسن من غيرنا بكثير، بندخل الحمام، وبنتحرك، بناكل ونشرب، ربنا يديمها علينا نعمة، نقضى حاجاتنا الأساسية، وما يحوجناش لحد».

وتابعت: «الإنسان تقيل، ولا ابنك اللى من صلبك يستحملك، لما جيت الدار كنت نايمة سطيحة، ولكن ربنا أكرمنى عشان الأعمال بالنيات، ربنا حركنى وادانى الصحة والعافية، ربنا بيدى الإنسان اللى يستحقه».

وأضافت الحاجة رضا: «أنا بعتبر الناس فى الدار أهلي، الحاجة فاطمة هى أمى الثانية، وأم شهد بعتبرها بنتى وأختي، يجيبوا لى اللى أنا عايزاه، وأختى أمل تعمل كل اللى أنا عايزاه، مش ناقصنى حاجة»، مفيش حد منع عنى حاجة، ومش حاسة بالغربة فى المكان كأنى قاعدة فى بيتي، معايا موبايل عشان أطمن على أخواتى لما يجولى ويمشوا من هنا، ربنا سد عليا باب الولاد وحرمنى من الخلفة ورزقنى بأخوات حنينين عليا ويساعدوني، ربنا ما يحرمنيش منهم ويبارك لهم».

وواصلت حديثها «تزوجت، ولم أنجب من زوجي، كان بيحبنى وبيجيلى دايمًا فى منامى ويطّمن عليا، كنا بنحب بعض قوي، مخلفتش منه، ولما مات رفضت أتجوز، كان مصابا بانسداد فى الزور، وعنده القلب، عنده ٩ أولاد من مراته التانية منهم ٥ رجالة و٤ بنات، لكنهم قاطعونى أول ما أبوهم مات ومعرفش عنهم حاجة، لكن كل اللى حواليا فى الدار بعتبرهم ولادي»، وفى عيد الأم أخواتى يجولى أو يكلمونى فى التليفون.

وفى ختام الزيارة، التقينا ملائكة «دار أهالينا» الذى يؤوى من العجائز سبع سيدات، هن فتاتان تقومان على رعاية نزلاء الدار، هويدا يوسف، المشرفة على الدار، ونورا أحمد، إحدى المشرفات بالدار، تعملان بحب، وتقومان بأداء كافة خدمات نزلاء الدار.

وقالت «هويدا»: «نحن نخدم أشخاصا لا يدركون كل ما يحدث حولهم، ولا يعرفون حتى أسماءنا أو أسماء أبناءهن، والكثيرات منهن مصابات بمرض ألزهايمر، لكنهن يدركن أننا من نقدم لهن العون والخدمات ونلبى احتياجاتهن الأساسية، لذلك يأتين إلينا أكثر من أبنائهن وفى الزيارات يطلبن احتياجاتهن منا نحن».

وتابعت: «نستعد لاحتفالية عيد الأم بتجهيز الدار وتزيينها لاستقبال أسر وأهالى وأبناء النزلاء، إضافة إلى أننا معتادون على تنظيم الاحتفالات للنزلاء حتى من دون أسباب، وذلك بغرض إضفاء البهجة على المكان والمساهمة فى إسعاد نزلاء الدار، وليس لدينا احتياجات فى الدار، سوى أننا نرغب فى توسعة مساحة الخضرة خارج الدار».

أما «نورا» فقالت: «نزيلات الدار تتراوح أعمارهن بين الـ ٧٠ والـ ٨٦ سنة وهن «الحاجة رضا، والحاجة ثريا، والحاجة قدرية، والحاجة زبيدة، والحاجة زينب، والحاجة ميرفت»، وهن من مناطق مختلفة، منها مصر الجديدة ودار السلام والجيزة والهرم وحدائق الأهرام، ومن طبقات اجتماعية عدة».