السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"جزارين الطب".. مصر الثالثة عالميًا والأولى في الشرق الأوسط في معدلات الولادة القيصرية.. الأطباء: الأسهل والأكثر مكسبًا.. "الدلع" وثقافة الاستسهال السبب في انتشارها

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو أن البيزنس لا يرحم شيئًا، يتوغل وبقوة في كل المجالات، ينتشر ويتوغل في شتى مناحي الحياة، وما طرق صغيرة وكبيرة إلا وتدخل بها.
كانت الولادة تتم منذ الأزل بشكل طبيعي، وتشير جدران المعابد الفرعونية، إلى أنه كان هناك كرسي للولادة عند الفراعنة، إلى أن أكثر 60% من نساء مصر يلدن بهذه الطريقة.

منحنى خطر لزيادة الولادة القيصرية
الولادة القيصرية ليست حالة جديدة تحتاج لدراسة، ولكنها تدق ناقوس الخطر، مع زيادة نسبتها لدرجة غير مقبولة فوفقًا لأحدث إحصائيات وزارة الصحة والتي أجريت في فبراير الماضي، فنسبتها تخطت الـ60%، على الرغم من أن النسبة الأمنة عالميا هي 15% فقط، هذا بالإضافة لما أعلنه صندوق الأمم المتحدة للسكان في تقريره الأخير.
تحتل مصر المركز "الثالث" عالميًا بعد البرازيل والدومينيكان، بل وأنها الأولى في الشرق الأوسط في نسب الولادة القيصرية، مؤكدًا أن هناك إفراطًا في استخدام الولادة القيصرية بمصر، وأن 10% من السيدات اللاتي خضعن لها كان من السهل أن يلدوا طبيعيًا.
ما يؤكد على تحول الأمر لعملية"تجارية" بحتة تهدف للربح فقط بغض النظر عن رسالة الطب، ما كشفه المسح الصحي الصادر عن وزارة الصحة مؤخرًا، حيث يشير لارتفاع فاتورتها في مصر لـ14مليارًا و525 مليون جنيه، على عكس الولادة الطبيعية والتي بلغت 3 مليارات و675 مليون جنيه.

الخوف والضعف سبب انتشارها
وعن زيادة النسبة قال الدكتور أحمد البرعي أخصائي أمراض النساء والولادة وعضو نقابة الأطباء بالقليوبية، إن سبب زيادة النسبة يرجع أولا لعامل "الخوف" لدى السيدات من الولادة الطبيعية وما يتبعها من ألم، كذلك السبب الثاني يعود لكونها أكثر راحة للأطباء وأكثر أمنًا، كما أن أجرهم فيه يزيد للضعف، قائلا" أسباب التخوف من الولادة الطبيعية يأتي في مقدمتها فالخوف من الشعور بالألم الشديد، وكذلك حكايات السيدات لبعضهن عن تعرضهم لتعب الولادة الطبيعية، ثم ولادتهم قيصريا نتيجة أي سبب طبي، يجعل الكثير يفضلن القيصرية.
وشدد على أن الولادة القيصرية أسهل للأطباء حاليا، بعيدا عن مخاطر الولادة الطبيعية بالإضافة لأنها أكثر مكسبا، فضلا عن ضعف سيدات هذا الجيل، فالولادة الطبيعية تحتاج لمجهود أكبر ودعم نفسي، وقد يتعرض الطفل للاختناق، إذا لم تستجيب المريضة للتعليمات، فلماذا المخاطرة.
وفى السياق نفسه يقول الحقوقي "محمود فؤاد": إن الولادة الطبيعية أفضل من القيصرية حيث تستعيد المرأة صحتها ونشاطها أسرع بالإضافة إلى قلة احتمالات تعرض الجرح للتلوث ويكون التئام الجرح أسرع،
وأرجع ارتفاع نسبة الولادة القيصرية إلى التقدم فى وسائل الاستكشاف والتشخيص الحديث خلال العقد الماضى مثل «السونار» و«الدبلر» والتي سمحت باكتشاف مشاكل مثل زيادة حجم رأس أوجسم الجنين أو نقص السائل «الأمينوسى» الذي يحيط بالجنين، أو نقص الدم الواصل للجنين، الأمر الذي جعل الأطباء يفضلون اختيار الولادة القيصرية لتجنب حدوث مضاعفات للأم والجنين أثناء الولادة. أما قديمًا وقبل التقنيات الحديثة فكانت حياة الأم تتعرض للخطر وقد يولد الطفل بتشوهات عند الإصرار على اللجوء للولادة الطبيعية.

الاستسهال السبب
بينما رفض الدكتور محمد أحمد استشاري أمراض النساء والتوليد ما يتم الترويج له كأحد أسباب الولادة القيصرية والمتمثل في ضعف فتايات الجيل الحالي، مؤكدا أن هذه مجرد" كذبة"، وأن السبب في انتشارها ثقافة" الاستهال"، حيث أن الولادة القيصرية تنتهي بعد ساعه لتخرج السيدة من غرفة العمليات ومعها طفلها في الموعد الذي حددته، وأخبرت به أسرتها وأصدقائها، وبالتالي أصبحت القيصرية مطلب، لأنها تنتهي سريعا بخلاف الولادة الطبيعية التي تستغرق وقت طويل وتتطلب دعم نفسي كبير، يمكن أن تصل مدته إلى 18 ساعة، وهو أمر ليس موجودًا في ثقافتنا حاليًا.
يضاف إلى ذلك، عزوف السيدات عن القيام بالأعمال المنزلية التي كانت تقوم بها من قبل، وكانت بمثابة تمارين رياضية تسمح باتساع حوض المرأة وتساعد على الولادة الطبيعية.

مخاطرها
وحذر استشاري النساء والتوليد من مخاطر القيصرية، وأن هناك عددًا من الفروق بين الولادة القيصرية والطبيعية، وجميعها لصالح الولادة الطبيعية، أولهم أن حجم الدم الذي يخرج من المرأة في الولادة الطبيعية أقل بكثير من الذي يخرج في القيصرية، وأن ذلك دافع لأن يكون الاختيار الأفضل للفتاة الضعيفة أن تلد طبيعيًا.
وتابع أن الفرق الثاني هو أن الولادة القيصرية تؤثر أيضًا على شكل الجسم حيث تضر كثيرا بعضلات البطن وتتسبب في ترهلها، كما تتسبب في فتح الرحم في حين أن ذلك لا يحدث في حالة الولادة الطبيعية، وأن هناك فارقا آخر يخص الحالة الصحية للطفل، حيث تتطلب أغلب حالات الولادة القيصرية دخول الطفل" الحضانة" عقب ولادته، وهو ما يحدث بنسب أقل جدًا في حالة الولادة الطبيعية، بسبب أن الولادة الطبيعية يتم معها إفراز "الكورتيزون" داخل الجسم ما يسهل عملية التنفس للأطفال، وبذلك فالولادة الطبيعية أكثر أمانًا وأقل في تأثيراتها على السيدة والطفل من الولادة القيصرية.
وأضاف أن الحل ببساطة يكمن في زيادة الوعي بين السيدات بمزايا الولادة الطبيعية، خاصة مع وجود الولادة بدون ألم، عن طريق حقنة تؤخذ في الظهر، والأهم أن يراعي الأطباء ضمائرهم، ولا يلجأو لها إلا في حالة الضرورة القصوى.