ودع زوجته وقبّل نجله الرضيع الذي لم يتجاوز ربيعه الأول، واصطحب سياراته وانصرف بحثًا عن قوت يومه، لم يكن يعلم أنه سيواجه مصيره وأن ذلك سيكون الوداع الأخير، ففي الساعة التاسعة ليلا بالتحديد تلقت أسرته خبر قتل "هانى.غ"، سائق، على يد عامل الكارته "محمد.ج"، وذلك بسبب الخلاف على أولوية تحميل الركاب.
انتقلت "البوابة نيوز" إلى موقف منطقة منشية النور بمدينة بنها حيث مسرح الجريمة لكشف ملابسات بالواقعة التي انتهت بمأساة إنسانية.
"حسبي الله ونعم الوكيل.. حرم رضيع لسه جاى الدنيا من أبوه"، بتلك الكلمات استقبلتنا إحدى جارات المجني عليه، تدعى "سهام رمضان"، بمنطقة عزبة السوق، وسردت لنا قصة المجني عليه التى يدمي لها القلب، فقالت "المجنى عليه كان لديه شقيقان، لكن منذ ٣ أشهر فقد شقيقه الأكبر حينما أصيب بحالة نفسية سيئة بعدما تركته زوجته، فقام بإلقاء نفسه أمام القطار ليلقي مصيره منتحرا، وأما عن شقيقه الثاني فكان يعمل عامل نجار مسلح لكن لسوء حظه، سقط من أعلى إحدى العمارات أثناء عمله، فأصيب بعجز كلى عن الحركة ووالده نفس الشئ، وأما عن والدتهم فتوفيت منذ فترة، ليصبح المجنى عليه هو رب الأسرة والمسئول عن إعانتهم.
أما المحزن فى جميع ما سبق، أن المجنى عليه تزوج منذ ٤ سنوات ولم يمن الله عليه بالذرية الصالحة وقتها، حتى فوجئنا منذ عام أن الله وهبه طفل أسماه مالك، لكنه أصبح اليوم يتيما.
ومن جانبه قال "سيد.ع"، احد شهود العيان، إن ذلك الموقف عشوائي غير تابع لأي جهة رسمية.
وكشف "الشاهد"، الستار عما يدور داخل ذلك الموقف، مشيرًا إلى أن المتهم اتخذ الموقف وكرا لمزاولة نشاطه الإجرامي وفرض اتاوات على السائقين بدعوى "الكارته" وذلك منذ ما يقرب من ٥ سنوات، واستغل غياب الرقابة، موضحًا أن المتهم يتبعه شخص آخر ويمارسون أعمال البلطجة على السائقين ويوميا يقومون بأخذ ١٠ جنيهات عن كل سائق ليلا بعد نهاية الوردية، وهذا ما يحدث الخلاف بينهما وبين السائقين.
واستجمع "الشاهد"، أنفاسه وروي تفاصيل ماحدث قائلا:"مش قادر انسي منظر الدم"، موضحًا أن المجنى عليه أراد أن يقوم بتحميل الدور حتى ينتهى من الوردية ويعود لاسرته، إلا أن المتهم منعه وعنفه وأخذ يطرق له على زجاج سيارته، فاستشاط الأول غيظا ونزل من السيارة فنشبت مشادة كلامية بينهما تطورت لتطاول بالأيدي فقام المجنى عليه باحضار لوح خشبي ليصيب الثانى بقدمه، وظل الاشتباك بين الطرفين قرابة الـ١٥ دقيقة وسط حالة تبلد من الحاضري، ولم يتدخل سوي شقيق المجنى عليه الذي لم يستطيع الحركة سوي على عكازين، فى محاولة منه لفض النزاع، وما كان سوي انه تلقي احدي الضربات من المتهم فبطحته ارضا.
وعلى الفور قام المتهم بإخراج مطواة من جيبه الخلفي وقام برشقها برقبة المجني عليه فسقط جثة هامدة بالحال.
ونوه على أن تلك الواقعة ليست الأولى من نوعها التى تحدث داخل ذلك الموقف المرعب، فمذ ٧ سنوات قتل احد السائقين يدعي "محمد مقص"، على يد زميله بعدما نشبت بينهما مشاجرة على أولوية التحميل أيضًا.
وفى النهاية طالب "الشاهد"، بتدخل قوات الشرطة للسيطرة على تلك المهزلة حقنا للدماء ومنعا لتساقط ضحايا أخري.
وكان المقدم محمد غلاب، رئيس مباحث قسم أول بنها، تلقى بلاغًا مفاده نشوب مشاجرة داخل موقع منشية النور وسقوط قتيل، بالانتقال والفحص تبين نشوب مشادة بين "هانى.غ"، سائق، و"محمد.ج"، عامل كارتة، بسبب اولوية التحميل، فتطورت لمشاجرة قام على اثرها الثانى بإخراج "مطواة" وطعن الأول برقبته حتى ارداه قتيلا، على الفور تمكن النقيب محمد العسال، معاون القسم بضبط المتهم، وبمناقشته اعترف بارتكابه الواقعة وأرشد عن السلاح المستخدم، وحرر المحضر اللازم وباشرت النيابة التحقيق.
