الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"سُلم" كنيسة القيامة شاهد على صراع الطوائف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
القطعة الخشبية ممنوع تحريكها منذ 3 قرون.. و«اتفاق الوضع الراهن» يعرقل الترميم

تحتوى الأديرة والكنائس الأثرية بالدول العربية، فى مقدمتها مصر وفلسطين، على أسرار كثيرة، ففى كنيسة القيامة فى مدينة القدس، نجد العديد من القطع الأثرية المميزة، التى تحكى الكثير من القصص والروايات، وعلى سبيل المثال يوجد سُلّم خشبى موضوع أسفل إحدى نوافذ الكنيسة منذ أكثر من 300 عام، ولا يُسمح بتحريكه أبدًا.
ويقع السلم بالطابق العلوى عند الواجهة الرئيسية للكنيسة، تحت النافذة من جهة اليمين. ويسمّونه السلّم الثابت، وتقول الكتابات المسيحية إنه لا أحد يعلم بالتحديد كيف ومتى تُرك السلّم هناك، ويعتقد البعض أنه تُرك سهوًا من قبل بعض عمّال الصيانة، الذين عملوا على ترميم كنيسة القيامة، لكن لا أحد يعلم متى بالضبط.
وهناك منحوتة حجرية لكنيسة القيامة يعود تاريخها لسنة 1723 تكلمت عن السلّم، أما أول ذكر للسلّم فى الكتابات التاريخية فكان عام 1757، عندما ذكره السلطان العثمانى عبدالحميد فى فتوى تخص الكنائس، وهناك مطبوعات وصور حجرية أخرى تُظهر السلّم تعود إلى القرن التاسع عشر.
لكن السؤال إذا تُرك السلّم هناك من قبل العمّال فى أوائل القرن الـ18، وقد يكون قبل ذلك، فلماذا بقى كل هذه الفترة الطويلة، ويأتى الجواب على ذلك فى الصراع الطويل بين الطوائف المسيحية على حقّ الإشراف وإدارة هذا المكان الأقدس.
ففى القرن الـ18، أجبر السلطان العثمانى جميع المسيحين على قبول تسوية تُعرف باسم «إتفاق الوضع الراهن»، بالإضافة إلى تقسيم القدس الى قطاعات، وأصدر مرسومًا يقضى بأن كل من يسيطر حاليًا على موقع ما، يحصل تلقائيًا على استمرار السيطرة عليه إلى أجل غير مسمّى، واذا وُجدت عدة مطالبات من فئات مختلفة على نفس الموقع، فحينها يجب موافقة جميعها على أى تغييرات فى الموقع، مهما كانت طفيفة.
وقد يكون هذا الجزء الأخير من المرسوم منع حربًا بين الطوائف، لكنه منع أيضًا الصيانة السليمة لمواقع الحجّ المقدسة المختلفة، ما لم تصل جميع الأطراف المعنية إلى اتّفاق تام حول الكيفية، التى ينبغى أن يتم تحسين، وتنظيف، أو تصليح الموقع، لا شيء على الإطلاق يمكن أن يحدث.
وفى عام 1964، أخذ السلّم معنى جديدًا؛ عندما زار البابا بولس السادس الأراضى المقدّسة، والذى تألّم لرؤية كيف أصبح السلّم رمزًا لاتفاقية الوضع الراهن، وشاهدًا على الانقسام المُشين بين المسيحيين، ولذلك أصدر أمرًا بأن يظل السلّم فى مكانه حتى يتم حلّ الانقسام المخزى بين الطوائف المسيحية، بما أن الكنيسة الكاثوليكية هى واحدة من الطوائف الستّ التى لديها حق النقض على أى تغييرات تتمّ فى كنيسة القيامة، فالسلّم لن يذهب الى أى مكان حتى يتم الشرط.
وذلك لا يعنى أن البعض لم يسعوا إلى تجاوز هذا القرار، وإزالة السلّم من مكانه، ففى عام 1981، حاول شخص إزالته، لكن الشرطة الإسرائيلية أوقفته على الفور، وفى عام 1997 تمكّن شخص آخر من سرقته، وبقى السلّم مفقودًا لعدّة أسابيع إلى أن استعادته السلطات بعد معرفة الجانى الذى صوّرته كاميرات المراقبة فى المكان، فأرجع إلى مكانه مرة أخرى.
المرة الأخيرة التى حُرِّك السلّم من مكانه كانت عام 2009، وذلك لفترة وجيزة، بينما كان العمّال يزيلون السقّالات، التى وُضعت فى المكان لتصليح برج جرس كنيسة القيامة.